تحریر و التنویر من التفسیر جلد 5

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تحریر و التنویر من التفسیر - جلد 5

محمد الطاهر ابن عاشور

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


صفحة : 1000
وجملة )والله أركسهم بما كسبوا( حالية، أي
إن كنتم اختلفتم فيهم فالله قد ردهم إلى
حالهم السوآى، لأن معنى أركس رد إلى
الركس، والركس قريب من الرجس. وفي حديث
الصحيح في الروث إن هذا ركس وقيل: معنى
أركس نكس، أي رد ردا شنيعا، وهو مقارب
للأول. وقد جعل الله ردهم إلى الكفر جزاء
لسوء اعتقادهم وقلة إخلاصهم مع رسوله صلى
الله عليه وسلم-، فإن الأعمال تتوالد من
جنسها، فالعمل الصالح يأتي بزيادة
الصالحات، والعمل السيئ يأتي بمنتهى
المعاصي، ولهذا تكرر في القرآن الإخبار عن
كون العمل سببا في بلوغ الغايات من جنسه.
وقوله )أتريدون أن تهدوا من أضل الله(
استئناف بياني نشأ عن اللوم والتعجيب الذي
في قوله )فما لكم في المنافقين فئتين(، لأن
السامعين يترقبون بيان وجه اللوم،
ويتساءلون عماذا يتخذون نحو هؤلاء
المنافقين. وقد دل الاستفهام الإنكاري
المشوب باللوم على جملة محذوفة هي محل
الاستئناف البياني، وتقديرها: إنهم قد
أضلهم الله، أتريدون أن تهدوا من أضل
الله، بناء على أن قوله )والله أركسهم( ليس
المراد منه أنه أضلهم، بل المراد منه أساء
حالهم، وسوء الحال أمر مجمل يفتقر إلى
البيان، فيكون فصل الجملة فصل الاستئناف.
وإن جعلت معنى )والله أركسهم( أنه ردهم إلى
الكفر، كانت جملة )أتريدون( استئنافا
ابتدائيا، ووجه الفصل أنه إقبال على اللوم
والإنكار، بعد جملة )والله أركسهم( التي هي
خبرية، فالفصل لكمال الانقطاع لاختلاف
الغرضين.
)ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء
فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في
سبيل الله فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث
وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا
نصيرا[89](.
الأظهر أن ضمير )ودوا( عائد إلى المنافقين
في قوله )فمالكم في المنافقين فئتين(. فضح
الله هذا الفريق فأعلم المسلمين بأنهم
مضمرون الكفر، وأنهم يحاولون رد من
يستطيعون رده من المسلمين إلى الكفر.
وعليه فقوله )فلا تتخذوا منهم أولياء حتى
يهاجروا في سبيل الله( إن حمل على ظاهر
المهاجرة لا يناسب إلا ما تقدم في سبب
النزول عن مجاهد وابن عباس، ولا يناسب ما
في الصحيح عن زيد بن ثابت، فتعين تأويل
المهاجرة بالجهاد في سبيل الله، فالله نهى
المسلمين عن ولايتهم إلى أن يخرجوا في سبيل
الله في غزوة تقع بعد نزول الآية لأن غزوة
أحد، التي انخزل عنها عبد الله بن أبي
وأصحابه، قد مضت قبل نزول هذه السورة.
وما أبلغ التعبير في جانب محاولة
المؤمنين بالإرادة في قوله )أتريدون أن
تهدوا من أضل الله(، وفي جانب محاولة
المنافقين بالود، لأن الإرادة ينشأ عنها
الفعل، فالمؤمنون يستقربون حصول الإيمان
من المنافقين، لأن الإيمان قريب من فطرة
الناس، والمنافقون يعلمون أن المؤمنين لا
يرتدون عن دينهم، ويرون منهم محبتهم إياه،
فلم يكن طلبهم تكفير المؤمنين إلا تمنيا،
فعبر عنه بالود المجرد.
وجملة )فتكونون سواء( تفيد تأكيد مضمون
قوله )بما كفروا( قصد منها تحذير المسلمين
من الوقوع في حبالة المنافقين.
وقوله )فلا تتخذوا منهم أولياء حتى
يهاجروا في سبيل الله( أقام الله للمسلمين
به علامة على كفر المتظاهرين بالإسلام،
حتى لا يعود بينهم الاختلاف في شأنهم، وهي
علامة بينة، فلم يبق من النفاق شيء مستور
إلا نفاق منافقي المدينة. والمهاجرة في
سبيل الله هي الخروج من مكة إلى المدينة
بقصد مفارقة أهل مكة، ولذلك قال )في سبيل
الله( أي لأجل الوصول إلى الله، أي إلى
دينه الذي أراده.
وقوله )فإن تولوا( أي أعرضوا عن المهاجرة.
وهذا إنذار لهم قبل مؤاخذتهم، إذ المعنى:
فأبلغوهم هذا الحكم فإن أعرضوا عنه ولم
يتقبلوه فخذوهم واقتلوهم، وهذا يدل على أن
من صدر منه شيء يحتمل الكفر لا يؤاخذ به حتى
يتقدم له، ويعرف بما صدر منه، ويعذر إليه،
فإن التزمه يؤاخذ به، ثم يستتاب. وهو الذي
أفتى به سحنون.
والولي: الموالي الذي يضع عنده مولاه سره
ومشورته. والنصير الذي يدافع عن وليه
ويعينه.

/ 234