حياة أمير المؤمنين عن لسانه بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي خلق محمدا و آل محمد فجعلهم أنوارا بعرشه محدقين،و الصلاة و السلام على الرسول الأمين و على آله الطيبين الطاهرين سيما سيد الوصيين و أمير المؤمنين و قائد الغر المحجلين الى جنات النعيم أسد الله الغالب علي بن أبي طالب أدخلنا الله في حصن ولايته و حشرنا في زمرة محبيه و شيعته. و بعد،إن من شرائط الكتابة عن تاريخ العظماء و ترجمة حياتهم هو الإحاطة بأبعاد المترجم له الشخصية و الاجتماعية و معرفة آرائه و ما انطوت عليه سريرته من العقائد الدينية و الاطلاع على رؤاه السياسية و طموحاته الذاتية و الأهداف التي كان يتبناها في سيره و سلوكه و حربه و سلمه. و هذا الشرط إن توفرت عوامله و ظروفه و تهيأت أسبابه في ترجمة علم ما فإنه مفقود البتة عند من يحاول التحدث أو الكتابة عن شخصية علي المرتضى ممكن الأسرار الإلهية و غيبة الأنوار الربانية أو غيره من المعصومين عليهم أفضل صلوات المصلين.و السر في ذلك هو أن العصمة التي تسربل بها أئمتنا و سادتنا عليهم السلام معناها بلوغ الكمال أوج الكمال و الطهارة من كل رجس و دنس و نقص و رذيلة حق الطهارة،الأمر الذي يجعل الوصول إلى ساحة قدسهم لغيرهم من الصعب جدا إن لم يكن من المحال،كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه و آله«...يا علي لا يعرفك إلا اللهو أنا...»،فكل من سواهم مهما بلغ في العلم و الشرف و الفضيلة و الأدب و البلاغة و الفصاحة و السماحة و الحكمة فهو دونهم رتبة و أقلهم منزلة،و إلى هذا أشار سيد الموحدين في نهج البلاغة:«لا يقاس بنا من الناس أحد». إذا عرفت هذا تعرف أيها القارىء الكريم قيمة هذا السفر المبارك الماثل بين يديك،لأنه حديث عن الكمال بلسان الكامل المطلق،و حديث من معدن العلم و الطهارة بلسان المعصوم الموفق،و حديث عن المرتضى بلسان المرتضى عن دون زيادة و لا نقص و لا شرح و لا تعليق.جزى الله خيرا جامعه سماحة الفاضل الشيخ محمد محمديان دامت بركاته. و نحن في الوقت الذي ننشر هذا الكتاب بعد مقابلته و طبعه نطمح بالرضا الإلهي و المزيد في خدمة محمد و أهل بيته الطاهرين إنه نعم المولى و نعم المعين. مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في قم المشرفة
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي جعل كمال دينه و تمام نعمته بولاية المرتضى،و أتم الصلاة على الصادع بها محمد المحبو من الله بالرضا،و آله الدوحة البيضاء،و اللعنة على أعدائهم ما طلعت شمس و قمر أضاء. و بعد،إن حياة أمير المؤمنين و مولى الموحدين و إمام المتقين علي بن أبي طالب عليه صلوات المصلين المليئة بالحوادث المتلاطمة الجمة،تحكي في طياتها صورة مشرقة و ناصعة عن الاسلام بحيث لو أتيح لأحد أن يشرح تفاصيلها لاستطاع أن يصور من خلالها الاصول العامة للاسلام الخالص من الشوائب و يبين أصالة مدرسة أهل البيت و يوضح كثيرا من الجوانب الغامضة لتاريخ صدر الاسلام و التي امتدت اليها يد التحريف التدريجي بفعل سياسة الحكام الامويين و العباسيين . و ليس هناك مصدر أوثق و لا مستند أوضح من نفس كلام الامام أمير المؤمنين عليه السلام ليشرح لنا تفاصيل حياته المباركة. فإن كلماته الحكيمة في توصيف سير حياته المفعمة بالحوادث جامعة و واضحة بمنزلة مرآة صافية تعكس لنا جميع الظروف التي عاصرها عليه السلام و مقتضيات تلك الظروف و المشاكل الكثيرة و الاحتياجات العديدة و مئات اخرى من المسائل التي كان يعاينها الامام عليه السلام و ايضا تبين لنا مواقفهعليه السلام منها و التدابير التي يتخذها في قبالها. و مما ذكرنا يتضح أن أوثق المنابع و أقواها مستندا لذلك هي بيانات الامام عليه السلام و خطبه و رسائله و ما أثر عنه عليه السلام و هي بحمد الله متوفرة بكثرة في كتب الفريقين و أغلبها يتمتع باعتبار حسن سواء من حيث السند أو من حيث الدلالة. و الكتاب الذي بين يديكـأيها القارىء الكريمـيشتمل على القسم الأول من حياته عليه السلام و قد الف على هذا الأساس الذي ذكرناه و سوف يتضح لك من خلال المباحث القادمة أن كلماته عليه السلام هي أصح مستند لمعرفة زوايا حياته و أجمعها بحيث تغنينا عن الرجوع و التمسك بآراء المؤرخين و نظرات المحللين و مع ذلك لا تدع غموضا و ابهاما في أي زاوية من زوايا حياته عليه السلام. و قد حاولنا في تدوين هذه المجموعة ان لا نستفيد إلا من بيانات الإمام عليه السلام و أن لا ندخل رأيا لنا أو لغيرنا ضمن ذلك و نكتفي بالنص الوارد عنه عليه السلام إلا في الموارد التي تستدعي توضيحا لملابسات كلامه و الظروف التي اكتنفت النصوص المنقولة فانه لا بد من شرح ذلك بالمقدار الذي لا يدع إبهاما في فهم المراد من النص بقدر الضرورة.
اما الفصول الرئيسية لهذه المجموعة فهي كما يلي:
1ـالإمام علي عليه السلام في عصر الرسول صلى الله عليه و آله(و هو الكتاب الذي بين يديك) . 2ـإمامة أمير المؤمنين عليه السلام 3ـأمير المؤمنين عليه السلام في عصر الخلفاء 4ـأمير المؤمنين عليه السلام و قبول الخلافة 5ـحرب الجملـأمير المؤمنين عليه السلام في البصرة و الكوفة 7ـحرب صفين و قضايا التحكيم 8ـحرب النهروان 9ـحوادث ما بعد النهروان 10ـشهادة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام 11ـالنظام السياسي لحكومة أمير المؤمنين عليه السلام 12ـشيعة أمير المؤمنين عليه السلام 13ـأخلاق أمير المؤمنين عليه السلام 14ـالحياة العلمية لأمير المؤمنين عليه السلام 15ـعلي عليه السلام و القرآن.
تنبيهات
1ـمضافا إلى الأبواب و الفصول التي ذكرناها بحسب التسلسل الزمني لحياة الامام عليه السلام فقد ذكرنا لكل نص من كلماته عنوانا خاصا انتزعناه من نفس كلامه و حاولنا أن يكون حاكيا لمضمون ذلك النص. 2ـأثبتنا مصادر كل نص في نهايته مراعين في ذلك ذكر المصدر الأول الذي استندنا إليه في نقل النص بكامله و قد جعلنا له علامة*و بعد ذلك نذكر المصادر الاخرى بحسب تاريخ وفاة المؤلفين. 3ـقد تختلف المصادر فيما بينها فقد نقل بعضها لتمام النص و بعضها الآخر قسما منه و هناك من نقل نص الكلام و آخر ذكر مضمونه فقط و نحن انما نذكر ذلك لمجرد التأييد فقط. 4ـحاولنا من أجل مزيد الاستفادة للقارىء و لاجل عدم تضخم الكتاب أن نردف بعض الفصول قسما بعنوان(تكملة)نذكر فيها ما يرتبط بمباحث هذاالفصل و التي تعرضنا لها في جميع فصول الكتاب على نحو الإشارة مشيرين لذلك بالرقم المسلسل للحديث و محل الاستشهاد منه فقط .و كمثال لذلك عقدنا فصلا تحت عنوان«أنه عليه السلام أخو رسول الله صلى الله عليه و آله»و قد أوعبنا فيه ما جاء عليه السلام لهذا الموضوع مباشرة و أما الأحاديث التي جاء فيها ذكر هذا المضمون بنحو الاشارة إليه و كان عليه السلام ناظرا فيها الى مطلب آخرـو هي كثيرة مبثوثة في مطاوي الكتابـفقد ذكرناها في قسم التكملة لئلا تفوت فائدتها على الباحث الكريم. 5ـو كذلك حذفنا أسانيد الأحاديث و الروايات لأجل مراعاة الاختصار و يمكن للمحققين الكرام أن يراجعوا مداركها بحسب المصادر التي ذكرناها في ذلك الفصل. 6ـو بالنسبة لواقعة غدير خم فانها و إن كانت في عصر رسول الله صلى الله عليه و آله،و المفروض ذكرها في هذا القسم من الكتاب حيث التزمنا أولا بالترتيب التاريخي للوقائع و لكن بما أنه قد عقدنا فصلا خاصا بعنوان إمامة أمير المؤمنين عليه السلام،فلذلك أخرنا ذكرها لهذا الفصل لتكون المطالب الخاصة بالإمامة مجتمعة في فصل واحد فانها أنفع للباحث،و الله سبحانه هو ولي التوفيق. المؤلف 13 رجب 1415 الباب الأول: سبقه(ع)في الاسلام و الايمان
الفصل الأول: انه(ع)أول من آمن بالله و رسوله(ص)
1ـاني ولدت على الفطرة. 2ـقد علمتم اني أولكم ايمانا بالله و رسوله. 3ـاني اول مؤمن بك يا رسول الله. 4ـأجبت رسول الله(ص)وحدي لم يتخالجني في ذلك شك. 5ـكنت أول الناس اسلاما. 6ـأنا أول من أسلم. 7ـأسلمت غداة يوم الثلاثاء. 8ـأنا أول المؤمنين ايمانا. 9ـاني أول الامة ايمانا بالله و برسوله(ص). 10ـفانا أول من آمن به. 11ـكنا أهل البيت أول من آمن به. 12ـآمنت قبل الناس سبع سنين.