اتجاه القومی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

اتجاه القومی - نسخه متنی

حسین حموی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

إن الذين عارضوا المسرح الشعري في الماضي، وفي مقدمتهم عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، عارضوه لأنه جاء تاريخياً محضاً على غرار المسرحيات التاريخية التي أبدعها شوقي، وأباظة، لا بل لم يتسن لبعض الشعراء الذين جاؤوا بعد هذين الشاعرين العملاقين، وبخاصة الشاعر عدنان مردم أن يأخذ حقه من الدراسة والنقد، ولا أجد غضاضة من الإشارة إلى أهم السمات التي تمايز بها مسرح هذا الشاعر المبدع الذي يحمل رسالة وطنية وقومية متأججة في صدره، فهو بحق صاحب رسالة ينظر إلى المسرح على أنه وسيلة أخلاقية، وأداة جماهيرية لها دورها في الارتقاء بوعي الجماهير، وتحريضهم لأن يقولوا شيئاً. والمسرحية عنده ليست نصاً مغلقاً تؤرخ للأحداث التاريخية، وتوثقها كما وقعت. بل هي نص مفتوح يعرض على المتلقي أسئلة كثيرة، ومثيرة في آن معاً تدفعه للتفكير، والبحث، وتحرضه على الفعل،وعدنان مردم ينظر إلى نفسه على أنه شاعر أولاً، وكاتب مسرحي ثانياً، كما أنه يرى مسرحياته، مختلفة عن مسرحيات شوقي وأباظة ليس بما منحها من قيمة تاريخية فقط، بل بما أودعها من أفكار جديدة وبما أضاف إليها من أحداث جديدة لم يؤرخ لها المؤرخون فالخيال الشعبي في عين عدنان مردم هو في تقديم الشخوص المعبرة عن التراث الشعبي، والأفكار معاً في إطار النزعة التراجيدية التي تتصف بها مسرحيات عدنان مردم الخاضعة بصرامة لشروط المسرح التراجيدي، لذلك جاء المسرح المردمي عابقاً بالبيان وسحر اللغة. صوّر من خلال هذه اللغة المطواعة أحداثاً لاهبة بالعواطف والمشاعر الوطنية والقومية. ولم يتوقف عند المأساة وحدها لمجرد البحث عن الحزن والآلام، بل من أجل عبور هذا الحزن والمأساة إلى الوجه الآخر، لذلك نظم بعض المسرحيات على سبيل الملهاة ليبرز الوجه الساخر القادر على مواجهة النقائص والعيوب، وكأنه يتناغم مع لامارتين الذي أشار إلى أن الرومانسية لم تعرف السعادة التي هي في الواقع انتصار على الزمن بقوله: "إن شعباً جاداً لا يؤسس شعره على الهزل، والجدية في كل شيء جزء من الجمال والإنسانية، ليست ضرباً من التهريج"، مضيفاً أن الإنسان لم يخلق للضحك وبحق فإن الموقف الكوميدي عند عدنان مردم يرتكز على مظهر من مظاهر عدم الانسجام، فهو لا يثير الضحك بقدر ما يثير السخرية، والهزء بقصد إثارة القارئ أو المشاهد وفي الوقت ذاته يؤكد على قدرته على خلق المواقف المتأزمة التي يتصرف حيالها الأشخاص بطريقة لا تتفق مع الحدث. نضيف إلى ذلك قدرة الشاعر على تصوير الطبائع والأشخاص بشكل نمطي، فهو يصور الناس حسب شرائحهم، وحسب طبائعهم في الحياة الاجتماعية دون زيادة أو نقصان، فالخيّر من البشر، خيّر وطيب في كل مواقفه، والشرير، شرير في كل مواقفه، وفي إطار الحدث لا يتغير هذا النمط إيجابياً أو سلبياً، والرمز التاريخي، أو الشخصية التاريخية التي يختارها أيضاً تحمل هذا المضمون في عصرها، وفي الإسقاط على العصر الراهن قد انعكس ذلك سلباً على تنامي الحدث، والصراع، والحوار في المسرح المردمي. فالحركة والدينامية عند عدنان مردم تعتمد على الحركة النفسية الشعورية واللاشعورية أكثر من اعتمادها على الحركة الجسدية، وانخفاض مستوى الصراع أو بطء الحركة يعودإلى انخفاض مستوى الصراع في الحوار، وعدم تصاعده إلى درجة الاحتدام إلا في بعض المواقف التي نستطيع أن نتنبأ بها، أو نتلمس ملامحها الأولى منذ البداية لذلك نستطيع أن نصف مسرح عدنان مردم بأنه يشكو من بساطة العقدة، أو على وصف العقدة أو الحبكة بأنها غير متماسكة ولا تبلغ الذروة. وكأنه يضع مخططاً للنص المسرحي على الورق أو في الذاكرة لكل نص، في إطار هذا المخطط يرسم شخصياته، ونستطيع أن نصف المسرح المردمي بأنه مسرح رصين موّار بالمأساة، والوصف والسردية، والغنائية، فهو يصور المشهد تصويراً، ويكتفي بعرض الأحداث عرضاً وصفياً، بلغة شعرية، وسحر بياني يمتلك كل مقومات الشعرية، والغنائية في الخطاب الشعري التقليدي، لأنه نص شعري أولاً ينحو منحى الأدب أكثر مما ينحو منحى الدراما.

وقد استطاع عدنان مردم أن يتجاوز من سبقوه في هذه السمة، من خلال إدراكه التجارب العالمية في تراث الغير، والتجارب العربية في تراث الأمة الزاخر بالأحداث، وتوظيف هذا التراث بإبداع شعري ومسرحي في آن معاً، يتجاوز سابقيه.

وينبغي أخيراً أن لا نسرف في تفسير اقتباسات عدنان مردم من التاريخ فقد اعتمدها فقط كمرتكز ومنطلق ليطرح من خلالها أفكاره، ورؤياه ويصوّر شخصياته في

/ 141