تحریر و التنویر من التفسیر جلد 8

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تحریر و التنویر من التفسیر - جلد 8

محمد الطاهر ابن عاشور

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


صفحة : 1750
والفرقان أصله مصدر كالشكران والغفران
والبهتان، وهو ما يفرق أي يميز بين شيئين
متشابهين، وقد أطلق بالخصوص على أنواع من
التفرقة فأطلق على النصر، لأنه يفرق بين
حالين كانا محتملين قبل ظهور النصر، ولقب
القرآن بالفرقان لأنه فرق بين الحق
والباطل، قال تعالى )تبارك الذي نزل
الفرقان على عبده( ولعل اختياره هنا لقصد
شموله ما يصلح للمقام من معانيه، فقد فسر
بالنصر، وعن السدى، والضحاك، ومجاهد،
الفرقان المخرج، وفي أحكام ابن العربي، عن
ابن وهب وابن القاسم وأشهب أنهم سألوا
مالكا عن قوله تعالى )يجعل لكم فرقانا( قال
مخرجا ثم قرأ )ومن يتق الله يجعل له مخرجا
ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله
فهو حسبه(. وفسر بالتمييز بينهم وبين
الكفار في الأحوال التي يستحب فيها
التمايز في أحوال الدنيا، فيشمل ذلك أحوال
النفس: من الهداية، والمعرفة، والرضى،
وانشراح القلب، وإزالة الحقد والغل
والحسد، بينهم، والمكر والخداع وذميم
الخلائق.
وقد أشعر قوله )لكم( أن الفرقان شيء نافع
لهم فالظاهر أن المراد منه كل ما فيه مخرج
لهم ونجاة من التباس الأحوال وارتباك
الأمور وانبهام المقاصد، فيؤول إلى
استقامة أحوال الحياة، حتى يكونوا مطمئني
البال منشرحي الخاطر وذلك يستدعي أن
يكونوا: منصورين، غالبين، بصراء بالأمور،
كملة الأخلاق سائرين في طريق الحق والرشد،
وذلك هو ملاك استقامة الأمم، فاختيار
الفرقان هنا لأنه اللفظ الذي لا يؤدي غيره
مؤداه في هذا الغرض وذلك من تمام الفصاحة.
والتقوى تشمل التوبة، فتكفير السيئات يصح
أن يكون المراد به تكفير السيئات الفارطة
التي تعقبها التقوى. ومفعول )يغفر لكم(،
محذوف وهو ما يستحق الغفران وذلك هو
الذنب، ويتعين أن يحمل على نوع من الذنوب،
وهو الصغائر التي عبر عنها باللمم، ويجوز
العكس بأن يراد بالسيئات الصغائر
وبالمغفرة مغفرة الكبائر بالتوبة المعقبة
لها. وقيل التكفير الستر في الدنيا.
والغفران عدم المؤاخذة بها في الآخرة،
والحاصل أن الإجمال مقصود للحث على التقوى
وتحقق فائدتها والتعريض بالتحذير من
التفريط فيها، فلا يحصل التكفير ولا
المغفرة بأي احتمال.
وقوله )والله ذو الفضل العظيم( تذييل
وتكميل وهو كناية عن حصول منافع أخرى لهم
من جراء التقوى.
)وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو
يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله
والله خير الماكرين[30]( يجوز أن يكون عطف
قصة على قصة من قصص تأييد الله ورسوله عليه
الصلاة والسلام والمؤمنين فيكون )إذ(
متعلقا بفعل محذوف تقديره واذكر إذ يمكر
بك الذين كفروا، على طريقة نظائره الكثيرة
في القرآن.
ويجوز أن يكون عطفا على قوله )إذ أنتم قليل
مستضعفون في الأرض( فهو متعلق بفعل اذكروا
من قوله )واذكروا إذ أنتم قليل(، فان المكر
بالرسول عليه الصلاة والسلام مكر
بالمسلمين ويكون ما بينهما اعتراضا، فهذا
تعداد لنعم النصر، التي أنعم الله بها على
رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، في
أحوال ما كان يظن الناس أن سيجدوا منها
مخلصا، وهذه نعمة خاصة بالنبي صلى الله
عليه وسلم. والأنعام بحياته وسلامته نعمة
تشمل المسلمين كلهم، وهذا تذكير بأيام
مقامهم بمكة، وما لاقاه المسلمون عموما
وما لاقاه النبي صلى الله عليه وسلم خصوصا
وأن سلامة النبي صلى الله عليه وسلم سلامة
لأمته.
والمكر إيقاع الضر خفية، وتقدم عند قوله
تعالى )ومكروا ومكر الله والله خير
الماكرين( في آل عمران. وعند قوله تعالى
)أفأمنوا مكر الله( في سورة الأعراف.
والإتيان بالمضارع في موضع الماضي الذي
هو الغالب مع )إذ( استحضار للحالة التي
دبروا فيها المكر، كما في قوله تعالى
)والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا(
ومعنى )ليثبتوك( ليحبسوك يقال أثبته إذا
حبسه ومنعه من الحركة وأوثقه، والتعبير
بالمضارع في يثبتوك، ويقتلوك، ويخرجوك،
لأن تلك الأفعال مستقبلة بالنسبة لفعل
المكر إذ غاية مكرهم تحصيل واحد من هذه
الأفعال.
صفحة : 1751

/ 257