إلى فساده كما ذكرنا في محله بالتفصيل و على الثاني فان الامر بالمضي و الاتمام عقوبة لا يستلزم حجا .و كيف كان ، فقد استدل للقول الاول بالتبادر و بعدم صحة السلب عن الصحيح .أقول : ان تم ذلك بالنسبة إلى الصحيح فلا ينافي كون الفاسد موضوعا له أيضا .و هذا ما أورده في القوانين على المسالك .و استدل الشيخ " قده " بصحة السلب عن الفاسد .أقول : و فيه نظر ، لان البيع الفاسد " بيع " عند العرف ، و في الخبر ان النبي صلى الله عليه و آله نهى عن بيع الغرر ( 1 ) فهو بيع لكنه فاسد .و استدل للثاني بصحة التقسيم .و أجيب : بأنه أعم من الحقيقة و المجاز .و فيه : ان ظاهر التقسيم في كل مورد كونه على الحقيقة ، اذ التقسيم لا يناسب التجوز . 1 - قال في مجمع البحرين 3 / 423 : و فى الخبر " نهى رسول الله صلى الله عليه و آله عن بيع الغرر " . و فى الوسائل 12 / 266 عن الشيخ الصدوق قدس سره عن الصادق عليه السلام عن النبي صلى الله عليه و آله في حديث المناهي قال : و نهى عن بيع و سلف ، و نهى عن بيعين في بيع ، و نهى عن بيع ما ليس عندك ، و نهى عن بيع ما لم يضمن .و انظر ما بعده عن معاني الاخبار .
(50)
التمسك بالاطلاق في المعاملات
فألحق : أن الالتزام بالقول الاول مشكل .التمسك بالاطلاق في المعاملات و على الاول يشكل التمسك بالعمومات و الاطلاقات فيما شك في كونه صحيحا أو فاسدا ، كما إذا وقع العقد لا بالعربية مثلا لانه تمسك بالعام في الشبهة المصداقية .و قد أجاب السيد " قده " عن ذلك بصحة التمسك بها بناءا على الصحيح أيضا ، في العقود بل العبادات كذلك ، اذ ليس المراد من الوضع للصحيح دخل مفهوم الصحة في الموضوع له بنحو الشرط أو القيد ، بل المراد ان الموضوع له هو الجامع لشرائط الصحة ، فلو شك في عقد بيع مثلا يتمسك بالاطلاقات لانه بيع ، لا أنه ليس بيعا حتى يكون تمسكا بالعام في الشبهة المصداقية .أقول : إذا كان موضوعا للجامع لاجزاء الصحة و شرائطها شرعا و عرفا فشك في صحة بيع من جهة شرطية شيء فيه أو جزئيته فقد شك في أنه بيع أولا ، فان تمسك بالعام حينئذ كان تمسكا بالعام في الشبهة المصداقية .فجوابه " قده " واضح .و أجاب الشيخ " قده " بأنه يمكن أن يقال : ان " البيع " عند العرف يستعمل في الصحيح ، أي ما كان صحيحا واقعا ، لكن ما كان صحيحا عرفا صحيح شرعا تارة و أخرى صحيح عنده لعدم جامعيته
(51)
لشرائط الصحة المعتبرة عنده كما أن بيع الهازل ليس بيعا عرفا .و التمسك بالاطلاق يتم بناءا على الصحيح العرفي عند الشك في الصحة الشرعية .أقول تارة يكون ما وضع له لفظ " البيع " حقيقة واحدة في نظر الشارع و العرف معا ، و هو البيع الجامع للاجزاء و الشرائط المعتبرة لدى العرف و الشرع ، أنه قد يشتبه الامر على العرف في مرحلة التطبيق فيجعل البيع الربوي مثلا من مصاديق هذا البيع و الشرع يردعه عن ذلك و يخطئه في تطبيقه .و على هذا فالمراد من " البيع " في قوله تعالى " أحل الله البيع " هو الجامع للاجزاء و الشرائط المعتبرة شرعا و عرفا .و حينئذ فان اخطأ العرف في التطبيق ردعه الشارع ، و الا كان المراد من كلامه ( أي الشارع ) نفس ما فهمه العرف ، فالمفاهيم منزلة على نظر العرف ما لم يخطئه .أقول : و هذا انما يتم بناءا على ما ذهب اليه الشيخ " قده " من ان الملكية أمر حقيقي خارجي لا اعتباري جعلي .و أخرى : يكون للعقود حقيقة شرعية بأن يكون ما وضع له اللفظ عند الشرع الموضوع له لدى العرف و عليه ، فلا يجوز التمسك بالاطلاقات .و قد ذهب كثير من الاصحاب إلى أن الملكية أمر اعتباري لا حقيقى ، فالعين هي نفسها في يد عمرو كما كانت في يد زيد من حيث الخصوصيات و غيرها ، أن العقلاء اعتبروا للاختصاص بهذا بعد
(52)
أن كان لذاك أسبابا فيما بينهم حفظا للنظام و دفعا للهرج و المرج .و من هنا لو ردع الشارع عن بيع كالبيع الربوي ( و ان كان بيعا عند العرف ) كان بيانا لما هو الموضوع له " البيع " عنده و انه الذي وضع له عند العرف .و بعبارة أخرى : يكون للبيع حقيقة شرعية و وضع وضع العرف ، و على هذا لا يمكن التمسك بالاطلاقات عند الشك في صحة بيع .فتلخص : انه بناءا على الوضع للصحيح يصح التمسك بالاطلاقات عن طريق القول بأن العقد الصحيح عند العرف و الشرع واحد و حقيقة فاردة ، أن العرف قد يخطأ في التطبيق في مورد ما ثم الشارع يردعه الا أن هذا يتم بناءا على أن الملكية أمر واقعي .و أما بناءا على انها أمر اعتباري و ان المعتبر عند الشرع غيره عند العرف فيتمسك لان الخطابات الشرعية منزلة على المفاهيم العرفية الا ما خرج بالدليل .و يرد عليه ما ذكره السيد " قده " من أنه : فما فائدة وضع الشارع حينئذ ؟ و يمكن أن يجاب عنه ، بأنه إذا كان " بيع " صحيحا عند العرف و هو موضوع للاعم من الصحيح و الفاسد فانه يتمسك بالاطلاقات عند الشك ، و أما إذا كان الوضع عندهم للصحيح فقط فانه هو الموضوع له عند الشرع أيضا ( فليس الموضوع له الشرعي الموضوع له العرفي ) أنه لاجعل للشارع بالنسبة إلى بعض الافراد التي يرى
(53)
العرف صحتها ، فالموضوع له واحد أن الشارع لا يمضي بعض الافراد .اذن يتمسك بالاطلاق الا في المورد الذي نص الشارع على عدم ترتيبه الاثر عليه .بقي اشكال السبب و المسبب : و هو : أنه ان كان الشارع يريد من إمضاء العقود في مثل " أوفوا بالعقود " إمضاء الاسباب ، فلا اشكال في التمسك بالاطلاق و المراد من " العقود " هي العقود العرفية لان الخطابات الشرعية منزلة على ما عند العرف ، و أما ان أراد من ذلك إمضاء المسببات ، أي ما يحصل منها و هو النقل هو الممضى شرعا فان هذا لا يقتضي إمضاء ما يعتبره العرف سببا للنقل ، فلا يمكن حينئذ التمسك بالطلاق المسبب فيما شك في كونه سببا ناقلا .و أجاب بعض المحققين : بأنه ان كان المراد من " أوفوا بالعقود " هو الامضاء فان إمضاء المسبب يستلزم إمضاء السبب ، و ان كان المراد منه جعل الحكم أي وجوب الوفاء بالمسبب فلا يستلزم الحكم بالوفاء بالسبب .أقول : الظاهر عدم الفرق بين الامرين ، فانه يستلزم الوفاء بالسبب الا إذا نص على عدم إنفاذه بسبب من الاسباب ، فلا مانع من التمسك بالاطلاق .و المختار بناءا على عدم الحقيقة الشرعية ان المراد من " البيع الصحيح " هو الصحيح العرفي الشرعي ، و بهذا صرح الشيخ
(54)
" قده " في آخر كلامه ، و عليه فالمحلل في " أحل الله البيع " هو البيع العرفي .نعم يخطأ العرف في كل مورد لا يراه بيعا صحيحا و يردعهم عن ترتيب الاثر عليه .و لو لم يصح التمسك بالاطلاق يتمسك بالاطلاق المقامي المستفاد من الاية مع عدم التقييد مع كونه في مقام البيان ، بل هو في الواقع إنفاذ و قبول لما يراه العرف بيعا صحيحا و الا لرد ع .و على فرض عدم جواز التمسك به أيضا فلا سبيل إلى التمسك بالبراءة ، بل في مورد الشك في تحقق الملكية بعقد ما يبنى على عدم الصحة ، و أما المسبب فان الاصل في العقود هو الفساد .