أهل السنة عند الشیعة الإمامیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أهل السنة عند الشیعة الإمامیة - نسخه متنی

محمد واعظ زاده الخراسانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

أهل السنّة عند الشيعة الإماميّة

أ.الشيخ محمد واعظ زاده الخراساني

عضوالمجلس الاعلى للمجمع العالميللتقريب بين المذاهب الاسلامية

الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله الطاهرين وصحبه الميامينوالتابعين لهم بإحسان الى يوم الدين.

أمّا بعد: الإسلام هو ما جاء به نبيّنا محمّد ذكراً وهدايةً للعالمين جميعاً، والمسلمون هم الذين آمنوا بماجاء به وبكلّ منشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، واعترف بكل ماجاء به ولم ينكر اصلاً من أصول الدين الثلاثة: التوحيد والنبوة والمعاد، ولا شيء من الضّروريات ودعائم الإسلامكالصلاة والزكاة والصّوم والحجّ والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يُحلّ ماحرّم الله في كتابه ورسوله في سنتّه: مثل الزّنا، والسرقة والخمر، والميسر،وشهادة الزّور، والخيانة في الامانة ونحوها.

اعتقاد الشيعة الإمامية في أهل السنة على سبيل الإجمال: أنّهم أمة واحدة، وأنّ المؤمنين إخوة وأنهم جميعاً أهلالقبلة، وأن دماءهم وأموالهم وأعراضهم

حرام بحرمة الاسلام يجب الحفاظ عليها، ويحرم التعدّي عليها. وتؤكل ذبيحتهم وتقبل شهادة العدول منهم، ويجهّزموتاهم ويدفنون في مقابرهم، ويصادقونهم في عقودهم وتجاراتهم ومعاملاتهم ويزوّجونهم ويتزوجون منهم، وأنّ أولادهم جميعاً طيبّون.

وأن بلادهم شرقاً وغرباً هي دارالاسلام لها حرمة الاسلام يجب الحفاظ عليها وبثرواتها، وباستقلالها، والدّفاع عنها قبال أعدائهم من غير المسلمين، كما تجب المداخلة بينهم إذا اقتتل بعضهم بعضاً فيجبالصلح بينهم والقتال مع الباغي منهم.

وأنّ حديث الثقاة منهم مقبول يُعمل به، إذا لم يكن مخالفاً لكتاب الله، ولا يعارضه ماهو أصح وأوثق منه مرويّاً عن أئمتهم منآل البيت عليهم السلام.

ويجوز التعلّم عندهم وتعليمهم، والحج معهم واتّباعهم في جميع المشاهد المشرّفة وفي جميع المناسك، ويجوز بل يجب الاشتراك في صلواتهمومناسكمهم إلى غير ذلك من مواقفهم المشروعة، ولا سيّما الجهاد في سبيل الله والدفاع عن حوزة الإسلام، وعن مواريث المسلمين الاقتصادية والثقافية وغيرها.

ويعتبرون اجماع فقهاء المذاهب في المسائل الاتفاقية حجّة يهتمون بذكرها في كتبهم الخلافية.

ويترجمون أعلام المذاهب الإسلاميّة والمؤلفين لهم في كتبهم ضمنتراجم العلماء بكلّ إجلال وتبجيل.

ويقفون إلى جانب المسلمين عامّة أمام أعدائهم من الكفّار،ويدافعون عن حوزة الإسلام شرقاً وغرباً اهتماماً بأمور المسلمينوعملاً بقول نبيّهم «من

أصبح ولم يهتمّ بأمور المسلمين فليس بمسلم».

هذا هو الإجمال. أمّا التفصيل فكما يأتي:

أولاً - في تحديدالإسلام والمسلم:

جاءت روايات في كتاب «الكافي» للشيخ الكُليني المتوفّى عام 329هـ، و هو أحد الكتب الأربعة وأقدمها في الحديث للشيعة الإمامية - بهذا النصّ عن أبيعبد الله الصادق - سادس أئمة أهل البيت-: «الإسلام شهادة أن لا اله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله والثواب على الايمان، و«الإسلام يُحقن به الدماء، وتُؤدي به الأمانة،وتُستحلّ به الفروج، والثّواب على الايمان»(1 ).

وهذا النصّ موافق للآية الكريمة: «قالت الأعراب أمنّا قل لم تُؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإيمان فيقلوبكم» (الحجرات/ 14).

وفي هذا المجال يقول الإمام الشيخ جعفر كاشف الغطاء - أحد الفقهاء الكبار في القرن الثالث عشر - المتوفّى (عام 1221هـ) في كتابه «كشف الغطاء» بابالاجتهاد ص 398(2 ): «يتحقّق الإسلام بقول أشهد أن لا اله إلاّ الله، وأن محمّداً رسول الله، أو بما يرادفه من أيّ لغة كان وبأيّ لفظٍ كان، فمن قاله حُكِم بإسلامه، ولا يُسألعن الصفات الثبوتيّة ولا السلبيّة، ولا عن دلائل التوحيد وشواهد الرسالة».

ثانياً - في تحديد العقيدة الإسلاميّة بين الفرق الكلاميّة:

قال الشيخ محمدجواد مغنية(رحمه الله) ( 3) رئيس المحكمة الشرعية الجعفريّة العليا في بيروت سابقاً «... أمّا الحقيقة التي نُؤمن بها فهي أن كُلاًّ من الإماميّة والمعتزلة والأشاعرة - فرقةمن الفرق الإسلامية تستقلّ بمبادئها وتعاليمها - ثم ذكر جملة مما أجمع عليه المسلمون - فقال: اجمع المسلمون

كافّة على ثبوت أصل الشفاعة.. اتّفقالمسلمون كافّة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واختلفوا هل يجبان بالسمع أو بالعقل - ثم ذكر خلالها ما اختلفت فيه هذه الفرق من فروع العقيدة».

وهـــذا مــوافق لقول امام الأشاعرة الشيخ أبي الحسن الاشعري المتوفّى عام 324هـ، في كتاب له سمّاه «مقالات الإسلامييّن واختلاف المصلّين» فقد ذكر الفرق الإسلاميّةجمعاء مع اختلافهم في شيء من العقيدة والشريعة، وأطلق عليهم جميعاً «المسلمين» و«المصلّين»، ومن جملتهم الشيعة الإماميّة فذكر عقيدتهم في الإمامية وفي الإمام المهديعليه السلام.

ثالثاً - في حقل الشريعة والأحكام:

الشيعة الإماميّة يطرحون كثيراً من المسائل المتفق عليها والمختلف فيها بين فقهاء الإسلام من غير فرقبين فريق وفريق وبين مذهب ومذهب من المذاهب الفقهيّة.

وقد ألّفوا في اختلاف المذاهب كتباً: أولها كتاب «مسائل الخلاف» لشيخ الطائفــة الإماميّة محمد بن الحسنالطوسي، المعروف عندهم بالشيخ الطوسي (385-460) فهو كثيراً ما يقول رأيه في مسألة ثم يقول ويوافقنا جميع المذاهب أو جميع الفقهاء، قال في مقدمة الكتاب( 4): «سألتم - أيدكم الله -املاء مسائل الخلاف بيننا وبين جميع الفقهاء من تقدّم ومن تأخر»(5 ).

وقد لخصّه الشيخ مُفلح بن حسن بن رشيد الصيمري - من فقهاء القرن التاسع توفُى بعد عام 873- باسم«تلخيص الخلاف» وقال: «لأنّ الغرض من هذا الكلام معرفة مذاهب الاسلام ومعرفة مسائل الاجماع وما وقع فيه النزاع»( 6). فكثيراً ما يذكر رأيه ثمّ يقول: «وبه قال جميع الفقهاء».ويقول في ص 90:

«ولا خلاف بين الفقهاء أن اوّل وقت العشاء الآخرة غيبوبة الشَّفق، وإنّما اختلفوا في ماهيّة الشفق هل هو الحمرة أو البياض...».

ويقول صفحة 103: «الكعبة هي القبلة (باجماع المسلمين) ويقول في ص 21: «ويجوز الوضوء بماء البحر... وبه قال جميع الفقهاء».

ويقول: «قال الشيخ - أي الطوسيّ - وجميعالفقهاء إلاّ مجاهداً: يجوز الوضوء بالماء المُسَخَّن».

ويقول: «لا يجوز الوضوءبشيء من المايعات غير الماء، وهو مذهب جميع الفقهاء...».

وقد حرّر كتاب«مسائل الخلاف» للشيخ الطوسي عالم كبير هو أمين الإسلام الشيخ فضل بن الحسن الطَبرسي المتوفى عام 548هـ - وهو مفسّر كبير صاحب تفسير «مجمع البيان في علوم القرآن» فَسمّىكتابه المحرَّر باسم يُومى إلى الألفة دون الفرقة، وإلى إكرام الفقهاء، دون الإهانة بهم - على الرغم من أنه في مسائل الخلاف - ألا وهو «المُؤتَلَف من المختلف بين أئمةالسَلف».

وجاء في مقدمته(7 ) من كلام أحد المصحّحين: «من الجدير بالذكر أن كتب الإمامية في الفقه مُنذ عصر السّيد المرتضى - وهو علم الهدى أخ السّيد رضي توفي عام436هـ - والشيخ الطوسي حتى عصر الشّهيدين - وهما فقيهان من جَبَل عامل أستشهدوا أيام العثمانيين - ضمّت آراء المذاهب المعروفة للمسلمين من غير أتباع أهل البيت عليهم السلام-0 ثم ذكر كُتبا في هذا الصدد - وقال: «في كتاب مسائل الخلاف للشيخ الطوسيّ أهميّة خاصّة من حيث الموضوع الذي طرقه، وشموله واحتواءه على آراء فقهاء مختلف المذاهب

الإسلامية.. وقال: «اول من قام بذكر آراء المذاهب هو السيّد المرتضى، وتبعه الشيخ الطوسي، لأن المرتضى لم يتمّه».

والطوسي كان من أكبر تلامذةالمرتضى، وقد قام مقامه في إقامة المذهب بعد رحيله رحمهما الله تعالى.

رابعاً - في حقل التراجم:

للشّيعة الإماميّة كتبٌ كبار وصغار في تراجم علمائهمخاصّة مثل كتاب «أعلام الشيعة» للعلاّمة محمد محسن الطهراني المعروف بـ «الشيخ آغا بزرگ» المتوفى عام 1389هـ، ولـه كتاب كبير في مؤلّفات الشيعة باسم «الذريعة في تصانيفالشيعة» وهو أحد مشايخنا في إجازة رواية الحديث وهذا الكتاب يعمُّ تراجم العلماء وسائر الشخصيات الكبار لهذه الطائفة. إلى جانب هذه الكتب للشيعة كتب ذكروا فيها تراجمعلماء الاسلام قاطبة من جميع المذاهب مع مالهم من المؤلّفات، وما لكلّ واحد منهم من جميل الأعمال في سبيل الثقافة الإسلاميّة وحماية الإسلام، فترجموا لهم بكل احتراموتوقير، وبأوصاف حميدة مثل: «العلامة الكبير» و«الإمام الجليل» و«المحقّق البارع» ونحوها.

وهذا مثل كتاب «روضات الجنّات» للعلاّمة السّيد باقر الخوانساريالإصبهاني المعروف بـ «صاحب الرّوضات» المتوفى عام 1313هـ، ومثل كتاب «الكُنى والألقاب» للمحدث الكبير الشيخ عبّاس القمّي المتوفى عام 1359هـ، وغيرهما كثيرون.

خامساً - في حقل اهتمام الشيعة بأمور المسلمين:

وقف الشيعة إلى جانب إخوانهم المسلمين شرقاً وغرباً، فيكفيكم موقف

علماء الشيعة من هجومإيطالياً على ليبيا، واحتلال انگلترا للعراق بعد سقوط الخلافة العثمانية، وقبلها احتلال روسيا لآسيا الوسطى، وموقفهم من حرب الجزائر مع فرنسا والقارة الهندية معانگلترا واندوسيا وكافة البلدان المستعمرة في آسيا و افريقا الذين نهضوا لكسب الاستقلال فكان للشيعة أياد بيضاء في حماية هذه البلاد المسلمة ضد المستعمرين.

ومنابرز هذه المواقف حمايةً للمسلمين هو مواقفهم الجميلة الصارمة تجاه اخوانهم الفلسطينيين من أول احتلال بلادهم من قبل الصهاينة الألداء. وقد علمتم موقف الإمامالخميني(رحمه الله) حيال هذه القضية الكبرى وإعلانه آخر يوم جمعة من شهر رمضان «يوم القدس» واقترح على المسلمين أن يقوموا جميعاً في هذا اليوم بالمظاهرات ضد الصهيونيةدفاعاً عن القدس الشريف والشعب الفلسطيني الأبي ففي كل سنة تحتفل الشيعة ومعهم إخوانهم في بعض البلاد الإسلاميّة وفي العواصم الاروبية بكلّ اهتمام بـ «يوم القدس» وانكمتسمعون وترون في التلفزة هتافاتهم وخطاباتهم في كل بلد حيث تتجاوز اعدادهم الملايين يهتفون بـ «الموت لإسرائيل».

فهل هناك شكّ بعد ذلك كلّه في موقف الشيعة حيالاخوانهم من أهل السنة؟

سادساً: في الحديث عن التقريب بين المذاهب الإسلامية:

إنّ مسألة التقريب بين المذاهب والوحدة الإسلامية طُرحت منذ حياة القائدالكبير والفيلسوف العظيم: السّيد جمال الدين الأسد آبادي المعروف بالأفغاني المتوفّى عام 1315هـ، وصاحبه وأكبر تلامذته: الإمام الشيخ محمّد عبده مفتي الديار المصرية،المتوفى عام 1323هـ وقد تبعهما علماء مصلحون من بعدهما

في الأقطار الإسلاميّة، ولاسيّما في «مصر» حتى قرب منتصف القرن الرابع عشر فقد قيض الله رجالاًمن شيوخ الأزهر الشريف ممن تعلّموا أو تأثّروا بالإمام عبده، ورجالا من ساير البلاد من فقهاء الإماميّة والزيديّة كالإمام الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء في النجفالأشرف والإمام السيد شرف الدين العاملي المتوفّى عام 1381هـ ، من لبنان، والامام آية الله السيد حسين الطباطبائي المتوفّى عام 1380هـ ، والعلامة الشيخ محمد تقي القمّيالمتوفّى عام 1413هـ ، وغيرهما من ايران وعلماء من الزيديّة من اليمن، لتأسيس دار باسم «دار التقريب بين المذاهب الاسلاميّة» وجماعة باسم «جماعة التقريب بين المذاهبالإسلاميّة» في القاهرة.

وقد لحق بهم آخرون من ساير المذاهب الإسلاميّة في ساير البلاد، وأعانوهم ولَبُّوا دعوتهم المباركة بقلوبهم. ولدار التقريب حديث طويلكتبه الامين العام لها، الأستاذ الجليل القمّي في مقالٍ له باسم «قصّة التقريب» ونُشرت في مجلة رسالة الاسلام( 8) الناشرة دعوة هذه الدار في شتّى المواضيع الإسلاميّةفقهاً وعقيدةً وتفسيراً وتاريخاً وثقافةً وأدباً. وهذه المجلّة عديمة النظير بين المجلات الاسلاميّة. وكان من أكبر الاعضاء المؤسسين لدار التقريب إمامان تسنَّما منصبشيخ الأزهر: أحدهما الإمام الأكبر الشيخ عبدالمجيد سليم وثانيهما الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت، وهو الذي تصدّى لبحث التفسير في تلك المجلة مادام حيّاً، وهو الذيأفتى بجواز تقليد المذاهب الفقهية المعروفة، ومنها المذهب الشيعي الإمامي، والمذهب الشيعي الزيدي، وكان لهذه الفتوى الكريمة صدى في الأوساط العلمية الإسلامية يوم ذاك.

وإني لا أريد اطالة الحديث عن دار التقريب وأعماله الطيّبة المُثمرة، ولا عن

مجلّتها رسالة الاسلام وإنما أتلو عليكم ما يتعلّق ببحثنا ويؤيدهمن خلال ابحاثها القيّمة المتنوّعة.

أوّل ما أتحدّث عنه هو نص تلك الفتوى الشرفة للامام الأكبر الشيخ محمود شلتوت:

«قيل لفضيلته: إنّ بعض الناس يرى أنّهيجب على المسلم لكي تقع عباداته ومعاملاته على وجه صحيح أن يقلِّد أحد المذاهب الأربعة المعروفة، وليس من بينها مذهب الشيعة الإماميّة، ولا الشيعة الزيديّة، فهلتوافقون فضيلتكم على هذا الرأي على إطلاقه فتمنعون تقليد مذهب الشيعة الإمامية الإثنا عشرية مثلا؟

فأجاب فضيلته:

1ـ إن الإسلام لا يوجب على أحد من أتباعهاتّباع مذهب معيّن، بل نقول: إن لكلّ مسلم الحقّ في أن يُقلّد بادي ذي بدء أيّ مذهب من المذاهب المنقولة نقلاً صحيحاً، والمرويّة أحكامها في كتبها الخاصّة. ولمن قلَّدمذهباً من هذه المذاهب أن ينتقل إلى غيره - أيّ مذهب كان - ولا حرج عليه في شيء من ذلك.

2- إنّ مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإماميّة الإثنا عشرية مذهب يجوزالتعبُّد به شرعاً كسائر مذاهب أهل السنّة.

فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك وأن يتخلّصوا من العصبيّة بغير الحق لمذاهب معينّة، فما كان دين الله، وما كانت شريعتهبتابعة لمذهب، أو مقصورة على مذهب، فالكلّ مجتهدون مقبولون عند الله تعالى، يجوز لمن ليس أهلا للنظر والاجتهاد تقليدهم والعمل بما يُقرّرونه في فقههم ولا فرق في ذلك

بين العبادات والمعاملات» ( 9).

ثمّ نتبعها بحديث للإمام الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء رحمه الله: وهو من صميم موضوع بحثنا: قال رحمه الله فيمقال له بعنوان «بيان للمسلمين» ( 10).

«... نعم إنه (رفع الخلاف) لمن المستحيل إن لم يكن عقلاً فعادةً: إذ لو كان الغرض هو إزالة الخلاف بين المذاهب الإسلاميّة،وجعلها مذهباً واحداً سُنّياً فقط، أو شيعيّاً فقط.أو وهّابياً، كيف واختلاف الرأي والخلاف في الجملة طبيعيّة ارتكابه في البشر، ولعلّ إليه الإشارة بقوله تعالى:(ولايزالون مختلفين إلاّ من رحم ربك ولذلك خلقهم) (سورة هود/ 118) أي للرحمة أو للاختلاف على الخلاف!!!

ولكن ينبغي أن يكون من المتيقن به أنه ليس المراد من «التقريببين المذاهب الاسلامية» إزالة الخلاف بينها، بل أقصى المراد وجُلّ الغرض هو إزالة أن يكون هذا الخلاف سبباً للعداء والبغضاء، الغرض تبديل التباعد والتضارب، بالإخاءوالتقارب، فإن المسلمين جميعاً مهما اختلفوا في أشياء من الأصول والفروع، فإنّهم قد اتفقوا على مضمون الأحاديث المقطوع عندهم بصحتها من «أن من شهد الشهادتين واتخذالاسلام ديناً له، فقد حَرُم دمه وماله وعرضه، والمسلم أخ المسلم، وأنّ من صلّى إلى قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، ولم يتديّن بغير ديننا فهو منّا، له مالنا وعليه ما علينا».

ثم أدام بحثه في مغزى التقريب والتأكيد على رفض التباغض بين المسلمين، وأنهم جميعاً متفقون على أن القرآن العزيز وحيٌ من الله، والقرآن صريح في لزوم الاتّفاقوالوحدة والإخاء، وأن رابطة القرآن تجمعهم في كثير

من الأصول والفروع... قال:

نعم أعظم فرق جوهريّ، بل لعلّه الفارق الوحيد بين الطائفتين:السنّة والشّيعة هو قضيّة الإمامة حيث وقعت الفرقتان منها على طرفي الخطّ، فالشيعة ترى أن الإمامةأصلٌ من أصول الدين (المذهب)، وهي رديفة التوحيد والنبوّة، وأنّها منوطةبالنصّ في الله ورسوله وليس للأمّة فيها من الرأي والاختيار شيءٌ، كما لا اختيار لهم في النبوّة، بخلاف إخواننا من أهل السنّة، فهم متفقون على عدم كونها من أصول الدين،واختلفوا بين قائل بوجوب نصب الإمام على الرعيّة بالاجماع ونحوه، وبين قائل بأنها قضيّة سياسيّة ليست من الدّين في شيء، لا من أصوله، ولا من فروعه.

ولكن مع هذاالتباعد الشاسع بين الفريقين في هذه القضيّة، هل تجد الشيعة تقول إنّ من لا يقول بالإمامة غير مسلم؟ (كلاّ ومعاذ الله)، أو تجد السنّة تقول إن القائل بالإمامة خارج عنالإسلام؟ -0 ولا وكلاّ - إذن فالقول بالإمامة وعدمه لا علاقة له بالجامعة الإسلامية وأحكامها من حرمة دم المسلم وعرضه وماله، ووجوب أخوته، وحفظ حرمته، وعدم جواز غيبته الىكثير من امثال ذلك من حقوق المسلم على أرضه».

ثم تعرّض لرأى بعض الشيعة من مسّ كرامة الخلفاء وقال فليس هذا رأي جميع الشيعة وأنّما هو رأي فرديّ من بعضهم وربّما لاتوافق عليه الاكثرية كيف وفي أخبار الشيعة النهي عن ذلك فلا تصحّ معاداة الشيعة أجمع لإساءة بعض المتطرّفين منهم..

ومن العجب أنّ للاستاذ الأكبر الشيخ عبدالمجيدسليم أيضاً مقالٌ بعنوان «بيان للمسلمين أيضاً» (11 ). وجهّه إلى المسلمين بمناسبة دخول مجلة رسالة

الإسلام عامها الخامس تجديداً للعهد بين جماعةالتقريب وإخوانهم من كلّ طائفة على الإيمان وعمل الصالحات والتّواصي بالحق والتّواصي بالصبر، قال رحمه الله:

«يا أبناء الإسلام إنّ الله قد اصطفى لكم هذاالدّين، وجعله خاتمة الرسالات التي بعث بها الأنبياء، وخصّكم بالرسول الأكرم الّذي بشّر به الأنبياء من قبله - وأدام الكلام في خصال الإسلام، وأنّه مرَّ على المسلمينحينٌ من الدهر كانوا عاملين بشريعتهم معتصمين بكتاب ربهم، سائرين على سنّة رسولهم.. كانوا يومئذ أمّةً واحدة وإخوةً متصافّين.. وهذا كان سرّ نجاحهم - الى أن قال - فلمّاأصيبت بالتفرّق واتّباع الهوى.. أدركها الضَّعف والتزلزل وطمع فيها الأعداء.. ولقد طال عليهم الأمد وهي في هذه المحنة، ولولا قوّة بنائها وسلامة أسسها لهُدم ذلك البنيانوانهارت تلك الأركان، ولكن الله جلّت حكمته يريد بذلك تمحيصها - ومعاذ الله أن ييأسَ المؤمنون من رَوح الله فإن الله يحيي الأرض بعد موتها...».

ثم قال: «ولقد سرّنيما اتجّه إليه زعماء المسلمين وصفوة مفكريهم من الدعوة الى عقد مؤتمرات للنظر في احوال الأمة الإسلامية من جميع نواحيها والعمل على توحيد كلمتها، ومناهج الاصلاح فيها -إلى أن قال - : إني لأرجو التوفيق والنّجاح لهذه الدعوات وأسأل الله تعالى أن يهيّئ للمسلمين من أمرهم رشدا...».

ومن الطريف أن عالماً كبيراً من علماء الشيعة في تلكالأيام - وهو العلاّمة الشيخ محمد صالح السّمناني - خاطب المسلمين في كتاب طويل له الى دار التقريب بقولـه «إلى اخواننا المسلمين» (12 ) ذكر فيه أهم مايجب رعايته في

التقريب بين المذاهب، وهو تدوين الكتب الاربعة للشيعة والصحاح الستة لاهل السنة في ملف واحد ليعملوا بها جميعاً.

ومن أهم ما وهبنا العلاّمة القميرحمه الله الامين العام لدار التقريب خلال ابحاثه القيمة في مجلة رسالة الاسلام مقالٌ له بعنوان «وحدة المسلمين حول ثقافة الإسلام» ( 13). أكد فيه على ناحية مهمّة مما يجمعالمسلمين من أيّ مذهب، وفي أيّ ناحية: ألا وهي الثقافة الإسلامية الواحدة فللمسلمين جميعاً سننٌ واحدة في التعليم والتعلّم وبناء المدارس والمساجد وتأليف الكتب في نواحمختلفة من العمل والأدب والأخلاق والكلام والتفسير وغيرها، وفي قراءة القرآن وحفظه والاهتمام به في جميع أمورهم.

وهناك تجد أبحاثاً قيّمة في العقيدة والشريعةللعلامة الشيخ محمد جواد مغنية ناقش فيها كثيراً مما اختصت به الشيعة مثل التقيّة، ورفض العمل بالقياس، والخلاف في مسائل العقيدة، وكذا موقفهم من الغلاة - و هذا مااتهمهم بعض من لا خبرة له بمذهبهم من أهل السنة - وكذلك التأكيد على أن أهل السنة يحبّون آل البيت كالشيعة ويفتخرون بالانتساب إليهم في الأقطار الإسلاميّة، وأن أعداء آلالبيت قد انحصروا في رجالٍ من بني أمية وأتباعهم وبعض فرق الخوارج وقد انقرضوا بحمد الله، فلن تجد مسلماً من أهل السنّة وغيرهم في هذا اليوم يبغض آل البيت عليهم السلام.

وقد قال رحمه الله - في سبيل اتفاق المسلمين في الأصول وأن اختلفوا في الفروع - في مقال له بعنوان «القياس عند ابن حزم والشيعة الإماميّة» ( 14): «اتّفقت المذاهبالإسلاميةعلى أنّ واجب الفقيه إذا أراد أن يعرف حكم واقعة من الوقائع أن يبحث عنه أوّلا وقبل كلّ شيء في الكتاب والسنّة، وإذ يتّفق الفقهاء

على هذاالأصل، ويرونه ضرورة دينيّة لا يقبل الإجتهاد والتقليد...».

وقال في مقال آخر ( ): «إنّ الشريعة الإسلاميّة لم تستخرج من الوهم والخيال بل لها اصول مقرّرة لا يختلفعليها مسلمان مهما كان مذهبهما، وإنّما الخلاف والجدال بين المذاهب حصل فيما يتفّرع عن تلك الأصول».

وقال في مقال آخر له بعنوان «قاعدة الحلّ والطهارة» ( ): «عملبهذا المبدأ علماء الشريعة الإسلاميّة، وجعلوه أصلاً مستقلاً للتشريع».

سابعاً - حديث موجز عن مؤسسة أخرى للتقريب بين المذاهب الإسلاميّة بايران:

وهي«المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلاميّة» أسس قبل 14 سنة بأمر القائد الإمام السيّد عليّ الخامنئي حفظه الله بطهران. وكنت أول أمين عامّ له، وكان له أعمالٌ عظيمةتبع فيها جميعاً «دار التقريب» فنشر بعض منشورات «دار التقريب» مثل مجلتها (رسالة الاسلام) دورة كاملة 60 عدداً في 15 مجلداً، كل أربعة أعداد في مجلّد واحد، ومثل تفسير مجمعالبيان للإمام الطبرسي الذي صحّحته دار التقريب ونشرته مع مقدمات له من الإمامين: الشيخ عبدالمجيد سليم، والشيخ محمود شلتوت، ومن العلامة القمي وخاتمةٍ للشيخ عبدالعزيزعيسى، وكان مسؤول مجلة «رسالة الاسلام» والمُشرف على كلّ منشورات «دارالتقريب»، وقد جُدّد طبعه بالأفست تحت إشرافي، ولي مقدمة لهذا التفسير القيّم جاءت في أوّله، وللهالحمد.

وللمجمع العالمي للتقريب منشورات أخرى منها مجلّة فصلية باسم (رسالة التقريب) تجد فيها أبحاثاً حول الوحدة والتقريب وغيرها بقلم كبار العلماء من الشيعةوالسنّة.

ولهذا المجمع «مؤتمر الوحدة» في كلّ سنة أيّام مولد النبيّ عليه السلام، يشترك فيه أئمّة وباحثون من الأقطار الإسلامية وغيرها من أوروباوآمريكا وغيرها، وعندنا الآن مجلّدات من أبحاث هذه المؤتمرات باللغة الفارسيّة والعربيّة والانجليزية.

ثامناً - خاتمة المقال: يجب أن نشير مع الأسف الشديد إلىماحدث منذ القرون السّالفة بين اتباع المذاهب الإسلاميّة، ولاسيّما بين السنّة والشيعة من العداء والفرقة التي انتهت أحياناً إلى التضارب والتقاتل والتلاعن والتباغضنشأت من جهتين: الجهالة والسّياسة:

أما الجهالة وأعني بها جهل كل من الفريقين السنّة والشيعة بحقيقة مذهب الآخر في أشياء تُبعدهم وتنفّر بعضهم من بعض.

فأهل السنّة - اقصد ممن لا خبرة له منهم - يزعمون أنّ للشيعة قرآناً آخر، أو أنهم يعتقدون بتحريف الكتاب، أو أنّهم يكفِّرون الصحابة، أو يُخرجون أهل السنة عن الإسلام إلىغير ذلك من الأوهام الباطلة وأيضاً لا يفرّقون بين الشيعة وبين الغلاة فيحسبون جميع الشيعة غلاةً.

وعوام الشيعة وممن لا خبرة له في الإسلام والمسلمين يزعمون أنأهل السنة أعداء آل البيت وأعداء الشيعة، إلى غير ذلك من المزاعم الباطلة التي نشأت من جهل الطرفين لعن الله الجهل والعمى ماذا يحكمان؟!

وقد علمنا علم اليقين منالأبحاث السابقة أنها جميعاً أوهام فاسدة.

وأمّا السّياسة: فقد عملت طيلة الأيام من قِبَل الحُكّام عَمَلها، فإنّها كانت مبنيّة على «فرّق تَسُد» فترى التقاتلبين الحكومات السنيّة والشيعية قديماً وحديثاً أمراً ثابتاً ودائماً، كالتنافر بين بني أمية وآل علي وبين آل العباس وآل

علي، وبين البويهيّينوالسّلآجقة، وبين الفاطميين والعباسيين، وبين الخوارج في افريقيا وآسيا، والحكّام في القرون الأولى حتى جاء دور العثمانيين والصفويين «فزادا في الطنبور نغمة أخرى».ومثلها حدثت في شبه القارّة الهندية بين الحكومات الشيعيّة والسنيّة.

فنحن الآن وارثون لما تركته الجهالة والسياسة من سوء النظر والتباعد بيننا؛ فيجب البحث عنحقيقة المذاهب والاستماع الى خبراء كل مذهب لنصل الى الحقيقة ونتخلص من التعصّب والعداء وننتقل الى الألفة والإخاء ان شاء الله تعالى، والسلام عليكم ورحمة اللهوبركاته.


- الكافي، ط المكتبة الإسلاميّة ، ج2، ص 24 ومابعدها.

- نقلاً عن مجلة رسالة الإسلام، ج 5، ص 165.

- بعد رسالة الاسلام ، ص 141.

-طبع جامعة المدرسين. بقم ص 45.

- مسائل الخلاف، ط جامعة المدرسين في (قم) ج 1، ص 45.

- تلخيص الخلاف، ط ، 3م ج 1، ص 19.

- طبع قم ، ص 20. وكان لنا مشاركة في تصحيح هذا الكتابمع جماعة من أساتذة كليّة الالهيات بجامعة مشهد وقد ذكرت أسماءهم في المقدّمة، وقد توفوا جميعاً غيري ولله الأمر، وبيده أزمّة الأمور.

1- من خطاب الإمام الخميني (قدس)في 11/1/1359هـ . ش .

2- مجلة رسالة الاسلام ، ج 11، ص 228.

3- رسالة الاسلام ، ج 2، ص 269.

4- رسالة الإسلام، ج 5، ص 30.

5- رسالة الإسلام ، ج 3، ص 403.

6- رسالةالإسلام، ج 1، ص101.

7- رسالة الاسلام، ج 12، ص 257 .

8- رسالة الإسلام، ج 4، ص 366.

9- رسالة الإسلام، ج 4، ص 157.

/ 1