إن تعريف بيشو1- روسو وصيغتهما أوضحتا، خلال نحو نصف قرن، أعمالاً فرنسية أو أجنبية متأثرة إلى حد ما بالتراث الفرنسي. في العصر نفسه، قام الأدب المقارن، في أوربا الوسطى والشرقية، على مقارنات نموذجية وضع أسسها فيكتور زيرمونسكي (أو جير مونسكي)، ومعهد الأدب العالمي (معهد غوركي) مع احترام البنى الفوقية حيث توجد الآداب بالنسبة للعبة البنى التحتية الاقتصادية، وفق النظرة الماركسية، تسعى النمّذجة إلى فرز التشابهات، والتماثلات الشكلية بين آداب لايوجد فيما بينها اتصالات مباشرة. هكذا، كانت مسألة التأثيرات المشهورة هي الأكثر انتقاصاً. نتج عن ذلك خصوصية تاريخية، وطنية أو فردية، للأعمال الأدبية، التي عكست (كلمة أساسية) واقعاً اجتماعياً خاصاً، استطاع أن يتشكل عبر آلية الاستعارات الخارجية. يمكن لهذا المنهج التاريخي - المقارني أن يدّعي تحديد العلاقات بين التطور الأدبي، وشرطه الاجتماعي وسمات الآداب المختلفة التي كانت قد قورنت. في جمهورية ألمانيا الديمقراطية، ميزفيرنركروس المنهج دون أن يطرحه ثانية للبحث . يُسجّل في هنغاريا تفكير مقارني كثيف بدءاً من سنوات الستينيات، واستمر بعد ذلك من خلال مجلة (Neohelocon). ومما له دلالة أن هنغاريين استلما الرابطة الدولية للأدب المقارن بين عامي 1970-1985. الأول هواستفان سوتير الذي وضع منذ عام 1962 أساس تفكير مقارني يقترب من جمالية التلقي (انظر الفصل الثالث) في الواقع، إنه دعم فكرة أن أي دراسة قد تظهر كيف أمكن لآداب معينة مثل الأدب الألماني والروسي والهنغاري أن تحتاج إلى عمل بيرون في العصور المختلفة، وكيف استطاعت تمثله، يمكنها أن توضح تطور هذه الآداب وبعض أوجه عمل بيرون التي يمكن أن تبقى خفية على مختص في الأدب الإنكليزي. وفي هنغاريا أيضاً أعيدت طباعة الأجزاء الأولى من " التاريخ المقارن لآداب اللغات الأوربية " (من خلال اهتمامات أكاديمية العلوم في بودابست)، وهو مشروع للرابطة الدولية للأدب المقارن أعد بين عامي 1964-1967. في الوقت نفسه، يجب ألانهمل عمل المقارنين الرومانيين (مثل بول كورنيا، وأليكسندر دوتو)، والدور الذي قامت به مجلة ((Synthesis). ولا يجب كذلك إهمال المكانة التي احتلها المقارنون اليوغسلاف .ففي عام 1967 عقد المؤتمر العالمي للرابطة الدولية للأدب المقارن في بلغراد ،وكانت أكثر جامعات يوغسلافيا تمتلك أقساماً نشيطة جداً للأدب المقارن، وحتى للنظرية الأدبية. وفي أمريكا الشمالية، وكندا، والولايات المتحدة، تطور تدريس (الأدب العام والمقارن) بصورة سريعة. قدم فيرنر فريد يريش ودافيد هنري مالون بيبلوغرافيا حول مجموع العلاقات بين الآداب منذ القديم ((Outlin of comarative litetrature)، استطاعت أن تأخذ مكان أعمال بول فان تييغم القديمة مثل (فهرس تأريخي للآداب الحديثة، دروز، 1935، والتاريخ الأدبي لأوربا وأمريكا من عصر النهضة إلى أيامنا الحاضرة، آ. كولان، 1941) يجب الإشارة إلى الدور المهم الذي قامت بعض المجلات مثل (Yearbook) (شابيل هيل، ثم جامعة أنديانا)، وقد أشارت مجلات مختلفة إلى هذا الدور، كما يجب الإشارة إلى فائدة بعض الكتب، (انظر عناصر من البيبلوغرافيا) .نذكر أسماء أ. أو. ألدريدج، وهنري ريماك، ويولريش فيستان، وآنا بالاكيان، وحديثاً أسماء إيارل مينر، وجيرالد جيليسبي ، وفي كندا ميلان ديميك، مؤسس المجلة الكندية للأدب المقارن (مزدوجة اللغة)، وإيفا كوشنر (جامعة فيكتوريا ).شهدت اليابان، منذ عام 1948، تأسيس جمعية الأدب المقارن، وفي عام 1991، عقد في طوكيو المؤتمر الثالث عشر للرابطة الدولية للأدب المقارن. وفي عام 1961، صدر في جامعة جادافبور (كالكوتا)، جورنال الأدب المقارن من قبل بودها ديغابوز تلميذ رابيند رانات طاغور.وصدر عام 1964 (الأدب المقارن) باللغة الإسبانية بفضل إليجاندرو سيورانيسكو (جامعة لاغونا، تينيريف)، ولكن لم تظهر الجمعية الإسبانية للأدب المقارن إلا عام 1974، وكان يرأسها لفترة طويلة كلوديو غيلين، ابن الشاعر الكبير جورج غيلين ومؤلف أحد الكتب الثمينة.إن تأسيس جمعيات المقارنين في البرازيل عام 1986، وفي الأرجنتين عام 1992، يبعث الأمل بتطورات كبيرة في مناطق دخلت فيها التأثيرات الأوربية بصورة كبيرة منذ القرن الأخير.تضم الرابطة الدولية للأدب المقارن (Ailc)، حالياً، نحو ثلاثة آلاف عضو من خمسين بلداً. إذا رجعنا إلى فرنسا، أصبح الأدب المقارن (عاماً ومقارناً) عام 1973 وكرس هذا التغيير امتدادات نحو الفنون (خاصة السينما)، ومرفقات الأدب، وبداية تفكير نظري. ولكن استطاع إيف شيفريل في كتابه (كوسيج؟ ماذا أعرف) عام 1989، الحديث عن حقل معرفي (مازال يافعاً، ومازال غير معروف بصورة جيدة، وصاحب دعوة عرضية، وليس له نظرية للمادة المدروسة) بالإضافة إلى ذلك، إنه يلاحظ أن المقارن يعتمد غالباً على العلوم الإنسانية، وهو يحكم على هذا الوضع بصورة إيجابية غالباً. ولكن ماريو - فرانسوا غويار الذي مهد للعمل، رأى في المقارنين (جنساً غير محبوب) على الرغم من الواقع (أو بسبب الواقع)، وأن إسهامات المقارنين ضرورية حتى بالنسبة إلى " مختص في أدب قومي ".هكذا لم يتوقف المقارن، عن التساؤل حول حقله وحول ذاته. فهو مختص بالعام والاختلاف، وفقيه لغة متعدد اللغات، ويجب عليه دراسة مشاكل لغوية متعددة القوميات، والقيام بنشاطات بين علوم مختلفة، إنه مزيل للحدود، وهدام للحواجز، وباني جسور ،وقد سخر جوليان غراك قديماً من هذه الأعمال، إذا اعتبرنا كل شيء، من الأفضل مقارنته بشخصيات الروائي التي نمتلكها، في العمل نفسه، مثل البطاقة الشخصية : الجنسية : (حدودية )، الوضع العسكري : " حيادي "، الرياضات الممارسة : " حلم اليقظة، والسير في النوم "، الإقامة الثانية : " البحر والغابة "، يجب الإضافة إليها المهمة : " دون "، والنشاطات، " في إجازة " .إن المقارن ضروري وغير معروف جيداً، وهو وعي بائس.إنه يرى نفسه في الدعوات الجامعية، غالباً، مدعواً بائساً. أمام مثل هذه الملاحظات السلبية والكاشفة التي تعاد صياغتها بصورة دورية، ربما من المناسب التساؤل عن النشاط المقارني الأكثر وضوحاً، ومع ذلك الأكثر غموضاً : إنه المقارنة.