أهدی من قطاة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أهدی من قطاة - نسخه متنی

نجاح إبراهیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

أُهْدَى مِنْ قَطَاة
تصميم الغلاف للفنانة : رولا عنقة
نجاح إبراهيم
أُهْدَى مِنْ قَطَاة
* قصص *
من منشورات اتحاد الكتّاب العرب
[IMAGE: 0x08 graphic] دمشق - 2001
الإهـــــداء
تمـارى..
ما أعذبَ الضياء!
نجاح
الفيضان
عادت الحافلة القديمة
تحجلُ كبطة فوق الطريق الترابي الأجرد
مثقلة بأجساد الحصادين، مخلفةً وراءها
امتداداً أصفر، يحمرُّ ببطء شديد ليكون
والجلّنار صنوين.
امتدادٌ حزينٌ، يجهر للكون أن نهاية
النهار قد حانت.
تهالك الحصادون في أماكنهم متعبين
متهالكين بوجوههم المتصحرة المكتوية
بلهيب الهاجرة، وشعورهم المغبرّة.
تناثرت بالقرب من أرجلهم، أدواتهم مناجل
وصرر تحوي بقايا طعام، وفتات خبز، وعلب
التتن. ما إن ألقى سالم جسده الواهن،
المتعب على المقعد، حتى زفر بحنقٍ وكآبة
قائلاً:
-لو قدّر لنا أن نقتني تلك اللعينة!!
وصمت متراخياً دون أن يتمّ كلامه الذي
فضّل احتباسه في داخله. ردّ خلف بتكاسلٍ
بعد أن سحب نفساً من سيجارته الغليظة:
-الحال لا يسمح..
في حين نطق شيخهم بتروٍّ ووقارٍ:
-"الحمد لله يا جماعة، اشكروا المولى".
كلام الشيخ حمد إمامُ القرية دائماً ينزل
بلسماً، وشفاءً مستجاباً وقاطعاً، في
نفوسهم لما له من مكانةٍ رفيعةٍ بينهم، هو
رجلٌ عبر الخمسين، له مواقفٌ جريئةٌ
وصلبةٌ.
كالفراتِ أثناءَ تمرده. ينطوي على لينٍ
وقسوةٍ نزقٍ وهدوءٍ، عصيانٍ وانصياعٍ أما
شكله الخارجي فجبلٌ لا تهزّه ريحٌ، تجده
صامتاً جلوداً ومع هذا تجده في أحايين
كثيرة إنساناً، شفافاً، متواضعاً يساعدُ
الحصادين في مواسمهم.
وعند العشّيات..
ينضمّ إلى مجلسه في جامع القرية كلّ
الرّجال والصبية، يتداولون أحاديث شتى.
تمتم الجميع كتلاميذ، رددوا جملةً وراء
معلمهم:
-الحمد لله..
أخذت "البوسطة" الهرمة تصعد هضاباً، وتنزل
أودية، وتتعرج في الدروب الوعرة أفعى
مريضةً. بين أعواد الزلّ وكتل الشوك
المرميّة على حافة الطرقاتِ دخلَ النهارُ
الحزيراني في مساء جديدٍ، وما يزالُ الحرّ
ناشراً أسياخه، والفرات ينبسط حلماً يهمس
رقةً، وعمقاً، وسلاماً. وأجفان الحصادين
المعبأة نعاساً وكدّاً، الناشدة راحةً
تتكاسل في إلقاء نظرةٍ أخيرةٍ على النهر
المستلقي في سريره طفلاً باسماً.
كلّ شيء هادئ. يدعو إلى النعاس والتراخي.
ضجر خليل وهو يقود "البوسطة" فأراد قتل
الملل، بوضعه شريطاً في آلة تسجيل قديمةٍ،
متآكلةٍ. لكنّها تفي بالغرض إذ كثيراً ما
آنسته، وذهبت بالوحشة وأطربته. راح المطرب
يردحُ بغناءٍ عراقيّ، قريب من قلوب
الفراتيين.
وما أن طلع بأغنيته:
"محيّرني يا البايعني
وآني اشتريتك خالي
نسمة هوى،
زف الجدايل شقرة
نسمة فجر، كانت بشفة سمرة
قدّح المشمش
وإنت من قدّاحه.."
حتى هبّ الشيخ من سهوته صارخاً:
-أخرس هذه الآلة اللعينة!
ومثل لمح البصر، امتدت يد خليل، وشنقت
المطرب لحظتئذٍ، وتموسقت آخر كلمة لفظها
ثم همد الصوت.
قال خليل مداعباً:
-إنه سعدون الجابر، أما سمعت به يا شيخ؟!
ردّ بترقٍ:
-لا، ما سمعت به!
وتعالى شخير البعض .
وتثاءب آخرون، وران صمتٌ وسكينةٌ اللهمّ
إلا هدير عجلات الحافلة كانت تئنّ تعباً
وصريراً كصوت رحى تجرشُ الحبّ كانت تتسلق
مرتفعات الثرى، وتلاحقُ واطئها. تكشّ من
أمامها زواحف البيئة التي خرجت لتوّها
تسعى.
عينا خليل كعيني صقر تحدّقان بالطريق.
فجأةً توقف دون سابق انذار
وقد جحظت عيناه، واشرأب عنقه ممطوطاً إلى
الأمام. يكاد يخترق الزجاج الأمامي
المشروخ. كان يمجّ قبل لحظةٍ من سيجارته
الملفوفة بإتقان.
لكن بعد أن رفع جزعه للأمام، عافها، ورمى
بها من نافذة الحافلة دون وعي، وسحب

/ 28