الأول:
حق التشريع
فقد تطلق الولاية التشريعية ويراد بها أنالنبي(ص) أو الإمام(ع) يملكان حق التشريع،
والمقصود أنهم يملكون وحدهم القدرة على
بيان الحكم الشرعي الواقعي الذي يريده
الله تعالى والمعرفة الصحيحة لأحكام الله.
وبعبارة أوضح:نحن نعتقد بأن الرسول(ص)
والأئمة(ع) من ولده يملكون علماً ربانياً،
وحياً أو إلهاماً، أو نحو ذلك، يمكنهم من
خلاله معرفة حقائق الأشياء، ومعرفة ماذا
يريد الله تعالى، وبالتالي معرفة ما هو
الحكم الشرعي المناسب. وهذا في الحقيقة
عبارة عن قدرة على استكشاف مراد الله
تعالى، ونحوٍ من أنحاء الإخبار عن الله
تعالى، وليس تشريعاً مستقلاً عن إرادة
الله تعالى.
الثاني:
حق الأمر والنهيوقد تطلق الولاية التشريعية، ويراد بها
أن للولي أن يأمر وينهى، وعلى الآخرين أن
يطيعوه ويمتثلوا أوامره ويجتنبوا نواهيه.
معنى ولاية الفقيه
والمقصود بولاية الفقيه هنا، هو الولاية
التشريعية التي نعني بها، حق الأمر وحق
الطاعة، وأما سائر أقسام الولاية فلا
علاقة لها بولاية الفقيه.
أما الولاية التشريعية بالمعنى الأول،
فهي ليست للفقيه، ولم يقل أحد بثبوتها له،
بل هو كغيره من المكلفين لا يستغني عن
الأنبياء والأئمة(ع) لمعرفة أحكام الله
تعالى، ولذا تجده يتعب نفسه بالبحث
والاجتهاد في الأدلة لاستنباط الأحكام
الشرعية.
نعم، قد يقال إن حق التشريع وتقديم
القوانين ثابت للفقهاء، بمعنى أنهم
المرجعية في تحديد الحكم الشرعي، ولكنه
خلاف الاصطلاح.
أما الولاية التكوينية، فهي خارجة عن
بحثنا، وهي نعمة من الله تعالى يكرم بها
بعض عباده بحسب قربهم منه تعالى، سواء
كانوا فقهاء أم لم يكونوا. وهذا الأمر لا
يعرفه إلا الله تعالى، أو من شاء الله أن
نعرفه من خلال الآثار والأدلة الواقعية.
والمأمول أن يسدد الله تعالى خطانا
بتسديد خطى أولياء الأمر لدينا، خصوصاً
إذا ما لاحظنا أن من مقومات مقام الولاية
الحكومية الورع والتقوى والزهد في
الدنيا، وهذه كمالات يرتقب في أهلها
العروج في عالم الملكوت.
الدرس الثاني
ضرورة تشكيل حكومة إسلامية
يعتبر الإمام الخميني (قدس سره) أن هناكمجموعة عوامل ساهمت في غربة المجتمع
الإسلامي عن نظرية الإسلام في الحكم، وعن
أن له حكومة يمكنها أن ترعى شؤونه في كل
زمان ومكان.
ولأهمية ما ذكره الإمام (قدس سره) نذكر هنا
أهم العوامل التي أشار إليها بحسب ما
فهمناه من كلامه.
العامل الأول:
اليهود الذين ابتليت بهم الأمة الإسلاميةمنذ بداية وجودها، والذين عملوا جاهدين
على تشويه سمعة الإسلام في نظر أبناء
المسلمين، والافتراء عليه، ولا زال هذا
دأبهم حتى الآن.
العامل الثاني:
النشاط الاستعماري الذي يعود تاريخه إلىزمن طويل نسبياً، فقد لاحظوا أن العائق
الكبير أمام خططهم هو الإسلام بأحكامه
وعقائده وإيمان الناس به، فتحاملوا عليه
وكادوا له وجندوا لذلك المبشرين
والمستشرقين ووسائل الإعلام، بهدف تحريف
حقائق الإسلام، ليصير الناس عامة
والمثقفين خاصة بعيدين عن الإسلام،
واستغلوا في سبيل نشر ذلك، التطور العلمي
للغرب، والثورة الفرنسية، ونقل تجربة
الحكم الكنسي في العصور الوسطى، وزعموا أن
المشكلة ليست مختصة بهذا الحكم، بل هذا هو
حال كل حكم ديني.
العامل الثالث:
ومن العوامل التي ساهمت في ذلك وإن كانتأثيرها غير مباشر وغير مقصود، كتبنا
الفقهية والفكرية الإسلامية المطروحة
للناس في العهود السابقة، التي خلت من
إبراز المفاهيم والحقائق المرتبطة بهذا
المبدأ إلا القليل القليل. علماً أنك لو
اطلعت على القرآن الكريم وكتب الحديث وهما
من أهم مصادر التشريع، لوجدت أنهما
مختلفان من حيث المضمون عن الكتب التي
كتبها الفقهاء اختلافاً شديداً.
العامل الرابع:
ومن جملة العوامل التي أدت إلى تركيز تلكالفكرة، بعض علماء السوء ووعاظ السلاطين
الذين نراهم يسوّقون لأفكار أجنبية عن
الإسلام، وقد يشكلون أحياناً غطاءً لبعض
الأفكار المنحرفة المتعلقة بالإسلام
عامة، وبالحكومة الإسلامية خاصة، وربما
أعطوا لأفكارهم لبوس الإسلام.
العامل الخامس:
سوء التطبيق الذي عايشه الناس للأنظمةالتي تدعي أنها تحكم باسم الإسلام، يواكبه
تضخيم متعمد من قبل الأجهزة المعادية