مدینة تخرج من أسوارها نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مدینة تخرج من أسوارها - نسخه متنی

میخائیل عید

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

بأجسادهم. لقد أخفقت الأساليب التي استخدمت حتى الآن للخلاص منهم. وآخر محاولة للخلاص كانت تلك التي قام بها صديقي حمدان. لقد دعا الناس إلى الثورة فلبى دعوته عدد غير قليل قاتلوا ببسالة حتى هلكوا. وجرح صديقي فأخفيته وضمدت جراحه وأرشدته إلى النفق فهرب ونجا بنفسه.

ـ أنت ترشدني إلى النفق الذي يخرجني من المدينة ويبعدني إلى الأبد عن أهلها الفقراء الطيبين. وأنا أريد أن نبحث عن نفق خاص يوصلنا إلى قلوب الناس وعقولهم ويتيح لنا اجتذابهم إلى العمل معاً من أجل الخلاص العام وليس من أجل الخلاص الفردي.

ـ نم يا بني نم. وسترى المدينة غداً فترى بعينيك ما تسمع بعضه مني الآن. لقد أرسلوك معي تحدياً لنا وليفجعوني بك كما فجعوني بأبنائي. وقد يكون من حسن حظك أنهم صاروا يستهينون بقوانا وقدرتنا على التحرك ضدهم.

لقد أسكرتهم انتصاراتهم علينا إلى حد ما.

ـ سأدرس الأوضاع جيداً يا عماه مستفيداً من تجارب كل الذين سبقوني إلى العمل وسأتعلم من أخطائهم. تصبح على خير يا عماه!

أطفأ العم أبو ماجد المصباح فعم الظلام المكان.

استيقظ سامر باكراً، جرياً على عادته، لكنه لبث في فراشه بعض الوقت. كان الحلم الذي رآه جميلاً عاد به إلى أيام طفولته الجميلة فلعب مع رفاقه وتراشقوا بمياه العين وحفروا أسماءهم على جذوع أشجار الحور. وتذكر سامر أن اسمه واسم صديقته الصغيرة هيفاء محفوران على جذع الشجرة التي فوق النبع تماماً.. شعر سامر بحرقة في صدره فتنهد: "هل ما زالت تتذكرني؟ وهل تراها كبرت كثيراً؟ أهي رشيقة القوام رائعة العينين كما كانت في طفولتها؟" ونهض مسرعاً.

بادره أبو ماجد بتحية الصباح فرد التحية وانتعل حذاءه مسرعاً.

قال أبو ماجد:

ـ أراك مستعجلاً!

ـ سأذهب لأغسل وجهي بمياه النبع يا عماه وأمتع عيني بمنظر أشجار الحور الباسقات.

ـ مياه النبع جُرّت إلى قصور الأغنياء يا بني، وشجرات الحور لم تعد موجودة منذ زمن بعيد...

هتف سامر حانقاً:

ـ يا للقتلة!

ـ صدقت يا بني! لقد قتلوا كل ما يجمع بين الناس على الحب والمودة وأزالوا من الوجود كل ما يمكن أن يذكرهم بذلك. لقد زرعوا الرعب في قلوب الناس، وحيث يسري الرعب تزداد الريب والوساوس ويزداد الناس عزلة بعضهم عن بعضهم الآخر. ويزدادون ضعفاً.

قال سامر مفكراً:

ـ لقد استفادوا من تجارب طغاة العالم في القهر والنهب وعلينا أن نستفيد من تجارب المناضلين في مدينتنا والعالم لنتمكن من جمع شمل المظلومين والظفر على الظالمين.

نهض سامر وهم بالخروج فسأله أبو ماجد:

ـ إلى أين؟ ـ أريد التجوال في بعض أحياء المدينة.

ـ لكنك لم تتناول طعامك.. ثم إن الثياب التي ترتديها تدل على أنك غريب. لقد احتفظت بثياب ابني الشهيد ماجد وأظن أنها تناسبك.

كل يا بني قبل أن تذهب وسأحضر لك الثياب سريعاً.

ارتدى سامر الثياب التي أحضرها أبو ماجد وتناول بعض الطعام وخرج. الأحياء خالية خاوية إلا من بعض الشيوخ والعجائز. حياهم سامر وقد عرف أكثرهم فردوا على تحياته بفتور.. أحس وكأن العيون تقول له: "لماذا عدت أيها المغترب المسكين!" وكان يفكر!

"ولكني عدت حباً بكم ومن أجلكم أيها الناس!".

وخفق قلبه خفقاناً شديداً. إنهما عيناها، أجل عيناها الرائعتان. لقد لمحها تختلس النظر إليه ورأى عينيها تضطربان بقلق.

تبعها وهمس:

ـ هيفاء! مرحباً يا هيفاء!

ـ لماذا هجرت المدينة يا سامر!

ـ أجبرتني الظروف القاسية على ذلك وكنت صغيراً.

ـ عن أية ظروف قاسية تتكلم؟ هه، يا للعذر!

ـ هأنذا عدت يا هيفاء!

ـ ولكن ظروفاً أقسى من ظروفك تلك تجبرني على الابتعاد عنك وعدم الثقة بك.

ـ منذ متى أصبحت قاسية إلى هذا الحد؟ ألا تثقين بي؟ ـ علمتني الحياة أشياء كثيرة. ويبدو أنك لا تميز بين الخوف والقسوة. أنا أخافك يا صاحبي وأرجو أن تكون موضعاً للثقة. وداعاً!

غابت هيفاء في الزحام ووقف سامر مرتبكاً.

اقترب منه ثلاثة رجال أشداء يحملون الهراوات وسأله كبيرهم:

ـ من أنت؟ لماذا كنت تكلم الفتاة؟ ـ اسمي سامر، وتلك الفتاة كانت رفيقتي أيام الطفولة.

ـ أيام الطفولة إذن؟ خذ!

وشاركه رفيقاه الضرب فلاذ سامر بالفرار.

/ 13