مختصر المفید فی تفسیر القرآن المجید نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مختصر المفید فی تفسیر القرآن المجید - نسخه متنی

السید محمد باقر الصدر

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

المختصر المفيد في تفسير القرآن المجيد

مقدمة

سعياً لتعميم الفائدة، ونشر المعرفةالقرآنية بين مختلف المستويات، وشتى الافراد، جاءت فكرة هذا التفسير المختصر في ذهن. سماحة الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر (رحمه الله) حيث أمر اثنين من تلامذته هماالشيخ التسخيري والشيخ النعماني بالبدء بمشروع لكتابة تفسير للقرآن الكريم يحمل عنصر الإيجاز والعمق والوضوح بالإضافة لبيان مايمكن بيانه من الأبعاد الإجتماعيةللمفاهيم القرآنية وذلك بالاعتماد على الظهورات القرآنية وأحاديث الرسول الأعظم(ص) وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام).

وبدأ هذا المشروع فكانت الحصيلة ، بحمد الله،هذا التفسير المبارك، ويتمتع هذا التفسير بمايلي:

1ـ الإيجاز الى الحدِّ الممكن مما يجعل كلّ صفحة من القرآن الكريم تقابلها صفحة من التفسير تقريباً.

2- طرح الأبعاد المختلفة للمدلول القرآني ومنها البعد الاجتماعي الاصيل.

3- طرح التفسير وفق مختلف الآراء مهما أمكن مع التركيز على المروي عنالرسول الأكرم(ص) واهل البيت(ع).

والله تعالى نسأل أن يوفّق الامة الاسلامية للعمل بهذه التعاليم المحيية والنهوض بالتالي بدورها الحضاري في إقامة النظام القرآني علىكل المعمورة، انه السميع المجيب.

وستقوم مجلتنا - ان شاء الله تعالى - بنشر التفسير تباعاً بما يتسنى لها نشره.

وتسمى بسورة (براءة)أيضاً، وقد اختـُلِف في كونها سورة مستقلّة أو أنها تابعة لسورة الأنفال، وقد اتـُّفق على نزولها في السنة التاسعة للهجرة، وهي تحدد، بدقة، العلاقة بين المجتمع المؤمنوالكافرين، وقد بلّغها الإمام علي(ع) يوم الحج الأكبر من قِبَل النبي(ص). وقد ورد في عدم شروعها بالبسملة أنها نزلت لتعلن السخط والغضب الإلهي ضد المشركين، مما لا ينسجم معالبسملة ومافيها من معاني الرحمة.

براءةُ لما كانت الرسالة الاسلامية قد تأصَّلت في النفوس وقويت،ولما كان المشركون ــ بشكل طبيعي ــ لا يتَّبعون إلا مصالحهم،ويتعاملون من منطق القوة قبل أي إلتزام، ولما كان الاسلام يسعى لتطهير الأرض من لوث الشِرك والمشركين، الذين لا يستحقون صفة الانسانية بعد أن خرجوا على مقتضيات فطرتهم،لكل ذلك ولغيره وجدنا القرآن هنا يعلن البراءة من الشِرك ويرفض التعايش معه.

والملاحظ هنا أن المشركين المعاهدين كانوا على قسمين كما يبدو، فبعضهم غير ملتزم بعهودهيعمل على نقضها باستمرار، متى ما سنحت له الفرصة، وآخرون يلتزمون العهد. وطبيعي أن يكون التعامل معهم مختلفاً. فأما الناقضون، فإن القرآن يمهلهم أربعة أشهر، لهم الحقفيها أن يسيحوا في الأرض ثم يختاروا بين الفناء أو الدخول في مجتمع الايمان، محذراً إيّاهم بأنهم مهما بلغت قوتهم لن يُعجزوا الله القدير، بل سيخزيهم الله ويذلهم.

وأذانٌ..: إنه الإعلان الاسلامي العام الذي حمله الإمام علي(ع) ليقرأه يوم الحج الأكبر، يوم عيد النحر، وحين تلتقي الجموع. إنه اعلان البراءة من المشركين، ورفض التعايشمعهم ومتابعتهم، والسعي لتطهير الأرض منهم، إلاّ أن يتوبوا، فذلك طريق الخير الحقيقي، إمّا الإعراض عنه فإنـَّه سيؤدّي بهم إلى الهلاك، لأنهم سيواجهون قوَّة اللهالمتمثِّلة في قدرة المجتمع المسلم وقيادته. وسيقتلون بالعذاب الأليم.

إلاّ الّذين عاهَدتُم أما أولئك الذين ثبتوا على عهدهم، والتزموا مواثيقه، ولم ينقصوامنها شيئاً، ولم يساندوا أعداء الاسلام، فإن الاسلام ملتزم بعهوده تجاههم، لا يخرقها ولا يخرمها، حتى تنتهي المدة المحددة في العقد، والتزام العهد من صفات مجتمعالمتقين، حتى ولو كان العهد مع المشركين.

فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ وبعد انتهاء المدة التي حرّم الله فيها قتال الكافرين الناقضين للعهد، فإنالمسلمين مأمورون بمتابعة المشركين أينما وجدوهم، وسدِّ المنافذ عليهم، وأخْذهم ومحاصرتهم والترصُّد لهم في كلّ مرصد، فلا خيار لهم حينئذ من الفناء إلاّ أن يتوبوا إلىالله، ويرجعوا إلى نداء الفطرة التوحيديَّة، ويدخلوا في عداد المسلمين، ويقوموا بكلِّ الواجبات التي يقوم بها المسلمون من إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة. وحينئذ يغفرالله لهم ما جنوه من قبل، ويُخَلي سبيلهم، ويعيشون في أمان كأعضاء في المجتمع المسلم.

وإنْ أحَدٌ مِنَ المُشْركِينَ وبهذا المقطع القرآني نعرف أن الغايةالرئيسة من تلك الشدَّة هي إعادة المشركين إلى صوابهم، وإبعادهم عن حياة الخسّة والضياع، التي جعلتهم ينسون أنفسهم، ويقفون أمام خطِّ الهداية الإلهية عقبات كبرى لابدّمن القضاء عليها. فالقرآن هنا، وبالرغم من ذلك الأمر الشديد، يفسح المجال لأيّ مشرك يريد أن يستمع إلى كلام الله، مستجيراً بالرسول، يفسح المجال له ليفكّر ويعي النداءالإلهي، ضامناً له العودة إلى مأمنه ليفكّر ويفكّر، ويتخلَّص من جهله، ويعود إلى حياة الإيمان والإنسانية، ولتنعم بعد ذلك البشرية في حياة مطمئنة في ظلِّ الدين الإلهي،وعلى أساس من التوحيد، وتتخلَّص من جرثومة الشِرك وفساده الكبير الخطير.

.كَيْف يَكُونُ ان التزام العهد والميثاق إنما ينطلق منمنطلقات إيمانية وقيم روحية قوية، الأمر الذي يضمن الثبات على مقتضيات العقود، والتزام لوازمها، في حين يفقد المشركون كلَّ هذه الاسس الأخلاقية والقيم الروحية، فلامعنى لتصوُّر التزامهم العهود. وفي الآية اشارة واضحة إلى ابتناء الأخلاق على القواعد الايمانية، فلا معنى لكل الإدعاءات الانسانية التي تتبجح بها المبادئ المادية فيحين لاتجد الأخلاق لديها أي مضمون.

ومع ذلك، فإنَّ على المسلمين الوفاء بالعهود الممضاة عند المسجد الحرام باعتبار ما تحمله هذه العهود من ضمانات نابعة من عظمةالمكان لدى الطرفين. ثم إنّ الالتزام متقابل، فمادام الطرف المقابل ثابتاً، فإنّ الامر مضمون من الطرف الإسلامي، لأنّ ذلك من مقتضيات التقوى والخلق الأصيل، وهو مايتمتـَّع به المسلمون.

كَيف وَإنْ يتكرَّر هذا الاستفهام الاستنكاري هنا ليؤكّد الحقيقة الآنفة الذكر، وذلك عبر ذكر حقيقة يثبتها تاريخ تعامل المشركين معالفئة المسلمة. انه تعامل وحشي عبر التاريخ، فالمشركون لا يبالون بشيء من مقتضيات الأخلاق والطبيعة الانسانية، بل يسحقون كل القيم حينما يسيطرون على المسلمين. انهميرتكبون كل جريمة ولا يتلزمون أي »إل« أو »خلق واضح« أو »بند صريح« من بنود العهد، ويرتكبون كل مايُذمُّ عليه الانسان بطبيعته إذا ارتكبه.

نعم، قد تنطلق أبواقدعايتهم وألسنتهم بالكلام المعسول والشعارات البراقة المؤمّنة والمرضية، إلاّ أن قلوبهم في الواقع تغلي حقداً، مما يدفع أكثرهم للخروج عن مقتضيات الطبيعة الانسانيةوالدخول في صفة الفسق عنها.

اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ إنهم بخروجهم عن النسق الانساني الطبيعي وفسقهم عن المسيرة الأصيلة، استبدلوا بآيات الله، التي عرضت عليهمسبل النجاة، ثمناً قليلاً، وحياة خسيسة، وراحوا يقفون في وجه السائرين الى الله، ويقيمون شريعة السوء والانحراف والاعتداء على حقوق الآخرين.

فإنْ تابوا… : أماإذا عادوا الى سبيل الايمان فإنّ الايمان يجبُّ ما قبله وحينئذ فانّ علائق الاخوّة هي التي تحكم والمحبَّة هي التي تسود. أما إذا نقضوا ونكثوا العهد والمواثيق وراحوايوجّهون ضرباتهم الى الدين، فانه تجب مقاتلتهم حتى يرجعوا الى صوابهم.

ألاَ تـُقاتِلُون ما المانع من قتالهم بعد أن نقضوا عهودهم وصمموا على اخراج الرسولوابتدأوا بقتال المؤمنين غير الخشية من عدتهم؟ وهذه لا معنى لها في قبال طاعة الله وخشيته والدفاع عن دينه.

قَاتِلُوهُمْ انطلقوا لقتالقوى الشِرك واتكلوا على الله ووعده الكريم لكم بالنصر وشفاء الصدور المؤمنة وذهاب غيضها والتوبة، ووعده لهم بالعذاب والخزي الأليم. انه الأمل الكبير يدفع المؤمنينللجهاد بعد أن تحققت كل عوامله الاخرى من فساد المشركين وارتفاع الخشية إلا من الله.

أم حَسِبْتـُمْ ان الجهاد بلاء وامتحان، ولابُدَّ أن يتتابع البلاء لتتمعملية التربية المطلوبة، وتتربى النفوس على الثبات والتضحية في سبيل الله، والتزام منهج الله ورسوله، دونما أي انحراف أو ضعف نفس يقود للتمسك بسبل الكفر والانخداعبمغرياته والسير في سبله الخادعة. وتنتهي الآية بتأكيد حقيقة العلم الإلهي بخبايا النفوس، لئلا يبقى مجال للتقاعس ومخداعة النفس، ولتـُسَدَّ كلّ الأبواب أمام التخاذلفي طريق الجهاد.

مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ هذه الآية وما بعدها تقرر أن حقيقة من حقائق التصور الاسلامي الأصيل، وهي أن الايمان والاخلاص روح العمل وأساسه، ومالم يتوافرا في الانسان فانه لا يستطيع التحدث عن قيمة انسانية وعمل خلقي ممدوح.. فالمساجد هي بيوت التربية الانسانية والتزكية الأخلاقية، وليست لأية مساهمة للفئةالمشركة في بنائها أثر ولا قيمة مادامت لا تنسجم مع أهدافها وما دامت تشهد على نفسها بالكفر من خلال أقوالها وافعالها، وحينئذ لا عمل ينفعها ولا نجاة لها من النار.

إِنَّمَا يَعْمُرُ والمؤمنون بالله والآخرة والمصلّون المزكّون والذين لا يخشون أحداً إلاّ الله هم وحدهم الذين يرفعون قواعد بيوت الله، لأنهم في مسيرتهمينسجمون مع أهدافها الانسانية الهادية.

أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ وهذا مثال ثان على تلك الحقيقة، فلا يكفي أن نقيم العمل بآثاره الايجابية الخارجية، بل يجبملاحظة الاسس الايمانية التي يحملها العاملون، لأنها تمنح العمل أعظم قيمة، وتضمن استمراريته من خلال كونه: نابعاً من منبع الايمان الفياض. وقد جاء في الرواية ان الآيةنزلت في العباس بن عبد المطلب وشيبة، إذ كانا يتفاخران بالسقاية والعمارة، وقارنت ذلك بايمان علي بن أپي طالب(ع) وجهاده ورجّحته عليهما. وهكذا نعرف ان الهداية إنما تنالالمخلصين المؤمنين، أما الظالمون فلا هادي لهم.

الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ هذا هو معيار التفاضل ونيل الدرجات عند الله. إنه الايمان،والهجرة، في سبيل الله بالأموال والأنفس، ولا فوز بدون ذلك.

يُبَشِّرُهُمْ انه الأمل الكبير والبشارة العظمى بالرحمة والرضوان والجنة ذاتالنعيم الدائم، وبه يضمن الإسلام منبعاً متدفّقاً، لا ينضب، للعمل الصالح والجهاد في سبيل الله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ولكي يتمَّضمان الدفع التام الدائم للجهاد والعمل الصالح في سبيل الله يعمل القرآن الكريم على رفع أحد أعظم الموانع من طريق المؤمنين وهو مسألة (الولاء) لغير الله، ذلك ان الولاءتـُستقى جذوره من العاطفة، والعاطفة إذا التهبت غلبت الوعي والعقل، فينبغي أن تهذَّب وتوجَّه لتعمل منسجمة مع العقيدة الواعية. ومن هنا ينهى القرآن عن الولاء للآباءوالاخوان الذين يرجّحون الكفر على الايمان، لأن الولاء يستتبع التبعية، أو في الأقل، التقاعس في طريق الجهاد، وتمحُّل الأعذار، مما يضرُّ بالمسيرة الهادفة ويؤدي الىظلم كبير.

قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ واستمراراً لذلك التوجيه، توجيه نفي الولاء لغير الله، يركّز القرآن على الحب: فحب المؤمن انما هو الله والله هو الكمالالمطلق، والحب مهما تعالى لله ترك آثاره الايجابية على مجمل الوجود الانساني، وارتقى به من المستويات الواطئة، والأهداف الضيّقة، والتعلُّق بالدنيا التافهة، والتركيزعلى المطامع الشخصية وأمثال ذلك. ولذلك يجب أن يلحظ المؤمن هذا المقياس الحسّي الوجداني في نفسه، فهل الله والجهاد في سبيله أحبُّ لديه من الآپاء، والأبناء، والإخوان،والأزواج، والعشيرة، والمال، والتجارة، والمسكن، أم لا؟! فإن كان الجواب بالنفي ــ والعياذ بالله ــ فانه التهديد الكبير بالسقوط والضياع والفسق عن طريق الايمان ومسيرةالفطرة.

لَقَدْ نَصَرَكُمُ واستمراراً في تعميق الأمل في النفوس وشد القلوب الى الله وتأييده، يذكِّرهم القرآن الكريم بنصر الله لهم في مواطن كثيرة، وحتى في(حنين) التي غفل فيها المسلمون عن السبب الأول للنصر، وهو اللّطف الإلهي، واعتمدوا على كثرتهم، إذ قد اجتمع لهم لأول مرة جيش عدّته اثنا عشر الفاً، إلا أن ذلك لم يغن عنهمشيئاً، وضاقت عليهم الأرض وهي واسعة، ثم انهزموا مدبرين. نعم، حتى في حنين كانت الرحمة الإلهية تتجلـّى لهم في سكينة الله ينزلها على رسوله وعلى المؤمنين، وفي جنود غيرمرئيين يحاربون الكفّار ويصبُّون عليهم العذاب، فهو جزاؤهم في النهاية، ويتمُّ النصر الإلهي المؤزّر.

ثُمَّ يَتُوبُ ان النصر الإلهيللمسلمين في (حنين) كان رحمة لهم على الرغم مما بدا منهم من ركون للكثرة واعجاب بها. وهو شعور منحرف كان ينبغي أن يتنزّهوا عنه. ومن هنا تأتي هذه الآية لتعلن توبة اللهعليهم لأنه تعالى غفور رحيم.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ هذا الاعلان القرآني المهم يشكّل منعطفاً حسّاساً في مسيرة الاسلام. إنه يعلن انقطاع صلة المشركينعموماً بالمسجد الحرام لأنه مركز الطهر والطهارة، وهم نجس مستقذر، ترفضهم الفطرة بطبعها، وتستقذرهم الطبيعة الانسانية، بعد أن فسقوا عنها وخالفوا مقتضياتها. انهاالنجاسة المعنوية التي قد تستتبعها النجاسة المادية، وانه العام التاسع للهجرة الشريفة، العام الذي اذّن فيه الإمام (ع) بالبراءة من المشركين، ومنع الطواف العاريبالبيت، وعاد البيت الى أحضان المؤمنين لا غير، ليشكِّل محور حركة التوحيد في الأرض، كلّ الأرض. ولما كان مجيء المشركين يعني تشكيل موسم له آثاره الاقتصادية على حياة أهلمكّة، فان القرآن يرجّح ــ من جهة ــ جانب العقيدة على أيّ شيء آخر، ويضمن ــ من جهة أخرى ــ فضل الله وغناه من طريق آخر، والله يدبّر الأمر بعلم وحكمة بالغين.

قَاتِلُوا… تبدأ هنا مرحلة جديدة في تنظيم العلائق بأهل الكتاب وهم على الأرجح (اليهود والنصارى والمجوس وكل من ثبت لهم كتاب سماوي) فهؤلاء على الرغم من انهم يؤمنونبالله اجمالاً وباليوم الآخر، إلاّ أنهم يشركون بالله في تصوراتهم عن أنبيائهم، فهذا ينسب نوعاً من الالوهية الى عزير والآخر ينسبها الى المسيح تقليداً لقول المشركينمن قبلهم، وآخرون يطيعون أحبارهم ورهبانهم طاعة عمياء وينقادون إليهم انقيادهم للإله، ثم هم لا يؤمنون بتفاصيل الآخرة، الى الحد الذي يُفقدهم حتى صفة الايمان بهاعموماً، ثم انهم لا ينسجمون مع المجتمع الاسلامي الذي يعيشون فيه.ولا يطبّقون تعاليمه ومراسمه العامة (محرّماته ومحلّلاته) ولا يعترفون بشرائعه الحقّة. لذلك، فان وجودهمعقبة كأداء في قيام مجتمع اسلامي نظيف، يطبق تعاليم القرآن وتسوده حكومة الاسلام، فمن الطبيعي أن يرفض الاسلام هذا الوجود بهذا الوصف، ويطلب مقاتلته حتى يذعن لحكومةالاسلام ويعطي ضريبة (الجزية) مستستلماً غير مستكبر، وينسجم مع المجتمع في حدّ الانسجام الأدنى، أي احترام العقيدة الإسلاميّة، والشعائر الإسلاميّة، والمساهمة فينفقات المجتمع حتى يمكن القبول بهم مواطنين في هذا المجتمع. وهذا حكم يختصُّ بأهل الكتاب، أما المشركون فلا يقبل منهم شيء إلاّ الاسلام لأنهم لا يستطيعون الانسجام بأيِّحال من الأحوال مع المجتمع المسلم.

يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ يتحدث القرآن هنا عن محاولات أهل الكتاب اليائسة لمحو دين الله واطفاءنوره العظيم، عبر الدعايات والأقاويل الباطلة الموهونة، لمحو دين الله واطفاء نوره العظيم، عبر الدعايات والأقاويل الباطلة والشائعات الموهونة فسخر بمن يستخدم فاهالضعيف لإطفاء نور الله العظيم الذي يأبى جلّ جلاله إلا أن يتمه على رغم أنف الكافرين.

هُوَ الَّذِي إن الله تعالى هو منبع هذا الدين الحق وقد أرسل رسوله بهليهدي البشريَّة سبيل علائها وسعادتها الحقيقيَّة، ولابُدَّ من أن يسيطر هذا الدين في النهاية على مجموع المسيرة، وينتشر به القسط والعدل القرآني على وجه المعمورة،ويجذب إليه كلَّ القلوب، ويحقّق به مطلوب كلِّ ميل طبيعي للتديُّن في أپناء البشرية جمعاء. انه الوعد الإلهي الذي لا يُخلف على الرغم من كل تآمر المشركين، وهو ما تنتظرهالبشريّة بفارغ الصبر ويبعث فيها العزم الدائم على الجهاد المتواصل ضد كلّ العقبات الموضوعة في طريق إعلاء الدين.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا ويكشف النص القرآني هذا عما يفعله الكثير ممَّن نصَّبوا أنفسهم أعلاماً للدين في حين انهم ليسوا ــ في الواقع ــ إلاّ عقبات بوجه تديّن الناس وبوجه ظهور الدين علىالأرض كلّها. انهم باسم الدين يعملون على تحقيق مصالحهم الضيِّقة، ويربُّون الجماهير على طاعتهم طاعة عمياء دون أيّ تخلُّف، كأنـّما هم أرباب، ويستثمرون النوازعالدينيَّة ليجمعوا الأموال الطائلة والثروات الكبيرة ليستخدموها في الصدّ عن سبيل الله، وتحقيق مطامعهم ومطامع أسيادهم، وتنفيذ مخطَّطاتهم الشيطانيَّة، وإقامة وضعاقتصادي مسرف، تـُسحَب فيه الأموال - من قبيل الذهب والفضّة - من مجال التعامل الحيوي والانفاق في سبيل الله الى الكنوز المتراكمة، ليبقى المجتمع مشلولاً عاجزاً عنالقيام بدوره.

الدين يعملون على تحقيق مصالحهم الضيِّقة، ويربُّون الجماهير على طاعتهم طاعة عمياء دون أيّ تخلُّف، كأنـّما هم أرباب، ويستثمرون النوازع الدينيَّةليجمعوا الأموال الطائلة والثروات الكبيرة ليستخدموها في الصدّ عن سبيل الله، وتحقيق مطامعهم ومطامع أسيادهم، وتنفيذ مخطَّطاتهم الشيطانيَّة، وإقامة وضع اقتصاديمسرف، تـُسحَب فيه الأموال - من قبيل الذهب والفضّة - من مجال التعامل الحيوي والانفاق في سبيل الله الى الكنوز المتراكمة، ليبقى المجتمع مشلولاً عاجزاً عن القيام بدوره.

وهؤلاء يهدِّدهم القرآن بأشدّ العذاب، إذ يُحمَى عليها في نار جهنّم وتـُلصَق بأبدانهم (جباههم وجنوبهم وظهورهم) ثم يأتي التبكيت القاتل: ''''هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقواما كنتم تكنزون''''.

إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ وهكذا شاء الله تعالى في كتابه التكويني أن تكون الشهور القمريَّة اثني عشر شهراً، منها أربعة يحرم فيها القتال هي:(ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب) وهي سنّة نبويّة سابقة أثبتها القرآن الكريم باعتبارها من سنن الدين المنظم للمسيرة الحياتية والقَيّم عليها، واعلن أنّ أيَّ تَعدِّفيها على حرمة هذه الأشهر يعني الظلم الاجتماعي، اللّهم إلاّ أن يهاجم العدوُّ الأمّة الاسلاميّة، كما يفعل المشركون، وحينئذ يجب القتال المعبَّأ ضدَّهم كما تعبَّأ واضدَّ الاسلام. وهكذا نجد القرآن يركّز على محطّات الأمن الزمانيّة (الأشهر الحرم) والمكانيّة (منطقة البيت الحرام)، لغرض حضاري سام.

/ 1