بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
بين مختلف فئات الشعب، وقطاعات المجتمع، الفتية والفتيات، الشباب والشابات، الرجال والنساء، الأطفال والشيوخ، المتعلمين والميسورين، كما الفقراء في المدن، وبناة الحياة من أبناء الريف الفلسطيني، وفي أزقة المخيمات، ومن فوق مناضد الدراسة، وشجرة الزيتون المباركة، الشاهد الشامخ على حق العودة والتشبث بالأرض، الزيت مع بقايا النفايات، والأسمدة الكيماوية، أصبحت كما الحجر سلاحاً فتاكاً، عبوات ناسفة متقنة التصنيع، وعالية القدرة على التدمير، وازدادت فعالية المتفجرات الشعبية عندما حولت دبابة (الميركافا 3) فخر الصناعة العسكرية الصهيونية إلى ركام وحطام محترق، "إنها المعجزة" -كما قال عنها قادة العدو- "عبوة مصنعة محلياً تطيح بحلم المؤسسة العسكرية الصهيونية". وتحولت الأجساد المتفجرة التي قررت عن سابق تصميم ومعرفة في العقيدة العسكرية الفلسطينية، القديمة المتجددة، إلى سلاح نوعي لا يقهر، سلاح أكثر دقة، وأكثر ذكاء ومعرفة، وأقل كلفة، وأكثر فاعلية من الأسلحة التي تنتجها مصانع أمريكا والعدو الصهيوني، وأكثر علماً ومعرفة من العقول الخبيرة التي تدفع أمريكا والصهاينة أثماناً باهظة لشرائها وتجنيدها. وتجسدت في الانتفاضة وفي أدائها وآليات تطورها وأشكال ارتقائها كل العلوم الاجتماعية والإنسانية والعسكرية، ولم تفلح المراكز والخبرات التي تختص بعلم النفس وعلم الاجتماع والإعلام، وصناعة الإعلان، وأدوات وعلوم صناعة الرأي العام، التي تفردت فيها مؤسسات الإعلام المملوكة للوبيات الصهيونية والمتصهينة، ولا خطط البنتاغون، في توظيف شركات وخبراء العلاقات العامة، وتخصيص مليارات الدولارات، لشراء الذمم والمثقفين، ووسائل الإعلام، في أن تجاري الانتفاضة وإبداعاتها وجديدها الدائم والمستمر، فعجز الجميع عن فك الرموز، وعن فهم ثقافة وفاعلية التراث الكفاحي لهذا الشعب العربي الفلسطيني العظيم، ثقافة التضحية والفداء والشهادة، والاستشهاد، وعن فهم آليات انتظام مجتمع الانتفاضة المقاوم، والقدرة الهائلة على الصمود والاستمرار. وحققت الانتفاضة تحولاً نوعياً استثنائياً في مسار الصراع العربي-الصهيوني، وشكلت مدخلاً استراتيجياً في آليات العمل المقاوم، وفي إطلاق مرحلة عربية جديدة، قلبت مسار الأمور من الهبوط إلى الصعود، وغيرت المقاييس والمعايير، كسرت المحرمات، واستحضرت قضايا وموضوعات توهم البعض أنها أصبحت في طي النسيان، فقد أعادت الجماهير الشعبية إلى الشارع وإلى السياسة بعد غياب قسري خلال العقود الثلاثة الماضية، والأهم في هذا السياق هو دورها في تجديد الوعي العربي وبداية إطلاق المشروع العربي النهضوي الوحدوي التحرري المقاوم. هذه الانتفاضة ترتكز على تاريخ من الثورات والانتفاضات، تختزن خبرات عملية، وتكشف عن معارف ووعي متقدم لكادراتها وقادتها الميدانيين وجمهورها، انتفاضة تتطور تبعاً للتطورات، عرفت بواقع التجربة أعداءها حق المعرفة، واختبرت أصدقاءها، وأدركت بواقع التجربة العملية أن كل ما يقال وما يجري تحت سقف التفاوض والتسويات، ما هو إلا تقطيع للوقت، وإضاعة للفرص، وتبديد للتضحيات، وتعبير عن انحطاط وتخلف وأوهام عششت في قمة الهرم السياسي الفلسطيني، أوهام ورهانات ولدتها حقبة من أسوأ الحقب التي مرت على الشعب العربي الفلسطيني والأمة العربية، حقبة التضخم المالي، وتكبير الأجهزة على حساب أداة الثورة، حقبة التسلط على الشعب والثورة، حقبة تربع فيها على سدة القيادة والنطق باسم القضية من أغوتهم وأغرتهم فأفرغتهم امتيازات النفط والعلاقات مع الأنظمة، وبناء مؤسسات بيروقراطية وأجهزة أمن ارتزاقية، وشعارات يا وحدنا، والقرار الوطني المستقل، والممثل الشرعي الوحيد، وليس من حق أحد سوى الفلسطينيين تقرير خياراتهم، شعارات روجت تحضيراً للتسوية الموءودة، تسوية أوسلو التي جرى بموجبها التفريط بكل شيء، مقابل سلطة إدارية، أرادوها أن تكون الرصاصة القاتلة في جسد القضية والشعب، ومدخل التحلل من الالتزامات الوطنية والقومية والتخلي عن الحقوق التاريخية، وبوابة تفتح المنطقة العربية والعالم أمام المصالح الصهيونية، وأداة لفرض الهيمنة النهائية على الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته، وتحويله إلى معازل تقدم اليد العاملة الرخيصة والأسواق والمعابر للمنتجات الصهيونية، ومرتعاً لبرجوازية فلسطينية كمبرادورية مرتبطة مصلحياً وأمنياً وسياسياً واجتماعياً بالكيان الصهيوني، وظيفتها تكريسه، وتأييده على حساب الحق في الوطن والاستقلال، وعلى حساب حق العودة للشعب