تطورت حساسية الرحالة في العقود الأخيرة من عصر الأنوار. وستجلب اهتمامه وتفكيره مراكز جديدة: تعدد النظام، ولم تعد الوحدة أو التركيب موضوعات الرحالة، ولكن غالباً الانفعال، وسحر اللحظة، وتذوق (المثير)، وهو مفهوم عمل منه ويليام جيلبان نظرية عام 1792. بعد عقود عديدة من ذلك، أصدر ستاندال (مذكرات سائح)، وكان مايزال يحلم برحالة هاوٍ، ونرجسي .كلما تقدمنا في القرن التاسع عشر، نلاحظ أن البحث عن الغريب في الزمن والفضاء يسهم في تنشيط متعدد الأشكال (لمثير آخر)، في حين كانت تكتب آخر انفعالات الرحالة الوحيد (قَلّ ذلك بصورة مطردة، والرحالة الوحيد يعرف ذلك، ويتألم منه ) .يضاف إلى النخبة المتنورة، والمتجول الرمانسي أوالساخر (هين مثلاً)، فرق السيد بيريشون التي أرادت، بمساعدة السكك الحديدية، أن تسجل انطباعاتها (كسائحين) في الكتاب الذهبي للفندق الذي نزلت فيه. وفي القسم الأخير هذا من القرن المنشغل بالتطور والحداثة، يسعى السائح الأوربي نحو الأراضي التي نسيها كليو أو لم يغزها : وهي أراضٍ تغوص في الماضي السحيق .في الغرب، تضع الفضاءات الإيبرية (إسبانية والبرتغال) في متناول اليد، هذا الخليط الماضوي، المغلوط تاريخياً، حيث البؤس، والارستقراطية (ترياق العصر البرجوازي)، والدخيل الشرقي يشجع الرحالة الراغب في التطواف من أجل أن يجد استيهاماته بصورة أفضل. هذا هو العصر الذي يعلن الرحالة فيه نزوعه الطبيعي، أو إرادته في الاعتراف، والاستسلام، والانتقال للذوبان في منطقة أخرى من أجل أن يجد قوة الفعل والحلم، المستهدفة من الجهات كلها من القوى المؤقتة، أو من النظام المطلق، إنها دعوة لا تقاوم من مناطق أخرى مثل منطقة (توليد) الحارقة، أوالمشرق بالنسبة لباريس القادم من برد منطقة اللورين ،ومن مناطق مقابلة مثل فينيسا التي ارتحل إليها الكاتب (آخين باخ )ليجد الحياة الحقيقة، وحقيقته، والجمال والموت.