سيكون القارئ يقظاً حيال سر الرحلة مثلما قدمت، وأحياناً مثلما أعيد تركيبها. من المهم الإمساك بإيقاع الكتابة، وتفصيل الجمل من أجل ذلك : الأوضاع المادية والأخلاقية للرحلة، والاستعدادات، وظروف الانطلاق، واللحظات المهمة، والطوارئ الأساسية (الأشياء كلها التي يمكن أن تظهر في نص روائي : نفكر بالمئة صفحة من - رحلة إلى مركز الأرض _ وهي عرض روائي لرحلة يمكن أن تكون حقيقية).نتابع عن قرب الاتصالات الأولى، وانطباعات الوصول، وهذا يؤكد أو يلغي أفكار البداية، والأحكام المسبقة، والموقف العام للرحالة، واستعداده، ورفضه، وانتظاراته، ورغباته. وتصورات العودة : بداية ظهورها، لحظات الحنين أو السعادة التي ترافقها، طريقة الانتهاء، وجود البعد التعليمي أو غيابه. بالنسبة للرحلة تحديداً، يؤخذ بعين الاعتبار الزمن المستخدم، وفترة الانتقال، والفصل المختار، و الحجج المقدمة أو غيابها. سنواجه تنظيم الرحلة (إيقاع الكتابة )، وتأليف العمل، من أجل الكشف عن بعض المبادئ التي لها سمة بنى النص، أو انقطاعاته الممكنة.لنعد مرة ثانية إلى هذا الإيقاع من أجل ملاحظة التغيرات كلها التي تطرأ على الانتقال : النزهة (صباحية، أو مسائية، أو ليلية )، التسكع، جولة قصيرة طارئة أو بالعكس مخطط لها ، الاكتشاف الأول لمدينة معينة، والزيارات، وما الذي يحول الرحلة إلى نزهة، واستكشاف (مقدمة هكذا من قبل الرحالة، لكن ليس دون دعابة أحياناً)، وما الذي سيكون جولة جسدية، والانتقال، ووسيلة النقل المستخدمة. إن ما يمكن أن يبدو مشكلة ذات سخافة أدبية كبيرة بالنسبة لبعضهم، يصبح من أهم المسائل المطروحة من خلال وصف الرحلة: يعتمد الإيقاع الفيزيزلوجي في مقابلة إيقاع الكتابة على وسيلة النقل المعتمدة، في قسم يجب تحديده. شهدت حقبة نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، التي نستطيع أن نسميها (العصر الذهبي)، تعايشاً بين إمكانيات عديدة مثل : الرحلة على الأقدام، أو على ظهر الحصان أوعلى ظهر بغل أو حمار، مثل ر. ل. ستيفنسون (حالم كبير بفضاءات بحرية، ومكتشف) (cevennes )، أو في عربة، أو قطار، أو سيارة. من الواضح أن العلاقة مع المنظر، والفضاء الأجنبيين تعتمد على وسيلة النقل. ويعتمد عليها كذلك تنظيم الوصف، السكوني والعملي.للعصر الذهبي نفسه الخيار بين ثلاث مرجعيات : أولاها مرجعية الرسم (تقديم منظر حضري مثل السوق، على شكل لوحة، مع مفردات مناسبة _- أو مخطط أولي، وتمييز المخططات المتتابعة، والتوزيع إلى مجموعات، ولعبة أشكال المجلدات والألوان)، والمرجعية الثانية هي التصوير الذي يوسع من الجزء المعطى لوجهة النظر. والمرجعية الأخيرة هي التصوير السينمائي. استخدم هذا الفن في بداياته لترجمة السرعة !! إحدى الأساطير المتوارثة عن الرومانسية، ونفكر أيضاً بالمشكال في بداية (البحث عن الزمن الضائع ).