عمار بن یاسر نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عمار بن یاسر - نسخه متنی

محمد جواد الفقیه

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

عن رسول الله :
ما لهم ولعمار ، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه
إلى النار ، إن عماراً جلدةٌ ما بين عيني
وأنفي. أخرجه ابن هشام مرفوعاً. الغدير 9 ـ
27
==============================
(7)
شاهد الحق !
أعجب ما يدور في خلد إنسانٍ أن يدلي شاهد
بشهادته أمام التأريخ على أمرٍ سوف يقع ،
يختصر الأعوام بلحظة والحوادث بكلمة !
وأعجب من ذلك أنه بشهادته تلك يلمح إلى أن
هناك حرباً سوف تقع بين طائفتين من
المسلمين ، ثم يعطي الحُكم الفاصل بينهما
قبل أن يكون هناك خصام وقبل أن يكون هناك
قتال.
لكن العجب سرعان ما يزول حين يدرك السامع
أن ذلك المتكلم الشاهد إنما كان يغرف من
بحر الغيب ، وأنه رسول الله.
لقد قال رسول الله (ص) : تقتل عماراً الفئة
الباغية (1).
إن هذه الشهادة من الرسول في حق عمار
تكررت غير مرة في أكثر من مناسبة وبصيغ
مختلفة.
فمثلاً : حين أخذ النبي (ص) في تشييد مسجده
المبارك في المدينة المنورة جعل المسلمون
يحملون لبنةً لبنة ، وجعل عمار يحمل
لبنتين لبنتين ، فجعل النبي (ص) ينفض
التراب عن رأسه ، ويقول : ويحك يا بن سمية ،
تقتلك الفئة الباغية.
____________
1 ـ الطبقات الكبرى 3 | 251 ـ 252.
==============================
(8)
وتمضي فترة من الزمن تأتي بعدها غزوة
الخندق وبينما المسلمون منشغلون بحفر
الخندق ورسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم يعاطيهم حتى اغبر صدره وهو يقول :
الـلهـم إن العيـش عيـشَ الآخـرة *
فـاغفـر للأنصـار وللـمهـاجـرة
إذ يجيء عمار فيلتفت إليه النبي (ص) ويقول :
" ويحك يا بنَ سمية ، تقتلك الفئة الباغية "
وفي مناسبة أخرى يقول (ص) : عمار على الحق
حتى يقتل بين فئتين إحدى الفئتين على
سبيلي وسنتي والأخرى مارقةً عن الدّين
خارجة عنه (1).
إن هذه الشهادة لم تصدر من النبي (ص) على
نحو المداعبة لابن ياسر ، ولا على نحو
الإخبار المجرد ، وإنما صدرت منه على سبيل
الإعلام ، وكأنه يرمز من خلالها إلى أمرين
مهمين.
الأول : هو التنويه بشخصية عمارٍ حيثُ
استأثر باهتمامه صلوات الله عليه دون
غالبية الصحابة من إخوانه.
الثاني : أنه بكلماته تلك اختصر الزمان
والأحداث ملمحاً للمسلمين بأن حرباً سوف
تقع بين طائفتين منهم إحداهما باغيةً على
الأخرى وظالمة لها. وبالتحديد : الفئة التي
تقتل عمار بن ياسر : ورُبّ تلميح أبلغ من
تصريح !
ثم إن المألوف لدى المؤرخ حينما يتناول
حياة علمٍ من أعلام الإنسانية أو بطل من
أبطالها العظماء هو التركيز على الجوانب
الهامة التي تمتد عبر حياته وما يتصل فيها
من النواحي الإجتماعية والثقافية وغيرها
مما يؤمّن للإنسانية بشكلٍ عام مزيداً من
المعطيات الخيرة والمفيدة في مسيرتها
الطويلة.
والمألوف أيضاً أن سيرة أي واحد من هؤلاء
العظماء تنتهي بالمؤرخ إلى
____________
1 ـ البحار 22 | 326.
==============================
(9)
نقطة أخيرة من حياتهم تكون فيها الخاتمة..
خاتمة الموضوع بخاتمة الحياة.
أما أن تكون النهاية هي البداية ، فهذا
أمر نادر قلما يحصل ، إلا أن يكون مثل عمار
بن ياسر ! إننا حينما نتناول سيرة هذا
الصحابي الجليل والجوانب الهامة في حياته
، تطالعنا ـ ولا شك ـ صور ندية مفعمة بكل
معاني الخير ، فهو بالإضافة إلى إيمانه
القوي وعقيدته الراسخة وفنائه في ذات الله
، إنسان يتمتع بأنبل صفات الإنسانية من
الشجاعة والكرم ، والخلق الرفيع والتسامح
وكل السجايا الحميدة ، ونقرأ ذلك كله في
سيرته وسلوكه منذ نعومة أظفاره ومصاحبته
للنبي (ص) قبل البعثة وبعدها.. حتى إسلامه
ومعاناته وهجرته.. إلى استشهاده.
ولكن لا ينتهي الأمر بنا عند استشهاده إلا
ويُفتح لنا بابٌ جديد نرى أنفسنا ملزمين
باقتحامه وأن نقف متأملين نجيل الفكر فيما
يفضي إليه ذلك الباب ، فالوقوف عند موت
عمار واستشهاده ليس أقل أهمية من سيرة
حياته. لما يترتب على ذلك من آثارٍ هامة في
تأريخ امةٍ بأكملها على صعيد ما تدين به.
إذ أن دين الإسلام لم ولن ينتهي بانتهاء
حياة الرسول. كما وأن المسلمين لم ولن
يتركوا بدون قائد ! ومن هنا كانت الفتن
التي مزقت جسم الأمة.

/ 89