يرتبط مفهوم (المتلقي) في كتاب بيشوا - روسو، وفي كتاب برونيل - بيشوا - روسو، بدراسة (التأثيرات)، و (المصادر) (يعيد هذا القول إلى أسس العلم). من هنا يأتي الاقتراح المزدوج : " تقود دراسة التأثيرات من المرسلين إلى المستقبلين. في مقابل ذلك، فإن دراسة المصادر تعيد الأمر إلى نصابه، وربما تتطلب أيضاً مزيداً من الحصافة والقدرة النقدية ".كذلك كانت دراسات التأثير قد قدمت بوصفها متفوقة على الدراسات المخصصة للمصادر. ما هو سبب مثل هذا التفضيل؟هناك عناصر يمكن كشفها في الحالة الأولى مثل (الترجمات، والاقتباسات)، أما في الحالة الثانية فإن (الغوص في المصادر يعد مغامرة ضمن غموض الإمكانيات "، وهو يشكك خاصة بآليات الإبداع التي من الصعب دراستها، ويبدو أنها أصعب من هذه (الدراسة السببية التي يتطلبها التأثير "، والذي (يبقى أحد الموضوعات الرئيسية للأدب المقارن ". امتلك هذا (الهدف الرئيسي) قديماً وجهاً مزدوجاً كان قد حدده المقارن بازيل مونتينو منذ عام 1952 عندما قال : " إننا نرى جيداً التأثير الممارس، ولكننا نجهل جميعاً التأثير الذي طرأ " وأضاف : " وعليه فإنه يحصل أن التأثير لايصبح حقيقة خالقاً لقيم إلا عندما يُتعرض له. " هكذا، استطاع أن يواجه تحت الكلمة نفسها نظامين من المسائل : النظام الأول سنسميه في الشعرية (التناصية )، وطرح التاثير أيضاً في كتاب بيشوا - روسو كهذه الآلية الدقيقة والغريبة التي بواسطتها يسهم عمل في ولادة عمل آخر والتي سترجع إلى التأثير الذي طرأ، أما النظام الآخر فإنه يقوم على دراسات (التلقي) ويتطابق مع التأثير الذي يمارس، والذي هو دائماً، اليوم مثل عام 1952، واضح ويمكن حصره. مثلما لاحظ إيف شيفريل في كتابه (الوجيز) : " لاتستند الدراسات المقارنة للتلقي إلى احتمالات القراءات، ولكن إلى القراءات التي تمت حقيقة ."يجب انتظار عام 1989 من أجل أن تدخل (دراسات التلقي) ضمن كتاب مقارني بصورة مستقلة. في الواقع، عام 1983، خُصص مقطع لها نس - روبيرياوس، ومدرسة كونستانس، في منتصف الفصل الذي يتحدث عن (الثروة، والنجاح، والتأثيرات، والمصادر)، ولكن مجموع التطور كرّس للاختلافات بين المفهومات المجموعة في العنوان. النجاح يعارض الثروة (مجموع الشهادات التي تظهر الفضائل الحيّة لعمل معين)، والتأثير بصورة خاصة. النجاح كمي، والتأثير كيفي، إنه (يقدر نفسه). هل انبثق التلقي من هذه المسألة، وهذا (البرهان) كما يسميه إيف شيفريل : الكمي أو الكيفي؟ ولكن في المحصلة، يجب الاعتراف ثانية أن دراسات التلقي تقوم بدور على أرضية آمنة، ومعروفة، ومرسومة. إنها تشتمل على إشكالات النجاح (التي تقوم بصورة أساسية على البحث الحدثي ، والاجتماعي، والتاريخي) والثروة التي تفهم على أنها دراسة نقدية ذات مجال واسع للشهادات النقدية التي يثيرها تلقي العمل الأجنبي (عن طريق الترجمة غالباً)، إنها شكل من (ما وراء الأدب)، سيقوم المقارن انطلاقاً منه بالتصنيف، والتقويم، ومقارنة (القراءات)، ومختلف طرق الاستقبال والشرح. يذكر هنا أن جمالية الترجمة تسعى إلى أفق تأويلي.