1 ـ الطابع القومي المنفتح على الإنسان - ادباء مکرمون نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ادباء مکرمون - نسخه متنی

نزار بریک هنیدی، ابراهیم عباس یاسین، جمال الدین الخضور، خلیل الموسی، درغام سفان، راتب سکر، رضوان القضمانی، سعدالدین کلیب، سلمان حرفوش، فاروق ابراهیم مغربی، فواز حجو، محمد عبدالرحمن یونس، محمد قجه، نبیل سلیمان، یوسف الصمیلی، جمانة طه، حسن حمید، خالد ابوخالد، شوقی بغدادی، عبدالکریم شعبان، وفیق خنسه، فاید إبراهیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

1 ـ الطابع القومي المنفتح على الإنسان

تميزت رؤية شاعرنا بطابعها الشمولي، فهو يتجاوز القطري باستمرار صوب رحاب القومي والعروبي. هو يذوب في حب وطنه "سوريا": يتغنى بأشجارها وبيئتها وتراثها التاريخي المجيد لكنه لا يتجمد في إسار هذا الحب الوطني، بل يتجاوزه مغلباً القومي على القطري. فلنقرأ لـه على سبيل المثال قصيدة "عاشق من صفورية" التي أهداها إلى الأديب الراحل محمود موعد، وفيها يتمازج هذان العنصران: الوطني والقومي:

((وما (عاشقٌ من فلسطينَ)

إلا قصائده ملحنا

حينا

وحكاياتنا

منذ أن شط عنا المزارْ

على موعدٍ نحن في الشامِ

ـ جئتكَ

ـ أين سنمضي المساءَ؟

ـ سأمضي مسائي معكْ

سألت صراطكَ

هل كان موتاً؟

حنانيك يا ربّ

أم أن قلبكَ

حين ارتدى العتمُ موالنا

فرَّ من بين أضلاعهِ(1)

كي يدقَّ على باب دارْ)).

مما لا شك فيه أن "فلسطين" هي المحور الرئيسي في نتاج شاعرنا محمد حمدان، بل هي المحور المركزي لكل العرب الذين يهمهم إعلاء شأن أمتهم العربية بين الأمم، وأن هذه القضية تسيطر على اهتمامات الشاعر وتشكل لـه هماً مؤرقاً.

ومع ذلك فإنه لا يحصر اهتمامه فقط فيها، بل يمكن القول إنه معني أيضاً بمشاكل وقضايا وطنه العربي الكبير كلها.

من يقرأ دواوينه الستة سيتأكد من ذلك:

((الفارس والعتمة الصادر في عام 1979، الميناء الموبوء الصادر في 1983، بين يدي المحيط الصادر في عام 1992، صلاة البحر الأحمر في 1995، ألفان في عام 2000، وأخيراً بتغرامو في عام 2005)).

ليست هناك أية مجموعة من هذه المجموعات الشعرية الست يخلو منها الهم القومي، والقضايا القومية، بل إنه كرس كافة قصائد مجموعته الشعرية الرابعة "صلاة للبحر الأحمر" للقضية القومية العربية.

وللقارئ الكريم ـ أو الناقد ـ الباحث الذي يروم المزيد سنذكر هذه القصائد تباعاً، لأننا لا نستطيع تناولها جميعاً، بل سنأخذ منها بعض الأمثلة الدالة، في ديوانه الثاني: "الميناء الموبوء" نقرأ القصائد القومية التالية: ((الحب والثورة ص 36، وثالثنا الحب ص 82، وخطاب إلى نمتار ص 111، والمجد لك ص 119)).

وفي ديوانه الثالث: ((بين يدي المحيط)) نقرأ القصائد القومية التالية:

((من أوراق عبد الله المهداة إلى الشاعر العربي الرافض أمل دنقل ص 7، وبردى في أحواز مراكش ص 22، وجلجامش يتقلد السيف ص 33، وبين يدي المحيط ص 49، وحبة القمح المهداة إلى الشهيد كنفاني ص 60، وبطاقتان لحبيبتي ص 66)).

وفي ديوانه الرابع ((صلاة للبحر الأحمر)) كرس الشاعر كافة قصائده للهم القومي كما أسلفنا القول.

أما ديوانه الخامس: "ألفان" فنقرأ فيه القصائد التالية:

((فاتحة لكتاب الربيع ص 5، ومن نقطة في القلب ص 25، وعاشق من صفورية ص 49، وشاهدة ص 63، وتغريبة العشق ص 69، و أخيراً قصيدة نوبة الطفولة ص 92)).

وفي ديوانه السادس ((بتغرامو)) نقرأ القصائد التالية:

((وردة الفاتحة ص 47، وسيرة مخيم اسمه الوطن ص 73، و مووايل عراقية ص 111)).

قلنا إن شاعرنا محمد حمدان تميز برؤيته القومية الشاملة للأحداث التي مر بها وطننا العربي الكبير، ويمكن القول دونما تردد إن تضاريس الوطن العربي كلها قد تغلغلت في حنايا روحه، وشكلت بنيته النفسية والشعورية والفكرية، فالأقطار العربية حاضرة كلها من المحيط إلى الخليج.

فمن بلاد الشام: الشام ولبنان، وفلسطين والأردن، إلى بلاد الرافدين، و اليمن، والخليج العربي، إلى مصر والنيل، إلى أقطار المغرب العربي: المغرب، الجزائر، تونس....الخ، كل هذه الأمكنة حاضرة بقوة في قصائده، فلنقرأ لـه القصائد التالية على سبيل المثال، ففي قصيدته: ((المجد لك)) نقرأ عن سيناء والفرات ودجلة والأوراس والقدس: ((المجد لكْ / يا صانع التاريخ في الأغوار / في سيناء / في حوض الفراتْ / يا كاره الأسرة البيضاء والحمراء / في القدس تقتل الغزاة / وتصنع الحياة في دجلة والأوراس والعيون....))(2)

وفي قصيدته: ((جلجامش يتقلد السيف)) نقرأ هذا الطابع الشمولي، إضافة إلى الاستناد على الرموز التاريخية التي تحفل فيها منطقتنا العربية، فمن بلاد الرافدين وبابل والنجف وجلجامش إلى دجلة والنيل ومأرب، و الرموز التاريخية الأسطورية: أرشانابي، والحلاج، وسيدوري، وأبي ذر، إنكيدو...... الخ. إلى بيروت وحيفا واليمن والشام والبحرين، إلى المغرب العربي، فلنقرأ لـه هذا المقطع الشعري الدال: ((... والحلاج تشقق مصحفه مذ ضاع الركنُ الخامس منهُ / وصحنُ الأزهر في معركةٍ لا هبةٍ / مع بهو النجف الغارق بالحزنِ / ومآسٍ أدهى تقرع أبواب البيتِ / فلا قببُ القرويين ولا المنبرُ في الزيتونةِ / يسمعُ صوت الصخرة والإسراءِ: / ((لقد ماتت بيروت وحيفا)) / افتحْ باب الحصن لـه / يعرفه الرمش البدوي / وجند اليمن / الشام / ويعرفه عقبة / افتح باب الحصنِ / فثمة حرزٌ، صرةُ أسرارٍ / توقٌ للرحلة مكبوتٌ / فيه خلاصُ الدمع من البحرين إلى البيضاءْ / عجلْ: أكماتُ الليل تحاصر أنهار الوطن العربي / تبيع الطميَ / ليسكرَ ناماتار وسيدوري / وجبالُ الأطلس والحرمون وبئر السبع تموتُ / تموتُ / ولا تسأل عنها آيا / عجلْ بوغازَ السرِّ العربيِّ / فأمّ الدنيا أضحت مصرائيلُ وجلجامشُ متروكٌ في وجه الغول وحيداً....))(3)

لا يحتاج هذا المقطع الشعري لأي تحليل أو تعليق لكي نثبت من خلاله البعد القومي الشامل الذي ميز رؤية شاعرنا محمد حمدان وفكره القومي التحرري، فهو يتحدث عن كافة "أنهار الوطن العربي" ويندر أن نجد بقعة عربية مستثناة في قصيدته الشاملة هذه.

أما في ديوانه: "صلاة للبحر الأحمر" فنقرأ عن عشقه لمصر وحبه للرمز القومي الكبير القائد العربي الراحل جمال عبد الناصر في قصيدته: "صلاة للبحر الأحمر": "يا مصر أنت الجملة الأولى بقاموس الشروق / وأنت في وطن الجفون جناحُ مملكة النسورْ / الجملة الأولى يرتلها (جمالُ) / ترددت أصداؤها ما بين ساريتين / فاشتعل الفتيلْ /"

ومن السمات الفكرية الرؤيوية الهامة في نتاج الشاعر محمد حمدان هو أنه في العديد من قصائده ـ ولا أقول كلها ـ يفتح لنا كوة الأمل والخلاص و التفاؤل، ويبشرنا بالنصر رغم ركامات الظلام والقمع والتخلف الذي يلف بسواده واقعنا العربي فها هو في قصيدته: "قبة الحجر" يرى أن النصر قادم من خلال انتفاضة الحجر الباسلة: "شواطئنا يا رفاقي سنغسلها بالدموع / لتبقى عناقيد للسابحين / شواطئنا يا رفاقي سنغسلها بالرماح / لتبقى أطايب من كرز وتمور وتين / فيا أهلنا الطيبين / بأحجاركم نسترد الكرامة / في ظلها نستحق الحياة /..."

وفي قصيدته: "من نقطة في القلب" يطالعنا الشاعر أيضاً برؤيته المتفائلة المشرقة لواقعنا العربي وهذه المرة يكون سبب الإشراق الجنوب اللبناني الذي حرره أهله المكافحون من سطوة الغزاة الصهاينة ومن خلال سياق القصيدة وتطورها الرؤيوي نصل إلى استنتاج مفاده أن الشاعر يقصد بـ ((نقطة القلب)) حيث المركز وبؤرة الإشعاع: الجنوب اللبناني الذي أعاد لأمتنا العربية الثقة بذاتها وبإمكانية النصر على الأعداء الصهاينة، فها هو يقول في خاتمة القصيدة: ((من نقطةٍ في القلبِ يسكنها الجنوبُ / شرعتُ أعبر برزخَ الأيامِ / والأيامُ تدفعه إلى حضنٍ يباركهُ / فتبتعدُ النهاية عن نهايتها / ... العالم السفلي يهجر نعشَهُ / و الأرضُ تبعثُ وحيها / من نقطةٍ في القلب يسكنها الجنوبْ / ...))(6)

ونقرأ هذه الرؤية المتفائلة أيضاً في قصيدته: "وردة الفاتحة" إلا أننا نشعر بإمكانية النصر بعد صراع مرير بين النقيضين:

اليأس ـ والأمل ـ الانكسار ـ والتحدي، الضعف ـ والقوة، فنقرأ عن اليأس: ((أكاد ابشر نفسي / بأن انقراضي قريبٌ ص 48 ـ وقوله متنبئاً بإمكانية أن يكون مصير العرب كمصير الهنود الحمر في أمريكا: ((فيا أيها العربُ "الحمر" ثمة شر أهرّ.... ص 49)).

إلا أن الشاعر وبعد تصاعد التنامي الدرامي في القصيدة يرى أن النصر و البشارة قادمة من خلال رمز التحرر العربي المقاوم، الجنوب اللبناني:

((تعالي / معاً نسرع الخطوَ / ـ يا ربة النسغ ـ / كي يدخل الليل تحت جناح الخريفْ / تعالي / أكاد أحس بأني تنسمتُ عيداً / يجيء إلى سكتي ذات رعدٍ / يجيء إلى دارنا / من جنوب بعيدِ الثريا / ولكنه مشبع بغيوم الحياةِ / نضيرٌ... وريفْ /...))(7)

ثمة سمة فكرية أخرى فيما يتعلق بالبعد القومي في نتاج محمد حمدان الشعري، وهي أنه لم يكن في رؤيته القومية منغلقاً أو متعصباً، بل منفتحاً على الأفق الإنساني الرحيب، أي أن حبه لأمته العربية لم يقده حدود الشوفينية البغيضة والمنغلقة على ذاتها، بل استطاع أن يربط ربطاً جدلياً محكماً بين ما هو وطني وما هو قومي وإنساني. ولدينا العديد من الشواهد الشعرية التي تثبت رأينا هذا، ومنها قوله في قصيدته: "رسالة" التي يعبر فيها عن اعتزازه القومي بتراثه العربي رابطاً إياه بالإنساني الشامل من خلال علاقة الإعجاب التي ربطتهُ بامرأة غربية شقراء على ضفاف الدانوب، وقد عبرت لـه فتاة الدانوب الشقراء هذه من خلال رسالة كتبتها لـه بأنها معجبة بالخط العربي وتريد أن تزين حجرتها به، لنقرأ لـه هذا المقطع الدال: ((كتبتْ تسألني أضمومة شعرْ / ليزينَ حجرتَها الخطُّ العربي / "فيه صفاءُ الشمس ـ .... نقاءُ الرملْ" / يا بنت الثلج أنا جوعٌ منذ الصغرِ / خبز شعيري معجون بغبار الخوف و بالعرقِ / جذعي خططه السوط حراشفَ مثل جذوع النخلْ / لم أعرف إلا لماماً طعم الصدر الناهدْ / لم يتخلل كل عروقي وهج التنور ـ الأنثى / ..... معذرة شقراء الدانوبْ / فأنا من أول وهلهْ / أتعبُ بالوشمِ العربيِّ جداركْ / أزرعُ جسرك نحو الشرق همومْ....))(8)

وقوله في قصيدته: "من نقطة في القلب": ((قمران يشتعلان في عينيّ سمرقندَ / التي اشتاقتْ لبرِّ الشامِ / يلتفان حول عباءة الحجرِ / الذي اعتمر السوادَ / نعى سواقيَ ضيعت عنوانَ قافلةِ المطرْ / ... هل أنتَ مسؤولٌ عن الوهم الذي / ينتاب كالحمى فؤاد الوقتِ / من مدن السُعالِ / إلى مداراتِ الهجيرِ / ومن صلاة القنب الهنديّ / حتى قبعات (الدُّومِ) في المكسيكِ / هل ......؟/))(9)

واضح هنا البعد الإنساني في هذا المقطع الشعري حيث يبني الشاعر تمازجاً وتآلفاً رائعاً بين ما هو وطني "بر الشام" وبين ما هو إنساني "سمرقند" وكذلك الانفتاح على كلٍ من "الهند" و"المكسيك".

..........

/ 82