عنایة المسلمین باللغة العربیة خدمة للقرآن الکریم نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عنایة المسلمین باللغة العربیة خدمة للقرآن الکریم - نسخه متنی

سلیمان بن ابراهیم العاید

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

بل هو محاولة لبيان تلازم علوم القرآن
وعلوم العربيّة، وتآخيهما؛ حتّى إنّه
لَيَعْسُرُ فَصْلُ أحدِهما عن الآخر، في
النشأة والتاريخ، والتكوين والتأليف،
والدوافع والمقاصد، حتّى صار بينهما
تزاوج مكين، وتمازج وثيق متين، بحيث لا
يستغني طالب علمٍ عن العلم الآخر ، ولا
يُؤْتي شقٌّ ثمرته - على الوجه المرضيِّ -
بدون الشِّقِّ الآخر؛ لافتقار كُلٍّ إلى
شِقِّه، وتعذُّر استغنائه عنه. كما توحي
بذلك نشأتهما وتاريخهما، وتأكيد أهل
العلم ذلك، من خلال كلماتهم، ومؤلفاتهم،
وتجاربهم العملية ، في الحياة العلمية .
لم يمرّ بالعربيّة حدثُّ أعظم من الإسلام
، ونزول القرآن على محمّد صلى الله عليه
وسلم، فقد صيَّر هذا الحدث العربيَّةَ لغة
مرغوباً فيها ، لا لنفوذها السياسيِّ، ولا
لسبقها الحضاريّ، وإنّما لمكانتها
الدينيّة ؛ إذ تسامى أهل البلاد المفتوحة
إلى درس العربيّة ، والعناية بها ، من أجل
تحقيق العبادة ، ومن أجل تلاوة القرآن ،
ومن أجل فهم النصوص الشرعية ، فكان من
جرَّاء ذلك نشأة علوم العربية من نحو وصرف
، ولغة ومعجم ، وأدب وبلاغة ، كُلّ ذلك
وُجِدَ ليقومَ عليه درسٌ للعربيّة قويّ .
وصار هذا الأمر في حسِّ المسلم عقيدةً
وواجباً شرعيّاً، لا يختلف في ذلك من لغته
العربيّة، ومن لغته غير العربيّة، وصارتْ
لغة القرآن وما داناها من لغةٍ لغةً
وهدفاً يتسامى إليه أهل الإسلام،
وتَشْرَئِبُّ إليه أعناقهم، وتتطاول إليه
هاماتهم ، وعدوا القرآن نموذجاً أعلى
للبيان العربيّ ، فأقبلوا عليه يبحثون عن
وجوه بيانه ، وأسرار إعجازه ، ممّا كان
سبباً في نشأة علوم العربيّة .
إنّه لولا القرآن، ولولا الإسلام لم يكن
هناك عربيّةٌ كما نرى، أو لبقيَتْ
العربيَّةُ لغة فئةٍ معزولةٍ عن العالم ،
تعيش في صحرائها، يزهد فيها العالم، ويرغب
عنها إلى غيرها، غير أنَّ الإسلام نقل
العربيّة إلى بُؤْرة الاهتمام العالميّ،
وجعل لها الصدارة ، اهتماماً، وتعلّماً ،
يطلبها العربيُّ وغَيْره، ويغار عليها كل
مسلم، ويتمنّى أن يتقنها كُلّ مُصَلٍّ،
ذلك أنّها تحلّ في قلبِ كلّ مسلم في أعلى
مكانٍ منه، وهي أجلّ وأكبر لديه من كل
لسانٍ، وكل لغة .
دخل الناس في الإسلام، وانقادوا له
راغبين أو خاضعين، فتعلّموا لسانه، ورأوا
أنه لا يتمُّ لهم دينٌ إلاّ بلغته،
فبادروا إلى خدمتها، والعنايةَ بها، كما
بادروا إلى حفظ القرآن والسُّنَّة، ودرس
التفسير والحديث، ومعرفة أصول الدين
والفقه، بل جعلوا اللسان العربيّ بوّابة
إلى هذه العلوم، لا يولج إليها إلاّ به، بل
نسي كثيرٌ أن له لغةً غير العربيّة، وانصرف
فكره إليها، حتّى إنّ بعضهم ما كان يطيب له
أن يذكر لغته الأولى وقد أكرمه الله
باللسان العربي، فضلاً عن أن يقارن تلك
اللغة بلسانه الجديد.
وفرغت فئاتٌ من المسلمين من غير العرب، من
الموالي لخدمة اللسان العربيّ في مستوياته
المختلفة: الصوتيّ، والصرفي، والتركيبي،
والدلاليّ، لم يقتصر أمره على ما ورد به
استعمال القرآن أو السُّنَّة ، بل جاوزه
إلى جمع اللغة، وإحصاء شاردها ونادرها ،
وحصر غريبها وشاذّها، في جهدٍ لم يتحقّق
للغةِ من اللُّغاتِ، وعملٍ لم يحظ به
لسانٌ من الأَلْسِنةِ، حتّى رأينا من
مصنّفات العربية الشيء العجاب، ألّفه أو
اكتتبه قومٌ ليسوا من أهلها نسباً، ولكنهم
منهم ولاءً وحُبّاً .
أقبلت الأمّة على كتاب ربّها، وأكبّت
عليه حفظاً، ودرساً، وفهماً لمعانيه،
وتقيُّداً بأحكامه، وميزاً لألفاظه
ومبانيه، ومعرفة لطرائق رسمه، وإسناد
قراءاته، وكان لعلماء العربيّة اليدُ
الطولى في خدمة القرآن، في ميادين
متنوّعة، في رسمه وضبطه ، ومعانيه
وقراءاته، وأبنيته وألفاظه ، وبلاغته
وإعجازه، بل لا أبالِغُ إذا قلتُ: إنّ علوم
العربية لولا القرآن ما كانت، ولا كان
للعربية شأن، ولبقيت محصورةً في صحرائها
القاحلة، وجزيرتها العازبة عن حياة
الحضارة والمدنيّة، ولبقي أهلها على
شائهم ونَعَمِهم ، يتتبعون من أجلها مواقع
القطر، ومنازِلَ الغيث ، ويعنون بما يرتبط
بهذه الحياة البسيطة، من علمٍ بالأنواء
والمنازل، والأفلاك والأبراج، والريح
وأوقات هبوبها، لا يجوزون هذا إلاّ إلى
معرفة أنسابهم، والفخر بأحسابهم،
والتمدّح بفعالهم، وإلا قول الشعر،
وارتجال الخطب، وحفظ ما استجادوا من ذلك،
وإلاّ نُتفاً من حِكَمٍ وأمثالٍ، تهديهم
إليها تجاربهم في الحياة، لا هَمَّ لهم
وراء ذلك، ليلٌ ينجلي، ونهارٌ يتجلَّى:
(( ليلٌ يكرُّ عليهم ونهارُ ))
في دورةٍ فلكيّة مكرورةٍ، فسبحان من
غيَّر هذه الأُمَّة لتكون كما قال ابن
فارسٍ: (( كانت العربُ في جاهليتها على إرثٍ

/ 27