عرّف روبير إسكاربيت هذا الحقل (كعلم الاختلاف)، قبل أن يدعو المجتمعين، وكأس نبيذ بوردو في اليد، إلى (التذوق) و (المقارنة). وإن لم يكن أكيداً أن (In vino veritas)، فإن هناك مادة للتأمل في اتجاهين يبدوان متناقضين ومن المهم مقارنتهما.وانبثقت فكرة العالمية وازدهرت عبر السلطة المدهشة لغوته.في نهاية حياته، عرض غوته فكرة الأدب العالمي في أحاديثه مع إكرمان (31/1/1827). غالباً ما أعيد أخذ الكلمة، دون أن تترجم. ونحن نستشهد بها في سياقها. تأمل غوته في الشعر الذي أصبح شيئاً فشيئاً "( تراثاً عاماً للإنسانية). واستطرد قائلاً : " ولكن إذا لم نرنُ نحن الألمان، بأبصارنا إلى ما وراء محيطنا الحالي، فإننا سنقع بسهولة ضمن الزهو المتعجرف، أحب أيضاً، أن استخبر عن الأمم الأجنبية وأنصح كل شخص أن يفعل مثل ذلك، من جهته. إن كلمة أدب قومي لا تعني شيئاً كبيراً اليوم، إننا نسير نحو عصر الأدب العالمي، ويجب على كل شخص أن يسهم في تسريع قدوم هذا العصر. ولكن مع تقدير كل ما يأتينا من الخارج، لايجب علينا أن نضع أنفسنا في مقطورته، ولا أن نأخذه نموذجاً [....] عندما نكون بحاجة إلى نموذج، علينا دائماً العودة إلى الإغريق القدماء، في الأعمال التي تقدم أجمل ما في الإنسان، لنتجاوز هذا الحماس الروحي الذي يتطلع إلى أدب عالمي يعتبر النموذج الإغريقي النموذج الوحيد المناسب : حركة فضولية شبه متناقضة بين ديناميكية إعلان نبيل وثبات مرجع جمالي وأخلاقي. لنلاحظ أولاً أن هذا المثال وضع بين معترضتين من خلال حركة فكرية ترتبط باللحظة الحاضرة والمشاكل الحالية للإبداع الشعري : ضرورة الانفتاح على الخارج، مع العودة الدائمة إلى النموذج القديم.يبدو من الصعب جعل ما كان حركة كريمة ومثالية لفكر غوته موضوعاً أوهدفاً للدراسات المقارنة، حتى وإن أريد أن يكون هذا الأدب العالمي جمهورية عالمية للأدب، أو بانتيونا أدبياً، أوقائمة " للكتب الرائجة " المتوجة عالمياً، أو للأعمال الخالدة للإنسانية. سيذكرنا هذا الكم الهائل من الآداب، بصورة إجبارية، بالحضارة العالمية التي قدمها كلودليفي شتراوس في كتابه " أصل وتاريخ"، والذي يعدها " شكلاً مفرّغاً "، وأوحت له بالفكرة التالية : لايمكن أن تكون الحضارة العالمية شيئاً آخر غير التحالف على المستوى العالمي لثقافات تحتفظ كل منها بأصالتها. " تتقاطع هذا الملاحظة النبيلة مع ملاحظة سريعة لبيدرو هنريكيز يورينا رائد المقارنية الأمريكية - اللاتينية مأخوذة من محاضرة عام 1921: " الشيء المثالي في الحضارة ليس التوحيد الكامل لكل الناس ولكل البلدان، ولكن الاحتفاظ بالاختلاف كله ضمن مجموع منسجم " يجب أن نحدد أن دراسة الاختلافات لاتنفي أبداً، في أفق البحث أوالتأمل، إمكانية تسجيل الهدف النبيل لغوته، أوغالباً السعي إلى نوع من العالمية. ولكن يبدو من المفيد التذكير بأن المقارن يعمل (بين) مثلما يعلم (فوق)، وفائدة (Supra ـ فوق) مثل فائدة (Inter - بين) أوالتداخل كما نقول الآن. بصورة موازية لغوته. أيضاً، يمكن للمقارن أن يعثر على نموذجه عند هرمس ، الوسيط والمفسر المنهجي، مثلما فعل ميشيل سير : " يجب أن نتصور أو نتخيل كيف طار هرمس وانتقل، عندما نقل الرسائل التي كلفته الآلهة بنقلها، أو كيف تسافر الملائكة. ومن أجل هذا، وصف الفضاءات الموجودة بين أشياء معروفة سابقاً، فضاءات متداخله، وفق عنوان هرمس الثاني. هذا الإله أوهذه الملائكة تعبر إلى الزمن المنطوي، حيث ملايين الاتصالات. بدت لي كلمة (Entre) وتبدو لي دائماً ظرفاً له أهمية رئيسية.