استدل للزوم بوجوه : الاول : الاصل فان الاصل في المعاملات هو اللزوم ، و مرجعه استصحاب بقاء ملك المبيع للمشتري و الثمن للبائع ، فيمتنع التراد و يكون البيع لازما .و قد أورد عليه : بأنه من قبيل القسم الثاني من أقسام استصحاب الكلي ، لان المستصحب اما اللازم و اما الجائز ، فأما الثاني فمقطوع العدم بعد الفسخ ، و أما الاول فمشكوك فيه من الاول و الاصل عدمه .و الجواب هو ما ذكره الشيخ " قده " من استصحاب القدر المشترك بينهما .و قد استشكل السيد " قده " عليه : بأن الشك في بقاء الكلي و ارتفاعه مسبب عن الشك في بقاء اللازم و ارتفاعه ، فإذا استصحب العدم انتفى الكلي .و الجواب عنه : ما ذكره الشيخ " قده " في الاصول بأن ارتفاع
(94)
الكلي و بقاءه ليس مسببا عن ذلك ، لان لازم ارتفاع اللازم عقلا وجود الجائز ، و هذا أصل مثبت ، بل ارتفاع الكلي من آثار كون الحادث ذلك المقطوع بارتفاعه .قال : نعم لازم عدم حدوث الفرد الطويل مثلا عدم وجود ما في ضمنه من المشترك لا ارتفاع القدر المشترك بين الامرين .و قد أورد المحقق الخراساني " قده " على هذا الاستصحاب : بأنه يتم بناءا على جريانه مع الشك في المقتضي ، لكن الشيخ لا يرى حجيته حينئذ .و فيه : ان الفسخ أو التراد في المعاطاة رافع للملكية ، فلو شك فيه كان الشك في الرافع لا المقتضي ، فالاشكال وارد .و قد يشكل عليه أيضا : بأنه معارض باستصحاب بقاء علاقة المالك الاول .و فيه : ان هذه العلاقة انما تتحقق بعد البيع كخيار الفسخ الحادث بعد البيع ، فلا حالة سابقة لها حتى تستصحب ، و أما ان أريد انها مرتبة ضعيفة من الملك ، فيجاب عنه بنفس الجواب المذكور ، على أن الملكية لا تقبل ذلك ، فالاستصحاب ساقط .و قال السيد " قده " في جواب الشيخ " قده " : ان موضوع الحكم الشرعي في الاستصحاب ان كان ارتفاع الحادث و بقاؤه فما ذكره تام ، و أما ان كان الوجود و العدم ، بمعنى أن موضوع الحكم وجود الشيء و عدم وجوده لا البقاء و الارتفاع كما ان في استصحاب الطهارة
(95)
استصحاب الفرد
وجودها يصحح الصلاة و عدمها يبطلها ، لا ان البطلان مشروط بعدم ارتفاع الطهارة فما ذكره تام .و فيه : انه لا ينعدم الكلي بانعدام الفرد .نعم بوجوده يوجد ، فالشك في الكلي موجود و الاستصحاب جار .ثم ان السيد " قده " بعد أن أورد هذا الاشكال جوز استصاحب الفرد المردد ، فانه قبل الفسخ أو الرجوع كان فرد من الملك موجودا و بعده يستصحب ذاك الفرد لو شك في بقائه .أقول : و يبطله انه ليس للفرد المردد حقيقة .استصحاب الفرد و قد جوز الشيخ " قده " استصحاب الفرد الشخصي ، بتقريب انه ليس المتزلزل و المستقر حقيقتين متمايزتين .نعم بينهما فرق من حيث الحكم و ان المجعول الشرعي في أحدهما المجعول في الاخر فالاختلاف في الاسباب لا المسببات ، كما أن الملك الحاصل من الهبة هو الحاصل من البيع ، أن السبب مختلف .و أورد السيد " قده " عليه : بأن هذا الملك ذاك عند العرف .أقول : لا يبعد تمامية كلام الشيخ " قده " ، لكن الحاكم في المقام هو الوجدان .و يترتب على ذلك انه بناءا على إنكار الاتحاد لابد من استصحاب القدر المشترك الذي ذكره الشيخ " قده " أو الفرد المردد الذي ذكره السيد " قده " لو تم و اما بناءا على تماميته فيتوقف
(96)
أيضا كما ذكر المحقق الاصفهانى على عدم وجود مرتبتين في الملك من الشدة و الضعف ، فلو كان فلا مناص من استصحاب الجامع كذلك ، لزوال الضعيف يقينا و القوي مشكوك فيه ، و على أن لا يكون لكل من المتزلزل و المستقر خصوصية توجب تعدد الفرد ، فانه أيضا مانع عن استصحاب الشخص و هو واضح .قال " قده " : ان ما ذكره الشيخ من الاتحاد يمكن المساعدة عليه و كذا لا شدة و ضعف في الملك بل هو أمر اعتباري واحد و أما الخصوصيات فيحتمل وجودها ، و حينئذ يفترقان من هذه الجهة .قال الشيخ " قده " : ان جواز الرجوع في أحدهما دون الاخر لا ينافي الاتحاد ، لان هذا حكم شرعي للسبب ، و اختلاف السبب من حيث الحكم لا يوجب اختلاف المسبب و تعدده .أقول : هذا نظير ما إذا سافر زيد ثم شك في حياته فتستصحب و الجهل بأبيه هل هو عمرو أو بكر لا يوجب تعدده ، أما إذا جهل خصوصية زوج إمرأة فلم يعلم هل هو زيد بن بكر أو زيد بن عمرو و قد علمنا بموت أحدهما فان استصحاب بقاء الزوج لا يفيد التعيين فإذا لا يمكن استصحاب الفرد في هذه الصورة ، لانه ان كان زوجها ابن عمرو فقد فرض القطع بموته ، و ان كان ابن بكر فهو مشكوك البقاء .هذا ، فان كان ما نحن فيه من قبيل الاول جاز استصحاب بقاء الشخص لان تعدد السبب لا يوجب تعدد المسبب ، و ان كان من قبيل الثاني فلا يصح لتعدد المسبب أيضا .و الشيخ " قده " يجعله من قبيل الاول
(97)
فالموجود سابقا شخص الملك بغض النظر عن السبب و مع الشك في بقائه و ارتفاعه يستصحب بلا اشكال .و قال المحقق الخراساني " قده " : هذا يتم فيما إذا كان الحكم للسبب ، الا أن الشيخ " قده " ذكر في الخيارات ان جواز الرجوع و عدمه من أحكام الملك ، و حينئذ يتعدد الملك المسبب باختلاف الاحكام .و يمكن الجواب عنه بأنه : صحيح ان اختلاف الحكم يكشف عن اختلاف الموضوع لا بمعنى الموضوع المقيد بالحكم كما ذكر تلميذه المحقق " قده " فلكل منهما خصوصية ، لكن الخصوصية تارة ترفع برفعها موضوع الاستصحاب و أخرى لا ترفع ، و لما كان موضوع الاستصحاب هو الفرد العرفي لا العقلي فان هذا الاختلاف هنا ليس مؤديا إلى تعدد الموضوع عرفا حتى لا يجري الاستصحاب .ثم قال الشيخ " قده " : مع أن الشك في كونه من خصوصيات السبب أو المسبب كاف لاستصحاب اللزوم .أقول : قد ذكرنا أنه ان كان المتيقن السابق واحدا و شك في بقائه و ارتفاعه فهو مورد للاستصحاب بلا اشكال ، و ان كان مرددا بين شيئين لكن شك في الباقي و المرتفع مع العلم بارتفاع أحدهما فلا يجري لان الاستصحاب لا يصلح للتعيين .و على هذا فان علمنا بأن طبيعة المستقر و المتزلزل مختلفة و شككنا في الباقي و المرتفع منهما فالاستصحاب لا يمكنه تعيين ذلك ، و ان كان المسبب واحدا و التزلزل و الاستقرار من