مدینة تخرج من أسوارها نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مدینة تخرج من أسوارها - نسخه متنی

میخائیل عید

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ـ ارفع يديك وسر أمامي.. حذار، حذار من القيام بأية حركة مريبة.

نظر إليه سامر مستغرباً فصاح به:

ـ قلت لك: سر أمامي. هيا، لا تفتح فمك.

تقدم سامر رافع اليدين والحارس خلفه حتى وصلا إلى أمام باب السور. أحاط بهما عدد من الحراس المسلحين وصوبوا إلى وجه سامر ضوءاً باهراً وسأله أحدهم:

ـ من أنت؟ وماذا تريد؟ ـ اسمي سامر. ولدت في هذه المدينة وعشت فيها طفولتي ثم غادرتها. وقد عذبني الحنين والشوق فعدت لأعيش فيها. وها أنذا بينكم وأريد الدخول إلى مدينتي.

قال أحدهم:

ـ حسناً، حسناً، سنغض النظر عن حنينك وشوقك الآن وسنشفيك منهما فيما بعد.. أما الآن فقل لنا من أي أحياء المدينة أنت؟ ـ أنا من الحي الشرقي. بيتنا قرب دغل الحور الذي قرب العين، مختار حارتنا يدعى أبو ماجد.. في حوش بيتنا شجرة جوز وسنديانة و...

ـ كفى، كفى... هيا، أحضروا المختار القديم أبا ماجد...

وبإشارة من قائدهم عصبوا عيني سامر وقيدوا يديه ورجليه ثم أدخلوه إلى مكان ما وأجلسوه على مقعد غير مريح.

عقدت الدهشة والخوف لسان سامر فلم يسألهم شيئاً. كان يفكر حزيناً: "أهكذا صارت حال مدينتي الحبيبة التي تركت العالم لأعود إليها؟ إذا كان مدخل المدينة هكذا فكيف هي الحال في داخلها؟ أتكون بوابة الجحيم أكثر هولاً من الجحيم؟" شعر سامر بالندم لأنه عاد إلى هذه المدينة.. لكن خيال الإنسان العجيب الذي لا تستطيع أية عصابة أن تعصب عينيه، ولكن ذكريات الإنسان التي لا تستطيع أية أسوار أن تحول دونها جاءت لتنجد سامر في ساعته العصيبة هذه.. فهاهي ذي صورة الحي الشرقي ترتسم في مخيلته، وهاهي ذي شجرات الحور تميس بقدودها الرشيقة. إنه يسمع حفيف أوراقها ويسمع خرير مياه النبع. وهاهو ذا يلعب صغيراً مع أولاد الحي، وهاهي ذي الوجوه الإنسانية الطيبة تمر في خاطره تباعاً وتحييه وهي تبتسم بحب حقيقي وترحب به بحرارة. وينتفض سامر بإباء ويهمس بتصميم وحزم: "من أجلهم جميعاً أتيت ولن أبخل بأية تضحية في سبيل أن أعيش معهم، فإما أن نتحرر جميعاً أو نموت معاً ونحن نكافح".

وعادت وجوه رفاقه القدامى تطل تباعاً..

وجوه حبيبة لا يستطيع أن ينساها... وخطر لـه خاطر: "لقد كبروا جميعاً كما كبرت وصاروا شباناً كما صرت، فكيف سمحوا بحدوث ما حدث ويحدث؟ هل كان ما حدث أقوى منهم جميعاً أم تراهم تغيروا وحلت الفظاظة والأنانية محل الرقة والطيبة والشجاعة في نفوسهم؟ ليتني أعرف فوراً ما حل بهم!" تعالت في الخارج ضجة ووقع خطوات كثيرة وسمع سامر صوتاً يقول:

ـ أحضرنا المختار العتيق أبا ماجد يا سيدي!

ارتعش سامر لسماع الاسم وارتسمت في مخيلته صورة الرجل الأسمر القوي الذي فرض مهابته على المدينة القديمة بطيبته وشهامته ورجولته وسأل نفسه: "ألم ينسني العم أبو ماجد؟ لقد طالت غيبتي وكبرت وتغيرت ملامحي فهل سيعرفني؟" ودخلت جماعة إلى المكان وسمع سامر صوتاً يسأل:

ـ هل تعرف هذا الشاب يا أبا ماجد؟ وهل كان حقاً من أهل مدينتنا؟ قال أبو ماجد بصوت مرتعش:

ـ الجبين الذي أراه هو جبين سامر ابن أبي الوفاء. لقد ضمدت الجرح الذي أصاب جبينه صغيراً. هاهو ذا أثر الجرح إلى يمين الجبين. ولكن أرجو أن تفكوا العصابة عن عينيه لأتيقن من ذلك.

أشار قائدهم إلى أحد الحراس ففك العصابة عن عيني سامر فالتقت عيناه عيني الشيخ الحزينتين... فكر سامر "يا إلهي! كيف حل كل هذا الحزن في هاتين العينين!" وأومضت إشراقة من فرح على وجه الشيخ ثم اختفت كالبرق.. أدرك سامر أن في قرارة بئر أحزان هذا الرجل بقايا فرح إنساني أصيل ووميض أمل خافت.. وهمَّ سامر بالوثوب لعناق الشيخ فأعاقته القيود التي كبلوه بها.

تهدج صوت الشيخ وهو يقول:

ـ أجل، أيها السادة، إنه سامر ابن أبي الوفاء جاري وصديقي القديم، رحمه الله! ثم أطرق الشيخ وغمغم:

ـ كنت أعرف أنك ستعود يوماً وقد أتيت فأهلاً وسهلاً بك يا بني!

سمع سامر في صوت الرجل المرتعش صخب أمواج هائلة، وولولة رياح عاصفة، وأنين كرامة رجل حبيسة جريح تمضغ على مضض مرارات مهانات لا تطاق. وفكر سامر: "وهل في الدنيا أبشع من ذلك وأشد هولاً"؟!

قال أبو ماجد مخاطباً رئيس الحراس:

ـ أنا أعرفه جيداً يا سيدي. وإن كنتم ستسمحون لـه بدخول المدينة فأرجو أن تسمحوا لـه بالإقامة في منزلي.. فأنا ـ كما

/ 13