حســـــين حمــــوي في مسرح عدنان مردم الشعري دراســــــــــة
الاهـــــــداء
إلى الأقمار التي أضاءت دياجير الظلمة في أوطانها، وحملت على كاهلها مشروعها النهضوي، وسعت بكل إمكاناتها لنثر بذور الخير، والمحبة، والفرح فوق هذه الأرض. أقدم هذا الجهد المتواضع حسين حموي
مقدمة البحث
كان المسرح في الماضي، ولا يزال يشكل أداة مهمة من أدوات الإيصال والتثقيف، وكأي فرع من فروع الثقافة والفن، لا بد أن يعتريه قليل أو كثيرٌ من التطور والتغير، ليس بالضرورة أن يكون ذلك نحو الأحسن، فالأجناس الأدبية، والفنون على اختلافها، يتعاورها مد وجذر، تبعاً لحالات النهوض أو الركود التي تمر بها الأمم والشعوب. وليست أمتنا العربية إلا واحدة من الأمم التي مرّت هي الأخرى في مراحل قوة وضعف، ومراحل نهوض وركود. وقد أصاب المسرح العربي، ولا سيّما الشعري منه بشكل خاص، ما أصاب العديد من الفنون التي خبا أوارها أو ربما، انقرضت، وأصبحت طيّ النسيان، كالأراجيز، والمقامات، وخيال الظل، وغيرها. ومع أن العرب باعتراف جميع المؤرخين (أمة شاعرة) والشعر ديوانها، والظواهر المسرحية بادية في مجالسها، ومساجلاتها، وحروبها، واحتفالاتها، وأفراحها، وأتراحها، حيث ذكر الدكتور علي عقلة عرسان عدداً كبيراً من هذه الظواهر في كتابه الظواهر المسرحية عند العرب. فإن كثيراً من الباحثين والدارسين اعتبروا أن فن المسرح -جديد وطارئ على مجتمعنا العربي بدأ مع (مارون النقاش) 1232-1271هـ /1817-1855م، الذي حمل أنسام المسرح الغربي (الأوربي) إلى الوطن العربي بحكم إطلاعه المباشر على هذا المسرح. لقد استطاع هذا الرائد العربي اللبناني الأول للمسرح أن يقدم في بيته في بيروت سنة 1848م مسرحية (البخيل) وفي سنة 1849م مسرحية (أبو الحسن المغفل وهارون الرشيد) ثم أشاد أول مسرح عربي بجوار بيته في بيروت، قدم عليه سنة 1853م مسرحية (الحسود السليط) بتقنيات فنية يحاكي فيها التقنيات التي وصل إليها المسرح الأوربي آنذاك. وتتالت الأعمال المسرحية بعد ذلك في مصر، وبلاد الشام، والمغرب العربي وسواء أكان للمسرح العربي تاريخ قديم، وملامح هوية مشتركة، أم لَمْ يكن، فإن المسرحيات التي بدأت تظهر هنا وهناك على امتداد الساحة العربية، كانت مستوحاة من التاريخ العربي، والشعر العربي، لذلك نستطيع القول: إن بدايات هذا المسرح كانت قومية المنطلق والأهداف، عربية الامتداد، ومن مظاهر هذا التطلع القومي، انتقال الرواد بفرقهم وأعمالهم المسرحية من بلد عربي إلى آخر، عندما تشتد الحصارات من حولهم، أو حينما يجدون متسعاً للعرض في بلد عربي آخر وكانت اللغة العربية الفصحى هي لغة المسرح، يمازجها الغناء العربي الأصيل، والرقص، والحكواتي، وخيال الظل، وحتى النصوص التي أدّيت باللهجات المحلية استقبلت كنتاج عربي ولم تستقبل كنتاج إقليمي، والسبب أن المضامين التي اشتملت عليها هذه النصوص تعبر عن هموم وآمال عربية. ونظراً للأهمية الكبيرة التي يحتلها الشعر في تاريخنا الأدبي، والفني، بصفته يدخل في نسيج هذا التاريخ، ويشكل عنصراً هاماً في ملامح الحضارة العربية التي استقت منها الحضارات الإنسانية معظم المعلومات، والأحداث التي شهدتها المنطقة