اسلام بین کینز و مارکس و حقوق الإنسان فی الإسلام نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

اسلام بین کینز و مارکس و حقوق الإنسان فی الإسلام - نسخه متنی

نعیمة شومان

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

العكس- نمت تلك القوى في فرنسا وبريطانيا
وألمانيا نمواً هائلاً، ودخلت هذه البلاد
مرحلة عالية من التصنيع، ومع ذلك، فبمقدار
ارتفاعها في هذا المضمار، كان بعدها عن
الثورة ونجاتها من الإنفجار الثوري
الشيوعي المحتوم في مفاهيم المادية
التاريخية. أي أن الاتجاه الثوري في روسيا
لم يخلق نتيجة للثورة الصناعية وتطور
وسائل الإنتاج، بل العكس هو الصحيح، فقد
جاءت الثورة الصناعية كنتيجة للثورة
السياسية، فكان الجهاز الانقلابي في
الدولة هو الأداة لتصنيع البلاد وتطور
قواها المنتجة، وليس التصنيع هو الخالق
لهذا الجهاز.
وإن كان من الضروري أن نربط بين الثورة من
ناحية، وحركة التصنيع ووسائل الإنتاج من
ناحية أخرى، فالتطبيق أثبت عكس العلاقة
التي حددتها الماركسية.
فروسيا، مثلاً لم يدفعها نمو الإنتاج إلى
الثورة بمقدار ما دفعها انخفاض تلك القوى
وتخلفها الخطر عن ركب الدول الصناعية التي
قفزت بخطوات عالية جداً في مضمار الصناعة
والإنتاج.
فكان لابد لروسيا، لكي تحتفظ بوجودها
الحقيقي في الأسرة الدولية وتنجو من
الاحتكارات التي أخذت تقيمها الدول
السباقة، وتفرض كيانها كدولة حرة على مسرح
التاريخ، من إنشاء الجهاز السياسي
والاجتماعي الذي يحميها من تلك
الاحتكارات، ويحل مشاكلها التصنيعية حلاً
سريعاً، ويدفع بها إلى الأمام في حلبات
التصنيع، ومجالات السباق الدولي.
ومن ثم، فإن الثورات الداخلية في روسيا
ماكان لها أن تنتصر بفعل التناقضات
الطبقية المفروضة -حسب النظرية- بمقدار ما
اعتمدت على انهيار الجهاز السياسي الحاكم
انهياراً عسكرياً في ظروف حربية قاسية،
كانهيار الحكم القيصري عسكرياً في ظروف
حربية (الحرب العالمية الأولى)، الأمر
الذي مكن قوى المعارضة، وعلى رأسها الحزب
الشيوعي، من الانتصار السياسي، وإقامة
الحكومة الاشتراكية.
وشيء آخر جدير بالملاحظة، هو أن الحكومة
الاشتراكية نفسها، بحكم السلطة المطلقة
التي لاحدود لها، التي مارستها، هي التي
ساهمت في خلق أسباب وجودها والمبررات
الماركسية لنشوئها؛ فهي التي أنشأت
الطبقة التي تزعم أنها تمثلها، كما أنها
هي التي نقلت وسائل الإنتاج والقوى
المنتجة إلى المرحلة التي أعدها (ماركس)
لاشتراكيته العلمية.
والصين، البلد الآخر الذي ساد فيه النظام
الاشتراكي بالثورة، ينطق أيضاً بالتناقض
الواضح بين النظرية والتطبيق.
فلم تكن الثورة الصناعية -التي لم تبدأ
بالفعل إلا بعد وفاة (ماو) وانفتاحها على
الغرب وتخليها عن مقومات الاشتراكية
الأساسية- هي العامل الأساسي في تكوين
الصين الجديدة، وقلب نظام الحكم فيها، ولم
يكن لوسائل الإنتاج (التي مازالت حتى عهد
قريب تقليدية) أي دور في ذلك، ولم يكن
لفائض القيمة الصناعي (فالصين بلد زراعي،
بل ويحرص على أساليب الزراعة التقليدية)،
ولا لتناقضات رأس المال التي تقررها
قوانين المادية التاريخية، أي دور في
المعترك السياسي. إن الثورة الشيوعية في
الصين كانت قد بدأت قبل الغزو الياباني،
وظلت لمدة عقد كامل تنتشر وتتوسع، ولم
يتحقق لها النصر إلا بعد تحطيم جهاز
الدولة نتيجة ظروف حربية خارجية أدت إلى
زعزعته.
وهناك أقطار عديدة عاشت نفس الظروف
والعوامل التي أنجحت الثورة الاشتراكية
في روسيا، ولكنها لم تأخذ مثلها طابعاً
اشتراكياً، رغم التشابه في القوى
الإنتاجية، نظراً للظروف الفكرية
والتيارات المتناقضة التي كانت تعمل في
الحقل السياسي والمجال الثوري هنا وهناك.
فإذا كان التطبيق يدعم حقاً النظرية، كما
يزعم المنطق الديكالكتيكي للماركسية، فإن
المادية التاريخية يعوزها حقاً هذا
الدليل....!
المادية التاريخية، والحياة الفكرية
لعل أخطر وأهم النقاط الجوهرية في
المفهوم المادي للتاريخ عند الماركسية
يكمن في العلاقة التي تؤكد على وجودها بين
الحياة الفكرية للإنسان بشتى ألوانها (من
فلسفية وعلمية، ودينية... الخ). وبين الوضع
الاقتصادي، وبالتالي وضع القوى المنتجة.
لا بل وإنها تتهم كافة المفكرين بجهلهم
المطبق للأسباب التي خلقت. لهم أفكارهم،
والتي لم يتح اكتشافها إلا للمادية
التاريخية.
وهذا الإطار الاقتصادي الذي تضع
الماركسية ضمنه كل أفكار الإنسان في
المعمورة منذ الخليقة حتى تاريخها، جدير
بالبحث العلمي والفلسفي المستفيض أكثر من
بقية الجوانب الأخرى، وقد خصص له المرحوم
(محمد باقر الصدر) كتاباً بعنوان "فلسفتنا"
يمكن الرجوع إليه. وإن مايهمنا من هذه

/ 63