وقفة قصيرة:
ونقول:
1 ـ قد تحدث القرآن عن كفر النصارى في قوله تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم}[6].
ويقول سبحانه: {يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله ورسوله وما أنزل إلينا..}[7].
وقال تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من اله إلا اله واحد وان لم ينتهوا عما يقولون ليمسّن الذين كفروا منهم عذاب اليم، أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، وأمه صدّيقة كانا يأكلان الطعام، أنظر كيف نبيّن لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرّا ولا نفعا والله هو السميع العليم قـل يا أهـل الكتـاب لا تغلوا في دينكـم غير الحق..}[8].
وقال عز وجل: {وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين من دون الله}[9].
وقال سبحانه: {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل، قاتلهم الله أنّى يؤفكون اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا اله إلا هو سبحانه عما يشركون يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون}[10].
فظهر من الآيات السابقة أن القرآن يعتبر النصارى كفارا بل ومشركين أيضا. لا من حيث كفرهم بالرسول وحسب، وإنما لما يعتقدونه في الألوهية أيضا..
2 ـ أما قوله تعالى: {قولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد} فإما هو ناظر لأولئك الذين بقوا على شريعة عيسى عليه السلام، لأن ما يؤمن به المسلمون ليس هو ما عليه المسيحيون بالفعل، وإنما هو ما أنزله الله حقيقة على عيسى(ع).
وإما أن يراد به تقرير الحقيقة التي أكّدها الإسلام، من وجهة نظر الإسلام الذي لا يحكي إلاّ الواقع، وإلاّ الحقيقة.
3 ـ أما ما نقله عنه المطران إلياس عودة من أن القرآن لا يعتبر أهل الشرك كفارا، فهو لا يصح أيضا، وذلك لما ذكرناه من الآيات الصريحة في كفرهم. هذا بالإضافة إلى قوله تعالى: {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة}.
فقد حكم الله سبحانه على أهل الكتاب كلهم بالكفر، لأن كلمة (من) هنا بيانية لا تبعيضية، إذ لو كانت تبعيضية لكان عليه أن يقول: (والمشركون) ـ بالرفع ـ إذ إن جرّها يقتضي أن يكون بكلمة (من) المقدرة، فهل يلتزم بأن يكون بعض المشركين مؤمنين؟!.
1107 ـ التثليث شرك فلسفي وليس شركا ً إيمانيا.
1108 ـ الشرك الفلسفي والشرك المباشر.
1109 ـ تجسد الله كتجسد الكلمة في كتاب.
1110 ـ كفر أهل الكتاب ككفر بعض المسلمين بالمعنى العميق.
ثم هو يعتبر تثليث الأقانيم مسألة فلسفية تتحرك في دائرة فهم سر الله، وهذه محاولة للتقليل من بشاعة هذا الأمر وغرابته إسلاميا، فيقول:
"إن مسألة تثليث الأقانيم هي مسألة فلسفية تتحرك في دائرة فهم سر الله، وفهم شخصية الخالق. ربما كانت هناك أفكار تتحدث عن ابن بالتجسد، وأب بالتجسد، ولكن الفكرة الموجودة في أغلب التفكير المسيحي هي أن المسألة ليست مسألة تجسد كما هو التجسد الإنساني عندما يكون هناك ابن منفصل عن أب، ولكنه تماما كما هي الكلمة عندما تتجسد في كتاب، قد تتجسد في شخص"[11].
فالثالوث بذلك قد أصبح أقل غرابة وخطأ مما قد يتصوره الناس، بل لم يعد فيه أي إشكال، فلم يعد ثمة حرج من الجهر بالقول:
إن القرآن حين تحدث عن كفر النصارى، فإنما تحدث عنه باعتباره:
"كفرا فلسفيا في التفاصيل بلحاظ الصفات تماما كما هو الرأي الكلامي، أو الفقهي الذي يرى المجسمة في الدائرة الإسلامية كافرين بالمعنى العميق. وهذا هو ما تحرك فيه الجدل الكلامي بين القائلين بخلق القرآن، والقائلين بقدمه"[12].
وفي مورد آخر يقول:
"إن الإسلام اعتبر الكلمة السواء التي تجمعهم بالمسلمين تمثل عبادة الله الواحد، ورفض اعتبار الإنسان ربا للإنسان.
ويختلف معهم في اعتبار المسيح تجسيدا له؛ فإن الله لا يمكن أن يتجسد، مما يجعل هذه العقيدة شركا فلسفيا، لا شركا مباشرا"[13].
وقفة قصيرة:
ونقول:
قد راقت هذه الأفكار لبعض المسيحيين أنفسهم إلى درجة أن قال أحد رجالاتهم الكبار عن دفاعات هذا البعض عن تثليث