ادباء مکرمون نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
ويفاجأ الجميع بالفتاة المتكبرة تجري خلفهم بحثاً عن قتيلها وصريع عشقها الجسدي. قاطعة المسافات الطويلة سيراً على قدميها لترتمي عند قدمي الشيخ معلنة إسلامها وتوبتها. وتلفظ أنفاسها بين يديه. هذا اختزال غير دقيق للحكاية الجميلة التي كتبها شعراً الصوفي الشاعر فريد الدين العطار النيسابوري. فماذا أخذ منها قلعه جي وكيف حولها إلى بناء مسرحي.
وهل أضاف إلى بنائها ما يثيرها أم ظل على هامش العطار الشاعر؟
بعد نقل عبد الفتاح هذه الحكاية بتفاصيلها من حالة السرد القصصي إلى حالة المشهدية المسرحية. لنحس أننا نشاهد على المنصة أو نقرأ على الورق مسرحية جميلة رشيقة بعد أن خلصها الكاتب من خصوصية الماضي السردي. وحملها في لحظات الآن لتجري أحداثها أمامنا بين سبعة من المريدين والشيخ صنعان وسرب من الجواري إضافة إلى الأميرة الرومية ذات الجمال الجسدي المغسول بالنورانية الصافية.
وكان ما قرأناه في صيغة الماضي سرداً في حكاية. يتجسد أمامنا حواراً وحركة. فنرى المنام الذي رآه صنعان، وقد أغناه الكاتب بسرب من الحسان يطفن حوله حتى ينزعنه من الجو الصوفي إلى جو أكثر دنيوية وحسية. وكأن المنام مقدمة لانزلاق الشيخ في مستنقع الخطيئة.
كما رأينا الحالات التي مر بها صنعان منذ رؤيته الأميرة وانخلاع قلبه بجمالها إلى سجوده أمام الصنم فرعيه الخنازير فنسيانه ذاكرته بمحتواها الديني والثقافي ليتحول إلى عاشق جديد يرى العشق فوق الكفر والإيمان. وأقنعنا الكاتب في التحولات كما أقنعنا في النقلات الرشيقة من المشهد إلى المشهد الذي يليه حتى رأينا الأميرة تلفظ أنفاسها بين يدي صنعان الذي عاد إليه إيمانه وتاب توبته النصوح بعد الخطيئة القاتلة.