تابع تفسیر الإمام بن أبی العز نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تابع تفسیر الإمام بن أبی العز - نسخه متنی

الإمام بن أبی العز

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ذلك، حسب ما وقفنا عليه، فقال قوم: معنى
الآية أن الله أخرج من ظهر بني آدم بعضهم
من بعض. قالوا: ومعنى {وَأَشْهَدَهُمْ
عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ
بِرَبِّكُمْ} دلهم بخلقه على توحيده؛ لأن
كل بالغ يعلم ضرورة أن له رباً واحداً.
{أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} أي: قال: فقام ذلك
مقام الإشهاد عليهم، والإقرار منهم، كما
قال تعالى في السماوات والأرض: {قَالَتَا
أَتَيْنَا طَائِعِينَ}[98] ذهب إلى هذا
القفال وأطنب. وقيل: إنه سبحانه أخرج
الأرواح قبل خلق الأجساد، وإنه جعل فيها
من المعرفة ما عَلِمَتْ به ما خاطبها[99]. ثم
ذكر القرطبي بعد ذلك الأحاديث الواردة في
ذلك إلى آخر كلامه[100].
وأقوى ما يشهد لصحة القول الأول حديث أنس
المخرج في الصحيحين، الذي فيه: "قد أردت
منك ما هو أهون من ذلك، قد أخذت عليك في ظهر
آدم أن لا تشرك بي شيئاً، فأبيت إلا أن تشرك
بي"[101].
ولكن قد رُوي من طريق أُخرى: "قد سألتك أقل
من ذلك وأيسر فلم تفعل، فيرد إلى النار"[102].
وليس فيه (في ظهر آدم) وليس في الرواية
الأولى إخراجهم من ظهر آدم على الصفة التي
ذكرها أصحاب القول الأول. بل القول الأول
متضمن لأمرين عجيبين:
أحدهما: كون الناس تكلموا حينئذ، وأقروا
بالإيمان، وأنه بهذا تقوم الحجة عليهم يوم
القيامة.
والثاني: أن الآية دلت على ذلك، والآية لا
تدل عليه لوجوه:
أحدها: أنه قال: {مِنْ بَنِي آدَمَ}، ولم
يقل: من آدم.
الثاني: أنه قال: {مِنْ ظُهُورِهِمْ} ولم
يقل: من ظهره، وهذا بدل بعض، أو بدل
اشتمال[103]، وهو أحسن.
الثالث: أنه قال: {ذُرِّيَّتَهُمْ} ولم
يقل: ذريته.
الرابع: أنه قال: {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى
أَنْفُسِهِمْ} أي جعلهم شاهدين على
أنفسهم، ولابد أن يكون الشاهد ذاكراً لما
شهد به، وهو إنما يذكر شهادته بعد خروجه
إلى هذه الدار، كما تأتي الإشارة إلى ذلك،
لا يذكر شهادة قبله.
الخامس: أنه سبحانه أخبر أن حكمة هذا
الإشهاد إقامة الحجة عليهم، لئلا يقولوا
يوم القيامة: {إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا
غَافِلِينَ} والحجة إنما قامت عليهم
بالرسل والفطرة التي فُطروا عليها، كما
قال تعالى: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ
وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ
لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ
الرُّسُلِ}[104].
السادس: تذكيرهم بذلك، لئلا يقولوا يوم
القيامة: {إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا
غَافِلِينَ}، ومعلوم أنهم غافلون عن
الإخراج لهم من صلب آدم كلهم، وإشهادهم
جميعاً ذلك الوقت، فهذا لا يذكره أحد منهم.
السابع: قوله تعالى: {أَوْ تَقُولُوا
إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ
وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ}[105]
فذكر حكمتين في هذا الأخذ والإشهاد: ألا
يدعوا الغفلة، أو يدعوا التقليد، فالغافل
لا شعور له، والمقلد متبع في تقليده لغيره.
ولا تترتب هاتان الحكمتان إلا على ما قامت
به الحجة من الرسل والفطرة.
الثامن: قوله: {أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا
فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ}[106] أي: لو عذبهم
بجحودهم وشركهم لقالوا ذلك، وهو سبحانه
إنما يهلكهم لمخالفة رسله وتكذيبهم، فلو
أهلكهم بتقليد آبائهم في شركهم من غير
إقامة الحجة عليهم بالرسل، لأهلكهم بما
فعل المبطلون، أو أهلكهم مع غفلتهم عن
معرفة بطلان ما كانوا عليه، وقد أخبر
سبحانه[107] أنه لم يكن ليهلك القرى بظلم
وأهلها غافلون، وإنما يهلكهم بعد الإعذار
والإنذار بإرسال الرسل.
التاسع: أنه سبحانه أشهد كل واحد على نفسه
أنه ربه وخالقه، واحتج عليه بهذا الإشهاد
في غير موضع من كتابه، كقوله: {وَلَئِنْ
سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[108]،
فهذه هي الحجة التي أشهدهم على أنفسهم
بمضمونها، وذكرتهم بها رسله، بقولهم:
{أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}[109].
العاشر: أنه جعل هذا آية، وهي الدلالة
الواضحة البينة المستلزمة لمدلولها، بحيث
لا يتخلف عنها المدلول، وهذا شأن آيات الرب
تعالى، فإنها أدلة معينة على مطلوب معين،
مستلزمة للعلم به فقال تعالى: {وَكَذَلِكَ
نُفَصِّلُ الآياتِ وَلَعَلَّهُمْ
يَرْجِعُونَ}[110]، وإنما ذلك بالفطرة التي
فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله، فما
من مولود إلا يُولد على الفطرة، لا يولد
مولود على غير هذه الفطرة، هذا أمر مفروغ
منه، لا يتبدل ولا يتغير. وقد تقدمت
الإشارة إلى هذا. والله أعلم.
وقد تفطن لهذا ابن عطية[111] وغيره، ولكن
هابوا مخالفة ظاهر تلك الأحاديث التي فيها

/ 11