بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
بينما الحسن بن علي يخطب بعدما قتل علي إذ قام اليه رجل من الأزد آدم طوال ، فقال : لقد رأيت رسول الله ( صلى الله علي وآله ) واضعه في حبوته يقول " من أحبني فليحبه فليبلغ الشاهد الغائب " ولولا عزمه من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ما حدثتكم (5) . ومما دفع الناس الى مبايعة الإمام الحسن ما عرفوه من صفاته وكفاءاته التي لا يدانيه فيها أحد ، فهو أفضل الأمة بعد أبيه علي . فهذا أنس بن مالك يقول : لم يكن أشبه برسول الله من الحسن (6) . وتذاكر قوم من الصحابة يوماً حول من أشبه النبي من أهله ، فقال عبدالله بن الزبير ، أنا أحدثكم بأشبه أهله به وأحبهم اليه الحسن بن علي (7) . وهذا عبدالله بن عمر وهو جالس في مسجد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) بالمدينة في حلقة فمرّ الحسن بن علي ، فقال : " هذا أحب أهل الأرض الى أهل السماء " (8) . ويقول عمرو بن اسحاق : ما تكلم أحد أحب اليّ أن لا يسكت من الحسن بن علي وما سمعت منه كلمة فحش قط (9) . ____________ (5) ( الاصابة في تمييز الصحابة ) ابن حجر ج 1 ، ص 329 . (6) المصدر السابق ص 329 . (7) المصدر السابق ص 329 . (8) ( در السحابة في مناقب القرابة والصحابة ) الشوكاني ص 289 . (9) ( أئمتنا ) علي دخيل ج 1 ، ص 167 . --------------- ( 143 ) وعن واصل بن عطاء : كان الحسن بن علي عليه سيماء الأنبياء وبهاء الملوك (10) . وقال محمد بن اسحاق : ما بلغ أحد من الشرف بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ما بلغ الحسن كان يبسط له على باب داره ، فاذا خرج وجلس ، انقطع الطريق ، فما يمر أحد من خلق الله اجلالاً له ، فاذا علم قام ودخل بيته فمر الناس ، ولقد رأيته في طريق مكة ماشياً فما من خلق الله رآه الا نزل ومشى ، وحتى رأيت سعد بن أبي وقاص يمشي (11) . ولأن الإمام الحسن بعد ذلك وصي أبيه أمير المؤمنين ، فلهذه العوامل جميعاً بادر الناس الى مبايعته ، فقد انبرى عبيدالله بن العباس مخاطباً الجمع الحاشد الذي اجتمع بعد مقتل الإمام علي قائلاً : معاشر الناس هذا ابن نبيكم ـ يعني الحسن ـ ووصي إمامكم فيايعوه فهتف الناس مستجيبين قائلين : " ما أحبه الينا وأوجب حقه علينا ، وأحقه بالخلافة " (12) . وهكذا بويع الإمام الحسن بالخلافة في الثاني والعشرين من شهر رمضان سنة (40 هـ ) ، بايعه الناس في الكوفة والبصرة والمدائن وجميع أهل العراق ، وبايعته فارس والحجازيون واليمانيون وجميع البلاد الإسلامية ، لكن معاوية بن أبي سفيان أصر على التمرد كما كان موقفه من خلافة الإمام علي ، بل وبدأ يعد العدة ويحشد الجيوش للزحف على عاصمة الخلافة الشرعية الكوفة ، ولم تنجح الجهود التي بذلها الإمام الحسن من رسائل ومبعوثين الى معاوية من ثنيه عن موقفه المتمرد الخارج على الشرعية . ____________ (10) المصدر السابق ص 168 . (11) المصدر السابق ص 168 . (12) ( حياة الإمام الحسن ) القرشي ج 2 ، ص 34 . --------------- ( 144 ) فصصم الإمام الحسن على مواجهة بغي معاوية ، واستنهض جمهوره وعبأهم للقتال ، بعد ما بلغته أنباء تحرك جيش معاوية باتجاه العراق وقوامه ( 60 الفاً ) ، وقيل أكثر من ذلك (13) . لكن الظروف لم تكن في صالح الإمام الحسن ، فقد كان جيشه وجمهوره متعباً منهكاً من الحروب الثلاثة التي خاضها مع الإمام علي ، كما كان الجيش والجمهور موزّع الولاء والاتجاه للتيارات المختلفة ومنها الخوارج وأصحاب المطامع ، وبلغ تعداد جيش الإمام الحسن ( 40 الفاً ) على أرجح الروايات التاريخية (14) . واجتهد معاوية بن أبي سفيان كثيراً لتفتيت وتخريب الجبهة الداخلية لمعسكر الإمام الحسن فبث في أوساطه العملاء الذين ينشرون الأشاعات المثبطة والتشكيكات ، كما كثف مساعيه لأغراء واستقطاب العديد من الزعماء والرؤساء والشخصيات في معسكر الإمام ، بتقديم المبالغ المالية الضخمة لهم وتطميعهم بالمناصب والمواقع . وبالفعل فقد تخلى عن الإمام الكثير من قيادات جيشه حتى ابن عمه عبيدالله بن العباس والذي كان يقود مقدمة جيش الإمام لمواجهة معاوية ، حيث أغراه معاوية بمبلغ مليون درهم فتسلل منحازاً الى معاوية ومعه ثمانية الآف جندي من أصل اثني عشر ألفاً كان يقودهم ! ! . كل ذلك أدى الى اضطراب جيش الإمام ، مما جرأ البعض منهم على النيل من هيبة الإمام