إذا أخذنا الوجه اللغوي، تحديداً، يستطيع المقارن أن يقابل حقيقة الترجمة، ضمن الأبعاد التي يعرفها (تاريخية - شعرية) مع الرؤى النظرية لبعض اللغويين (المعاصرين للنص المدروس)، أوالحاضرين عن طيبة خاطر، على شكل تدريب على تأملات عامة) مثل جورج مونان في كتابه (المشاكل النظرية للترجمة ) حيث نستطيع التأمل في (النظرية) (التصورية اللغوية المطلقة )، والمواقف المطلقة لأنصار الاستحالة النظرية لكل ترجمة. بعد التذكير بالآراء التي تؤيد تعذر الترجمة (من و. فون هو مبولد إلى موريس بلانشو مروراً بريلكه الشاعر والمترجم المدقق ولكنه يظن، ليس دون حق، أنه لايمكن التعبير عن كل ما يصل إلينا)، عاد إليها جورج مونان ليأخذ منها نظرية كليات اللغة ، مقتفياً أثر يوشوا واتموغ، و - أ. مارتينيل. الفكرة هي التالية :مهما تكن اختلافات أوجه اللغة، فإن هناك كليات (أساسية، جوهرية للغة والتي تظهر ثانية في اللغات المتميزة التي اختبرت حتى الآن كلها " إنها سمات توجد (في اللغات كلها ).يوجد، وسيوجد كليات تتعلق بنشأة الكون، وكليات بيئوية مثل البرد، والحر، والمطر، والريح، والأرض، والسماء، وعالم الحيوان، وعالم النبات ...إلخ. وهناك أيضاً كليات (بيولوجية) مثل الغذاء، والشراب، والتنفس، والنعاس، والإفرازات، والحرارة، والجنس، فهي إذن كليات (تشريحية ).سيكون مهماً ومفيداً خاصة، مقابلة مثل هذا الموقف مع مفهوم (الثبات) الذي مر سابقاً، أو مفهوم (النموذج المثالي) في المعنى الذي يستعمله جيلبر دوران. بإمكان الدراسة المقارنة أن تستعمل، بصعوبة، مفهوم (كلي )، ويبدو أنه يجب عليها أن تتمسك بفهم الحد الذي من الممكن عنده قبول مفهوم (متعذر ترجمته) (في مجال الحقائق الثقافية). تظهر مقابلة سريعة بين نص - مصدر، ونص - مستقبل في لغات متجاورة ظاهرياً مثل لغات لاتينية حديثة كالفرنسية والإسبانية، أن اللون لن يستطيع أن يكون كلياً في المعنى الذي قصده جورج مونان : سواء فكرنا بالتلون (كاستيلان، الأندلس، " غجر "؟)، أم بقصائد لوركا.إذا انتقلنا من المعجم إلى النحو، نلاحظ أن نصاً أوقصيدة تستغل فعلاً لغوياً، وقواعدياً، من أجل صنع فعل شعري. ضمن هذه الظروف، تتغير لغة التواصل، الخطية، إذا استطعنا القول، إلى كلمات تعبر أوتقيم فضاءً شفوياً، ونحوياً، وصوتياً، وإيقاعياً من المهم التعرف على مبدأ تشكله، والبؤر المحرضة التي لا يسمح فحص السطح بعزلها. بعد ألدوس هو كسلي، يمكن التفكير بتناغم كتابة، أي مجموع التداعيات التي يمكن أن تتشكل انطلاقاً من كلمة، أو جملة في فكر البشر الذين يشتركون في لغة وثقافة واحدة وسنقتنع أنه يوجد تجمعات صغيرة تقاوم الشعرية، وعناصر لايمكن ترجمتها في الكلمات وفضاء النص. سندرسها ضمن الحد الذي نستطيع القول فيه، دون تناقض، إن الترجمة تشير إليها، وتولدّها، وتلغيها، وتجعل منها سببها في الوجود .أخيراً، تقدم الترجمة، بالنسبة للمقارن، تصورين للتأمل النظري يتعلقان بمنهجها ذاته. فمن جهة، تتطلب الترجمة، إلى نقطة معينة، عرضاً مبدئياً للثقافة - المصدر، ومن المناسب استخدام معطيات تقوم على (علم الأمجيّة ) (انظر الفصل التالي ). ومن جهة أخرى، يؤمن المترجم، من خلال عمله، استمرارية حياة العمل، تعدد الترجمات من أوجه العمل - المصدر وتعطي إلى قارئ الثقافة - المستقبلِة، إمكانيات قراءات وتفسيرات جديدة. إن مجموع القراءات والتفسيرات المتولدة هذه، والتي تنبعث من عمل أجنبي مترجم، هي ما نسميها الآن استقبالاً أو تلقياً.