بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
مشرك. إن من يرائي بين الناس برياسته الدينية وإمامته وتدريسه وصومه وصلاته وبأعماله الصالحة لأجل الحصول على المنزلة في قلوبهم، فهو مشرك. وإنه لن يكون مشمولا بمغفرة الله تعالى حسب الآية الشريفة وأخبار أهل بيت العصمة ـ صلوات الله عليهم ـ. إذاً؛ فيا ليتك كنت من أهل الكبائر، ومتجاهراً بالفسق، ومنتهكا للحرمات الظاهرية، وكنت موحدا ولم تشرك بالله. فيا أيها العزيز؛ فكّر لتجد سبيلا لنجاتك، واعلم أن الشهرة ين هؤلاء الناس وَهمٌ باطل، إنها ليست بشيء. إن قلوب هؤلاء التي لو أكلها عصفورا لما شبع، إن هي إلا قلوب ضعيفة تافهة، ولا طاقة لها على شيء وإن هذا المخلوق الضعيف لا حول له ولا قوة. القوة هي قوة الله المقدسة، فهو الفاعل المطلق ومسبب الأسباب. ولو اجتمع الناس جميعا وكان بعضهم لبعض ظهيرا، لما استطاعوا أن يخلقوا ذبابة، وإذا سلبت منهم الذبابة شيئا لما استطاعوا استرجاعه منها. كما جاء في الآية الكريمة: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لاَ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}^. القوة لله تعالى وهو المؤثر في جميع الموجودات. اكتب على قلبك بمداد العقل ـ مهما قاسيت في ذلك وعانيت ـ أن: «لا مؤثر في الوجود إلا الله» !. ادخل في قلبك بأية وسيلة كانت، التوحيد العملي وهو أول درجات التوحيد، وأجعل قلبك مؤمنا ومسلما، وأختم على قلبك بهذه الكلمة المباركة بالختم الشريف «لا إله إلا الله» وأجعل صورة القلب صورة كلمة التوحيد، وأوصله إلى درجة «الاطمئنان»، وافهمه أن الناس لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، فالله وحده هو النافع والضار. أزل هذا العمى عن عينك، وإلا فستكون ممن يقول: {... رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا} ^. وتحشر يوم كشف السرائر، أعمى. وأعلم أن إرادة الله تعالى قاهرة لجميع الإرادات، وإذا اطمأن قلبك بهذه الكلمة المباركة وتسلّم لهذه العقيدة، فالأمل أن ينجز عملك، وتستأصل جذور الشرك والرياء والكفر والنفاق من قلبك. واعلم أن هذه العقيدة الحقة مطابقة للعقل والشرع وليس فيها شبهة الجبر، وهي الشبهة التي من المحتمل أن يعتقد بها بعض من لا إطلاع لهم على مبادئ الموضوع ومقدماته ولم يطرق سمعهم شيء من تلك الأمور، مع أن ذلك يرتبط بالجبر فهو توحيد والجبر شرك، وهذه هداية والجبر ضلالة. وهذا ليس مكانا مناسبا لبيان الجبر والتفويض، ولكن الأمر واضح عند أهله ولا حق لغيرهم بالدخول في هذه المواضيع، بل وقد نهى صاحب الشريعة عن الدخول فيها. وعلى أي حال؛ أطلب من الله الرحيم في كل حين، وخصوصا في الخلوات، وبتضرع وعجز وتذلل، أن يهديك بنور التوحيد، وأن ينوّر قلبك ببارقة غيب التوحيد في الإيمان والعبادة، حتى تعلم أن جميع العالم الواهي وكل ما فيه يكون لا شيء، واسأل الذات المقدس بكل تضرع أن يجعل أعمالك خالصة وأن يهديك إلى طريق الخلوص والولاء. وإذا واتتك حالة السمو الروحي، فذكر بالدعاء هذا العبد الضعيف العاطل الخالي من الحقيقة الذي ضيع عمره في ال هوى، وأصبح قلبه بسبب كدر المعاصي والأمراض القلبية بحيث لم تعد تؤثر فيه أية نصيحة ولا رواية ولا برهان ولا دليل ولا آية، لعله يجد بدعائكم طريق النجاة، فإن الله لا يرد دعاء المؤمن في حضرة، بل يستجيب دعاءه. بعد التذكير بهذه المطالب التي كنت تعرفها ولم تكن جديدة عليك، راقب قلبك وأنتبه له، وأخضع أعمالك وتعاملك وحركاتك وسكناتك للملاحظة، وفتش في خبايا قلبك، وحاسبه حسابا شديدا مثلما يحاسب شخص من أهل الدنيا شريكه، وأترك كل عمل فيه شبهة الرياء والتملق ولو كان عملا شريفا جدا. وإذا رأيت أنك لا تستطيع أداء الواجبات بإخلاص في العلن، فأدها في الخفاء مع أنه يستحب الإتيان بها في العلن. وقليل ما يتفق أن يقع الرياء في أصل الواجب، والأغلب أن يقع في الخصوصيات والمستحبات والإضافات، وعلى أية حال؛ طهّر قلبك من دنس الشرك بجد ومجاهدة شديدتين، لئلا تنتل من هذا العالم ـ لا سمح الله ـ وأنت بهذه الحال السيئة من دون أن يكون لك أمل بالنجاة أبدا، ويكون الحق المتعال غاضبا عليك، كما ورد في