مراکز الحضاریة فی العراق و دورها التقریبی بین المذاهب الإسلامیّة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مراکز الحضاریة فی العراق و دورها التقریبی بین المذاهب الإسلامیّة - نسخه متنی

محمد واعظ زاده الخراسانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

المراكز الحضارية في العراق ودورها التقريبي بين المذاهب الإسلاميّة

سماحة الشيخ آيت الله محمّد واعظ زاده الخراساني

الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلاميّة

إنّ أرض العراق ومدينة بغدادمن أعرق مراكز الثقافة والعلوم الاجتماعية والإسلاميّة . وبعد فتح العراق ـ أرض السواد ـ على أيدي جند الإسلام تم تشييد مدينتي البصرة والكوفة المهمتين في جنوب العراقوغربه، بدافع الحفاظ على الثغور الإسلاميّة أمام خطر الإمبراطورية الفارسية آنذاك.

المواقع الجغرافية للبصرة والكوفة:

تقع البصرة على مدخلشط العرب، وتقع الكوفة على ساعد الفرات غرباً.

وكانت المدينتان ـ في الأصل ـ معسكرين يضمّان القبائل العربية من قحطانيين يمانيين وعدنانيين حجازيين داخل شبهالجزيرة العربية، وكانتا موطنين لسكنى تلك القبائل.

إنّ الموقع العسكري والاستراتيجي لكلا المدينتين وصلاحهما ـ ولا سيما البصرة ـ للإعمار المدني، والقروي،الزراعي، ووجود المواصلات البرية والمائية من خلال ارتباطهما مع بقية مناطق العراق، كلّ ذلك على درجة عالية من الجودة. فالذي يبدو هو: أنهما قد اختيرتا بدقة متناهية وبعددراسة كافية.

تقع البصرة بالقرب من دلتا شطّ العرب مجاورةً لمحافظة خوزستان الخصبة ومدينة شوش عاصمة إيران القديمة. وتقع الكوفة قريباً من مدينة 'الألف سنة قبلالميلاد' وهي 'بابل' الأسطورية عاصمة كلدة الأثرية، وكانت تطلق بابل على جميع أرض كلدة، نتيجة لأهميتها الفائقة.

وتتصل المدينتان بشمال العراق وسورية عن طريقدجلة والفرات اللذين يلتقيان عند شط العرب مضافاً إلى الطرق الصحراوية العديدة. كما تتصلان بمدن خوزستان المهمة عن طريق نهر كارون.

الخلفية العلميةللبصرة والكوفة مذهبياً:

كانت الكوفة والبصرة في البداية قاعدتين عسكريتين كما ذكرنا سلفاً، ولكنهما سرعان ما أصبحتا مركزين ثقافيين علميين مهمين بعد استقرارالقبائل العربية المعروفة، وبعض الشعراء والخطباء، وجمع من الصحابة فيهما. ثم بدلتا إلى مركز للخلافة الإسلاميّة أيام حكومة الإمام علي ـ عليه السلام ـ ، وهكذا أضحتهاتان المدينتان مهداً للمذاهب والمدارس الفقهية، والكلامية، والقراءات والعلوم القرآنية، وضمتا أكبر الحوزات العلمية للشيعة والسنة واحتضنتا أئمة وعلماء مشهورين منكلا الفريقين.

كما للصحابي الجليل عبدالله بن مسعود ـ المتوفى سنة 32 هـ ـ الدور الأكبر في وضع حجر الأساس لحوزة الكوفة في الحديث والفقه والتفسير أوّلاً، ثم حظيتبارتوائها من بحر علم الإمام علي ـ عليه السلام ـ وأصحابه، فأتسعت أكثر فأكثر. وما أعظم تاريخ الكوفة، وما أسمى ما أبقته لنا من آثار علميةٍ وأدبيةٍ لا تنسى مدى الدهر،وخاصة جامعها العظيم الذي هو قلب الكوفة النابض. وأصبحت مركزاً للسياسة الإسلاميّة وعاصمة للخلافة، كوفة العلم والأدب ومدرسة الثقافة الإسلاميّة الجامعة.

ومما ضاعف من أهمية مدينة الكوفة هجرة الإمام علي ـ عليه السلام ـ القسرية والمفاجئة إليها بعد معركة الجمل وإقامته فيها، فتطلع إليها كافة المسلمين وعقدوا عليهاالآمال. ومنذ ذلك الحين شيد أساس التشيع في تلك المدينة. وأقول بحق: إنّ من دواعي فخر الكوفة والعراق واعتزازهما أنّ تكونا منذ اليوم الأول قلعة صامدة وحصناً حصيناًللتشيع، وموطناً لأهل البيت ـ عليهم السلام ـ، وخندقاً لأتباع علي وأنصاره لقرون مديدة. وقد تحملت العبء الأكبر بعد الحجاز في بث الإسلام وتوسيعه شرق العالم الإسلاميأولاً، ثم غربه.

وضمت الكوفة أصحاب علي ـ عليه السلام ـ المخلصين المضحين الّذين التفوا حوله، واستضاؤا بنوره، وهم يشكلون أغلب الصحاب والتابعين وعلماءالإسلام. لقد شاطروه همومه وفدوه بأنفسهم، وقاتلوا معه أعدائه وخصومه في الحروب المفروضة عليه: الجمل، وصفين، والنهروان.

إنّ جميع أهل العراق كانوا من أنصارعلي وأهل بيته ـ عليه السلام ـ في مقابل بني أمية. وكانوا هم الشيعة بالمعنى الأعم. بعد ذلك انضوى عدد منهم تحت لواء الشيعة بالمعنى الأخص تدريجيا. ولعلهم كانوا يشكلونالأغلبية. وكان أبرز المحدثين ورواة الأخبار الشيعة والسنة من أهل الكوفة وروي القسم الأعظم من روايات الأئمة ـ عليهم السلام ـ وأقوالهم ـ ولا سيما روايات الإمامين:الباقر والصادق عليهما السلام، وكذلك أحاديث الصحابة والتابعين، وآراء الإمام أبي حنيفة، وبقية فقهاء القرن الأول والثاني بواسطة الكوفيين. وكان لمحدثيهم وأخبارييهموعلمائهم في السيرة والمغازي وقرائهم دور مؤثر في توسيع الثقافة والعلوم الإسلاميّة.

أما مدينة البصرة: فقد كانت منذ البداية مقراً لسكن بعض الصحابة، ومنهم: أنسبن مالك ـ المتوفى سنة 93 هـ ـ المكثر من الحديث. وجمع من علماء التابعين، منهم: جامع المعلومات المختلفة: الحسن البصري ـ المتوفى سنة 110 هـ ـ وتلميذه: واصل بن عطاء ـ المتوفىسنة 131 هـ ـ مؤسس فرقة المعتزلة ورئيسها. وبدأت

البحوث الكلامية والعقلية والعقائدية في الإسلام من البصرة، ثم وجدت طريقها إلى نقاط أخرى. مضافاً إلى ذلك فإنالبصرة تعد أول مركز للغة العربية وآدابها بعد الإسلام. وكان فيها مكان يدعى'المربد'، وهو ملتقى الشعراء والخطباء. مثله في ذلك في الإسلام مثل 'سوق عكاظ' في العصر الجاهلي.

وظهر علم النحو في البصرة والكوفة على يد أبي الأسود الدؤلي ـ المتوفى سنة 69 هـ ـ بتوجيه من علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ كما هو المعروف. فكانت المنافسة قائمةبين البصرة والكوفة في المسائل النحوية والصرفية، إذ كان لكل مدرسته الخاصة به.

وظهر علم القراءات والتجويد ووضع الحركات وعلامات الترقيم والعلوم القرآنيةالأخرى من البصرة والكوفة بشكل مستقل، بالرغم من أنّ المصدر الأصلي لهذه العلوم هو مكة والمدينة. وتنافست مدرسة العراق الفقهية المبتنية على الرأي والقياس أساساً،والمتأثرة بالمنهج الفقهي لعبدالله بن مسعود مع مدرسة المدينة المرتكزة على الحديث. وكان على رأس مدرسة العراق الفقهية: الإمام أبو حنيفة المتوفى عام (150 هـ)، وعلى رأسمدرسة المدينة: الإمام مالك بن أنس المتوفى بن أنس المتوفى عام (179 هـ).

وكان الاختلاف قائماً بين الاثنين، كما كانت هناك مراسلات علمية بينهما، أو بين الإماممالك وأصحاب الإمام أبي حنيفة.

الخلفية العلمية والثقافية لبغداد:

تأتي بغداد بعد البصرة والكوفة، بالإضافة إلى مدينة واسط التي شيدها حاكمالعراق الدموي 'الحجاج بن يوسف الثقفي' ـ المتوفى سنة 94 هـ ـ في الطريق بين بغداد والبصرة. وكان لها دورها في الثقافة الإسلاميّة . وشيدت مدينة الألف ليلة وليلة بأمر ثانيالخلفاء العباسيين أبي جعفر المنصور الدوانيقي وتخطيطه في أواسط القرن الثاني وظلت بغداد طيلة الحكم العباسي ـ الذي استغرق خمسة قرون ـ قبلة العلماء، ومثوى الخلفاء،ومثابة الدعوة الإمامية القرشية، ومركز تقاطرهم وتوافدهم عليها في

جميع العلوم والفنون، شرعية كانت أم غير شرعية، حتّى سقوطها على أيدي التتار: جيش هولاكو سنة(656 هـ). وقد ذهب رسمها ولم يبق منها إلاّ اسمها، ولم ترعين الدهر حتّى ذلك الحين ـ لا سيما في القرن الثالث والرابع (العصر الذهبي للإسلام) ـ داراً للعلم باتساع وشموليةبغداد كماً ونوعاً. كما أنها لم تتكرر في العصور اللاحقة.

إنّ مطالعة كتاب 'الفهرست' القيم لابن النديم المؤلف سنة (377 هـ) ترسم لنا جانباً غير متناهٍ ولا محدود منبحر العلوم الإسلاميّة . كما أنّ كتاب 'تاريخ بغداد' للخطيب البغدادي (م 463 هـ) مؤشر جيد على تردد العلماء واستقرارهم في بغداد. ويمكن التعرف على المستوى العالي لتعلموتعليم العلوم الإسلامية والأدبية وغيرها من خلال تصفح ذلك الكتاب. وكذلك كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني ـ المتوفى عام (507 هـ) ـ وأمثالهما من الكتب. وإذا رام أحدفهرسة عناوين وآثار جميع العلماء الّذين كانوا على اتصال مع بغداد بشكل من الأشكال ـ تفصيلياً ـ فإنه سوف ينجز عملاً موسوعياً هاماً.

علماء الشيعةوالسنة في بغداد:

اشتهرت بغداد باحتضانها لعلماء كبار من أهل السنة مثل: الإمام أبي حنيفة، والإمام الشافعي ـ المتوفى عام (204 هـ) ـ قبل هجرته إلى مصر، والإمامأحمد بن حنبل المتوفى عام (241 هـ)، والطبري المتوفى عام (310 هـ)، وداود الظاهري المتوفى عام (270 هـ)، وأبي بكر بن مجاهد المتوفى عام (346 هـ)، وعلي بن الحسين بن علي المسعوديالمؤرخ المتوفى عام (346 هـ)، وابن النديم صاحب الفهرست، والغزالي المتوفى عام (505 هـ). وكذلك لعرفاء بارزين من أمثال: ابن الجنيد المتوفى عام (381 هـ)، والشبلي في أول نشأتهوالمتوفى عام (334 هـ)، وعبد القادر الجيلاني المتوفى عام (561 هـ)، وعدد من العلماء الملقبين بالسهر وردي(1)، ولا زالت قبور معظم هؤلاء موجودة في الأحياء القديمة من بغداد.

وإضافة إلى ذلك فقد كانت بغداد منذ القرن الثاني حتّى أواسط القرن الخامس ـ أي : حتّى سيطرة طغرل بك السلجوقي عليها سنة 448 هـ ـ مركزاً لبث علوم أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ وتعليمها وتعلمها . وموطناً أو محلاً لتردد علماء الشيعة من أمثال الكليني (م 329 هـ) ، والشيخ المفيد (م 413 هـ) ، والشريف المرتضى (م 436 هـ)، والشيخ المفيد (م 413 هـ) ،والشريف المرتضى (م 436 هـ) ، والشريف الرضي (م 406 هـ) ، والشيخ الطوسي (م 460 هـ) ،ومئات العلماء والمحدثين والفقهاء والمتكلمين الّذين هم بمستوى الأساتذة أو الطلاب ، أوالمعاصرين لأولئك العلماء.

توجه محمّد بن يعقوب الكيني من الري إلى بغداد سنة 327 هـ. فقام هناك بتدريس كتابه النفيس والمهم جداً : الكافي حيث حدث علماء بغداد به .توفي الكليني في بغداد ، ولازال مزاره قريباً من جسر بغداد يحظى باحترام الناس وتكريمهم من أتباع المذاهب الإسلاميّة .

يعتبر الكافي أول كتاب من كتب الشيعةالأربعة ، وقد صدر في بغداد . وكان جميع رواته عن الكليني يعيشون في بغداد نفسها . وفيها أيضاً ألف شيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسي المعروف بـ (الشيخ الطوسي) كتابيه :تهذيب الأحكام ، والاستبصار وهما من الكتب الأربعة في حديث الإمامية . ويبدو من ملاحظة تاريخ مؤلفات الشيخ الطوسي أنّه ألف أكثر آثاره في الفقه والأصول والتفسير والحديثفي بغداد . ولا نعلم شيئاً عن كتبه التي ألفها في النجف بعد هجرته إليها عام (448 هـ) سوى كتابه 'الأمالي' في الحديث .

والكتاب الوحيد من هذه الكتب الأربعة هو: 'من لايحضره الفقيه' للشيخ محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بأبويه المعروف بالشيخ الصدوق (م 381 هـ)، حيث ألفه الشيخ في الري أو في بلخ أوان إقامته هناك كما يبدو من مقدمة كتابههذا والإجازة التي كتبها للسيد الدين 'نعمة' الذي طلب منه تأليف كتاب بهذا الاسم اقتداء بمحمد بن زكريا الرازي المتطبب في كتابه 'من لا يحضره الطبيب'، والإجازة موجودة فيآخر بعض نسخ الكتاب القديمة. هذا مع أنّ الخطيب البغدادي يذكر بأن الشيخ الصدوق قد روى مجموعة من كتبه في بغداد.

وعاش النواب الأربعة(2). للإمام المهدي ـ عليهالسلام ـ في بغداد خلال الغيبة الصغرى التي استغرقت زهاء السبعين سنة (من سنة 260 هـ حتّى سنة 329 هـ)، وكانوا مراجع الشيعة وحلقات الوصل بينهم وبين الإمام ـ عليه السلام ـ ،ولازالت قبورهم موجودة حتّى عصرنا هذا في مناطق بغداد القديمة.

لقد تم تأسيس المدرسة النظامية ـ الذائعة الصيت ـ من قبل الوزير العالم 'نظام الملك'(3) وزيرالسلاجقة سنة (463 هـ) في بغداد. وأصبحت هذه المدرسة فيما بعد قبلة جميع المدارس في العالم الإسلامي، ومركزاً لتربية كثير من العلماء من مختلف الجنسيات، وظلت على هذه الحالقروناً عديدةً، ثم أفلت شمسها، فحلت محلها

'الجامعة المستنصرية' التي لا زالت بنايتها قائمة، وأدت هذه الجامعة نفس الدور الذي كان للمدرسة النظامية في نشرالثقافة والعلوم الإسلاميّة.

بغداد مدينة التقارب والتعايش بين المذاهب الإسلاميّة

ينبغي القول عموماً: بأن بغداد كانت مدينة التقريب بينالمذاهب، ومهد التفاهم والتعامل السليم لعلماء المسلمين وأئمتهم. ويمكن تلمس هذه النقطة بكل يسر من خلال الكتب المذكورة سلفاً، ولا سيما الفهرست لابن النديم، العالمالمتحرر الذي كان على اتصال مع كافة علماء المذاهب. ويمكن أنّ يكون هذا الكتاب دليلاً وأنموذجاً جيداً للكتاب وعلماء المذاهب الإسلاميّة . حيث إنّ مؤلفة راعى الحيادالتام والدقة المتناهية والبحث والتنقيب في آثار كافة المذاهب حتّى عصره. ويصرح في مكان آخر منه: بأن له علاقات صداقة مع بعض أئمة المذاهب.

ويوجد قرب بغداد مرقدالإمام موسى الكاظم والإمام محمّد الجواد عليهما السلام، وكذلك فيها وفي ضواحيها مراقد كثير من علماء الشيعة إلى جانب مرقدي اثنين من أئمة المذاهب الأربعة المعروفة عندالسنة، هما: الإمام أبو حنيفة، والإمام أحمد بن حنبل. وهناك مرقد عبد القادر الجيلاني إمام الطريقة القادرية ـ وهي من أكثر الفرق الصوفية رواجاً في شرق العالم الإسلاميوغربه ـ ومراقد علماء آخرين من أهل السنة، وهذا مؤشر على حسن التجاور والتعايش بين الطائفتين. ويتوارد مع ذكريات عذبة وعلاقات علمية وثقافية بين المسلمين في عصرٍ ذهبيٍمزدهرٍ من عصور الإسلام.

ومن نظر في كتاب 'حقائق التأويل' (4).للشريف الرضي يعرف مدى اتصاله

بمشايخه من أهل السنة وتبجيله لهم وترحمه عليهم. وهذا الكتاب هوتفسير أدبي مطول للقرآن الكريم في عشرة أجزاءٍ لم يبق منها ـ مع الأسف ـ سوى جزء واحد طبع في النجف الأشرف قبل عشرات السنين.

وبالرغم من أنّ بغداد قد شهدت على مرالتاريخ ـ ولاسيما بعد الإطاحة بالدولة البويهية ومجيء السلاجقة ـ مواجهات ومصادمات علمية وفكرية حادة وعنيفة ربما أسفرت عن اشتباكات دامية أكثر حدة وعنفاً، وبالرغم منالمذابح العامة التي تعرض لها شيعة بغداد في أواخر العصر العباسي لكن على المؤرخين من الفريقين أنّ لا يكتفوا باسترجاع شريط هذه الذكريات القاسية المرة ويهملوا الجوانبالإيجابية المفرحة في علاقات الطائفتين، وألوان الاحترام المتبادل الذي كان سائداً في أوساطهم.

وهنا يكمن بيت القصيد والحد الفاصل بين أنصار التقريب بينالمذاهب ومعارضيه، إذ من أي زاوية يحكمون على التاريخ الإسلامي؟

وفي العراق مراقد ستة من الأئمة المعصومين، ودار الإمام الثاني عشر للشيعة ومكان غيبته. وكلهاتحظى باحترام وتعظيم جميع المسلمين وأهالي العراق.

وهناك الحوزة العلمية التي مر عليها حوالي ألف سنةٍ في النجف الأشرف، وهي ذات سوابق كريمة في تربية آلاف

الفقهاء والمتكلمين والمحدثين والأدباء والشعراء والكتاب ، وتأليف آلاف الآثار العلمية في شتى العلوم. وكانت هذه الحوزة ولازالت محط أنظار أتباع أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ ومحور فخرهم واعتزازهم.

وفي مدن العراق المختلفة مئات المساجد، والحسينيات، والمدارس، ومئات العلماء والمحققين الشيعة. وبنفس النسبة هناك مساجد،ومراكز الصوفية للعبادة والذكر، ومدارس، وجامعات، وحوزات علمية، وعلماء، وأساتذة ومحققون من أهل السنة. وهذه المراكز العلمية بعلمائها مشغولة في التحقيق والتبليغجنباً إلى جنبٍ ويواصل العلماء حياتهم العلمية ورسالتهم التبليغية متجاورين متآلفين.

وبالإضافة إلى الأماكن الأثرية التي تعود إلى الفرس، وكلدة، وآشور،والأقوام الأخرى فإن هناك أماكن أثرية إسلامية متألقة في أرض العراق، منها: في بغداد، وسامراء، والبصرة، والكوفة، والموصل، علاوة على الأضرحة والمراقد المقدسة. وبعضهذه الآثار عريقة جداً وتعد من التراث التاريخي الفذ في العالم الإسلامي.


1 ـ وهم الشيخ مجيب الدين السهر وردي، والشيخ شجاع بنفارس بن سحين بن غريب بن بشير الذهلي السهروردي البغدادي، أبو غالب، محدث حافظ مؤرخ، من تصانيفه: ذيل على تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، وقد توفي عام (507 هـ). والشيخ عبدالقاهر بن عبدالله بن محمّد بن عمويه بن سعد السهر وردي القرشي الصديقي البكري، أبو النجيب، محدث فقيه مؤرخ صوفي، كان يدرس ويملي الحديث بالمدرسة النظامية ببغداد، منآثاره: آداب المريدين، ومختصر مشكاة المصابيح للبغوي، ومصنف في طبقات الشافعية، توفي عام (63 هـ).

2 ـ وهم: 1 ـ أبو عمرو، عثمان بن سعيد بن عمرو العمري المتوفى قبلعام (267 هـ).

2 ـ أبو جعفر محمّد بن عقمان بن سعيد العمري المتوفى عام (305 هـ).

3 ـ أبو القاسم الحسين بن روح ابن أبي بحر النوبختي المتوفى عام (326 هـ).

4ـ أبو السحن علي بن محمّد السمري المتوفى عام (329 هـ).

3 ـ هو الوزير قوام الدين نظام الملك علي الطوسي المتوفى عام (485 هـ) وكان وزيراً للسطان 'الب أرسلان' السيلجوقيعشر سنين، وكان محباً للفقهاء والصوفية ويكرمهم ويؤثرهم، وقد شرع ببناء المدرسة المذكورة ـ المسماة باسمه ـ سنة (457 هـ) وأنجزها سنة (459 هـ) وجمع الناس على طبقاتهم ليدرسفيها الشيخ الرباني 'أبو إسحاق الشيرازي الفيروزآبادي' المتوفى سنة (476 هـ) صاحب كتاب 'التنبيه' في الفقه على المذهب الشافعي.

4 ـ كتاب 'حقائق التأويل في متشابهالتنزيل' ويقال له: 'حقائق التنزيل ودقائق التأويل' والأسف أنّه لم يظفر إلاّ على الجزء الخامس منه من أول قوله تعالى: (هو الذي أنزل اليك الكتاب منه آيات محكمات هن أمالكتاب إلى آخر قوله تعالى: إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك 'الآية 48 من سورة النساء' وهو من أهم التفاسير ، حكاه الخطيب في تاريخ بغداد.


/ 1