بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الإبداع الحق واحد، والمختلف هو الأداة. وقد تشترك أداة واحدة في أكثر من فن، فالسينمائي الحق كالشاعر الحق من حيث الجوهر. والكثيرون من المبدعين يُتهمون بالجنون إذ يصورون الجديد الوليد الذي حال المألوف دون رؤية الآخرين له. ومواجهة الراكد هي الحداثة…. والحداثة ليست مدرسة. الحداثة فعل إبداعي يتجدد.. ومبررات الحداثة هي مبررات الإبداع. فليس إبداعاً ماليس حديثاً… فالعمل الفني الحق عالم فيه شيء من كل شيء في الكون، وهو متفرد بكيانه ومختلف عن كل مافي الكون. والإبداع لا يكون إلا مقيّداً، ولا يتحقق الإبداع إلاّ بالتغلب على القيود كلها، فالإبداع أن نعيد صهر الأداة، اللغة في الشعر، على سبيل المثال، وأن نعيش بكارة الحاضر من غير أن نتخلى عن ذاكرتنا. وتلك معادلة صعبة جداً. ولا تُحلّ إلا في إطارالنسبية… فبلوغ الكمال من المحال وسيبقى كذلك. وتبقى المسألة الأساس في الإبداع هي خلق الجميل… ويكون الاختراق بإزالة مايعترض هذه المسألة… والمحرَّم هو مايعرقل حلها. أمّا الهوية الإبداعية فهي هوية فردية دائماً… وأما الهوية القومية فتتكون من جماع الهويات الإفرادية لمبدعي الأمة عبر التاريخ. ومن هويات الأمم والأقوام تتكون الهوية الإنسانية. ـ 7 ـ يصلي المؤمن: علمني أدب الخطاب فأعرف كيف أخاطبك… الناس ينادونك بأسماء كثيرة ولا اسم لك… فكيف أناديك؟.. ويتجلى الجمال للعاشق في توهج الجسد فيرى نور التوهج ولا يرى الجسد. ويتجلى الشعر في الكلمة فتخطفنا روعة الشعر فلا نرى الكلمات ولا وجه الشاعر الذي عاش التجربة. ولدى كل تجلٍّ ندور في فلك التجلي، في حقله الحيوي، مجتازين الشيئية إلى الكنه. وتكون الروح قلقة فما ندري إن كنا نصعد أم نهبط… ولا أهمية للجهات في عالم الغبطة. النص الشعري لا يأتي من مكان بعينه بل من تفاعل الكون كله… وأقول لكِ: كم كنتُ ساذجاً وأنا أضرع إليك بلغة تجهلينها!.. وتقولين: أَنْطِقْ لساني بمحبتك… الحب يوحدنا بالعالم وبالأشياء، وضمور الحب يوهن صلتنا بالعالم. وأخرج من ضيق العالم إلى رحابة صفاتك وأسمعك تعلنين: ـ أخاطبك كالأخرين لا لتفهمني مثلهم، ينبغي أن يكون فهمك مختلفاً أنت المختلف. ويكون الاختلاف درباً إلى الإلفة… تكونين خارجي فأشتاق وأعطش، وأُدرك أننا سنموت يوم نتوحد ونتكلم لغة واحدة، وأشعر بشيء من الزهو: لو لم أحمل شيئاً من سماتك ما أحببتك… وتضحكين لاهية: لا يصير كاهناً من لم يعبد صنماً. ولقد اتخذت الريح صديقاً ترافقه ولا تعبده. أنت تحيا لحظات الفصل بين الثبات والتحول، تبهرك تجليات الجوهر التي لا تُحصى. تترك للآتين مافعل الجسد بعد أن يتحول الجسد. وكل تحوّل سفر.. ومامن نهاية. أنت الآن في حضرتي فلا تحاول هدم الحاضر في سبيل استرجاع الماضي ولا تحاول القفز إلى المستقبل. وأسألك ذاهلاً: ومن أنت؟ وأسمعك تهمسين: أنا الطفل النائم في ذاكرة الأشياء منتظراً لحظة البزوغ…. سأكون عجيباً بقدر ماهي عجيبة ولادتي.فإذا ماخرجتُ من الأشياء فَقَدَتِ الأشياء ذاكرتها واضطرب ناموس العالم. وإذا ما خرجتُ من الماء فقد الماء شهوة العطاء ومات الشجر. وستعطش الكائنات حينئذٍ، وما أقسى العطش حين يموت الأمل بالارتواءِ!.. وأتمتم خاشعاً: لن أعرف كيف أحبك مالم أصبح جديراً بحبك!.. ـ 8 ـ قال أبو العلاء المعري: أمسِ الذي مر على قربهِ يعجز أهل الأرض عن ردهِ وما أكثر ما تحسر الشيوخ على الماضي وتمنوا رجوعه، لكن هيهات!..ويجترح الفن المعجزة، نتناول إلياذة هوميروس، مثلاً، فنعود مئات السنين إلى الوراء. بالفن نعيش في أكثر من عصر، ونحيا حيوات الذين سبقونا. جمال العمل الفني وانجذابنا إليه لا ينجمان عن جماله الشكلي، الجمال الحق ليس شكلاً صرفاً، الجمال الحق يأتي من حجم الطاقة الروحية التي شحن بها المبدع عمله، الطاقة الروحية هي التي تضفي الجمال على الأشياء وتشدنا إليها فنشعر بالتسامي والغبطة.. إن روح المبدع التي تحل فينا بوساطة فنه تجعلنا أغنى شعوراً وأكثر فهماً لأنفسنا وللعالم. تحكي الحكايات عن المارد الذي يخرج من القمقم السحري… المارد كائن غير موجود إلاّ في الحكايات، أمّا المارد الحقيقي الذي يخرج لمساعدتنا على جعل العالم أجمل فهو سحر الفن حين نفك الرصد.