أدب المقارن نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أدب المقارن - نسخه متنی

عبده عبود

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

بالآداب الأجنبية متعدد الأشكال، وهذا
لايضيرها أيضاً، بل يدلّ على حيويتها.
فنحن نعيش في زمن غدا فيه الاكتفاء الذاتي
للآداب ضرباً من الوهم. لقد مدّت الترجمة
وتعلّم اللغات الأجنبية ودراسة الآداب
الأجنبية والاطلاع عليها جسوراً بين
الآداب لا سبيل إلى نسفها ولا إلى تجاهلها.
وما دام الأمر كذلك فإنّ المنهج المقارن هو
المنهج الأصحّ لدراسة الأدب في عالم اليوم.
وهذا لا ينطبق على اتجاه مقارنيّ بعينه. بل
ينطبق على الاتجاهات المقارنة كلها،
بدءاً بالمدرسة التاريخية المعروفة
بالمدرسة الفرنسية وانتهاء بالمدرسة
التناصيّة، مروراً بالمدرسة النقديّة أو
الأمريكية وبالمدرسة الماديّة الجدلية أو
الماركسيّة.فإذا نظرنا إلى الأدب المقارن
باعتباره العلم الذي يدرس "العلاقات
الروحيّة الدولية" على حدّ تعبير المقارن
الفرنسيّ غويار (5) ، نجد أنّ لنا مصلحة
ثقافية كبيرة في أن نعرف ما يستقبله أدبنا
من مؤثرات أدبية وفكرية أجنبيّة،
ومايرسله إلى الآداب الأجنبية من مؤثرات
أدبية وفكرية. إنّ مصلحتنا الثقافية تقتضي
أن تكون علاقاتنا الأدبية بالعالم
الخارجيّ علاقات متوازنة. بعيدة عن
الانعزالية والتبعية. فاستقبال الآداب
الأجنبية من قبلنا يعرّفنا بتلك الآداب
وبشعوبها، وهذا مكسب ثقافيّ لنا. كذلك
فإنّ استقبال أدبنا العربيّ في العالم من
خلال الترجمة إلى اللغات الأجنبية يعرّف
الأمم الأجنبية بثقافتنا ومجتمعنا
وقضايانا ويبرز الوجه الحضاريّ لأمتنا. (6)
وهذا أمر بالغ الأهمية. فأعداء الأمة
العربية حريصون كلّ الحرص على إخفاء
منجزاتها الحضاريّة والتعتيم على
ثقافتها، وهم يسعون لتقديم العرب للعالم
في صورة شعب همجيّ ليس له حضارة. وعندما
يتعرّف العالم الخارجيّ إلى أدبنا
مترجماً إلى اللغات الأجنبية، يصبح أكثر
تفهمّاً لقضايانا وتعاطفاً معنا. إننا
نعيش في عصر تحققت فيه نبوءة غوته
المتعلقة بالأدب العالميّ. (7) فهذا العصر
عصر "عولمة الثقافة". وفي هذا العصر تقدّم
كلّ أمّة نفسها للعالم عبر أفضل ما لديها
من إنجازات ثقافيّة. وعلى تلك الخلفية
تحوّل التبادل الأدبي إلى شكل هامّ من
أشكال التعارف بين الشعوب. وإذا نظرنا إلى
الأدب المقارن باعتباره "علم العلاقات
الأدبية الدولية" نرى أن هذا العالم
يستطيع أن يقدّم لنا الشيء الكثير، وأن
يساعدنا في صياغة علاقات أدبية متوازنة،
تأخذ من الآداب الأجنبية أفضل وأجمل
مافيها، وتقدّم للعالم الخارجيّ أجمل
وأفضل ما في أدبنا من أعمال. لقد تحوّل
التبادل الأدبيّ إلى مقوّم رئيس من
مقوّمات حوار الثقافات. والأدب المقارن
يساعدنا في أن نشارك في ذلك الحوار بنجاح.
وإذا أخذنا الأدب المقارن بمفهومه النقدي
الذي يعرف بالمدرسة الأمريكية، ذلك
المفهوم الذي يدرس الأدب المقارن بموجبه
الظواهر الأدبية في جوهرها الجماليّ
بصورة تتجاوز الحدود اللغوية والقومية
للآداب من جهة، ويقارن الأدب بالفنون
ومجالات الوعي الإنساني الأخرى من جهة
ثانية، فإنّ استخدام هذا المنهج المقارن
في دراسة الأدب العربي أمر عظيم الفائدة.
فالعديد من ظواهر الأدب العربي لا يفهم
بصورة سليمة إلاّ إذا استخدم المرء ذلك
المنهج. هل يمكن أن تفهم أجناس رئيسة في
الأدب العربي، كالمسرحية والرواية
والقصّة القصيرة والأقصوصة، مالم تؤخذ
أبعادها الخارجية والعالميّة في الحسبان؟
وهل يمكن أن تفهم المدارس والاتجاهات
الأدبية، الفنيّة والفكرية، في الأدب
العربي الحديث بمعزل عن تلك الأبعاد؟ من
يستطيع أن يفهم الرومانسيّة في الأدب
العربي بمعزل عن تأثرها بالرومانسيّة في
الآداب الأوروبية؟‌! ألم يتفاعل الأدب
العربي، قديمه وحديثه، مع الاتجاهات
الفكريّة الأجنبيّة، بدءاً بتفاعله مع
الفلسفة اليونانية القديمة والحكم
الهنديّة والفارسيّة، وانتهاء بتفاعله مع
الفلسفتين الأوروبيتين الحديثتين
الوجودية والماركسية؟ (8) وماذا عن علاقة
الأدب العربي بالفنون التشكيلية
وبالموسيقى والغناء؟ أليس من المثير
معرفيّاً أن تدرس تلك العلاقة وأن يظهر
الباحثون أوجه التشابه والاختلاف بين
تطوّر تلك الفنون وبين تطوّر الأدب
العربي؟ وماذا عن عالميّة الأدب العربي؟
إنّ مفهوم "الأدب العالمي" هو أحد المفاهيم
الرئيسة في الأدب المقارن، ونحن معنيّون
بأن يتجاوز الأدب العربي حدود المحليّة،
وأن يُعترف به كأحد الآداب الكبرى في
العالم. وهذا لا يمكن أن يتمّ ما لم يترجم
أفضل أعماله إلى اللغات الأجنبية، ويقدّم
نقديّاً بصورة مناسبة، ويستقبله المتلقون
في العالم على نطاق واسع. أمّا العلم الذي
يرصد مدى نجاح الأدب العربي في بلوغ
العالميّة إنتاجاً وترجمة وتوسيطاً

/ 60