بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الكثير من الأفكار والأطروحات العقائدية والفكرية المختلفة على طول الأرض الاسلامية، وإن كانت تتبلور بشكل أوضح في بعض المدن الحساسة كبغداد مثلا، والتي أصبحت حاضرة كبيرة من حواضر الثقافة الاسلامية، ضاهت برفعتها، وخلال فترة الكوفة والمدينة ودمشق. ولا غرو في ذلك فإن ذلك العصر كان شاهدا لعدة من التغيرات الواضحة في البنية الفكرية وقواعدها المعروفة، لطروء الكثير من المؤثرات الداخلية والخارجية الفاعلة، والتي وجدت في الكثير من مرابعها الاستعداد النفسي والحضاري لتلقيها والتأثر بها، بل وبناء الجم الوفير من التصورات [IMAGE: 0x01 graphic] (1) الخصال: 30 / 104. (2) نهج البلاغة 3: 259. (3) نهج البلاغة 3: 42. (4) المحاسن: 229 / 165. [IMAGE: 0x01 graphic] [ 11 ] استنادا وتأثرا بالفعل الخاص بها. فلقد توسعت الاسلامية، وضربت بأطناب سلطتها في أصقاع بعيدة وقاصية من أرض المعمورة، ودخلت تحت ظل وجودها الكثير من الشعوب والقوميات المختلقة، بعقائدها وأفكارها الخاصة والمعقدة، بل وذات العمق الحضاري الذي تضرب جذوره في أعماق سحيقة من التأريخ، وكان لابد من أن تنبعث هذه الأفكار بشكل أو بآخر لتجد لها موطأ قدم على أرض الواقع المعاشي، وتلك حقيقة لا ينفيها العقلاء، فأوجدت هذه الحالة بعدين جديدين أمام الفكر الاسلامي وقاعدته الواسعة: 1 - العبد الأول: ويتمثل بقدرة الفكر السلامي على رد جميع الشبهات والأفكار الدخيلة اعتمادا على قدرة هذا الفكر على التطور والاستيعاب وإيجاد البدائل. 2 - البعد الثاني: ويتمثل بالتأثر بشكل أو بآخر، بهذه الأفكار وتسربها بأكثر من شكل وستار إلى البعض لتطرح من جديد بثوب إسلامي شرعي. ولقد كان موقف أئمة أهل البيت عليهم السلام واتباعهم يمثل بوضوح الشق الأول بريادة الامام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام، حيث كان تأسيسه لمدرسته العلمية يمثل في أهم أبعاده السد الحائل أمام نفوذ الكثير من تلك الأطروحات الغريبة إلى داخل البنيان الاسلامي، وحاجزا أمام نشوء حالة الاختلاط المريب والتسرب البطئ الذي يشكل مع الأيام وجودا خطرا على عموم البنيان الاسلامي العظيم. إن التأمل اليسير في حجم التسرب الفكري والعقائدي الذي أصاب رواد الشق الثاني الذي أشرنا إليه آنفا يبين بوضوح عظم الأثر الذي تركته هذه المدرسة المباركة الكبرى. إن هذا العصر كان شاهدا للكثير من التطورات والتغيرات المهمة [IMAGE: 0x01 graphic] [ 12 ] والكبرى وعلى أصعدة واسعة ومختلفة تركت آثارها الواضحة على البناء الفكري والثقافي للمجتمع الاسلامي، ومن ذلك انتشار صناعة الورق أبان تلك الفترة الزمنية، فكان ذلك سببا مباشرا في سهولة الحصول على الكتب والمؤلفات التي كان يصعب الحصول عليها بعسر استنساخها على أوراق البردي أو الرق. مضافا إلى ما شهده العصر العباسي الأول من اعتناء واسع بالترجمة عن الثقافات الأجنبية، والتي بدأت في عصر المنصور (ت 158 ه) وبلغت أوجها في عصر المأمون بعد أن انشاء أبوه الرشيد دار الحكمة وجلب إليها الكتب من أنحاء المعمورة، واستقدم العديد من المختصصين بالترجمة من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية، وكان من نتيجة ذلك أن نشأت طبقة متضلعة بالترجمة عمدت إلى تعريب الكثير من المؤلفات الرومانية والفارسية واليونانية والهندية وغيرها، فواجه المفكر المسلم، والعامة من الناس ثقافات جديدة وغريبة، فتعاملوا معهما كما أشرنا سابقا بين المد والجزر. ولعل من الحلقات الكبرى في هذا الوضع الجديد على الساحة الاسلامية، والذي عمد إلى استثمار الفرص الأخرى التي أشرنا إليها، هو نشوء الدولة العباسية، واستقرار دفة الأمور بيديها. فبعد أن استقر المقام بالعباسيين على سدة الدولة الاسلامية، وجدوا أن من غير المنطقي استمرارهم في التمسك بالكثير من الشعارات التي تاجروا بها ردحا من الزمن، واتخذوها وسيلة للوصول إلى قمة الهرم في الدولة الاسلامية، وحيث كانوا يدركون خطر الاستمرار في التمسك بها والدعوة إليها على وجودهم وتربعهم على سدة الحكم. ومن أهم تلك الشعارات التي نادوا بها طويلا، وكانت العامل الأكثر حساسية في التفاف الكثير حولهم، هو شعار الدعوة لآل محمد صلى الله [IMAGE: 0x01 graphic] [ 13 ] عليه وعليهم، والذي أكسبهم الكثير من الشرعية عند عموم المسلمين. نقول بعد ذلك الأمر كان لا مناص أمام الدولة العباسية وحكامها إلا البحث عن البدائل الأخرى، فعمدوا إلى تقريب العلماء والمفكرين، لا