" فان اختل شرط من هذه لم ينعقد البيع و لم يستحق التسليم ، و ان جاز التصرف مع إخلال بعضها للتراضي دون عقد البيع و يصح معه الرجوع " . قال الشيخ " قده " : و هو في الظهور قريب من عبارة الغنية .أقول : بل أظهر منها ، أنه لم يتعرض للمعاطاة و نفى كونها بيعا بصراحة .و قال المحقق في الشرائع : " و لا يكفي التقابض من لفظ و ان حصل من الامارات ما دل على إرادة البيع " . أقول : أي لا ينعقد البيع بالتقابض سواء قصد المتقابضان البيع أولا . و ليس في عبارته ما يفيد إباحة التصرف حينئذ و عدمها .و قال الشهيد " قده " بعد قوله قد يقوم السبب الفعلى مقام السبب القولي : " و أما المعطاة في المبايعات فهي تفيد الاباحة لا الملك و ان كان في الحقير عندنا " . أقول : قوله " فهي تفيد الاباحة لا الملك " صريح في عدم افادة المعاطاة الملك ، و أما إفادتها الاباحة فهي بناءا على ما ذهب اليه " قده " من أن تسليط شخص غيره على ماله بالعقد الفاسد يفيد جواز تصرفه فيه و عدم ضمانه له إذا تلف ، و لا يستفاد من عبارته هذه انهما ان قصدا الملك أفادت الاباحة دونه ، فلعله يقول بإفادتها الاباحة من حيث أن
(64)
نتيجة البحث
نتيجة البحث
التسليط على الشيء مع العلم بفساد المعاملة يستلزم إباحة التصرف .الا ان هذا مما لا يلتزم به الفقهاء ، بل انهم يقولون في خصوص المعاطاة بأن الفعل لا يقوم مقام القول ، فتفيد الاباحة لكن لا مطلقا ، كما لا يلتزمون بعدم الضمان في المأخوذ بالعقد الفاسد ، الا بعضهم مع علم المعطى بفساد العقد .نتيجة البحث و بعد ، فقد ظهر ان عبارات الفقهاء في المقام مختلفة ، فلا سبيل إلى جمعها على معنى واحد ، و حينئذ نقول : لا اشكال في جواز التصرف فيما أخذ بالمعاطاة ان كان التعاطي بقصد الاباحة ، و انما الاشكال في التصرفات الموقوفة على الملك .فقد قيل ، بأن الاذن بالتصرف يقتضي الاذن في التملك أولا ثم التصرف فيه بشتى انحائه ، و قيل بعدم كفاية الاذن لهذه الجهة .ثم ان الشائع بين الناس في هذه الازمنة ليس الشائع بينهم في عصر الشيخ الطوسى " قده " ، و على هذا فما يقصدونه هو الاستباحة والتراض ، و أما ان قصدا الملك كان بيعا عرفا تشمله العمومات كقوله تعالى " أحل الله البيع " و قوله " الا أن تكون تجارة عن تراض " . بل مقتضاها افادة اللزوم أيضا ، فلا بد للقائل بعدمه من اقامة الدليل .أللهم الا إذا قام الدليل على عدم انعقاد البيع بالمعاطاة .قال الشيخ " قده " : قد عرفت ظهور أكثر العبارات المتقدمة
(65)
في عدم حصول الملك ، بل صراحة بعضها ، و مع ذلك كله فقد قال المحقق الثاني في جامع المقاصد و حاشية الارشاد انهم أرادوا بالاباحة الملك المتزلزل و زاد في الثاني " ان مقصود المتعاطيين إباحة مترتبة على ملك الرقبة كسائر البيوع ، فان حصل مقصودهما ثبت ما قلناه ، و الا وجب أن لا تحصل إباحة بالكلية ، بل يتعين الحكم بالفساد ، اذ المقصود واقع ، فلو وقع غيره لوقع بغير قصد و هو باطل " . و أجاب الشيخ " قد " عنه : بأن الفقهاء يحكمون بالاباحة المجردة عن الملك في المعاطاة مع فرض قصدهما التمليك ، و ان الاباحة حصلت من استلزام إعطاء كل منهما سلعته مسلطا عليها الاخر الاذن في التصرف فيه بوجوه التصرف .و أجاب المحقق الاصفهانى " قده " عنه أيضا : بأن ما وقع هنا ليس مقصود ، لان وقوع بعض المقصود كاف ، اذ الملكية ذات مراتب ، فعند ما يملكه الشيء يقول " ملكتك ذاته و تملكه و الانتفاع به " ، فإذا اشترط الشارع الصيغة في تمليك الذات و التملك بقي الانتفاع و هو حاصل بالمعاطاة مع قصد التمليك .أقول : ان الملكية أمر بسيط و ليس الا ملك الذات ، و أما ملك المنفعة و حق الانتفاع فانما يترتبان على تملك الذات و بتبعه فلا مراتب للملكية .و عليه فإذا زالت ملكية الذات زالت الامور المترتبة عليها ، و لذا لو باع المستعير ( و هو مالك المنفعة بالاستعارة ) الشيء فضولة لم يملك المشتري المنافع ، و من هنا يظهر وجود التضاد بين العين و المنفعة مستقلا .
(66)
الاقوال في المسألة
الاقوال في المسألة
و قال المحقق الخراساني " قده " : ان المعاطاة بيع يفيد الملك ، الا أنه يؤثر التمليك شرعا بشرط التصرف الملزم .و قد استلطف المحقق الاصفهانى " قده " هذا الوجه لكنه أجاب عنه بعدم وقوفه على من وافقه عليه .أقول : انه يقول بتأثير المعاطاة الملك بشرط تلف أحد العوضين بالتصرفات الموقوفة على الملك كالعتق و الوطي و الوقف .لكن الحق أنه لا تعقل الملكية المقيدة بتلف العين ، لانه ان أريد أن التلف كاشف عن الملكية من أول الامر نظير الاجازة في عقد الفضولي على قول فالملكية تتحقق حينئذ لمن علم بتعقبها لذلك دون من لم يعلم به ، و هذا لا يلتزم به احد .و ان أريد أن التلف ناقل لا كاشف ، ففيه ما تقدم من أن اعتبار الملكية بعد تلف العين معقول ، و لو سلم اعتبار العقلاء للملكية بعد التلف لاجل آثار ترتب عليها فان اعتبارها مشروطة بالتلف معقول ، و ليس من شأن العقلاء جعل هكذا معاملة .فما ذكره " قده " مخالف لكلمات العلماء و بناء العقلاء .هذا ، و الصحيح كما قال المحقق الخراساني " قده " انه لا موجب و لا داعي للجمع بين هذه الكلمات .الاقوال في المسألة قال الشيخ " قده " : فالأَقوال في المسألة ستة : 1 انها تفيد الملك اللازم .و قد نسب هذا القول إلى الشيخ
(67)
المفيد " قده " ، و عن العلامة " قده " : الاشهر عندنا انه لابد من الصيغة .و مفهوم هذا الكلام ان إفادتها للملك خلاف المشهور .2 اللزوم بشرط كون الدال على التراضي أو المعاملة لفظا ، حكي عن بعض معاصري الشهيد الثاني " قده " و بعض متأخري المحدثين .قال الشيخ " قده " : لكن في عد هذا من الاقوال في المعاطاة تأمل .أقول : لا يريد القائل اشتراط الصيغة ( الايجاب و القبول ) فانه ليس بمعاطاة ، بل المراد أن يتقاولا فيما بينهما ثم يتعاط يا عوضا عن الصيغة ، فلا مجال لتأمل الشيخ " قده " . 3 الملك اللازم ، و قد ذهب اليه المحقق الثاني " قده " . 4 عدم الملك ، لكن التصرفات كلها حتى المتوقفة على الملك مباحة ، قال الشيخ " قده " : و هو ظاهر عبائر كثيرة .5 عدم الملك مع اباجة التصرفات الموقوفة على الملك ، نسبه الشيخ إلى الشهيد .6 عدم جواز التصرف مطلقا ، أي أنه بيع فاسد ، نسب إلى العلامة " قده " ، قال الشيخ : لكن ثبت رجوعه عنه .و نقل السيد " قده " عن كاشف الغطاء قوله : ان المعاطاة معاملة مستقلة تفيد الملك كالبيع بالصيغة .و هذا قول سابع .أقول : يتحصل من ذلك كله عدم الاتفاق على حكم في هذه المسألة .نعم الظاهر اتفاقهم على جواز التصرف فيما أخذ بالمعاطاة
(68)
أدلة القول الثانى
أدلة القول الثانى
قبل تلف أحد العوضين لان المخالف ليس الا العلامة " قده " و قد عدل عنه لكن الكلمات في بيان وجه هذا الجواز مختلفة .ادلة القول الثاني و كيف كان فلا بد من النظر في الادلة : لقد قوى الشيخ " قده " القول الثاني ، و هو أنها تفيد الملك فيما إذا قصدا التمليك و التملك و استدل على ذلك بوجوه : ( الاول : السيرة ) فالسيرة قائمة على معاملة ما أخذ بالمعاطاة معاملة الملك و ترتيب جميع الاثار عليه .أقول ان أراد الشيخ " قده " من السيرة سيرة المتشرعة ، فلا بد من إحراز استمرارها حتى زمن الامام عليه السلام ، فانها حينئذ معتبرة و لا حاجة معها إلى دليل آخر ، و ان أراد سيرة العقلاء بما هم عقلاء فلا بد من إحراز إمضاء الشارع لها ، و لا أقل من عدم ردعه عنها .أقول : ان العقلاء يعاملون ما أخذوه بالمعاطاة معاملة الملك ، و لكن هل الملك المتزلزل ؟ الظاهر انه العكس ، فليس عملهم الا على الملك المستقر ، و لذا لا يرتضون بالفسخ و الرد ، و ليست الملكية عندهم متوقفة على التصرف أو التلف .و هذه السيرة العقلائية بمجرد اتصالها و استمرارها لتشابه الازمنة إلى زمن المعصوم عليه السلام تكون
(69)
سيرة متشرعية لعدم الردع .أللهم الا أن يثيب جواز التراد شرعا بالدليل .و على هذا الذي ذكرنا يصدق على هذه المعاملة عنوان " البيع " عند العرف ، فيصح التمسك بالدليل : ( الثاني : عموم آية الحل ) و هي قوله تعالى : " أحل الله البيع " ، قال الشيخ انها تدل على جواز التصرفات المترتبة على البيع حتى المتوقفة على الملك ، و على هذا تدل على أن المعاطاة تفيد الملك .أقول : و هل " أحل " يدل على حل التصرفات بالمطابقة ، أو هو كناية عن حلية هذه التصرفات ، أو أنه لما " أحل الله البيع " حلت التصرفات بالملازمة .و الا فلا معنى لحلية البيع ، اذ تحليله انما هو باعتبار الاثار المترتبة عليه ؟ .اذن لا يريد الشيخ " قده " من كلامه المتقدم دلالة الاية بالمطابقة على جواز التصرفات .و قال المحقق الخراساني " قده " : ان قوله بدلالتها على جواز التصرفات انما هو لان المسبب ليس أمرا اختيارا حتى يحوز و يحلل .ثم أورد عليه بأن اختيارية السبب كافية لاختيارية المسبب ، فالاحراق مثلا اختياري بإيجاد سببه الاختياري .و قال المحقق الاصفهاني " قده " : ان البيع لما كان حلالا مطلقا أي سببا كان أو مسببا ) فلا يحرم " قول بعت " ، فان المحلل هو