انطلق الاستعمار الاستيطاني من مقولة الرجل الأبيض المتفوق والحضارة الأوروبية المتطورة وتخلف الشعوب في آسيا وأفريقيا ووجوب استعمارهم لنشر الحضارة الغربية والديانة المسيحية.
كانت الأرض والثروات هي الهدف الأساسي للمستوطنين بدعم من الدول الاستعمارية. وكانت شهيتهم للأرض لا يمكن إشباعها، كما كانت نشاطاتهم وجهودهم لطرد السكان الأصليين بالإبادة والإرهاب لا تقف عند حد. وابتكروا الخدع والحيل والأكاذيب لتبرير اغتصاب المزيد من الأرض والمزيد من الثروات بالقوة واستعمارها.
وعندما يوطِّد المستوطنون هيمنتهم يستمرون في ممارسة الإرهاب والإبادة والعنصرية تجاه السكان الأصليين. وفشل السكان الأصليون دائماً في استرجاع أرضهم وحقوقهم المغتصبة وحماية أنفسهم بالتوسل ووجدوا أن المقاومة والكفاح المسلح والثورات في وجه المستوطنين هي الطريق الوحيد للقضاء على الاستيطان والاستعمار الاستيطاني.
وتقوم الكيانات الاستيطانية باللجوء إلى الحروب العدوانية والغارات الانتقامية عبر الحدود على دول الجوار لإجبار بعض هذه الدول على مساعدتها في قمع الثورات والمقاومة المسلحة للسكان الأصليين. ويعتبر الكيان العنصري في جنوب أفريقيا سابقاً والكيان الصهيوني في فلسطين من أوضح الأمثلة على ذلك.
ويتصف المستوطنون بالمعاملة الوحشية والعنصرية والإرهابية للسكان الأصليين لإذلالهم وكسر إرادتهم وإخضاعهم ودفعهم إلى الاستسلام أمام غطرسة القوة والاستعمار الاستيطاني. ظهر الاستعمار الاستيطاني في أوروبا كوسيلة لفرض هيمنة الدول الأوروبية والحضارة الغربية على شعوب آسيا وأفريقيا والأميركيتين وأستراليا لخدمة مصالح الدول الأوروبية والأغنياء اليهود في البلدان العربية والإسلامية.
استغل المستوطنون ودهاقنة الاستعمار التقليدي والاستيطاني تحقيق الرسالة الدينية بهدف إدخال الشعوب الوثنية في المسيحية، حيث كان المبشرون المسيحيون ورجال الدين في طليعة الجيوش الاستعمارية. وكانوا الرواد الأوائل في حركة الاستيطان في بلدان آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية. واستخدمت الصهيونية والاستعمار مقولة "شعب الله المختار" وخرافة "أرض الميعاد" وعودة اليهود إليها لاستيطان اليهود في فلسطين العربية وغرسهم فيها على حساب الأرض والحقوق والثروات العربية. وزعم الفريقان أن الله اختارهما لنشر دينه في المناطق المكتشفة حديثاً في الأميركيتين وفي فلسطين العربية. وانطلقوا من مقولات عنصرية كاذبة كالتفوق والاختيار الإلهي والحضاري لتمدين الشعوب الهمجية. ووفّر المستوطنون الشروط المادية لقيام الكيانات الاستيطانية عن طريق:
أولاً: أراضي وممتلكات وثروات السكان الأصليين وأصحاب الأرض الشرعيين.
ثانياً: المساعدات والهبات والأسلحة المقدمة من دول أوروبا الاستعمارية وفي طليعتها بريطانيا وفرنسا وألمانيا.
ثالثاً: المساعدات القادمة من الحركات الدينية والمنظمات الصهيونية.
واتسمت العلاقة بين المستوطنين والسكان الأصليين بإنكارهم حقوقهم في ملكية الأرض وحقوقهم السياسية والإنسانية والتصميم على إبادتهم وترحيلهم وتوطينهم خارج