خصوصيات السبب جاز .هذا ، و كل شك مركب من يقينين ، فالشاك في النوم و عدمه متيقن من انتقاض طهارته على تقدير النوم و من عدمه على تقدير عدمه ، فله يقينان تقديريان و شك فعلي واحد .و من هنا يتولد الشك في بقاء و ارتفاع الطهارة فيستصحب .و كذا فيما إذا تردد الخارج منه بين المني و البول ، فانه ان توضأ يتيقن بارتفاع الحدث ان كان بولا و بعدمه ان كان منيا ، فهو شاك في ارتفاع الحدث حينئذ لكن شاك بالنسبة إلى شخص الاصغر لانه متيقن من ارتفاعه به و لا الاكبر لانه متيقن من بقائه .فلا شك في البقاء و الارتفاع بخلاف الفرض الاول .و بما ذكرنا ظهر الفرق بين الصورتين ، و لذا لا يجري استصحاب الشخص في الثانية بخلاف الاولى .و على هذا ان كان التزلزل و الاستقرار من خصوصيات السبب جرى الاستصحاب ، و ان كان من خصوصيات المسبب لم يجر .و لو شك في ذلك فالأَقوى أيضا جواز استصحاب الشخص لانه مع احتمال وحدة المسبب فالشخص محتمل البقاء .و الظاهر : ان الشك هنا في البقاء و الارتفاع و انهما من خصوصيات السبب ، فلا مانع من استصحاب الفرد .و قد أورد السيد " قده " عليه بعدم إحراز الموضوع .قلت : كأنه يريد أن المورد شبهة مصداقية لدليل الاستصحاب ،
(99)
لتردد الموضوع بين الشك في الارتفاع و الشك في التعيين .لكن يمكن الاجابة عنه بأنه يوجد هنا الشك الفعلي مع وجود اليقينين على تقديرين ، و وجودهما لا يضر بالشك الفعلي في البقاء و الارتفاع ، فلا مانع من الاستصحاب .و الحاصل : ان الفرد المردد : تارة يكون مرددا بين اثنين ، بأن يعلم بدخول أحدهما لا على التعيين الدار مثلا ، فمع الشك يستصحب بقاء الداخل و يرتب عليه أثر البقاء .و هذا استصحاب شخصي لكنه مردد بين اثنين ، فلا يرتب عليه اثر أحد الرجلين بخصوصه .و أخرى : يعلم بدخول أحدهما الدار مع العلم بأنه ان كان زيدا فهو باق فيها ، و ان كان عمرا فهو ألان خارج عنها .و فى هذه الصورة يستصحب الكلي الجامع بين الرجلين و يترتب عليه آثاره ، و أما الفرد فمردد بين المقطوعين و لا شك فيه حتى يستصحب .و ثالثة : يعلم بدخول زيد بخصوصه ، لكن لا يدري هل هو ابن عمرو أو ابن بكر ، لانه ان كان الاول فقد خرج يقينا و ان كان الثاني فهو باق يقينا ، فهل هذه الصورة تلحق بالاولى فيستصحب الشخص ، أو بالثانية فيستصحب الكلي ؟ قيل بالاول و هو ظاهر كلام الشيخ " قده " ، لان التقدير مشكوك فيه ، و قيل بالثاني لعدم إحراز موضوع الاستصحاب الشخصي .و بعبارة أخرى الشك في التعيين دون البقاء .و أجاب عنه في منية الطالب بأنه لا شك في الموضوع في هذا
(100)
المقام ، لان الموضوع و هو القدر المشترك محرز قطعا و هو أصل تحقق الملك ، لكن تردده بين الامرين منشأ للشك في بقائه فيستصحب .و لان المورد شبهة مصداقية لدليل الاستصحاب ، فيما إذا كان زيد في المثال مقطوع الخروج ان كان عمرو ، و مشكوك الخروج ان كان ابن بكر ، و لا فرق بين المخصص اللبي و اللفظي ، أورده السيد المحقق الفشاركي و شيخنا الاستاذ ( 1 ) قدس سرهما .و توضيحه : ان الواجب في الاستصحاب هو ترتيب أثر في المتيقن على المشكوك تعبدا ، كتنزيل الشك في تحقق النوم منزلة اليقين بعدمه ، فيحكم ببقاء الطهارة ، فلو انكشف الخلاف وجب اعادة الصلاة التي صلاها بتلك الطهارة ، لكن جعل الحكم الظاهري هذا مشروط بقابلية المورد و الا فلا يجعل .و محل الكلام من هذا القبيل ، فهو نظير ما إذا كان أمر الغائب عن أهله مرددا بين القطع ببقائه و القطع بموته ، فان هذا المورد لا يقبل جعل الحكم الظاهري لان أمره يدور بين القطع بحياته فلا تقسم أمواله و لا تعتد زوجته ، و بين القطع بموته فلا تترتب عليه آثار الحياة لان كلا طرفيه مقطوعين و لا شك في البين ، و أما إذا كان أحد طرفيه مقطوع البقاء أو الارتفاع و الاخر مشكوك البقاء و الارتفاع فهي شبهة مصداقية لدليل الاستصحاب المجعول لتنزيل المشكوك فيه منزلة المتيقن به ، و التمسك به فيها جائز . 1 - الفقية الكبير آية الله الحاج الشيخ عبد الكريم الحائرى اليزدي " قده " .
(101)
كلام الشيخ في اثبات وحدة الحقيقة
و كذا إذا كان للشبهة طرفان و دار أمر أحدهما بين الامرين فانها شبهة مصداقية لدليل الاستصحاب فلا يجري كذلك .كلام الشيخ في إثبات وحدة الحقيقة ثم ان الشيخ " قده " تمسك لاثبات وحدة الحقيقة ( بالوجدان ) فقال : ان المحسوس بالوجدان ان انشاء الملك في الهبة اللازمة و غيرها على نهج واحد .قال السيد " قده " : ان أراد من " غيرها " البيع فلا نسلم الوحدة لان انشاء البيع المبني على اللزوم عند العرف انشائه في الهبة المبنية على الجواز عندهم ، و ان أراد الهبة اللازمة فالأَمر كذلك ، و الاختلاف بينهما شرعي .أقول : و الاولى أن يقال و ان لم أره في كلام أحد : ان كانت الملكية المتزلزلة تغاير المستقرة كان معنى قولهم عليهم السلام " البيعان بالخيار ما لم يفترقا " حدوث ملكية أخرى عند الافتراق الملكية الحاصلة في المجلس ، و الحال أن الامر ليس كذلك قطعا ، بل المتزلزل نفسه يلزم بالافتراق ، فالملك حقيقة واحدة أنه متزلزل تارة و لازم أخرى .و ( بالبرهان ) بأنه ان كانت خصوصية التزلزل أو الاستقرار من المالك بمعنى أنه ينشئ بحيث يكون مستقرا أو متزلزلا فلا بد أن يختلف الملك باختلاف حالات المالك من حيث قصده الرجوع و قصد العدم و عدم القصد .
(102)
الاستصحاب في الشبهة الموضوعية
هذا كلامه " قده " . و الاحسن أن يقال : انه ان قصد اللزوم فهو و ان قصد العدم فالتزلزل و الا فهو ملك لا لازم و لا متزلزل حتى لا يرد عليه ان الشارع يحكم في العقد اللازم كالبيع باللزوم و ان قصد الرجوع و بعدمه في الجائز كالهبة و ان قصد اللزوم ، فالقول بتبعية الملك للقصد باطل .و ان كانت الخصوصية من قبل الشارع لزم إمضاؤه العقد على غير ما يقصده المنشئ ، و هو باطل لما تقدم من أن العقود تابعة للقصود .أقول : و أما لو أنشأ المالك أصل الملك و عين الشارع الخصوصية لم يلزم التخلف ، لان المفروض اضافته القيد اليه لا وضع فرد ما قصده المنشئ .لكن ليس حينئذ فردان بل التحقيقة واحدة و الاختلاف حصل باختلاف الحكم .فتلخص أن الحق صحة استصحاب بقاء الملك .هذا كله في الشبهة الحكمية للمعاطاة .الاستصحاب في الشبهة الموضوعية و أما إذا كانت الشبهة موضوعية كأن يتعاط يا ثم يشك الطرفان أو أحدهما في أنه هل كان بعنوان المصالحة حتى تكون لازمة أو الهبة حتى تكون جائزة فألحق جريان الاستصحاب كذلك ، لان الشك انما هو في بقاء نفس الملكية الحاصلة بالمعاطاة فتستصحب ، و أما كون الفرد الحاصل من الملكية في الهبة الفرد الحاصل في المصالحة
(103)
لو سلم التغاير بينهما فغير مانع من استصحاب شخص الملكية الحاصلة من هذه المعاطاة ، و كذا لو تردد العقد الواقع بينهما بين البيع و الهبة .اذن أصالة اللزوم جارية في الشبهتين .قال الشيخ " قده " : نعم لو تداعيا احتمل التحالف في الجملة .أقول : لو تداعيا كان قول المنكر للرجوع موافقا لاصالة اللزوم و عليه اليمين ، و على الاخر البينة ، و قد يكون الاصل موافقا لكليهما معا ، كما لو ادعى أحدهما الصلح و أنكره الاخر و ادعى البيع فالموضوع واحد و عليهما معا اليمين ، لان كلا منهما منكر و مدع .و وجه قوله " يحتمل " وقوع الكلام بينهم في أنه هل تلحظ النتيجة في مقام التداعي أو يلحظ اللفظ ؟ فعلى الثاني يتحالفان في مفروض المسألة ، و على الاول لما كان المدعى للصلح يدعي اللزوم في المجلس و المنكر له ينكر اللزوم وجب اليمين على أحدهما دون الاخر .و وجه قوله " في الجملة " قيام الاصل الحاكم في بعض الموارد كأن يقول أحدهما هذه هبة ، و الاخر يقول صدقة .فان كانت الثانية فلا ترجع لانها في سبيل الله ، و ان كانت الاولى فله الرجوع فيها ، فلا تحالف حينئذ ، اذ يعتبر في الصدقة قصد القربة دون الهبة .فهذه جهة زائدة في تلك على هذه ، فالمعطى المدعي للهبة ينكر قصده القربة ، لانه ينكر الصدقة و الاخر يدعي قصده لها ، فالقول قول المعطى لاصالة عدم قصد القربة ، و له الرجوع حينئذ بحكومة هذا الاصل على أصالة اللزوم .
(104)
الثاني : عموم " الناس مسلطون . . "
هذا تمام الكلام في الوجه الاول ، و قد ظهر أن مقتضى الاصل مع قطع النظر عن الادلة هو اللزوم .الثاني : عموم " الناس مسلطون ." قال الشيخ " قده " : و يدل على اللزوم مضافا إلى ما ذكر عموم قولهم " الناس مسلطون على أموالهم . " . أقول : استدل به بناءا على اعتباره بعمل الاصحاب به .و وجه الاستدلال : ان مقتضى السلطنة أن لا يخرج المال عن ملكية المعطى له بغير اختياره ، فجواز تملك المعطي بالرجوع فيه من دون رضاه مناف لسلطنته المطلقة ، فالمعاطاة لازمة .لكن يضعف الاستدلال به وجوه : 1 أنه لما كانت المعاطاة جائزة لم يكن رجوع المالك الاصلي منافيا لسلطنة الاخر ، لانه قد أقدم من أول الامر على عقد جائز .نظير جعل الخيار للبائع حين العقد ، فانه لو فسخ لم يكن منافيا لسلطنة المشتري .2 ما ذكره المحقق الخراساني " قده " من أنه يمكن أن يقال انه ليس الا لبيان سلطنة المالك على ماله و تسلطه عليه و انه ليس بمحجور ، لا لبيان انحصار أنحاء السلطنة له عليه دون غيره ليكون دليلا على اللزوم .3 ما ذكره المحقق الاصفهاني " قده " من أن الحديث يفيد سلطنة المالك على جميع التصرفات الواردة على المال دون غيرها من