و أما الهبة المعوضة فهي عندهم أن يعطي الشيء للموهوب له و يشترط عليه أن يهبه شيئا في مقابل هبته لافي مقابل العين التي وهبها ، و يصح أن يقول " وهبتك كذا بهبتك كذا " من اشتراط للعوض .بأن تكون الهبة مقابلة بهبة .أقول : انه في مورد الاشتراط يتحقق التزامان ، فان و فى الاخر بما اشترط عليه و التزم به فهو و الا فان الهبة من جهته صحيحة ، و السيد " قده " يصحح أن يقول : وهبتك كذا بهبتك كذا ، و يترتب على ما ذكره أنه لو لم يهب الاخر بطلت الهبة من طرفه . كما صرح به ، لكن الصورة التي دكرها " قده " لا تخلو من الجمع بين المتنافيين ، فانه ان كان هبة كيف يجعل في مقابله شيء ؟ و قد أوضح " قده " ما ذكره : بأن الهبة تكون تارة بنحو جعل شيء في مقابل شيء و هذا ليس هبة في الحقيقة بل انه بيع ، و أخرى يجعل فعله مقابلا لمال يدفعه المتهب .و هذه هبة معوضة .أقول : هذا مما لا يمكن تعقله ، لان انشاء الهبة معنى و جعل المال في مقابله يحتاج إلى لحاظه بالمعني الاسمي ، و الجمع بين اللحاظين معقول .الكلام في إخراج القرض عن تعريف الشيخ قال الشيخ : و بقي القرض داخلا في ظاهر الحد و يمكن إخراجه . أقول : قد أخرج القرض بأنه و ان كان تمليكا لا مجانا لكنه
(43)
المختار في تعريف البيع
ليس فيه معاوضة ، فلذا يكفي أن يقول " اقرضتك هذا " بلا أن يقول بعده " بمثله أو بقيمته " . فهو يجعل الشيء ملكا للاخر مع ضمانه بدفع عوضه اليه ان لم تكن عينه موجودة ، فلو تلفت توجه الضرر اليه لا الى المقرض .و من هنا لا يعتبر في القرض الربوي ما يعتبر في البيع الربوي من كونه مكيلا أو موزونا ، كما أنه لا غرر في القرض ، فلا يعتبر العلم بالوزن أو الكيل أو القيمة ، فلا يضر الجهل و يكفي أن يقول " اقرضتك هذا " . أقول : لكن عدم اعتبار العلم إلى هذا الحد مشكل ، فمن المستبعد تصحيح العرف و إمضاء الشارع معامملة أو عقدا لا يعلم الطرفان مقدار المال أبدا ، فانه يؤدي إلى النزاع و الاختلاف عند الاداء و يلزم الغرر .نعم لا يضر الجهل بالخصوصيات في حين العقد فيما إذا علم المقترض أو كلاهما بعدئذ بما ينتفي معه الغرر .أللهم الا ان يقال ان هذا جار في الجهل بالوزن أيضا .نعم ما ذكره " قده " منعدم اعتبار ما يعتبر في الربوي في القرض صحيح ، و لكن هذا لا يقتضي التغاير ، فلا يخرج به " القرض " عن حد " البيع " . نعم ليس القرض تمليك مال بمال ، بل هو تمليك مال لاعلى وجه المجان .المختار في تعريف البيع و بالجملة ، ان تمليك العين بمال هو البيع و ليس صلحا اجارة
(44)
هل يشترط وجود العوضين منحازين قبل البيع
وهبة .و لو علم به و شك في انه هل كان بيعا أو غيره ؟ فالأَصل هو البيع و تترتب عليه آثاره دون غيره من المعاملات .و المراد من الاصل هنا هو الغلبة .و لو تلفظ بالبيع و شك هل أراد المعنى العرفي أو معنى مجازيا كالاجارة ؟ رتب أثر الاول لاصالة الحقيقة .و أما لو ملك عينا بمال بأن قال " ملكتك كذا بكذا " فشك في انه تمليك بيع أو صلح مثلا ؟ فلا معنى للاصل هنا ، لان احتمال الصلح ساقط ، فلا يقال : الاصل هو البيع ، لان تمليك العين بمال هو البيع في الحقيقة و هو حقيقة البيع .فتلخص : أنه في كل مورد كان تمليك مال بمال فهو بيع .أقول : و ربما يتبادل الناس فيما بينهم الاشياء و ليس هناك عنوان " العوض " و " المعوض " و عنوان " البائع " و " المشتري " ، و هذا ما يقال له بالفارسية " سودا كردن " . فظاهر كلام الشيخ " قده " اعتباره بيعا و ترتيب آثاره عليه من الخيارات الخاصة بالبيع .و ربما يقال بعدم كونه بيعا لفقد بعض شرائطه ، فليكن معاملة مستقلة تشملها أدلة الوفاء بالعقود ، و تترتب عليها الخيارات العامة مثل " خيار الغبن " . و هذا هو الاولى .هل يشترط وجود العوضين منحازين قبل البيع ؟ هذا ، و ظاهر عبارة المصابح بل صريحها : وجود الثمن و المثمن منحازين ذهنا أو خارجا و بغض النظر عن البيع و الا لم ينعقد البيع ،
(45)
لا انه بيع فاسد .لكن الفقهاء يقولون بفساد بيع " المزابنة " و " المحاقلة " ، و المراد من الاول : تارة : بيع التمر على النخل في مقابل التمر على النخل ، و هذا بيع لعدم الاتحاد بين الثمن و المثمن .و اخرى : بيع رطب هذه النخل بتمرها و هذا ليس بيعا للاتحاد .و المراد من الثاني : بيع السنبل ، و هو على نحوين : فتارة يباع كله في مقابل حبه .و اخرى يباع السنبل بنفسه .فالأَول صحيح دون الثاني ، للاتحاد و عدم تعقل طرفي الاضافية فيه ، اذ لا يعقل بيع الشيء بنفسه .فالفقهاء : يقولون بتحقق البيع في هذه لكنه فاسد ( خلافا لصاحب المصباح حيث يقول بعدم تحقق مفهوم البيع ، بل قد استثنوا من تحريم بيع " المزابنة " بيع " العرية " للنص الوارد في ذلك ( 1 ) . و لكن الظاهر ان إطلاق " البيع " سواءا في الروايات و كلمات الاصحاب على هذه المعاملات مجاز و لا سيما بيع العرية ، فكأنه يقول له لك هذا التمر و أعطني كذا تمرا ، و يؤيد ذلك التعبير عنها بلفظ " العرية " ( 2 ) . 1 - و سائل الشيعة 13 / 25 الباب الرابع عشر من أبواب بيع الثمار من كتاب التجارة .2 - ان كان مأخوذا من الاعارة .
(46)
معان للبيع ذكرها كاشف الغطاء
قال السيد " قده " : الا أن يقال بكفاية التعدد الاعتباري .أقول : و فيه نظر لا يخفى .معان للبيع ذكرها كاشف الغطاء و الكلام حولها ثم ان الشيخ " قده " نقل عن بعض من قارب عصره أنه قال : يستعمل البيع في ثلاثة معان : أولها انه تمليك عين بمال بشرط تعقبه بالقبول .و عن بعض مشايخه انه المراد من " البيع " في كلمات علمائنا ، ثم قال " قده " : لعله للتبادر .أقول : ان الشيخ " قده " يرى أن " البيع " يتحقق بنفس التمليك و لا يشترط تعقبه بالقبول ، لكن هذا اللفظ ينصرف إلى المتعقب بالقبول عند الاطلاق ، باعتبار أنه الفرد المؤثر من البيع ، و أما الذي لم يتعقبه فلا تترتب عليه الاثار و ان كان مفهوم " البيع " متحققا به .قال : الثاني انه الاثر الحاصل من الايجاب و القبول أو الاول فقط و هو الانتقال .و الثالث انه نفس الايجاب و القبول ، أي العقد .و قد أدعى الاتفاق على أن المراد من قولهم كتاب البيع .الصلح .الاجارة هو كتاب أحكام عقد البيع الخ ، فما وضعت له هذه العناوين هو " العقد " . قال السيد " قده " : شرائط البيع تارة شرط للتأثير فلو لم يتحقق تحقق البيع و الملكية و لكن في اعتبار البائع و لا أثر له شرعا و عرفا ،
(47)
كما إذا باع الخمر أو الحفنة من تراب ، فهنا يتحقق البيع لكن لا يترتب عليه الاثر شرعا .و أخرى شرط لتحقق المكلية ، كما إذا خاطب الحائط قائلا بعتك كذا بكذا ، فان هذا ليس بيعا حتى عند البائع نفسه ، لعدم صحة اعتبار المالكية للجدار ، فهنا لم يتحقق البيع أصلا .أقول : و الاوضح من هذا المثال : انه لو خاطب في الظلام أحدا تخيلا حضوره قائلا " بعتك كذا بكذا " ثم لما زالت الظلمة ظهر أنه كان قد تخيل .فانه ليس بيعا و ان تحقق اعتبار التمليك من البائع .اذن في بعض الموارد ينتفي مفهوم البيع بعدم تعقب الايجاب بالقبول .ثم أورد السيد " قده " على نفسه : بأنه يلزم على هذا أن يكون " بعت " في مورد الاخبار غيره في مورد الانشاء ، بأن يكون في الاول متعقبا بالقبول و لولاه لم يصدق الخبر دون الثاني ، لان القبول ليس بيده حتى يكون موجدا للبيع المتعقب بالقبول ، فربما لم يقبل الطرف الاخر .و أجاب بأنه لا مانع من الالتزام بذلك ، فيختلف المعنى بالتعقب و عدمه .أقول : هذا نفس كلام الشيخ ، فانه يقول بتحقق المفهوم حينئذ بغض النظر عن التعقب .أقول : الحق ان البيع عند العرف أوضح من كل هذه التعاريف .
(48)
حول وضع الفاظ المعاملات
و تعريف الشيخ " قده " كسائر التعاريف لا يخلو عن النظر ، أنهم لم يكونوا بصدد التعريف الحقيقي كما هو ظاهر .حول وضع ألفاظ المعاملات ثم هل ألفاظ المعاملات موضوعة للصحيح أو الاعم منه و الفاسد و على الثاني لا اشكال في التمسك بقوله تعالى " أحل الله البيع " و نحوه من العمومات في مشكوك الصحة ، الا إذا قام دليل خاص على بطلان عقد أو معاملة .و على الاول فيه اشكال سيأتي الكلام عليه بالتفصيل .قال في المسالك : البيع موضوع للصحيح ، و لذا لو حلف على بيع شيء و أوقع البيع الفاسد فقد حنث و عليه الكفارة ، و كذا الكلام في سائر العقود و العبادات الا الحج لان الفاسد منه يجب المضي فيه .فلو حلف بترك الصلاة و الصوم اكتفى بمسمى الصحة و هو الدخول فيهما ، فلو أفسدها بعد ذلك لم يقع الحنث ، و يحتمل عدمه لانه لا يسمى صلاة شرعا و لا صوما مع الفساد .و عليه الشهيد الاول " قده " أيضا .و قد أشكل على المسالك : بأنه إذا كانت " الصلاة " موضوعة للصحيحة و قد كان حلف على الترك فكيف لم يحنث ان أفسدها بعد الدخول فيها ؟ و أيضا : لو حلف على الترك لم يجز له الاتيان بمتعلق الحلف ، فلا يجوز له الدخول في الصلاة حينئذ ، فهي فاسدة من أول الامر .و أما الحج ففيه قولان : اختار بعضهم صحته ، و ذهب آخرون