أهمية حقوق الإنسان في وتنوعها في الشريعة الإسلاميّة
الشيخ أحمد بن حمد الخليلي(1) المقدمة
الحمد لله كما ينبغي لجلال وجه وعظيم سلطانه والصلاة والسلام على رسوله المصطفى الأمين الذي أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين. أنموضوع الحقوق في الإسلام جدير بالبحث والمناقشة غير أنّه موضوع
متشعب لكثرة أنواع الحقوق التي يفرضها الإسلام، منها ما هو للخالق تعالى، ومنها ما هو لخلقه، وماكان للخلق فمنها ما هو للإنسان ومنها ما هو لغيره.
وقد حصرت بحثي في حقوق الإنسان في الإسلام، ووجدته أيضاً موضوعاً واسع الأرجاء متعدد المسالك لا يفي به بحث وانطال ذيله واتسع حجمه، فوجدتني مضطراً إلى الاقتصار على ذكر أنواع الناس الّذين تجب لهم الحقوق مع إشارة عابرة إلى بعض ماهيات تلك الحقوق، وضرب الصفح عن الدخول في تفاصيلأحكامها التي تكفلت بها أمهات الكتب الفقهية، ولم أقتصر في البحث على المراجع الإباضية وحدها وإن كنت عولت في المجال الفقهي على كتب الفقه الإباضية، وذلك لأنني أعتقد أنالمذاهب الإسلاميّة تلتقي جميعاً في الورد والمصدر، فليس بينها كبير خلاف، وإنّما هي اجتهادات من فقهاء الأمة من أجل وصل الإنسان بربه وربطه بدينه ليكون مثاليا فيسلوكه ونموذجاً في استقامته.
تمهيد
الإنسان هو مناط تكليف الله تعالى المعني بخطابه من بين مخلوقاته في أرضه، ذلك لأن الله سبحانه اختاره منبينها ليكون خليفة في الأرض، قال تعالى: ?وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلممالا تعلمون? (البقرة: 30) وقال ?وهو الذي جعلكم خلآئف الأرض ورفع بعضكم فوق بعضٍ درجاتٍ ليبلوكم فيما آتاكم?(الأنعام: 165). وما الاستخلاف إلاّ تكليف في إطار التشريفاختص الله به الإنسان ليقوم بعمارة الأرض مستلهما صوابه ورشده ممن طوقه قلادة هذا التشريف وحمله أوزار هذا التكليف، ويظهر أثر هذا الاستخلاف في المواهب الذاتية التييتمتع بها الإنسان، من عقل مدبر، وبيان معبر، وعلم ملهم، جعلت الإنسان فريدا من نوعه، متميزا من بين جميع الأجناس التي شاركته في الحياة على ظهر هذا الكوكب المظلم حتّىتمكن من الاخذ بنواصي المخلوقات المنبثة من حوله وتسخيرها لمصلحته سواء كانت من جنس الحيوان أو النبات أو الجماد، فهو وحده الذي أطلقت يده في منافع الأرض وما فيها وماعليها، بينما انتفاع غيره انتفاع نسبي محدود جدا إذا قورن بانتفاع الإنسان، وقد ترجم القرآن الكريم ذلك في قوله عز من قائل: ?هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً? (البقرة:29)، كما يظهر أثر هذا الاستخلاف أيضاً في هذه المكانة الرفيعة التي بوأ الله الإنسان فيها ورفعه إليها وامتن بها عليه في قوله: ?ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحرورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلاً?(الإسراء: 70)
ومن الآثار البارزة لهذا التكريم هذه الطاقة الهائلة التي مكنت الإنسان من تطورهوتطوير حياته بحيث صار يبتكر الوسائل ويستنبط الأسباب لجعل حياته أعلى رقياً وأكثر ازدهاراً وأوسع رفاهية، ولاختصار الزمن في قضاء حاجاته وبلوغ مراميه، فقد شهد العالمالبشري ـ عبر امتداده ـ تطوراً هائلاً في حياة الناس الاجتماعية والثقافية والصناعية غير كثيراً من معالم الحياة، وبدل جانباً لا يستهان به من مظاهرها.
ولئن كانالتكليف بقدر التشريف فإن كاهل الإنسان مثقل بالواجبات المتنوعة، كيف وقد جعله الله سيداً في الأرض بل قطباً في الكون كما يشهد له تسخير منافع هذا الكون من أجله ?وسخر لكمما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه?(الجاثية: 13) فلا غرو إذا كان معقد التكليف الشرعي والمستهدف بخطاب الله تعالى في وحيه المحمل أوزار أمانته من بني خلقه، ومن أجلهذا كانت ذمة الإنسان مشغولة بأنواع شتى من الحقوق، منها ما هو لربه الذي خلقه، ومنها ما هو لبني جنسه، ومنها ما هو لمخلوقات أخرى.
ومن حيث أن الإنسان موضع تكريمالله تعالى كان حقه على أخيه الإنسان أعظم الحقوق بعد حق الله تعالى وآكدها وأولاها بالعناية دراسة وأداء.
وبما أن الإسلام الحنيف هو رسالة الله إلى خلقهوتكليفه الذي ناطه بالإنسان ليتحمل تبعته ويؤدي واجبه، فقد جاء مستقصياً لهذه الحقوق تبياناً وتأصيلاً وتفريعاً واضعاً كلّ شيء منها موضعه المناسب له في نظام رتيب لميعرف له مثيل في ظل الديانات والأنظمة الأخرى.
تنوع الحقوق:
للإنسان في ظل الإسلام حقوق شتى منها ما هو حق عام يستوي فيه جميع البشر،كالرحمة والإحسان فإنهما واجبان لجميع الناس، بل يتعديان الإنسان إلى الحيوان ولا يفرق فيهما بين حبيب وبغيض، وبين حالات الشدة وحالات الرخاء إذ الإنسان المسلم وإن كانمطالباً بأن لا تأخذه هوادة، وأن لا يتردد في تنفيذ أمر الله، كإقامة حدوده وجهاد أعدائه، إلاّ أنّه مطالب بأن لا يتخلى في هذه الحالات من روح الرحمة والإحسان، ففيالحديث ?إنّ الله عزّوجلّ كتب الإحسان على كلّ شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته?(1).
وكان رسول الله ـ صلىالله عليه وآله وسلم ـ يحذر سراياه من التمثيل بأعدائهم، فعن صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في سرية فقال: (سيروا بسم اللهوفي سبيل الله قاتلوا من كفر بالله ولا تمثلوا ولا تعذروا ولا تقتلوا وليداً)(2)، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ إذا بعث جيوشهقال: (أخرجوا بسم الله تعالى تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع)(3)، وعن أنس أن رسول الله ـ صلى اللهعليه وآله ـ قال: (انطلقوا بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لا تقتلوا شيخاً فانياً ولاطفلاً صغيراً ولا امرأة ولا تغلوا وضموا غنائمكموأصلحوا وأحسنوا إنّ الله يحب المحسنين)(4).
وقد حرص الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم على هذا المنهج في جميع حروبهم، فعن يحيى بن سعيد أن أبا بكر رضي الله عنه بعثجيوشا إلى الشام فخرج يمشى مع يزيد بن أبي سفيان وكان يزيد أمير بع من تلك الأرباع فقال (إني موصيك بعشر خلال، لا تقتل امرأة ولا صبياً، ولا كبيراً هر ماً، ولا تقطع شجراًمثمراً، ولا تخرب عامراً، ولا تعقرن شاة ولا بعيراً إلاّ لمأكلة، ولا تعقون نخلاً ولا
تحرقة ولا تخبن)(5)
ويندرج في هذا الإحسان إلى الأسير الذي أثنى اللهبسببه على عباده المؤمنين ووعدهم عليه حسن الثواب عندما وصفهم بقوله ?ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً?(الإنسان: 18) ، وكذلك كان أصحاب رسول الله ـ صلى اللهعليه وآله وسلم ـ يؤثرون أسراهم على أنفسهم وأولادهم بأحسن ما يطعمون، وقد سجل هذا المأثرة لهم بعض أولئك الأسرى، فهذا أبو عزيز بن عمير أخو مصعب بن عمير يحكي قصته معالأنصار الذي أسروه يوم بدر فيقول: (كنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بى من بدر فكانوا إذا قدموا غداءهم أو عشاءهم خصوني بالخبز وأكلوا التمر لوصية رسول الله ـ صلى اللهعليه وآله وسلم ـ إياهم بنا، ما تقع في يد رجل منهم قطعة خبز إلاّ نفحني بها فاستحي فأردها فيردها علي ما يمسها)(6).
ومن هذا المنطلق جاءت الإشارة الكريمة في القرآنالكريم إلى المن على الأسرى بإطلاقهم أو المفاداة بهم في قوله تعالى: ?فإما منا بعد وإما فدآء?(محمّد: 4).
وقد عرف أئمة الإباضية بالتزام هذا المنهج الإنساني العادلفي معاملة أسرى الحرب حتّى ولو كان الأسير من قوم لا يرقبون فيهم إلاّ ولا ذمة ولهم في ذلك أمثلة رائعة سجلها التاريخ فكانت جمالا لصفحاته، منها موقف الإمام طالب الحقعبدالله بن يحيى الكندي من أسيريه الضحاك ابن زمل الذي قاتله بصنعاء، وإبراهيم بن جبلة بن مخرمة الذي قاتله بحضر موت وصنعاء، ووقع في أسر الإمام وجنده مرتين، فإنه بعد ماأمن عليهما وأرسلهما قال لهما حبستكما خوفاً عليكما من العامة وليس عليكما مكروه، فأقيما إنّ شئتما أو أشخصا(7).
ومثله موقف قائدة أبي جمزة المختار بن عوف الشاريمن الجحافل
المنهزمة بين يديه في معركة 'قديد' عندما عرض عليه أبو الحر علي بن الحصين أن يتبعهم لا ستئصال شأفتهم قائلاً: (اتبع القوم أو دعني اتبعهم فأقتل المدبروأذفف على الجريح، فإن هؤلاء شر علينا من أهل الشام، فلو قد جاؤوك غداً لرأيت من هؤلاء ما تكره)، فقال: ( لا أفعل ولا أخالف سيرة أسلافنا)(8).
ومثل هذا صنيع الإمامأبي الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري عندما خير عامل أبي جعفر المنصور على طرابلس بين البقاء والخروج بالأمان فاختار الخروج(9).
العدل حق إنساني عام
من حقوق الإنسانية المشتركة العدل فهو واجب ـ حسب مبادئ الإسلام الحنيف ـ بين جميع الناس سواء في الحكم بينهم أو الشهادة لهم أو عليهم، لا فرق بين من كان منهممؤمناً أو كافراً، براً أو فاجراً، صديقاً أو عدواً، قريباً أو بعيداً، غنياً أو فقيراً، قال تعالى:?إنّ الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أنتحكموا بالعدل? (النساء: 58) وقال: ?يا أيها الّذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إنّ يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما فلاتتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً?(النساء: 135) وقال:?يا أيها الّذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكمشنئآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إنّ الله خبير بما تعملون?(المائدة: 8)
ومن أجل تحقيق هذا المنهج في الأرض وتطبيق هذا المبدأ بينالناس
أنزل الله في كتابه آيات تتلى تبرئة لساحة يهودي ألصقت به تهمة هو بريء منها، وذلك أن طعمة بن أبيرق سرق درعاً لأحد المسلمين فلما خشي أن ينكشف أمره، رمىبها في بيت يهودي وحاول إلصاق فعلته باليهودي البريء وشايعه على ذلك بعض قومه ممن آمنوا بألسنتهم ولم يلامس الإيمان شغاف قلوبهم، وجاءوا إلى النبي ـ صلى الله عليه وآلهوسلم ـ يجادلون بغير حق محاولين تبرئة ساحة صاحبهم وتغليظ قلب رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ على اليهودي، فإذا بالوحي الإلهي يفضح مؤامرتهم ويكشف دسيستهم إذأنزل الله على رسوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قوله: ?إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً واستغفر الله إنّ الله كانغفوراً رحيماً ولا تجادل عن الّذين يختانون أنفسهم إنّ الله لا يحب من كان خواناً أثيماً يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القولوكان الله بما يعملون محيطاً هآأنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلاً. ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفرالله يجد الله غفوراً رحيماً. ومن يكسب إثماً فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليماً حكيماً ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بهتاناًُ وإثماً مبيناً.ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلاّ أنفسهم وما يضرونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليكعظيماً ?(النساء: 105 ـ 113).
وما نزول هذه الآيات بهذا الأسلوب الملتهب في قصة رجلين يتظاهر أحدهما بالإسلام ويجاهر الآخر باليهودية إلاّ من اجل ترسيخ قيم العدالة فينفوس المسلمين والتحذير من التهاون في الاستمساك بعروتها من اجل نزعة دينية
أو قومية أو سياسية أو من أجل محبة حبيب أو قرابة قريب(10).
ويندرج في الحقوقالإنسانية العامة كثير مما لم نذكر كعون الضعيف وإشباع الجائع وتأمين الخائف وسائر الحقوق التي تجب لمواطني الدولة الإسلاميّة وإن لم يكونوا من المسلمين، والأدلةالدالة على ثبوت هذه الحقوق تتضح لمن استقرأ القرآن وحاول تتبع السنة النبوية.
حقوق تجب بالإسلام:
إذا كان الإسلام الحنيف يفرض حقوقا علىالإنسان للإنسان بحكم علاقة الإنسانية مع قطع النظر عن اتحاد الدين أو اختلافه، فإنه يفرض حقوقا بين المسلمين أنفسهم كحق الموارثة بين الأقربين بنسب أو سبب وحق الموالاةوالمناصرة ما لم يكن المسلم منشأ العدوان والحيف، ومن بين هذه الحقوق تسميت المسلم إذا عطس، ومبادلته تحية السلام، وتغسيل موتى المسلمين وتجهيزهم والصلاة عليهم ودفنهمفي مقابرهم، قال الإمام ضياء الدين الثميني في النيل: من حق كلّ مسلم على أخيه أن يسلم عليه إذا لقيه، ويسمته إذا عطس، ويجيب دعاءه، ويزحزح له في المجلس، ويحفظه إنّ غاب،ويقوم عوجه، ويعوده إذا مرض، ويشهد جنازته، يحفظه في أولاده بعده ما قدر، ويحب له ما يحب لنفسه، ومن ستر على مسلم في الدنيا ستر عليه في الأخرى، والله في عون العبد ما أعانأخاه، ولا يحل لمسلم أن يهاجر أخاه فوق ثلاثة أيام، وخيرهما البادئ بالسلام، وقيل: من هاجره فوقها ولم يكلمه بعدها برئ منه حتّى يكلمه، ولا يتولى إنّ مات على ذلك، وروىإنّ الأعمال تعرض على الله سبحانه وتعالى عشية الإثنين فلا ترفع لمتقاطعين فوق ثلاثة، وقيل: مهاجرة سنة كسافك دمه، وقيل: من حق كلّ أن لا يكتسي ويعرى أخوه، وأن لا يتخالفاجوعاً وشبعاً وتزوجاً وعدمه بقلة، ولا يمنع كلّ أخاه إنّ استقرضه أو استباعه إنّ قدر، وروي: المؤمن مرآة أخية، ولا تؤمنون حتّى تحابوا، والأخبار في ذلك كثيرةجداً، وقال شارح الإمام اطفيش: ومن حقوق المسلمين الإصلاح بينهم وهو أفضل الصدقات،وأن لا يقبل فيهم ما يسمع من النمام والحساد، ولا يسيء الظن بهم، ولا يحل النظر لمسلمبعين الإستصغار، ولا الدنيوي بعين التعظيم، وليس حقا لهم كف الأذى عنهم فقط بل كفه ونفعهم، فأهل القبور قد كفوا أذاهم، وإنّما شرح الله أخوة الإسلام ليستفيد بعضهم منبعض، ومن ذب عن عرض أخيه كان له حجابا من النار، قال ابن عباس: حق المسلم أوجب من حق الأب غير المسلم، والمسلمين كالبنيان يشد بعضه بعضا، ولأخير فيمن لا منفعة للمسلمينفيه، وأن لله عبادا خصهم الله بنعمه لمنافع خلقه، يقرها فيهم ما بذلوها، وإن ضيعوها حولها إلى غيرهم، وأن لله وجوها خلقهم لحوائج خلقه يرغبون في الحمد، وأن الله يحبمكارم الأخلاق، وأن أفضل الناس ثواباً غداً أنفعهم للناس اليوم، وإذا أراد الله بعبد خيراً استعمله في قضاء حوائج الناس، وهذا لعامة الناس، فكيف بمن فعل الخير فيالمسلم، والمؤمن من المؤمن كالرأس من الجسد، ومثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى سائره بالحمى والسهر، ولا يغير المسلم ولا يضره ضراما،ولا يغشه ولا يخذله وليرد عنه الغيبة، ومن لم يردها عنه فكأنه رأى الكلاب تمزقه ولم تحركه الشفقة والإسلام إلى الذب عنه(11).
الحقوق الخاصة:
إذاكانت الإنسانية سببا لترتب الحقوق العامة المشتركة بين الناس من أجل هذه العلاقة التي تربطهم وكان الإسلام سببا لترتب حقوق أخرى تجب على المسلم للمسلم بحكم علاقةالعقيدة فإن هناك حقوقا متعددة تجب بين الناس بحكم علاقات خاصة فطرية أو كسبية أكدها الإسلام وأمر بالمحافظة عليها.
حق الوالدين:
منالحقوق الخاصة المؤكدة في الكتاب والسنة حقوق الوالدين الأب والأم، ولعظم حقهما وتأكيد المحافظة عليه قرنه الله بحقه في قوله: ?وقضى ربك ألا تعبدوا إلاّ إياه وبالوالدينإحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذّل من الرحمه وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً?(الإسراء: 23 ـ 24)، وتكرر في آيات متعددة، وفي سور مختلفة التأكيد على هذا الحق مع التنبيه في بعض تلك الآيات على ما لأم من خصوصية بسبب ما كان من مكابدة مشاق وتحمل صعوبات فيسبيل راحة فلذة كبدها وثمرة قلبها، كما في قولـه سبحانه: ?ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرها ووضعته كرهاً وحلمه وفصاله ثلاثون شهراً?(الأحقاف: 15)، وقوله:?ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهنٍ وفصاله في عامين أن أشكر لي ولوالديك إليّ المصير? (لقمان: 14)، ولا يسقط هذا الحق بسب رفض الأبوين أو أحدهما للاستجابةلداعي الله والدخول تحت مظلة الإسلام، والتشبث بأوهام عقيدة الكفر، بدليل أن الله تعالى بعد ما وصى بحقهما نبه على كيفية التعامل معهما إنّ حاولا أن يجرا ولدهما إلىمهاوي الشرك ومساقط الضلال، إذ قال سبحانه: ?وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي? (لقمان 15) فهو ـ معكونه مأمورا بأن لا يستجيب لدعوتهما إياه إلى الإشراك بالله ومأمورا باتباع سبيل من أناب إلى الله لعدم جواز المساومة على المبادئ ـ يؤمر كذلك بأن يصحبهما فيالدنيا معروفا، وذلك بالتلطف بهما في المعاملة وإظهار التودد إليهما، وتقدير مالهما من فضل بسبب الأبوة والأمومة، على أن ما جاء في القرآن من التنبيه على ما للأم من فضلبسبب تضحياتها الجسيمة التي تقدمها لفلذة كبدها منذ بداية حملها به وانفرادها بها دون الأب، دليل على أن حقها أعظم من حقه، وبرها أو جب من بره، وهو الذي صرح به الحديثالصحيح، (فقد جاء رجل إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحبتي ؟ قال: أمك، قال: ثم من ؟ قال: أمك قال: ثم من ؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أبوك(12) إذ ذكر حقها ثلاث مرات ثم مجيء حق الأب بعد ذلك معطوفا بثم التي تقتضي المهلة والترتيب من أوضح الأدلة على ما تتميز به الأم في الإسلام من حق لا يبلغ شأوه أحدولا ينافسها حتّى الأب.
حق الأولاد:
للأولاد على أبويهما حقوق يفرضها عليهما الإسلام كما فرض حقوقهما عليهم، من بين هذه الحقوق حسن تربيتهموالمحافظة عليهم مما يضر بهم حسياً أو معنوياً، وغرس محبة الله وخشيته ورجائه في نفوسهم، وتعليمهم العلوم النافعة، وتعويدهم على القيام بالتكاليف الدينية ليتعودواعليها حتّى لا تشق عليه عند ما يصلون إلى طور التكليف، وهذا مما يدخل تحت مدلول قوله تعالى: ?قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة? (التحريم: 6)، ويدل عليه قوله ـصلى الله عليه وآله وسلم ـ : (علموهم الصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع)(13)، ومن حيث إنّ الأبوة والأمومة مفطورتان على حب الأولاد والحرص على كلّخير وهنا ء وسعادة لهم، لأن وجودهم فرع وجود أبويهم وحياتهم من بعدهما امتداد لحياتهما، لم يكن داع إلى أن يخصا على رعاية الأولاد كما حضوا على رعايتهما وإنّما وكل ذلك إلى فطرتهما.
حق الزوجين:
لكل واحد من الزوجين على الآخر حقوق فرضها الإسلام مراعياً فيها ما لكل منهما من الخصائص الفطرية، والحياةالزوجية معدن الأسرة ومحضن الذرية، وهي عش الهناء ومصدر الاستقرار النفسي والاجتماعي، فحري بها أن تكون مرتكزة على دعائم متينة قائمة على أرضية صلبة من المودة والوئاموالتعاطف والانسجام، فمن هنا نجد في الكتاب والسنة الدلائل الواضحة على عناية الإسلام بهذا الجانب المهم من حياة الإنسان، وإعطاء كلّ جانب حقه حسب ما تقتضيه سنن الحياة،وتفرضه نواميس الوجود، فالله تعالى يقول: ?ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم? (البقرة: 228)، ويقول: ?يا أيها الّذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثواالنساء كرهاً ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلاّ أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً وإنأردتم استبدال زوج مكان زوج و آتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاًغليظاً? (النساء: 19 ـ 21). وفي الحديث الصحيح عن جابر رضي الله عنه أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال في حجة الوداع: ?اتقوا الله في النساء فإنهن عندكم عوانولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف?(14).
وعن معاوية بن حيدة القشيري أنّه قال: (يا رسولالله ما حق امرأة أحدنا
عليه ؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلاّ في البيت)(15).
وعن أبي هريرة عن النبي ـصلى الله عليه وآله وسلم ـ قال: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت عليه، لعنتها الملائكة حتّى تصبح (16) وفي رواية بلفظ (إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتهاالملائكة حتّى تصبح (17).
حق ذوي الأرحام:
بما أن الإنسان مدني بطبعه لا يمكن أن يعيش مقطوعاً عن أهله فريداً في مجتمعه، كان من الضرورة بمكانترابط الأسر وذوي القرابات، وذلك من عوامل تماسك المجتمع وقوته، إذ التلاحم الذي بين أفراد الأسر ينعكس أثره الإيجابي على المجتمع كله، كما أن تفكك الأسر وتناثرها ينعكسعلى المجتمع بأسره أثره السلبي، ومن أجل ذلك حض القرآن الكريم على رعاية هذا الحق في معرض الأمر بتقوى الله حيث قال عزّوجلّ: ?واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام?(النساء: 1)، وقرن بين قطيعة الرحم والإفساد في الأرض في قوله تعالى: ?فهل عيسيتم إنّ توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم? (محمّد: 22)، والأمر بالإحسان إلى ذوي القربيالذي تكرر في العديد من آيات الكتاب إنّما يعنى مراعاة هذا الحق وعدم التفريط في شيء منه. واستفاضت عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أحاديث الحض على صلةالأرحام، ومما روى عنه في ذلك قوله: (إنّ الله خلق الخلق حتّى إذا فرغ من خلقه قالت الرحم: هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ؟قالت بلى يارب، قال فهو لك، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : فأقرأوا إنّ شئتم ?فهل عسيتم إنّ توليتم أن
تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم?(18)، وعنه ـصلى الله عليه وآله وسلم ـ قال: (إنّ الرحم شجنة من الرحمن فقال الله: من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته)(19)، ودل الحديث على وجوب صلة الرحم القاطع إذا لا يسقط منعه ما عليه منحق ماله منه، فقد قال ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : (ليس الواصل بالمكافيء ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها)(20)، وفي رواية (أن رجلاً قال: يا رسول الله إنّ لي قرابةأصلهم فيقطعون وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك(21).
وفيالنيل وشرحه تجب صلة الرحم ولو قاطعا(22)، وفي الإيضاح (وصلة الرحم واجبة على كلّ أحد رجالا ونساء فعلى هذا ليس للرجل أن يمنع زوجته وبنته من وصل رحمهما في كلّ وقت، غير أنالصلة مختلفة كما ذكرنا وإن منعها جميع الصلة لأرحامها لم يجز له ذلك ـ إلى أن قال ـ وعلى النساء المخدرات صلة الأرحام في المصائب، والقدوم من السفر وإن كن لا يظهرن للذيتجب عليهن صلته وصلن إلى منزله وأرسلن من يرسل له التعزية والسلام ولا يظهرن له(23).
حق اليتامي:
من الحقوق الإنسانية التي أكدها الإسلام حقاليتامي، وهم الذي مات آباؤهم وهم في طور الصبا قبل البلوغ، فإن رعاية هؤلاء واجبة على المجتمع المسلم، لتعويضهم عن حنان الأبوة الذي فقدوه، ورعايتها التي حرموا منها،وهو مطلب إنساني تقتضيه الفطرة، فإن اليتيم عندما يفقد في مجتمعه هذه الرعاية يساوره الشعور بالحرمان، وقد يدفعه ذلك إلى الحقد على المجتمع والتنكر له، فينشأ إنساناشاذا في معاملته متطرفا في تصرفه هداما بين بني جنسه، وقد أكد القرآن الكريم وجوب رعاية حقه ونهى عن كلّ إساءة إليه لينعكس عطف المجتمع عليه على نفسيته، فيحيامعه حياة وئام وانسجام ومودة وإخلاص، ومما تضمنه القرآن من الآيات الناصة على هذا الحق والمؤكدة عليه قوله عزّوجلّ: ?فأما اليتيم فلا تقهر? (الضحى: 19)، وقوله تعالى:?وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين? (النساء: 36)، وقوله: ?وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخيث بالطيب ولا تأكوها إسرافا وبدارا أن يكبروا? (النساء: 6)،وتوعد تعالى أشد الوعيد على أكل أموالهم بغير حق حيث قال سبحانه: ?إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنّما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيراً? (النساء: 10)، وحض علىالإنفاق عليهم من أموال المنفقين لسد حاجتهم، وجبر كسرهم، وجعل ذلك من أركان البر، حيث قال: وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى (البقرة: 177)، وأثار في نفوس أفرادالمجتمع من حولهم عواطف الأبوة الحانية تجاه أولادهم ليعاملوا اليتامى بما يحبون أن يعامل به أولادهم من بعدهم إنّ ماتوا عنهم صغاراً، حيث قال تعالى: ?وليخش الّذين لوتركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديداً?(النساء: 9).
ومع هذا التأكيد الشديد على حق اليتامى في القرآن فإن السنة النبوية لمتسكت عنه، فعن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ (إني أخرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة)(24)، وروى من طريقه أيضاً عنه ـ صلى الله عليهوآله وسلم ـ (خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يسآء إليه) (25)، وعن ابن عباس رضى الله عنهما مرفوعاً (من عال ثلاثة من الأيتامكان كمن قام ليله وصام نهاره وغدا وراح شاهرا سيفه في سبيل الله وكنت أنا وهو في الجنة أخوين كهاتين أختان، وألصق أصبيعه
السبابة والوسطى(26)، وعنه أيضاً عن النبيـ صلى الله عليه وآله ـ قال: (من آوى يتيماً وقام به احتسابا لله وقع أجره على الله والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً) (27).
والذي يستخلص من هذه الآيات والروايات عظمحق اليتيم ووجوب رعايته نفسياً وجسدياً، دينياً ودنيوياً وخلقياً، لينشأ على صلاح واستقامة، برابمجتمعه، نافعا لأمته، حريصا على خيرها، غير شاعر بمضض الحرمان من فقدأبيه أو أبويه، وجميع أحكام اليتامى تنبني على رعاية مصالحهم لقولـه تعالى: ?ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير?(البقرة: 220) وأولى من يقوم بهم الأقربون إنّ وجدوا، قالالعلامة الشماخي في الإيضاح: (والواجب على أولياء اليتامى وعشائرهم أن يقوموا بهم وبما يصلح لهم وهو عليهم حق واجب وذلك من صلة الرحم وإن لم يكن لهم ولى أولم يحضرأولياؤهم فعلى من حضر من المسلمين القيام بهم وبأمورهم، قال تعالى: ?وأن تقوموا لليتامى بالقسط?(28).
وقال الإمام الثميني في النيل: (لزم ولي يتيم وعشيرته القيام بهوبما له وهو من الصلة، وإن لم يكن له ولي أوغاب فعلى من حضر من المسلمين)، وقال شارحه الإمام اطفيش: وحاصل ذلك أن حق اليتيم واجب، كلّ من قام به أجزأ والمخاطب به الأقربفالأقرب فإذا لم يقم به إقامته العشيرة له، وإن لم يفعلوا أو امتنع أو هرب لزمها حتّى يقيم له صالحاً و إلاّ لزمها الضمان ولزم ذلك الممتنع أو الهارب إنّ أطاق، وإذا لمتقم به العشيرة لزم من علم به ممن يليهم في نسب ما، و إلاّ فأهل المنزل الأقرب فالأقرب منزلا، و إلاّ فأهل بلد يلي ذلك البلد، وذلك أن القيام به فرض كفاية ولو كان المخاطببه الأقرب فالأقرب، فإذا لم يقم له صالحا و إلاّ لزمها الضمان ولزم ذلك الممتنع أو الهارب إنّ أطاق، ولك مسبوق في القرب يزعج سابقه إلى القيام فإن قام هذا السابق و إلاّقام المسبوق وإن لم يقم أزعجه من بعده،
وهكذا و إذا لم يزعجه ضمن السابق والمسبوق، وإن أزعجه فلم يقم ضمنا ولا ضمان على من لم يعلم به) (29).
حقالمساكين:
لم يعرف التاريخ مبدأ دينيا أو نظاماً بشرياً يعطف على المساكين ويوفر لهم الحقوق المادية والمعنوية كالإسلام الذي عني بالمساكين عناية تفيض عليهمالسكينة وتملأ حنايا قلوبهم بالغبطة والطمأنينة، فقد جعل لهم نسبة محددة مما بأيدي الأغنياء من الثروات يأخذونها منهم حقاً واجباً لا محيص لهم عنه، بل جعل ايتاء هذاالحق ركناً من أركان الإسلام ومظهراً من مظاهر الإيمان، وهذا هو حق الزكاة المشروعة المؤكدة بنصوص الكتاب والسنة، وبجانب هذا فقد وصى بسد عوزهم من غير هذه النسبة إنّ لمتف بذلك، ومن أبين الشواهد على ذلك قوله تعالى في بيان صفات الابرار: ?وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين? (البقرة: 177)، وعطف من بعد إيتاء الزكاة على هذاالحق عندما قال في الآية نفسها ?وأقام الصلاة وآتى الزكاة?، وهو دليل على تعلق حقهم بالمال من غير حصة الزكاة، لأن العطف يدل على التغاير بين المعطوف والمعطوف عليه، وقدشدد القرآن الكريم على تأكيد هذا الحق عند ما قرن التهاون به بوعيد يوم القيامة، فقد قال تعالى: ?كلا بلا لا تكومون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين? (الفجر: 17 ـ 18 )، وحكيعن أهل النار جوابهم عند ما يسألون ?ما سلككم في سقر? (المدثر: 42) فقال: ?قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين? (المدثر: 43و44). والإسلام بجانب توفيره للمساكينهذا الحق المادي وفر لهم حقا معنويا بحمايتهم من الذلة والانكسار، عند ما حذر الأغنياء المنفقين عليهم إنّ يشوبوا
صدقاتهم بالمن والأذى، وجعل ذلك من مبطلاتالصدقات، فقد قال تعالى: ?يا أيها الّذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى? (البقرة: 264)، واشترط في نيل الأجر على إنفاق المال أن يكون الإنفاق خالصاً منهما، وذلك فيقوله عزّوجلّ: ?الّذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم?(البقرة: 262).
قال صاحب الإيضاح بعد ذكر طائفة من الآياتالحاضة على ايتاء المساكين حقوقهم: (فهذا كله يدل على وجوب حق المساكين) (30).
حق ابن السبيل:
ابن السبيل هو المنقطع عن أهله وإن كان غنيا في حضره،تجب له حقوق إنّ احتاج في سفره، وقد جعل الله له حصة في الزكاة المشروع'، قال تعالى: ?إنّما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقابوالغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل?(البقرة : 177)، وأمر بالأحسان إليه في قوله: (وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القرى والجارالجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل) (النساء : 36).
وحق ابن السبيل من الحقوق الإنسانية العامة التي يشترك فيها البر والفاجر والمسلم والكافر إلاّ من كان قائما بنشرمفسدته بين الناس أو مانعا حقا واجبا عليه، وكان في إيوائه عون له على ما هو بصدده من الفساد، قال العلامة الشماخي: (ويجب حق ابن السبيل كائنا من كان من الناس إلاّ من كانيسعى في معصية الله مثل قطاع الطرق، وأهل الفتنة، ومن هجره المسلمون، والمرأة العاصية لزوجها، والعبد الآبق، وأشباههم، فلا يجب حق لهؤلاء) (31)، وقال العلامة المثيني(أمرنا
بالإحسان لإبن السبيل بوجوب، وهو المنقطع عن أهله خارجا من أمياله، ولا عنده مال ولم يجد قرضاً ولا تديناً لما له فليزم حقه من جاز عليه إنّ لم يكن كباغ)(32).
وليس لأحد أن يجعل مما فرضه الله من حق ابن السبيل وسيلة إلى استغلال الناس وهو يتردد إلى البلاد من أجل غرض أو آخر، قال الإمام اطفيش في شرحه على النيل: (وليسلمن يتردد في البلاد متفرجاً ولا حاجة له يقصدها حق ابن السبيل) (33).
وهذا الحق يجب كما تقدم مما بأيدي أهل البلد من زكاتهم، أو مما بأيديهم مما يفضل عن حاجتهمالضرورية من أموالهم، قال الإمام اطفيش أيضاً: (ولا حق له في مال المسجد ولا في الأوقاف ويحسن إلى ابن السبيل بالزكاة أو غيرها ولا يلزم حقه من لا شيء عنده، أو عنده قوتيومه فقط، قال في التاج: (وإن كان قوم بمحل لا سوق فيه ولا زكاة معهم لزمهم أن يطعموا من يرد إليهم من أبناء السبيل) (34).
ومما يدخل في حقوق ابن السبيل حق الضيافة لأنالضيافة غالباً إنّما تكون للآتين من بعيد، والضيافة سنة سنها أبو الأنبياء إبراهيم ـ عليه السلام ـ ، كما يقص علينا القرآن الكريم ما كان عليه من ترحيب بالضيف ومسارعةإلى إكرامه، وقد تأصلت في العرب حتّى صارت سمة لهم يعرفون بها، ومفخرة يتساجلون في إشهارها بأدبهم المنظوم والمنثور، وعندما جاء الإسلام الحنيف رسخ هذه السنة في الأمةالإسلاميّة وحض عليها حتّى قرنها بالإيمان بالله واليوم الآخر ففي الحديث عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزتهيوما وليلة، والضيافة ثلاثة أيام وما كان بعد ذلك فهو صدقة ولا يحل له أن يثوى عنده حتّى يحرجه) (35)، وقد اعتمد على هذا الحديث الإباضية ومن قال قوالهم بأن الضيافة واجبة،قال الإمام السالمي: (واستدل بجعل
ذلك صدقة على أن الذي قبلها واجب وهو ظاهر)(36)، وقال أيضاً (والحديث يدل على وجوب الضيافة في الجملة، لأنه جعل ذلك من الإيمان،ويفيد أن فعل خلافة ليس من الإيمان وإنّما هو فعل من لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، ولأنه جعل ما وراء الثلاث صدقة، فإنه يدل أن ماقبل ذلك غير صدقة بل وواجب شرعاً، وهومذهب الأصحاب ـ يعني الإباضية وذكر أقوال العلماء في ذلك ثم قال ـ ولا دليل على النسخ ولا على التخصيص بزمان دون زمان)(37).
وقال العلامة الشماخي: (وحق الضيف واجبعلى من نزل عليه لهذا الحديث، وينبغي لمن نزل عليه الضيف أن يكرمه ويلي أمر ضيافته بنفسه ولا يكله لغيره ـ إلى أن قال ـ ومن حقوق الضيف على أهل البيت أن يقدموا له خير ما فيبيتهم ويسرعوا له بعيشه ويحفظوا له أوقات الصلاة، ويحفظون له دابته بالعلف والسقي، ولا يغيبوا عن وجهه، لأن هذا كله من إكرامه) (38).
وقال الإمام الثميني في النيل:(تلزم الضيافة حيا وأهل منزل لا مسافرا أو نحوه بكفاية إنّ لم يقصد أحداً فتلزمه بخاصته، وتسقط عن غيره ولا تجزى ضيافة أهل منزل على آخر، ولو تقاربا، وكذا أهل الأخبيةوالقياطين)(39)، وقال أيضاً: (وتلزم مقيما بمنزل كاهله وإن لم يوطنه، ورفقه إنّ قصدوا عنه مقيل أو مبيت)(40).
وحق الضيافة لجميع الناس كما تقدم في ابن السبيل، قالصاحب الإيضاح (وأما من تجب له هذه الضيافة فإنها تجب لجميع الناس ممن كان خارج الأميال ومن كان دون الأميال وبه حاجه، ولم يجد الوصول إلى منزله إلاّ أهل معصية الله مثلقطاع الطرق وأهل الفتنة ومن هجره المسلمون، وأهل حرب المسلمين ومانع الحق والعبد الآبق، والمرأة العاصية لزوجها وأشباههم(41)، وقال أيضاً: (يجب حق الضيف على أهل المنزلولو كان عنده الطعام لعموم الخبر في ذلك) (42).
حق الجار:
الجوار صلة إنسانية تقتضى التصافي والتعاون بين الجيران مع قطر النظر عن كون الجارقريباً أو بعيداً من حيث العلاقة النسبية، وكونه مسلماً أو غير مسلم من حيث الرابطة الدينية، لذلك جاء الإسلام بما يمتن هذه الصلة ويشد هذه الآصرة من الأحكام المتعلقةبالجوار، قال تعالى في معرض الأمر بالإحسان: ?والجار ذي القربى والجار الجنب?(النساء: 36)، وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : (من كان يؤمن الله واليوم الآخر فليقلخيرا أو ليصمت ولا يؤخذ جاره أبدا) (43)، وفي رواية (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليومالآخر فليقل خيرا أو ليصمت)(44). وفي ربط هذا الواجب بالإيمان بالله واليوم الآخر من تأكيده والتغليظ على من تركه مالا يخفى على ذي لب، وجاء في حديث آخر التصريح بنفيالإيمان عمن يسيء الجوار وذلك قوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : (والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن. قيل من يا رسول الله ؟ قال الذي لا يأمن، جاره بوائقه) (45)، قالالإمام السالمي في شرح قوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : (ولا يؤخذ جاره أبداً): أي لا يصدر منه أذى لجاره ما دام في جواره لا بلسانه ولا بسائر جوارحه، ولا بدهائه وبوائقه،ولا يدخل الجنة من لم يأمن جاره بوائقه، فالإيذاء شامل لجميع أنواع الإضرار حسياً كان أو معنويا وليس من الأذى كفه عما يرتكبه بالتي هي أحسن على حسب مراتب الأمر بالمعروفوالنهي عن المنكر، وكذلك موعظة الكافر بعرض الإسلام عليه وإظهار محاسنه والترغيب فيه برفق أو موعظة الفاسق بما يليق بحاله برفق، فإن أفاد وإلا هجره قاصدا تأديبه معإعلامه بالسبب(46). وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال له: يا أبا هريرة كن ورعا تكن أعبد الناس وكن قنعا تكن أشكر الناس وأحب
للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا، وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً (47)، وعن عائشة وابن عمر رضي الله عنهما عن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال: (ما زال جبريليوصيني بالجار حتّى ظننت أنّه سيورثه)(48)، وعن أبي شريح العدوي قال: سمعت أذناي وأبصرت عيناى حين تكلم النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فقال: (من كان يؤمن بالله واليومالآخر فليكرم جاره) (49)، عن أبي هريرة قال: كان النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يقول: (لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة) (50)، ورواه جابر بن زيد مرسلاً بلفظ: (يا نساءالمؤمنات لا تحقرن إحداكن لجارتها ولو كراع شاة محرق) (51).
وهذا الحق واجب لكل جار كما تقدم وإنّما يتفاوت فيه الجيران بحسب اختلاف أحوالهم التي تترتب عليها حقوقأخرى، قال العلامة الشماخي: (والجار ثلاثة: جار له عليك ثلاثة حقوق ؟ وهو جار بينك وبينه قرابة، حق القرابة، وحق الإسلام، وحق الجوار، وجار له عليك حقان ؟، وهو جارك من غيردينك، وفي الأثر إنّ من الإسلام كف الأذى عن الجار وإن كان مجوسياً(52).
وقال الإمام السالمي: (واسم الجار يشمل المسلم والكافر، والعابد والفاسق، والصديق والعدو،والغريب والبلدي، والنافع والضار، والقريب والأجنبي، والأقرب داراً والأبعد، وله مراتب بعضها أعلى من بعض، فالأعلى من اجتمعت فيه الصفات الأول كلها ثم أكثرها وحلّمجراً إلى الواحد، وعكسه من اجتمعت فيه الصفات الأخرى فيعطي كلّ حقه بحسب حاله، وقد تتعارضان فتترجح أو تتساوى، وذبحت لابن عمر شاة فأمر أن يهدي منها لجاره اليهودي، كمارواه البخاري في الأدب المفرد والترمذي وحسنه(53).
والإسلام عندما يؤكد هذا الحق إنّما يراعى ما للإنسان في المحافظة عليه
من مصلحته الشخصيةوالاجتماعية، فهو كما تقدم مدني بطبعه، ولذلك لا يستقل بمصلحته عن سائر بني جنسه، وبما أن الجار الصق بجاره كان أقدر على نفعه وضره، فشرع الإسلام من الحقوق المشتركوجوبها بين الجيران ما يكفل لهم الحياة الآمنة الوداعة بما تؤدي إليه هذه الحقوق إنّ حوفظ عليها من التواد والتراحم والانسجام.
حق الصاحب بالجنب:
الصاحب بالجنب هو الرفيق في السفر عند كثير من أهل التفسير(54)، وله حق الصحبة وإن كانت ساعة من نهار، فعن عبدالله بن عمرو عن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال: إنّ خير الأصحاب عند الله تبارك وتعالى خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره(55)، وروى أن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كان معه رجل من أصحابه وهما علىراحلتين، فدخل النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في غيضة طر فاء فقطع فصيلين أحدهما معوج والآخر معتدل، فخرج بهما فأعطى صاحبه المعتدل وأخذ لنفسه المعوج، فقال الرجل: يارسول الله بأبي أنت وأمي أنت أحق بالمعتدل مني فقال: كلا يا فلان إنّ كلّ صاحب يصحب صاحبا مسئول عن صحابته ولو ساعة من نهار(56). وهذا الحق لا يختص به صاحب دون صاحب،فالمسلم وغيره فيه سواء، وهكذا المتفاوتون في الأحوال لا تتفاوت أحكامهم فيه، قال الشماخي: (سواء في ذلك عقد الصحبة مع البالغ أو الطفل أو العاقل أو المجنون أو الحر أوالعبد أو الموحد أو المشرك، فهؤلاء كلهم إذا عقد معهم الصحبة لزمته حقوقهم)(57).
وقال أيضاً: (ومن حقوق الصاحب على صاحبه كف الأذى عنه والإحسان إليه ما استطاع)(58) ،وقال كذلك: (ومن حقوق الصاحب على صاحبه أن يبدأ بزاده
فيأكلاه قبل زاد صاحبه ثم يأكلا بعد ذلك زاد صاحبه وإذا أراد أن يأكل فليأكل مثل ما يأكل صاحبه أو دونه(59). وفي مراعاة هذا الحق مالا يخفي من تقويه الأواصر الإنسانية، والربط بين الناس بصلات المودة والوئام.
حق الرقاب:
المراد بالرقاب الأرقاءوقد جاء الإسلام الحنيف وظاهرة الرق متفشية في جميع الأوساط البشرية، ولا يمنعها وازع ديني، ولا نظام اجتماعي، ولا قانون سياسي، فأخذ الإسلام الحنيف يحد من هذه الظاهرةبردم مواردها ماعدا موردا واحدا اقتضت إقراره ضرورة المعاملة بالمثل هو الأسر في الحروب التي تكون بين المسلمين وأعدائهم الكافرين المعتدين على حقوق المسلمين، على أنيكون هدف المسلمين نشر هداية الإسلام وإشاعة نوره في الأرض، وقد حرم الإسلام جميع وسائل الرق الأخرى، ومع إبقاء هذا الوسيلة دعا إلى معاملة الأسرى معاملة أخرى تخلصهم منربقة الاسترقاق، وهي المن عليهم بإطلاق سراحهم أو المفاداة بهم، وذلك في قوله تعالى: ?فإما منا بعد وإما فداء حتّى تضع الحرب أوزارها? (محمّد: 4)، وبجانب هذا فرض للأرقاء منالحقوق ما جعلهم ينعمون في ظل الإسلام بالحياة الكريمة ورغد العيش واحترام الإنسانية مما لا يمكن أن يتوفر لهم في ظل أي نظام آخر، ففي معرض الحث على الإحسان إلى ذويالعاقلات المختلفة يقول تعالى: ?وما ملكت أيمانكم? (النساء: 36)، وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : (أوصاني حبيبي جبريل ـ عليه السلام ـ برفق المملوك حتّى ظننت أنابن آدم لا يستخدم أبداً، وأوصاني بالجار حتّى ظننت أن لا يخفى عليه شيء) (60)، وقال عليه الصلاة والسلام: (للملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل إلاّ ما يطيق) (61)،وقال أيضاً: (كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوتهم) (62)، وقال: (إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فليقعده معه فليأكل فإن كان الطعام مشفوهاً قليلاً فليضع في يده أكل أوأكلتين) (63)، وقال صلوات الله وسلامه عليه: (إنّ أخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإنكلفتموهم فأعينوهم) (64).
وبجانب هذه الحقوق الواجبة على مالكي الرقاب خاصة هناك حقوق أخرى تجب للرقاب على المجتمع، فقد فرض الله لهم حصة في الزكاة لأجل تخليصهم منربقة الرق ليتساووا مع الآخرين في كرامة الحرية، قال الله تعالى: ?إنّما الصدقات للفقراء والمساكين ـ إلى قوله ـ وفي الرقاب? (التوبة: 60)، وجعل إيتاء المال في هذا الباب منغير الزكاة المفروضة من صفات البر التي وصف بها الأبرار في قوله: ?وآتى المال على حبه ذوي القربى ـ إلى قوله ـ وفي الرقاب?(البقرة: 177)، وفرض على المسلم التكفير بعتق الرقابعن كثير مما يرتكبه، وثيرا ما يأتي العتق على رأس قائمة الكفارات التي تجب على المسلم بسبب ارتكاب المخالفات الدينية، كلّ ذلك من أجل القضاء على هذه الظاهرة ورفع الإنسانإلى مرتبة الحرية كما خلقه الله.
هذا، والناظر في تعاليم الإسلام وأحكامه يرى أنها جميعاً تدور حول محور صون حقوق الإنسان، والحفاظ على كرامته، ويدخل في ذلكتحريم السخرية واللمز والتنابز بالألقاب والغيبة والنميمة وسوء الظن والتجسس على الغير، والتعالي بالأنساب والأحساب، قال تعالى: ?يا أيها الّذين آمنوا لا يسخر قوم منقوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولاتنا بزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق
بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك همالظالمون. يا أيها الّذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إنّ بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إنّ اللهتواب رحيم. يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم إنّ الله عليم خبير?(الحجرات: 11 ـ13) وليست مشروعية الحدودفي الإسلام إلاّ لصون حرمات الإنسان والحفاظ على كرامته وتوفير الأمن له على دمه وماله وعرضه.
حقوق ولاة الأمر والرعية:
فرض الله تعالى لولاةالأمر من المسلمين الطاعة على الرعية في حدود طاعة الله تعالى وعطف طاعتهم على طاعته وطاعة رسوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في قوله: ?يا أيها الّذين آمنوا أطيعوا اللهوأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إنّ كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا?(النساء: 59)، وفي هذا الأمر بالردلما اختلفوا فيه إلى الله ورسوله ما يدل على ضرورة التزام الكل بمنهج الله وعدم الخروج عن طاعته، ومن خالف ذلك فقد نكث عهده وعصى ربه وأسقط حقه، وكما تجب طاعة أولياءالأمور تجب لهم النصيحة على الرعية، وعونهم على الحق، وشد أزرهم، والأخذ بأيديهم إلى جادة الصواب، كما أن عليهم للرعية أن يعدلوا بينهم ويقسموا بينهم بالسوية ويرعوامصالحهم، ويحموهم من كلّ عدو غاشم، ففي الحديث عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ (الدين النصيحة، قيل: لمن يا رسول الله، قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمينوعامتهم)(65). فالنصيحة بين الحاكم والمحكومين أمر تقتضيه مصلحة الحكم واستقامته،
وقال ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : 'ما من وال يلي رعية من المسلمين فيموتوهو غاش لهم إلاّ حرّم الله عليه الجنّة'(66)، وقال: 'ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه لم يجد رائحة الجنّة'(67)، وقال: 'كُلّكم راعٍ وكلّكم مسئول عن رعيّته'(68).
خاتمة
من خلال ما تقدم تتبلور قيمة الإنسان في موازين الإسلام وكيف تصان حقوقه وتحفظ كرامته وتراعى مصلحته في نظام شريعته الغراء لذلك أقترح بأنيجعل موضوع حقوق الإنسان في الإسلام مادة دراسية تدرس في مدارس جميع البلاد الإسلاميّة على اختلاف المراحل الدراسية، ليدرك النشئ المسلم هذه المفاهيم التي عزبت عنالكثير منهم، حتّى يرتبطوا بشريعتهم الغراء ودينهم الحنيف، كما أقترح أن تكثّف البرامج الإعلامية الأحاديث التي تتناول هذا الجانب المهم، وأن تنشر البحوث المتعلقةبحقوق الإنسان في الإسلام في أوساط غير المسلمين بمختلف اللغات، لتكون وسيلة من وسائل التعريف بالإسلام الحنيف. (1) أخرجه مسلم في كتابالصيد والذبائح، باب الأمر بإحسان الذبح وتحديد الشفرة من حديث شداد بن أوس من طرق مختلفة، وأبو داود في سننه في كتاب الأضاحي، باب في النهي عن أن تصبر البهائم والرفقبالذبيحة، من حديث شداد بن أوس، ورقمة (2185)، والنسائي في سننه عن الصحابي نفسه في كتاب الضحايا، باب الأمر باحداد الشفرة وعن طريق شداد بن أوس أيضاً أخرجه ابن ماجه في سننهفي كتاب الذبائح، باب إذا ذبحتم فاحسنوا الذبح ورقمه (3170) وأخرجه
الدارمي في سننه في كتاب الأضاحي، باب في حسن الذبيحة عن طريق شداد بن أوس أيضاً.
(2) رواه أحمد وابن ماجه،نيل الأوطار ص 74، الجزء الثامن، ط دار الجيل ـ بيروت.
(3) رواه أحمد، المرجع نفسه ص 72.
(4) رواه أبو داوود، المرجع نفسه ص 72.
(5) رواه مالك في الموطاء، المرجع نفسه ص 74.
(6) أبو الفداء إسماعيل بن كثير، السيرة النبوية، المجلد الثاني ص 475، ط دار الباز للنشر والتوزيع.
(7) أبو الفرجالأصفهاني، كتاب الاغاني، ج23، ص 226، مؤسسه جمال للطباعة والنشر ـ بيروت.
(8) المرجع السابق، ص 233.
(9) أبو العباس أحمد بن سعيد الدرجيني، كتاب طبقات المشايخبالمغرب، ج1، ص26، حققه وقام بطبعه إبراهيم طلاى.
ـ أحمد بن سعيد بن عبد الواحد الشماخي، كتاب السير، ج 1، ص 114 طبع بمطابع النهضة ص ب 979 مسقط بواسطة وزارة التراثالقومي والثقافة بسلطنة عمان.
(10) انظر تفسير الآيات وما ذكر من قصة أبيرق واليهودي في كلّ من: ـ الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن، ج5، ص 169 ـ 177، ط دار البازللنشر والتوزيع.
ـ الرازي التفسير الكبير، ج11، ص 32 ـ 40، ط دار الكتب العلمية ـ طهران.
ـ اطفيش هميان الزاد، ج 5 ،ص 150 - 162، ط وزارة التراث القومي والثقافة1406 ـ 1986 م.
ـ تيسير التفسير، ج 2، ص 403 ـ 410، ط وزارة التراث القومي والثقافة.
ت القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج 5، ص 375 ـ 382، ط دار إحياء التراث العربي. ـ الزمخشري الكشاف، ج 1، ص 561 ـ 563، ط دار الباز للنشر والتوزيع.
ـ ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج 1، ص 550 ـ 554، ط دار أحياء الكتب العربية.
ـ رضا،المنار، ج 5، ص 394 ـ 402، ط دار المعرفة للطباعة.
ـ الآلوسي، روح المعاني، ج 5، ص 138 ـ 144، ط دار إحياء التراث العربي.
ـ الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن،المجلد الثاني، ج3، ص 105، ط دار أحياء التراث العربي.
ـ الطباطبائي، الميزان، ج 5، ص 89 ـ 92، ط جماعة المدرسين في الحوزة العلمية، قم، إيران.
ـ الكاشاني،تفسير الصافي ج 1، ص 496 ـ 497، ط مؤسسه الاعلمي للمطبوعات، بيروت.
(11) الإمام اطفيش، شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج 5، ص 179 ـ 188، ط 2 ـ الناشر دار الفتح ـ بيروت.
(12) رواه البخاري في كتاب الأدب، باب من أحق الناس بحسن الصحبة، عن أبي هريرة، ورقمه
(5971)، ورواه مسلم من عدة طرق في كتاب البر والصلة والآداب، باب برالوالدين وانهما أحق به.
ورواه ابن ماجه، في كتاب الأدب ورقمه (3658).
(13) رواه أبو داوود بمعناه من طريقين، في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة،رقم (494 ـ 495).
(14) رواه مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، ورواه ابن ماجه، كتاب المناسك، باب حجة رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ رقم (1851)، ورواه الدارمي، كتاب المناسك، باب في سنة الحاج، ورواه أبو داود، كتاب المناسك باب صفة حجة النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ رقم (1905).
(15) رواه أبو داود،كتاب النكاح، باب في حق المرأة على زوجها، رقم (2142)، وبمعناه رقم (2143) ورقم (2144)، ورواه بمعناه ابن ماجه، كتاب النكاح باب حق المرأة على الزوج رقم (1850).
(16) رواهالبخاري بمعناه، كتاب النكاح، باب إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها رقم (5193) وبمعناه أيضاً في كتاب بدء الخلق باب إذا قال أحدكم آمين رقم (3237)، ورواه مسلم بمعناه في كتابالنكاح، باب تحريم امتناع المرأة من فراش زوجها ورواه أبو داود بمعناه أيضاً كتاب النكاح، باب حق الزواج على المرأة رقم (2141).
(17) رواه البخاري بمعناه، كتاب النكاحباب إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها رقم (5194).
(18) رواه البخاري عن أبي هريرة، في كتاب الأدب والصلة، باب من وصل وصله الله، رقم (5987) وفي كتاب التفسير، باب(وتقطعوا أرحامكم) بمعناه رقم (4830 ـ 4831 ـ 4832)وفي كتاب التوحيد، باب (يريدون أن يبدلوا كلام الله رقم (7502) ورواه مسلم في كتاب البر والصلة والأداب، باب صلة الرحم وتحريمقطيعتها.
(19) رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، في كتاب الادب والصلة باب من وصل وصله الله ورقمه (5988) وعن عائشة رضي الله عنها في الكتاب نفسه، والباب رقم (5989).
(20) رواه البخاري عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه، في كتاب الأدب والصلة باب ليس الواصل بالمكافي رقم (5991).
(21) رواه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب،باب صلة الرحم وتحريم القطيعة.
(22) اطفيش، شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج 5، ص 46، ط 2، دار الفتح بيروت.
(23) الشماخي الإيضاح، ج 2 ص 501 ـ ط دار الفتح.
وانظر كذلك الشقصي، منهج الطالبين، وبلاغ الراغبين، ج 2 ص 521، ط وزارت التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان.
(24) رواه ابن ماجه في كتاب الأدب، باب حق اليتيم، رقم(3678).
(25) رواه ابن ماجه في كتاب الأدب، باب حق اليتيم، رقم (3679)
(26) رواه ابن ماجه في كتاب الأدب، باب حق اليتيم، رقم (3680).
(27) رواه الربيع عن أبي عبيدةعن ضمام بن السائب عن جابر بن زيد رضي الله عنه، رقم 688.
(28) الشماخي، الإيضاح، ج 2، ص 503 ـ 504، ط دار الفتح.
(29) اطفيش، شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج 5، ص 65 ـ66، ط دار الفتح.
(30) الشماخي، الإيضاح، ج 2، ص 519، ط دار الفتح.
(31) الشماخي، الإيضاح، ج 2، ص 545، ط دار الفتح.
(32) اطفيش، شرح كتاب النيل وشفاء العليل،ج 5، ص 192 ـ 193، ط دار الفتح.
(33) المرجع السابق، ص 193.
(34) المرجع السابق، وأنظر أيضاً منهج الطالبين للعلامة الشقصي، ج 2، ص 519 ط وزارة التراث والقوميوالثقافة ـ سلطنة عمان.
(35) رواه الامام الربيع بن حبيب وهو من مراسيل الامام جابر بن زيد رضي الله عنه، كتاب الإيمان والنذور، باب في الضيافة والجوار وما ملكتاليمين واليتيم رقم (681)، ورواه أبو داود في كتاب الأطعمة باب ما جاء في الضيافة عن أبي شريح الكعبي، رقم (3848)، ووردت أحاديث كثيرة في معناه عند البخاري ومسلم وابن ماجهوأبي داود غيرهم.
(36) شرح الجامع الصحيح، مسند الامام الربيع بن حبيب، ج 3، ص 477.
(37) المرجع السابق، ص 477 ت 478.
(38) الشماخي، الإيضاح، ج 2، ص 546، ط دارالفتح.
(39) اطفيش، شرح كتاب النيل، ج 5، ص 203 ـ 204.
(40) المرجع السابق ص 206، وأنظر كذلك الإيضاح ج 2، ص 548 ـ 549.
(41) الشماخي، الإيضاح، ج 2، ص 549 ـ 550، ط دارالفتح.
(42) المرجع السابق.
(43) رواه الامام الربيع بن حبيب من مراسيل الامام جابر بن زيد، كتاب الإيمان والنذور باب في الضيافة والجوار وما ملكت اليمينواليتيم رقم 683.
(44) رواه البخاري، كتاب الأدب باب (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره) رقم (6018) و في كتاب الرقاق باب حفظ اللسان (ومن كان يؤمن باللهواليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت) رقم (6475)، ورواه بمعناه ابن ماجه كتاب الأدب باب حق الجار رقم (3672)، رواه الدارمي بمعناه، كتاب الأطعمة باب في الضيافة.
(45)رواه البخاري، كتاب الأدب باب من لا يأمن جاره بوائقه رقم (6016) من حديث أبي شريح.
(46) شرح الجامع الصحيح، مسند الامام الربيع بن حبيب، ج 3، ص 481.
(47) رواه ابنماجه، كتاب الزهد، باب الورع والتقوى، رقم (4217).
(48) رواه البخاري، كتاب الأدب، باب الوصاة بالجار، رقم (6014) ورواه ابن ماجه، كتاب الأدب باب حق الجار، رقم (3673)، وجاءعن طريق ابن عمر عند البخاري في الكتاب نفسه والباب رقم 6015 و رواه ابن ماجه أيضاً في كتاب الأدب حق الجار عن طريق ابن عمر رضي الله عنه رقم 3674.
(49) رواه البخاري،كتاب الأدب باب (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره) رقم (601) ورواه مسلم، كتاب اللقطة، باب الضيافة، وورد عند البخاري أيضاً في كتاب الرقاق باب حفظ اللسان ومنكان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت رقم (6476).
(50) رواه البخاري، كتاب الأدب باب لا تحقرن جارة لجارتها، رقم (6017) ورواه مسلم، كتاب الزكاة باب الحث علىالصدقة ولو بالقليل.
(51) رواه الإمام الربيع بن حبيب من مراسيل الامام جابر رضي الله عنه، كتاب الإيمان والنذور باب في الضيافة والجوار وما ملكت اليمين واليتيمرقم (682).
(52) الشماخي، الإيضاح، ج ؟؟؟، ص 225، ط دار الفتح.
(53) شرح الجامع الصحيح مسند الامام الربيع، ج 3، ص 484، ط وزارة التراث القومي والثقافة ـ سلطنة عمان.
(54) انظر:
ـ الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن، ج 5، ص 25، ط دار الباز للنشر والتوزيع.
ـ اطفيش، هميان الزاد، ج 4، ص 541، ط وزارة التراث القوميوالثقافة ـ سلطنة عمان.
ـ اطفيش، تيسير التفسير، ج2 ص 321.
ـ ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج 1، ص 495، ط دار أحياء اكتب العربية.
ـ القرطبي الجامعلأحكام القرآن، ص 188، ط دار أحياء التراث العربي.
ـ رضا، المنار، ج 5 ص 93، ط دار المعرفة للطباعة والنشر.
(55) رواه الطبري في تفسير الآية 36 من سورة النساء،جامع البيان، ج 4، ص 84، ط دار الفكر.
(56) رواه الطبري أيضاً قال حدثنا سهل بن موسى الرازي قال: حدثنا ابن أبي فديك عن فلان بن عبد الله أن رسول الله ـ صلى الله عليهوآله وسلم ـ كان معه رجل ممن أصحابه فذكر. جامع البيان ج 4 ص 82.
(57) الشماخي، الإيضاح، ج 2، ص536، ط دار الفتح.
(58) المرجع السابق، ص 538.
(59) نفس المرجع، ص538 ـ 539.
(60) رواه الربيع من طريق ابن عباس، كتاب الإيمان والنذور، باب في الضيافة والجوار وما ملكت اليمين واليتيم رقم 684.
(61) رواه مسلم، كتاب الإيمان، بابصحبة المماليك من حديث أبي هريرة.
(62) رواه مسلم من حديث عبدالله بن عمرو، كتاب الزكاة باب فضل النفقة على العيال والمملوك.
(63) رواه مسلم من حديث أبيهريرة، كتاب الإيمان باب صحبة المماليك.
(64) رواه البخاري من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، كتاب العتق، باب قول النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ العبيد إخوانكمفاطعموهم مما تأكلون، رقم (2545)، ورواه بمعناه في كتاب الإيمان باب المعاصي من أمر الجاهلية رقم 30، ورواه مسلم بمعناه في كتاب الإيمان، باب صحبة المماليك.
(65) وردمن طرق عديدة سواء بنفس اللفظ أو بالفاظ متقارية ـ فقد رواه مسلم في كتاب الإيمان باب بيان أن الدين النصيحة عن تميم الداري، ورواه النسائي في كتاب البيعة باب النصيحةللإمام من حديث تميم الداري ومن حديث أبي هريرة أيضاً من عدة طرق ورواه الدارمي من حديث ابن عمر في كتاب الرقائق باب الدين النصيحة، ورواه أبو داود من طريق تيم الدار فيكتاب الأدب باب في النصيحة وأورده البخاري في كتاب الإيمان، ترجمه باب قول النبي صلى الله عليه (الدين النصيحة لله...).
(66) رواه البخاري كتاب الأحكام، باب مناسترعى رعية فلم ينصح من حديث معقل بن يسار، رقم (7151).
(67) رواه البخاري، كتاب الأحكام، باب من استرعى رعية فلم ينصح من نفس الصحابي، رقم (7150) وهذان الحديثان رويابألفاظ متقاربة عند مسلم، كتاب الأمارة باب فضيلة الامير العادل، وكتاب الإيمان، باب استحقاق الوالي الغاش لرعيته النار، والدارمي، كتاب الرقائق في العدل بين الرعية.
(68) رواه البخاري، كتاب الجمعة باب الجمعة في القرى والمدن رقم (893) وكتاب الاستقراض باب العبد راع في مال سيده، رقم (2409)، وكتاب العتق باب العبد راع في مال سيده، رقم(258)، وكتاب الوصايا، باب تأويل قوله تعالى: ?من بعد وصية يوصي بها أو دين? رقم (2751)، وكتاب النكاح في باب ?قوا أنفسكم وأهليكم ناراً? رقم (5188)، وباب المرأة راعية في بيت زوجهارقم (5200)، وكتاب الأحكام، باب قوله ?اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم? رقم (7138)، ورواه مسلم كتاب الأمارة باب فضيلة الأمير العادل، ورواه أبو داود، كتاب الخراجوالأمارة والفي باب ما يلزم الامام من حق الرعية رقم (2928)، وكلها من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.
فهرست المراجع
(1)القرآن الكريم.
(2) المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم.
التفاسير:
(1) ابن العربي: أبو بكر محمّد بن عبدالله، أحكام القرآن، دار الجيل، ودارالمعرفة، بيروت.
(2) ابن عطية: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، الطبعة القطرية مؤسسه دار العلوم للطباعة والنشر.
(3) ابن كثير: أبو الفداء إسماعيلبن كثير الدمشقى، تفسير القرآن العظيم، دار أحياء الكتب العربية.
(4) اطفيش: محمّد بن يوسف اطفيش، تيسير التفسير للقرآن الكريم، وزارة التراث القومي والثقافيةبسلطنة عمان 1407 هـ.
(5) هميان الزاد إلى دار المعاد، وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان 1406 هـ.
(6) الآلوسي: أبو الفضل شهاب الدين السيد محمّدالآلوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، دار أحياء التراث العربي، بيروت.
(7) الرازي: أبو عبد الله محمّد بن عمر بن حسين الطبرستاني،التفسير الكبير، دار الكتب العلمية، طهران.
(8) رضا: محمّد رشيد رضا، تفسير القرآن الحكيم (الشهير بتفسير المنار)، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت.
(9) الزمخشري: أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت.
10 ـطباطبائي: السيد محمّد حسين، الميزان في تفسير القرآن، جماعة المدرسين في الحوزة العلمية، قم، إيران.
11ـ الطبرسي: أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي، مجمع البيان فيتفسير القرآن، دار أحياء التراث العربي، بيروت.
12ـ الطبري: أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت. 13ـ القرطبي : أبو عبدالله محمّد بن أحمد الأنصاري القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، دار أحياء التراث العربي، بيروت.
14ـ قطب: سيد قطب، في ظلال القرآن، الطبعةالثامن، دار الشروق.
15ـ الكاشاني: محمّد محسن بن مرتضى بن محمود (الفيض الكاشاني)، مؤسسه الأعلمي للمطبوعات، بيروت.
كتب الحديث:
1 ـ سننابن ماجه: انظر سنن أبي عبدالله محمد بن يزيد القزويني، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
2 ـ سنن أبي داود:انظر سنن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، دار إحياءالتراث العربي، بيروت.
3 ـ سنن الدارمي: أنظر سنن الدارمي لأبي محمّد عبدالله بن عبد الرحمن الدارمي، دار إحياء السنة النبوية.
4 ـ سنن النسائي: انظر سننالنسائي بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي
(142)
وحاشية الامام السندي، دار أحياء التراث العربي، بيروت.
5 ـ صحيح البخاري: أنظر فتح الباري شرح صحيحالبخاري للإمام ابن حجر العسقلاني، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت.
6 ـ صحيح مسلم: انظر صحيح شرح النووي، دار أحياء التراث العربي، بيروت.
7 ـ مسندالربيع بن حبيب: انظر مسند الإمام الربيع بن حبيب بين عمرو الازدي، دار الفتح للطباعة والنشر، بيروت، مكتبة الاستقامة، مسقط.
8 ـ موطا الامام مالك بن أنس: أنظر سرالمنتقى شرح موطأ الإمام مالك للإمام الباجي دار الكتاب العربي، بيروت.
علوم الحديث الشريف والسيرة النبوية:
1 ـ ابن كثير: أبو الفداء إسماعيلبن كثير، السيرة النبوية، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت.
2 ـ السالمي: عبدالله بن حميد السالمي، من شرح الجامع الصحيح، الطبعة الثانية، تقديم عز الدينالتنوخي.
3 ـ الشوكاني: محمّد بن علي بن محمّد الشوكاني، نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار، دار الجيل، بيروت.
كتب الفقه: 1 ـ اطفيش: محمّد بن يوسف اطفيش، شرح كتاب النيل وشفاء العليل، مكتبة الإرشاد، جدة.
2 ـ الشقصي: خميس بن سعيد بن علي الشقصي، منهج الطالبين وبلاغ الراغبين،وزارة التراث القومي والثقافة ـ سلطنة عمان.
3 ـ الشماخي: عامر بن على الشماخي، كتاب الإيضاح، دار افتح للطباعة والنشر.
4 ـ الكندي أبو بكر أحمد بن عبداللهبن موسى الكندي، المصنف، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان.
كتب التاريخ:
1 ـ الاصبهاني: أبو الفرج الاصبهاني، الأغاني، مؤسسه جمالللطباعة والنشر، بيروت.
2 ـ الدرجيني: أبو العباس أحمد بن سعيد الدرجيني، طبقات المشائخ بالمغرب، حققه وقام بطبعه إبراهيم طلاى.
3 ـ السالمي: محمّد بنعبدالله بن حميد السالمي، نهضة الأعيان بحرية أهل عمان، مطابع دار الكتاب العربي، مصر.
4 ـ الشماخي: أحمد بن سعيد عبد الواحد الشماخي، كتاب السير وزارة التراثالقومي والثقافة بسلطنة عمان.
5 ـ مجموعة علماء: السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان، وزارة التراث القومي والثقافة سلطنة عمان.
1 ـ عضو المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلاميّة.