ثنائية العقل والقلب - قضایا النقدیة فی النثر الصوفی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

قضایا النقدیة فی النثر الصوفی - نسخه متنی

وضحی یونس

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ثنائية العقل والقلب

لا يؤمن الصوفيون بالعقل، بل بالقلب، فالفكر الصوفي واردات قلبية، وهي لذلك ستُعبِّر عن نفسها بالعاطفة التي تُنشئ الأدب، العاطفة التي تتحولُ جنوناً، وتملي عليهم تدوين حالاتهم لتتحول بدورها أدباً، فمعاني الجنون عند الصوفيين هي معانٍ أدبية ولغوية غالباً، فالجنون في اللغة الاستتار، والمعنى المجازي للجنون في التجربة الصوفية هو طغيان العاطفة على العقل، فالصوفيون ينشئون أدباً يُترجِمُ جنونَ عاطفتهم في الله، ويُخفيها، ويرمز إليها دون التصريح بها، وصراع العقل والقلب عند الصوفيين يأتي من كون القلب يترجمُ أحاسيسهم، وأفكارهم الكبيرة، أمّا العقل فيخدعهم، ويُضلِّلهم، والعقل أداة لمعرفة العالم الخارجي، وهذا ما لا يعني الصوفيين، لأنَّ ما يهمهم هو معرفة العالم الداخلي، وهو القلب محلّ الصور الإلهية.

من معاني (القلب) التحويل، وهو مصدر نُقل إلى عضو الصدر فأصبح اسماً، ويرى ابن عربي أنّ القلب سُمِّي قلباً لتقلّبه في الأحوال وعنه يقول *، في حديث قدسي: [لم تسعني أرضي وسمائي، ووسعني قلبُ عبدي المؤمن] ويقول عنه * أيضاً، [قلَبُ العبد بين إصبعين من أصابع الرحمن] والقلب هو موطن الحقيقة ومخبأ الأسرار قال الرسول * للرجل الذي قَتَلَ ناطقاً بشهادة الإسلام (لا إله إلا الله) حين اعتذر عن فعلته بقوله: إنّ المقتول نطق بالشهادة خوفاً من السيف. قال لـه: هلا شققتَ عن قلبه فالقلب أداة المعرفة الصوفية لأنه موطن الإلهام. يرى أدونيس أنّ (القلب هو المكان الداخلي للمعرفة، مُتقلِّب؛ لأنّه تقلَّب في أشكال لا تنتهي، وذلك من أجل أن يتطابق مع التجليات الوجودية المتواصلة، ومع إشعاعاتها. فالقلب واسع يسع المطلق، وهو يعكسُ لحظةً لحظة الأشكال التي يتجلّى فيها المطلق، وإذا كان تجلّي المُطلق لا ينقطع، ولا يُكرّرُ ذاته، فإنّ قلب العارف يُخلق كل لحظة، وتلك هي نظرية الخلق المستمر، أو الخلق الجديد، دائماً في الصوفية العربية) .

إنّ الخلق الصوفي في الفكر والمشاعر فرض خلقاً في لغة التعبير، وهذا ما رسّخَ السمة الأدبية للنتاج الصوفي حتى في النتاج المُعبِّر عن قضايا معرفية مغرقة في الفلسفة، كقضية المعرفة، يقول بابا طاهر: (حقيقة المعرفة العجز عن المعرفة)، ويقول ـ أيضاً ـ (لا يعرف طريق المعرفة إلا من سلك طريق الجهل) . بالطباق بين المعرفة والعجز عن المعرفة، وبين الجهل والعلم، تمَّ التعبير عن فكرة المعرفة الصوفية التي لا تتحقق إلا بعدم المعرفة الكاملة، والصحيحة بالله، لأنه (سبحانه) فوق أية معرفة به، وأزمة الصوفي هي أزمة معرفية تتلخص في نشدان الكمال.

ويرادف الصوفيون ثنائية العقل والقلب، بثنائية أخرى هي العقل والجنون، فالجنون الصوفي حالة قلبية؛ لأنّ جنون الحب موطنه القلب، فالجنون من قوة الحب، والعقل من شدة الغفلة يقول أبو يزيد البسطامي: (جننّي به فمتُ، ثم جننّي به فعشتُ، ثم جنّني عني وعنه فغبتُ، ثم أوقعني في درجة الصحو وسألني أحوالي، فقلتُ الجنونُ بي فناء، والجنون بك بقاء، والجنون عني وعنك ضياء) .

/ 112