تميزت رؤية الشاعر القومية بمحتواها الاجتماعي المنحاز إلى الطبقات الفقيرة، إلى المنتجين من كادحي الفكر وشغيلة اليد. وهذا الموقف الطبقي المنحاز ظهرت بواكيره منذ بداياته الشعرية الأولى، ففي ديوانه الثاني الميناء الموبوء نقرأ في قصيدته "حكاية عائشة" ما يؤكد هذا المضمون الاجتماعي وانتقاده الواضح للأثرياء الذين سرقوا قوت الشعب: ((قل ما تشاءُ / كما تشاءْ / ماتت حكاياتي القديمة كلها / طلقتُ قصر العنكبوتِ / هجرتُ أجنحةَ السرابْ / عطلتُ سمعي مذ كفرتُ بكل أحلام الثراءْ / ناري ستحرق يا سليل القار تزويقَ العباءة / علكتهُ أجسادُ الرجال الموثرين / على مدى الأجيال باسم الأولياءْ...))(10)أما في قصيدته "نجمة الصبح" فيعلن انحيازه واضحاً للفقراء وملايين الجياع، بل يحضهم على ضرورة الدفاع عن حقوقهم وانتزاعها من براثن الطفيليين الذين نهبوا وسرقوا وتمترسوا خلف قلاع ثرائهم المزيف: لنقرأ لـه المقطع الدال: ((أيها المعولُ والسندانُ / والقوسُ المعطلْ / يا ملايين الجياعْ / قسمُ البيعة في الواحات مكتوب بدم الشهداءْ / في غدٍ / لن يركع النخل لروما / لن يكون الصبح في الشرق لأحفاد الجراد / المومياءْ / لقلاع السلب والنهب ورايات يهوذا...))(11)................