غذى الموضوع برامج وندوات متعددة ولكن تنظيم اختيار النصوص (وثائق ظاهرة)، واستراتيجيات القراءة، يمكنه دائماً أن يثير إضاءات جديدة. سنعطي ثلاثة أمثلة إذا لم تكن تستعمل منهجية فإنها على الأقل تستعمل مبادئ مختلفة للقراءة.يقابل أنطونيلا ليونسيني بارتولي بين أربعة نصوص في كتابه (الجولان في روما القديمة )، وهذه النصوص هي : مدام جيرفيزي، (1869) للأخوين غونكورت، وطفل الشهوة (1889)، لـ غ. دانوزيو، والأممي (1894) لبول بورجيه، والحياة في روما (1910 )لفيرنون لي (اسم مستعار لفيولي باجي ).تقدم الأعمال موضوعاتية مشتركة : فيها ذوق أرستقراطي، وحساسية قوية نحو جمالية الخراب، والافتتان بالقوة الروحية للفن.ولكن، قبلاً، يمكن الإشارة إلى أن فيرنون لي وحده أراد إخماد هذا الافتتان وتحويله إلى موضوع جمالي، ضمن نص لايعد عملاً خيالياً ولكنه ملاحظات متفرقة. إن ذلك كله مسار يرتسم بدءاً من استخدام موضوعاتية الانحطاط عند غونكورت وحتى فكرة البعث عند فيرنون - غالباً ما تكون روما زخرفة وإطارا باروكياً، وكذلك مشهداً عقلياً وداخلياً، وفضاء مؤنثاً إلا عند فيرنون لي. هناك اختلافات في الكتابة يجب الإشارة إليها بوضوح : أصبحت روما، مع بورجيه، المكان لرواية قضية ، تسمح للبطل بالانتقال من الافتتان المضني إلى الالتزام. وفي ضوء أعمال ماريو براز، تم الوصول إلى توضيح مفهوم (الانحطاط) نستخلص من الندوة المخصصة لباريس وظاهرة العواصم الأدبية (التي ذكرت سابقاً في الفصل الثاني)، الإعلان القصير والكثيف لروس شامبير الذي أعطى عبر (كوميديا القصر ) مثالاً جيداً عن الاتفاق بين الموضوع (وصول الكوميديين إلى القصر) والشكل (المسرح ضمن المسرح) هنا يأخذ يوليس لجيمس جويس، وزازي في الميترو لريمون كينو، لكي يقترح قراءة تناصية (أي متصالبة)، مكرسة لاستخراج نوع من (الموضوعاتية لوظيفة تأملية ذاتية). يتعلق الأمر، بدقة أكثر، بزيارة المدينة حيث يظهر (اشتراك ملح إلى حد ما بين دافع الإغراء ودافع الفوضى) منذ بودلير، يفكر بالمدينة بصورة مزدوجة فهي مكان الفوضى، والتبعثر يستبعد كل إمكانية للجمع، وهي مكان التقاء. (انظر، عابرة) يسمح هذا المعطى المزدوج بجمع نصين مختلفين بشدة حيث تقرأ كتابة متموسقة، ومتعددة الأصوات، ويسمح أيضاً برؤية كيف (يموضع) كينو المعطى المزدوج (إغراء الفوضى)، عن طريق العودة إلى مصادر (إغرائية) لسردية تقليدية، في حين أن جويس كان يبحث عن استخدام هذا المعطى في الكتابة. من هنا تأتي فكرة أن النصين يجيبان على التمييز الذي قام به رولان بارت في كتابة س / ز بين نص (قابل للقراءة) ونص (قابل للكتابة) في لقاء آخر مع موضوع المدينة جمع كاميل دومولييه الرواية الحديثة والمعاصرة مع المدينة الحديثة التي لا يمكن للفضاء فيها أبداً أن يمسك في شموليته، ولكن عبر انقطاعات زمنية، وتباينات فضائية :ملصقات، و (مونتاجات) تساعد على خلق شك في موضوع التعبير والانقطاعات داخل وحدة الشعور والواقع، والتي تتوافق مع انقطاعات سردية تجعل كل استمرارية للمسرود مستحيلة.يضاف إلى ذلك استثمار الصور الاستيهامية مثل المتاهة، بابل أو بابيلون، وخلق فضاء حواري، متعدد اللغة، والصوت المتميز للمدينة الحديثة التي تحولت إلى فضاء روائي. عنصر مفيد بالنسبة لفصل قادم (انظر الفصل السابع) : الموضوع شكل من (النموذج المحرض) للنص : نموذج وصفي، وسردي بحسب الحالة (هذا ما نسميه سيناريو).إنه دائماً موقف وصفي، ومعطى (المادة) مع إمكانية سردية إلى حد ما. إن تتبع هذه الإمكانيات السردية المختلفة، يعني أيضاً ضمن التعاقب أوالتزامن، ملاحظة كيفية وجود موضوع في حياة مجتمع وجماعة، وعصر، وكاتب.