بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الزيادة في الأشياء الحيّة والجامدة، وهذه الزيادة المتَضَمَّنَة في جذري (الانتماء) تلتقي مع المفهوم المعاصر للانتماء بصفته ظاهرة إنسانية تتطور بالإضافة، أي: بالزيادة. كذلك يدّل جذرا (الانتماء) على أنّ الزيادة في الارتفاع والحجم والتعدّد والتفرعّ -تحدث خارج الوعي الإنساني، ودون تَدَخّل الإرادة الإنسانية، فهي (الزيادة) تحدث بعمل القوانين التي نظم الله تعالى بها هذا الكون. ولكن الإنسان بإرادته، وبها ميّزه الله من سائر الموجودات، يستطيع أن يستخدم ما يعرفه من تلك القوانين لإحداث الزيادة، وبذلك جاء أحد جذري (الانتماء) متعدّياً في عبارة (اللسان) (نَمَيْتُ الشيءَ على الشيءِ رفعته علمية، وكلّ شيء رفعته، فقد نميته)(^(^^)). وبناء على مجيء (نَمَى) لازماً ومتعدّياً يمكن القول بأنّ جذري (الانتماء) في صيغتيهما الزمنيّتين المجرّدتين من حروف الزيادة يجمعان في إدراك الجاهلي بين ضدّين هما: القَسْر بالحدوث (بالزيادة) خارج الوعي (نَمَى الشيءُ)، والاختيار بالإحداث (بالزيادة) بالإرادة الإنسانية الواعية (نميتُ الشيءَ). إنّ ثنائيّة القسر والاختيار في جذري الانتماء لا تنفي الوحدة، فالضدان: القسر والاختيار يتوحّدان في معنى الزيادة، وتلك الثنائية توحي بالجدل الإنساني الموصل إلى التطور بالإرادة، دون أن يطغى أحد الضدّين على الآخر إلى درجة إلغائه، فتلك الثنائية لا تعني التناقض بين شيئين يلغي أحدُهما وجود الآخر، كما هو الحال في ظاهرتي الليل والنهار؛ فظهور أحدهما في مكان وزمان معينين يلغي وجود الآخر حتماً، أمّا وجود القَسْر في ظاهرة الانتماء، كالانتماء إلى الأسرة، فإنّه لا يلغي إرادة أفرادها في تطوير ذلك الانتماء بالفكر والعمل. وإذا سَلّمنا بأنّ الإنسان أدرك الأشياء المشخصّة بالحواس أوّلاً، وأنّه وضع لها سمات (أسماء) لغوية، وأنّه ربط ذهنياً بين تلك السمات اللغوية ومدلولاتها العينية المشخّصة(^(^^))، إذا سلّمنا بذلك، فإننا نستطيع القول، بأن دلالة الزيادة المادية في جذري الانتماء تسبق في الوجود دلالة الزيادة المعنوية، وأن الزيادة المعنوية هي استخدام مجازي يدل على مرحلة متأخرّة في استخدام جذري الانتماء، وهو استخدام لا يلغي الأصل (الزيادة المادية) بل يشمله، ويطوّره مثلما يشمل الانتماء الجديد انتماءات سابقة، ويعبّر عن تطوّرها. ومن الطبيعي أن نجد الاستخدام المتطوّر لجذري الانتماء وافراً في الشعر الجاهلي؛ فالشعر هو المجال الأكثر استيعاباً للجديد، بل الأكثر ابتكاراً، ولا سيما في مجال اللغة ألفاظاً وتراكيب. وباستقصاء ما أطلعت عليه وقفت على الدلالات المتطورة التالية في جذري الانتماء. 1-الزيادة في المنزلة والرفعة في الشأن. جاء في أساس البلاغة: (ومن المجاز فلان يَنْميه حَسبُه، وقد نَمَاه جَدٌّ كريم، وقال النابغة: إلى صَعْبِ المَقادَةِ مُنذِرِيّ نَمَاهُ في فُرُوعِ المجد نامي يمدح المنذر بن المنذر بن ماء السماء)(^(^^))، فجدّ المنذر هو النامي أي الرافع منزلة المنمِيّ، وذلك لأن المجد يكون في الآباء المتقدمين في الشرف. ومثل ذلك قول عمرو بن الأهتم السعديّ يفخر بجدّية: فَدَكِيّ، وهو من قبل أبيه، والأشدّ، وهو من قبل أمّه(^(^^)): نَمَتْنِي عُروُقٌ مِن زُرارة للعُلَى ومن فَدَكِيّ، والأَشَدُّ عُرُوقُ مَكَارمُ يَجْعَلْنَ الفتى في أَرُومَةٍ يَفاعٍ، وبعضُ الوالدينَ دَقيقُ إنّ النّمْي إلى المجد، والمجد يشمل النسب والحسب، ونَمْيَهُ هما زيادة في المنزلة ورفعة الشأن، ولكن هذه الدلالة المعنوية تلازمها دلالة مادية تُلحظ في كثرة الأفعال المجيدة، وفي اتساع دائرة العارفين بالمنمِيّ وبالنامي. ويشاكل هذا المعنى قولنا: (نَمَيْتُ الحديث إلى فلان: رفعته وأسندته... ويقال نَمَيْتُ الحديث: بَلَغْتُه على جهة الإصلاح)(^(^^)) فَنمْيُ الحديث هو زيادة في عدد العارفين به