انسان و السلطة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

انسان و السلطة - نسخه متنی

حسین الصدیق

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


د. حسين الصدّيق
الإنســان والســلطة
( إشكالية العلاقة وأصولها الإشكالية)
مقدمة
إن البحث عن مفهوم الإنسان في الفكر
العربي الإسلامي سوف يكون مجرد عبث، وترف
فكري إن لم يوضع في إطار حل إشكالية
يعانيها الواقع العربي المعاصر. فالعودة
إلى الماضي للتغني بأمجاده لن تكون في
نهاية المطاف إلا نوعاً من الهرب من
الواقع، واعترافاً بالعجز عن التفاعل معه
والتأثير فيه.
والإنسان ابن الزمان، ووجوده في حقيقته
مرتبط به، فهو لن يتمكن من معرفة ذاته
وتحقيق تلك المعرفة إلا من خلال المعارف
التي يكتسبها في حياته، وترتبط في سبل
اكتسابها وكيفها وكمّها بالزمان الذي
يعيشه. ولّما كان الزمان الذي يعيشه
الإنسان قصيراً بالنسبة إلى عمر مجتمعه
وحضارته، إن لم نقل بالنسبة إلى
الإنسانية، فإن عليه أن يحرص على زمانه
وأن لا يصرفه في العبث واللهو، وقد توجب
عليه نتيجة ذلك أن لا يكتفي في اكتساب
المعرفة بتجربته الخاصة إذ إن هذه
التجربة، مهما تنوعت وتعددت، فإنها لن
تكون كافية لمعرفة الذات، ولابد للإنسان
إذن من الاطلاع على تجارب الآخرين وهو ما
يمكن وضعه تحت اسم المعرفة غير المباشرة
في مقابل المعرفة المباشرة التي تقدمها
التجربة الفردية. ولا شك في أن أهم أنواع
المعارف غير المباشرة الضرورية لمعرفة
الذات هي تلك المعارف التي تربط تجربة
الفرد الذاتية بتجارب أجداده وخبراتهم
ومعارفهم، لأنه في واقعه وتصوره للكون
والله والإنسان إنما يشكل امتداداً
زمانياً ومعرفياً لهذه التجارب.
إن النظر في واقع الأمة العربية اليوم
يقودنا إلى القول بأن ما تعانيه هذه الأمة
من عقبات ونكبات وانتكاسات إنما يكمن في
كونها لا تعرف ذاتها، وتجهل هويتها. وما
الهوية إلا الثقافة التي ينتمي إليها
الإنسان، وتشكل امتداداً للثقافة
التاريخية الاجتماعية. ولذلك فقد اقتضى أن
تكون معرفة الذات، وتحقيق هذه المعرفة،
مرتبطة بالعودة إلى الثقافة التي تنتمي
إليها هذه الذات.
لقد مضى قرن ونيّف على بداية ما سمي
بالنهضة العربية. وما نراه اليوم في
الواقع الذي يعيشه العرب في كل مستويات
حياتهم يبين أن هذه النهضة لم تكن حقيقية،
وإنما كانت زائفة أُريد بها إشغال العرب
في القرن العشرين عن نهضة أخرى، كانت قد
بدأت في الوقت نفسه، انطلقت من سعي إلى ربط
الحاضر بالماضي.
من بداية النصف الثاني من القرن العشرين
ظهرت بوادر الجدال حول أسباب تخلف الأمة،
وترسخ هذا الحال بعد الهزات العنيفة
والهزائم التي لحقت بها، وازداد وضوحاً
بعد حربي الخليج الأولى والثانية. وكان ما
كتب حول هذه الأسباب أو قيل في محاضرات
وندوات كثيرة جداً إلى درجة أنه هو نفسه
أصبح سبباً من أسباب تكريس التخلف والتعود
عليه. ولعل الطروحات والتصورات التي وضعت
لإزالة هذه الأسباب ما كانت في جوهرها إلا
نتيجة تلك الأسباب ذاتها، لأنها كانت
تنطلق أساساً من مرجعيات مختلفة ومتغيرة
بحسب البلد العربي الذي تصدر عنه من جهة،
وبحسب تبعية هذا البلد لتيار من تيارات
الفكر أو السياسة العالميين. أضف إلى ذلك
أن تلك المرجعيات ذاتها كانت تقف في أسس
النهضة العربية أقصد أنها مرجعيات غربية،
غريبة في معظمها عن ثقافة الأمة
الاجتماعية التاريخية.
ونعتقد أنه قد آن الأوان لكي نعيد النظر
في واقعنا من خلال مرجعية واحدة خاصة بنا
ومشتركة تقرُّ بها الغالبية العظمى في
الوطن العربي، بل وترى فيها عاملاً يوحد
بينها وبين البلاد الإسلامية أيضاً.
نقصد بهذه المرجعية الذات العربية أو
الهوية العربية، ونعتقد أن هذين
المفهومين واحد يقود بالضرورة إلى مفهوم
آخر هو مفهوم الإنسان، وهو موضوع هذه
الدراسة.
لا يمكن للإنسان أن يفعل شيئاً ذا قيمة إن
لم يكن ينطلق في فعله هذا من وعي خاص به
يبين له من هو وماذا يريد من وجوده؟ ويوضح
له معنى وجوده وكيفية تحقيق هذا الوجود.

/ 60