في النص الأخير من النصوص الثلاثة التي تؤلف كتاب (حول راسين) ، والمعنون (تاريخ أم أدب؟) (أخذ هذا النص من مقالة منشورة في حولياتESC، أيار - حزيران، 1960) أدان رولان بارت بحق الخلط بين التاريخ والنقد الأدبيين، والمكانة المُبالغ فيها التي أخذتها السيرة في التاريخ الأدبي، وتقديس وقائع الطرفة وتواريخها.تتطلب صناعة التاريخ الأدبي التخلي عن الفرد و"الانتقال المتأني إلى مستوى التقنيات، والقواعد، والشعائر، والعقليات الجماعية"، ومقاربة (الجانب المؤسساتي) للأدب.لقد اتخذ (بارت) من المؤرخ لوسيان فيبفر موجهاً (أو بصورة أدق كلود بيشوا مستشهداً بلوسيان فيبفر) الذي كان قد بيّن قصور التاريخ الأدبي (من غوستاف لانسون إلى دانييل مورنيه) وطرح بعض التساؤلات البسيطة الموجهة نحو العلاقات المعقدة بين الأدب والحياة الاجتماعية .نقتبس من لوسيان فيبفر: "يجب (......) إعادة تركيب الوسط (المكان)، والتساؤل مَنْ كَتَبَ، ومن أجل مَن، ومن قرأ؛ ولماذا؛ ويجب معرفة التعليم الذي كان قد تلقاه في المدرسة أو خارجها، الكتّاب، وبصورة موازية معرفة تعليم قرائهم......؛ ويجب معرفة النجاح الذي ناله هؤلاء وأولئك، ومدى النجاح وعمقه؛ ويجب ربط التغيرات في العادة، والذوق، والكتابة، واهتمامات الكتاب، مع تقلبات السياسة، والتحولات في التفكير الديني، وتطورات الحياة الاجتماعية، وتغيرات النموذج الفني والذوق، ...... الخ يجب...... لن أكمل.".هذا البرنامج الطموح، غير المحدود هو الذي أعاد أخذه رولان بارت: "دراسة الوسط، أو الأوساط؛ و"الجماهير"؛ و"التكون العقلي لهذا الجمهور"، والمؤلفين؛ وأخيراً "أعمال العقلية الجماعية" (آخذاً، بخصوص راسين، أمنية جان بومييه. "بتاريخ الأسطورة الراسينية"، أي البحث في الأوجه التي أعطاها النقد لراسين وعمله)، وأكثر من ذلك "تاريخ الخيال في القرن السابع عشر"إننا نرى أن هذا البرنامج يمس، في الوقت نفسه، تاريخ المجتمعات والعقليات، وعلم اجتماع الأدب والأدب العام، تحت زاوية العلاقات بين الأدب والمجتمع.كانت جمالية التلقي قد درست بعض المسائل المتعلقة بالجمهور، وبعضها الآخر كان قد درس منذ سنوات طويلة من قبل بيير بورديو، وفريقه، وهي تصنف "الحقل الأدبي"، والأدب (كمؤسسة)، وتحلل المكانة الاجتماعية، والسياسية للكاتب داخل هذا (الحقل)، وأخيراً، هناك مسائل أخرى موجهة نحو (المستوى الثالث)، وهو مفهوم يعيد (بعد السياسي والاقتصادي) إلى تاريخ العقليات.بالنسبة لرولان بارت، لا يمكن فصل (تاريخ الأدب) عن (تاريخ فكرة الأدب نفسها)، وهذه بديهية أساسية تحدد هذا الجسر الضروري بين التاريخ الأدبي والنظرية الأدبية: يتحدث بارت عن (هذا النوع من الأنطولوجيا- علم الكائن- التاريخية) التي يجب تأليفها: مازال البحث موضع اهتمام ورعاية، ولكنه لم يَقَوَ على نسيان بعض المشاكل الخاصة، ويمكن أن نقول "مشاكل شعرية"، وأخذ مثالاً من البلاغة الكلاسيكية المدروسة بصورة سيئة، (إن ما تفرضه اللغة- عبر رموز البلاغة كلها- هو تقطيعاً للعالم) و(شكلاً للعالم) مهماً بمقدار أهمية التقديم التاريخي بالنسبة لتاريخ الرسم، وهكذا انتهى إلى أن الأدب ينتظر Francastel، مشيراً بذلك إلى مؤرخ الفن بيير فرانكاستيل المهتم بإقامة روابط بين المجتمعات والأشكال الفنية، كان يمكنه أيضاً أن يذكر هنري فوسيلون، وإيرفان بانوفسكي، أوآرنست كاسيريه، ضمن منظورات تاريخ ثقافي.بصورة أدق لنقف عند المسار الذي تقترحه مقالة رولان بارت:1- اختبار التاريخ.2- زمن الدراسة الشكلية.3- ضرورة المقاربة النظرية، العامة.