يبقى، مع ذلك، مشكلة أخيرة تثار من خلال الربط المربك بين الموضوع وتاريخ الأفكار الذي يزعج أنصار الأدب (الخالص). مع بعض الموضوعات، يصبح الأدب العام والمقارن مكان تأملات تاريخية، واجتماعية، وثقافية أكثر منها شعرية. من أجل تجنب هذه العدوى سنطلق كلمة (عقيدة) التي تحسس بروحها الحزبية، وحتى المحاربة، في حين أنها تذكر بالواقع الملازم لكل مجتمع. أو سنتحدث عن (رؤية العالم) للعقيدة، وهي باب مفتوح على العقيدة (استخدم لوكاتش المفهوم) أو على المثالية، وتاريخ الروح الإنسانية. في تتبعنا للطرق المثالية، لن نتردد في تبيان كيف أن الموضوع جزء مرتبط (بروح العصر) الذي تتخفى وراءه (موضوعاتية العصر). من المؤكد أنه كان هناك كثير من (الأفكار) حول الموضوع، سواء تعلق الأمر بعقيدة أم بمثالية.هذا يعني نسيان أن روح العصر، التي، من المؤكد، أنها أدت إلى قراءات مثالية، كانت المفهوم المركزي عند الثوريين الألمان في نهاية القرن الثامن عشر، وبداية القرن التاسع عشر (هينينغ - ونيثامر) .يحدد المفهوم قوة لاتقهر يزيل تقدمها العوائق المؤسساتية.أعاد هيغيل أخذ المفهوم بهذا المعنى، ثم انتقد (أي المفهوم) بوصفه شيئاً غير محدد، ومدمراً، قبل أن يستثمر في التعريف، داخل تاريخ الروح، وفي نظام قائم، وعقلية سكونية ومتماسكة يمكن التقاط حدودها ومضمونها. كل شيء إذن يعتمد على الاستعمال الذي ندعي فعله بالأفكار والكلمات. ربما تكون الموضوعاتية اللحظة التي يكتشف فيها الأدبي، دون نسيان أنه يدرس أشكالاً، أن الكلمات، بما فيها كلمات النص الأكثر أدبية، تذكّر بطريقة معقدة بأفكار وليس بوقائع. يظهر التوضيح الذي مر أن المقارن، الأديب يستطيع أن يفيد من تاريخ الأفكار من أجل .... التفكير ومنع الآخرين من أن يفكروا بدلاً عنه، في ماهو مفيد.الموضوعاتية والمقارنية الشعرية.هناك ملاحظة مدهشة في بداية كتاب - شعرية الفضاء يشير غاستون باشلا إلى أنه سيقترح تحليلات للصور : اعتبر الفضاء شبكة موضوعاتية ضخمة. ومع ذلك، أهمل (مشكلة تأليف القصيدة). أظهرت الموضوعات هنا كمنتجة للنصوص، دون أن يفكر بدراسة وضعها ضمن شكل. سيوجه هذا التشيع باحثين آخرين نحو الملف. في مقابل ذلك، سنذكر مشروع جان - بيير ريشارد (شعر وعمق )، الذي يهدف إلى (إيجاد القصد الأساسي لمؤلف معين ووصفه) :هنا نقد خلاق بالمعنى الشعري للتعبير وليس نقداً فلسفياً. بين هذين الطرفين، هناك مكان لإعداد القراءات التي تظهر الموضوع كوسيلة من وسائل العثور على طرق الإبداع. شدد ف. شاردان بفائدة على هذا التوجه عندما عارض فيه بين الموضوعاتية وجمالية التلقي، فأصبحت الموضوعاتية (ثقلاً موازناً) لجمالية التلقي.أما بالنسبة لكتاب برونيل - بيشوا - روسو، فإنه يشير إلى أنه يوجد (منهج موضوعاتي) ، ولكن المقارن يمتلك (مناهج) عدة لكي يقوم بدراسة موضوعاتية بصورة جيدة : مثل المنهج التاريخي، والمناهج المسماة بالبنيوية.
- بين البنية والشكل.
يمكن بسهولة نقل الزمن الثاني لدراسة الصورة (انظر الفصل الرابع )، وهي لحظة بنيوية، إلى الدراسة (الشعرية) لموضوع : كيف يعطي الموضوع شكلاً للنص، البنية. نسجل المساواة بين الشكل والبنية، ولهذا نرجع إلى جان روسيه ومقدمته للشكل والمعنى (كورتي، 1962). ولكن يجب أيضاً فحص العلاقات التي يقيمها الموضوع مع مفهوم الجنس (النوع)، الذي هو توسع شعري آخر.إذا أخذنا، من الكوميديا الإلهية، الموضوع، المتكرر، والبنيوي، للدائرة الجهنمية، فإننا نستطيع أن نرى كيف يخدم كموضوعاتية، وعنصر مشيّد لتسجيلات أخرى للفضاء. مثلاً الباب الخامس من كتاب - عنصر الأنوار - لأليجو كاربنتييه حيث يندمج موضوع غويان، وهو فضاء تشاؤمي، مع الموضوعاتية الجهنمية .إن القوانين الثلاثة للفعل المقارني التي استخلصها بييربرونيل (البروز، والمرونة، والإشعاع، انظر الفصل الأول) هي مبادئ أساسية لتوجيه قراءة موضوعاتية : سنتذكر، بصورة خاصة، القانون الثاني وعلاقاته مع التحليل البنيوي (انظر أيضاً الفصل التالي). يسمح الموضوع، إذن بتتبع (عمل) النص، وفي هذا المستوى، يمكن أن تسمى الدراسة، بحق، (شعرية).أمام نصوص عدة (مع وضع مقارني إجباري) كيف نمارس قراءة تبدو مصنوعة من قراءات متشابكة ومنفصلة؟ هذا يتطلب أن يستطيع نص إضاءة نص آخر، من خلال سلسلة من الانزلاقات المراقبة، وتشابهات مكتشفة ومستثمرة. بهذه الصورة، تبدو القراءة سماعاً للنصوص، الأكثر تفصيلاً وسعة في الوقت نفسه، إنها تشبه لعبة مرايا حيث ترتسم تعاقبياً المبادئ المنظمة، والمخططات المؤسسة، ومنطق الخيال الإبداعي وانحرافاته، وانزياحات العناصر وحساسيتها الزائدة، والدوافع الثانوية. قراءات متذبذبة ومتصالبة في الوقت نفسه حيث لا يمكن للمختص بهذا الأدب أو ذاك أن يتعرف ثانية على نصه، ومؤلفه. هنا يطرح سؤال :هل هناك معنى واحد، ووجه واحد خاص بالنص الأدبي؟ بوساطة هذا المنهج الذي استند على تحليلات البنيان، دُرس موضوع هاييتي من خلال ثلاثة نصوص: مملكة هذا العالم لأليجوكاربنتييه، ومأساة الملك كريستوف لأيمي سيزير، وجزر العاصفة لبيرنارد دادييه لهذا، من الواضح أنه على المقارن أن يراقب، من خلال قراءات مسبقة أو متوازية، تمريناته، ويتأكد من فائدة مايعتقد اكتشافه، وما يظن أنه قدمه. هذه القراءات هي دائماً قراءات ثانية. ولكن من الذي قال إنه لافائدة من إعادة القراءة؟ من المؤكد، مع ذلك، أنه عليه أن يتجنب خطراً مزدوجاً : فإما أن يكرر بديهيات (على هذا، لماذا طرح نصوص أخرى ؟)، أو أن يصل إلى نتائج تعسفية، وأصالات غير مفيدة، ومغلوطة في مبدئها نفسه. ولكن القراءة النقدية تكون دائماً جديدة، عندما تدار بصورة جيدة.