يخط الشاعر والناقد والمترجم إيف بونفوي بإرادة طرقاً تقود من الفن إلى اللغة عندما يتحدث عن الرسامين. بخصوص الرسام بيسيير ، يلاحظ أن: (الفن الحديث وُلِد من خسارة، خسارة الوحدة التي كانت تحافظ قديماً، ضمن عروضنا وممارساتنا، على شبكة من التفكير الرمزي. إنه معاصر للغات التي منع تطورها التصوري الزائد من سماع الشائعات الأخيرة التي جاءت من جانب الإشارة. لقد أخذت أعماله الأكثر خصوصية، في زمن المنفى هذا، جانب كلماتنا العمياء ضد الأرض التي لم تعد تحبها. كلمات لها مطلقها، في القوة، ولكن كمادة خالصة، ويأس: هذا ما يعرفه الشخص المخاتل منذ فتوة اللغة".يمكن أن يكون بناء إعادة أخذ بعض الإنتاج الأدبي (والنقدي) المعاصر وقراءته بالمقارنة مع ما يقترحه إيف بونفوي: إزالة تفكير رمزي وتحويل كلمات إلى إشارات تريد أن تكون ظلالاً؛ وإشارات، مثلما يقول: "لا تنبسط إلا لتحثنا على نسيان ما تسميه".يمكن لهذا التساؤل حول الفن الحديث، إذن، أن يقارن مع كتابات روبير كلان التي تنتقل من فن عصر النهضة الذي كان كلان أحد عارفيه المرهفين إلى الفن الحديث الذي لم يتوقف عن دراسته من أجل فهمه. ستسمح بعض الدراسات التي تركز على ضياع (المرجعية) أو على (اختفاء العمل الفني) بدمج البعد التاريخي بالفكر النظري.ليس مضراً الإشارة إلى أن ناقداً معاصراً هو بيرنارد سيسون، يربط، عند تقديمه عمل الرسام سولاج كمثال على (العمل المسلسل)، هذا المفهوم التأسيسي للرسم الحديث (السلسلة) مع ما سمّاه روبير كلان (احتضار المرجعية) .ينتج عن ذلك، بحسب بيرنارد سيسون سمات عدة لتعريف نشاط فني آخر: لم يعد العمل مقنعاً بل بارزاً، ويصبح الرسم (مرجعيته الخاصة)، ولم يعد الرسم إلا (لحظة) ولا يمكن الإمساك بها، إذن، إلا في سيرورتها، و(تُلغى المرجعية) و(يلغى السمو) إذن، ويتحول العمل إلى عمل (أصيل)؛ ويصبح العمل بنفسه (أصالته)، إنه الضمانة الوحيدة لمصداقيته ضمن السلسلة. يستحق هذا التطور الجمالي أن يوضع في موازاة بعض التظاهرات الأدبية المعاصرة، أو بصورة أدق، بعد الحداثية: هنا أيضاً توجد مسألة تشكيل وثيقة مرجعية.