يترك أساس تاريخ الأفكار المكان لصالح مسائل أدبية خالصة، ولكن يجب دائماً ربطها بالإشكالية التاريخية. تخص هذه المسائل وضع (الأدب الوبائي). لا يستطيع الكاتب ولا يريد أن يحل محل الطبيب، أو المؤرخ. ما الذي يمكن أن تكون عليه طبيعة المادة الوبائية ودورها في الأدب (ضمن نص، وفي لحظة معينة، وفق الفكرة التي نأخذها عن الشعر، والتخييل ؟) ستحتفظ طرق الظهور الوبائي بانتظام إلى حد ما، بالخيال : مباغتة الظهور، عنف ظاهرة الموت، امتداد الظاهرة، هلع فردي وجماعي أو نصف جماعي (خراب في قضاء، أو مجتمع صغير، أو فضاء مدني يمكن السيطرة عليه ظاهرياً في التصدي) إن تدوين الآثار يقرب النص من علم الأمراض التاريخي (طرح الفساد العميق للأخلاق، والحياة الاجتماعية)، ويصبح الوباء وسيله معرفة أخلاقية، وحتى نفسية، يكشف السلوك، والمعتقدات الدينية، والتصرفات.يجب إذن دراسة الاختلافات بين موضوع الوباء، والقصة الوبائية. من الواضح جداً أن هناك تباعداً كبيراً بين الخطاب الطبي، والعلمي، وبين القصة الوبائية التي تستطيع التقاط الظاهرة المرضية إلا ضمن بعض آثارها الجوهرية، ولكنها ثانوية، بالمقارنة مع البحث الطبي. يصبح الوباء إذن موضوع قصة وحبكتها السردية من هنا جاء استخدام مفهومات جاهزة في التحليل النصي من أجل فهم كيف يصنع الموضوع بالنص : قصة مأساة معيشة أو يعاد عيشها، وحتى مؤلفة، ومتخيّلة، ومزمنة، وكفاح يومي ضد الكارثة، والرعب والألم اليومي. في هذا المعنى، لن يكون هناك إلا وباء واحد (شعري) بصورة كاملة : طاعون دياكاميرون الذي لم يوصف بدقة، والذي هو سابق على القصص التي أسسها وولدها.