المقصود هنا إعادة بناء جو من التفكير، والرأي في مواجهة العالم الأجنبي، ودور الأجانب في تكوين هذا الرأي، وتقويم فائدة المحادثات، والكلام المتبادل، والصداقات بين الأدباء، والكتّاب الذين يفضلون المعرفة المتبادلة للثقافات. بذلك، يمكن إعادة تشكيل حياة الأمريكيين في باريس فيما بين الحربين العالميتين، من خلال التنقيب عن علاقاتهم، وصداقاتهم، والدور الذي أدته مكتبة (أدريان مونييه) في شارع (أوديون)، أو مكتبة سيلفيا بيش (شكسبير وجماعته) في شارع الأرصفة. يمكن أيضاً أن نقرأ الصورة التي أعطاها عنهم همنغواي في (باريس حفلة)، مع عدم نسيان البعد الأدبي للشهادة .تهتم بعض الدراسات عن الوسطاء بإعادة بعث كتّاب مبتدئين، وتضحي بالسيرة العقلية، وتقع بذلك في دراسة أحادية الجانب تجد المقارنية مكانها فيها بصعوبة أوبصورة عرضية. إن اختبار العالم الخارجي هوالموضوع المقارن. والفعل (التوسطي) لكاتب وإن يكن من (الطبقة الثانية). وما يجب شرحه أحياناً، ودون أي تناقض، هوغياب الاتصالات، وسوء التفاهم، والجهل.يمكن لدراسة اللقاءات والاتصالات أن تفيد تاريخ الأفكار، والطباع، ولكن ليس تاريخ أشكال الأدب، وأجناسه، والمقاربة الشعرية له , إن لقاء أندريه بريتون، و إيميه سيزير عام 1941 في فوردوفرانس، مثلما رواه الأول في (سحر مارتينيكي للثعابين) بعيد عن أن يكون للتندر، بل يخص التاريخ السياسي، والإيديولوجي، وتاريخ الحركة السوريالية ضمن امتداداتها في جزر الكارييب وأمريكا.ولكن يجب أخذ النص المقبوس كنوع من وصف رحلة غريبة، وليس كوثيقة في المعنى الضيق للكلمة. يختفي تاريخ الاتصالات ليحل محله تسجيل رحلة، ولقاء، واكتشاف من قبل شاعر فرنسي لفضاء (فرنسي)، ومع ذلك غريب بصورة عميقة : وهذا مثال جيد عن مقارنيه (داخلية). تتحول معرفة العالم الأجنبي إلى كتابة، وتقديم فضاء، وثقافة غريبين. ليس هناك أدنى شك في أن أندريه بريتون كان أيضاً وسيطاً بالنسبة لسيزير (وبالعكس، إذا تذكرنا اكتشاف مجلةTropiqnes، أو الرحلة حتى شق أبسالون، على بعد كيلومترات قليلة من فوردو فرانس !)ولكن لايمكن إهمال هذا المستوى البيوغرافي، الطارئ على تحليل (التأثيرات)، على الرغم من الإشارات الواضحة على الكتابة السوريالية عند الشاعر المارتينيكي.لايمكن لعملية التوسيط أن تعني التأثير : يبدو أن الخلط حدث في الماضي بسبب التصور الميكانيكي للتبادلات. ما الذي يمكن إنقاذه أوالمحافظة عليه من التساؤلات التي تبقى، مع ذلك، أساس الدراسات المقارنة؟ ضمن نظام من الأدبية المتنامية، يمكن أن نميز المناطق، ، والمراكز، وأنصار الأممية، مثل المجلات أوالوسطاء، والحالة الخاصة التي يمثلها الرحالة، وأدب الرحلات.