تحریر و التنویر من التفسیر جلد 15

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تحریر و التنویر من التفسیر - جلد 15

محمد الطاهر ابن عاشور

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


صفحة : 3500
وضمير)زادهم( عائد إلى رسول أول إلى
المجيء المأخوذ من )جاءهم(. وإسناد الزيادة
إليه على كلا الاعتبارين مجاز عقلي لأن
الرسول أو مجيئه ليس هو يزيدهم ولكنه سبب
تقوية نفورهم أو استمرار نفورهم.
و)استكبارا( بدل اشتمال من )نفورا( أو
مفعول لأجله، لأن النفور في معنى الفعل
فصح إعماله في المفعول له. والتقدير:نفروا
لأجل الاستكبار في الأرض.
والاستكبار: شدة التكبر، فالسين والتاء
فيه للمبالغة مثل استجاب.
والأرض: موطن القوم كما في قوله تعالى
)لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من
قريتنا( أي بلدنا، فالتعريف في )الأرض(
للعهد. والمعنى: أنهم استكبروا في قومهم أن
يتبعوا واحدا منهم.
و)مكر السيء( عطف على )استكبارا( بالوجوه
الثلاثة، وإضافة )مكر( إلى )السيء( من إضافة
الموصوف إلى الصفة مثل: عشاء الآخرة. وأصله:
أن يمكروا المكر السيء بقرينة قوله )ولا
يحيق المكر السيء إلا بأهله(.
والمكر: إخفاء الأذى وهو سيء لأنه من
الغدر وهو مناف للخلق الكريم، فوصفه
بالسيء وصف كاشف، ولعل التنبيه إلى أنه
وصف كاشف هو مقتضى إضافة الموصوف إلى
الوصف لإظهار ملازمة الوصف للموصوف فلم
يقل: ومكروا سيئا )ولم يرخص في المكر إلا في
الحرب لأنها مدخول فيها على مثله( أي مكرا
بالنذير وأتباعه وهو مكر ذميم لأنه مقابلة
المتسبب في صلاحهم بإضمار ضره.
وقد تبين كذبهم في قسمهم إذ قالوا )لئن
جاءنا نذير لنكونن أهدى منهم( وأنهم ما
أرادوا به إلا التفصي من اللوم.
وجملة )ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله(
تذييل أو موعظة. ويحيق: ينزل بشيء مكروه
حاق به، أي نزل وأحاط إحاطة سوء، أي لا يقع
أثره إلا على أهله. وفيه حذف مضاف تقديره:
ضر المكر السيء أو سوء المكر السيء كما دل
عليه فعل )يحيق(، فإن كان التعريف في
)المكر( للجنس كان المراد ب)أهله( كل ماكر.
وهذا هو الأنسب بموقع الجملة ومحملها على
التذييل ليعم كل مكر وكل ماكر، فيدخل فيه
الماكرون بالمسلمين من المشركين، فيكون
القصر الذي في الجملة قصرا ادعائيا مبنيا
على عدم الاعتداد بالضر القليل الذي يحيق
بالممكور به بالنسبة لما أعده الله للماكر
في قدره من ملاقاة جزائه على مكره فيكون
ذلك من النواميس التي قدرها القدر لنظام
هذا العالم لأن أمثال هذه المعاملات
الضارة تؤول إلى ارتفاع ثقة الناس بعضهم
ببعض والله بنى نظام هذا العالم على تعاون
الناس بعضهم مع بعض لأن الإنسان مدني
بالطبع، فإذا لم يأمن أفراد الإنسان بعضهم
بعضا تنكر بعضهم لبعض وتبادروا الإضرار
والإهلاك ليفوز كل واحد بكيد الآخر قبل أن
يقع فيه فيفضي ذلك إلى فساد كبير في العالم
والله لا يحب الفساد، ولا ضر عبيده إلا حيث
تأذن شرائعه بشيء، ولهذا قيل في المثل وما
ظالم إلا سيبلى بظالم . قال الشاعر:
لكل شيء آفة من جنـسـه حتى الحديد سطا
عليه المبرد وكم في هذا العالم من نواميس
مغفول عنها، وقد قال الله تعالى )والله لا
يحب الفساد(. وفي كتاب ابن المبارك في
الزهد بسنده عن الزهري بلغنا أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال لا تمكر ولا تعن
ماكرا فإن الله يقول )ولا يحيق المكر السيء
إلا بأهله(، ومن كلام العرب من حفر لأخيه
جبا وقع فيه منكبا، ومن كلام عامة أهل تونس
يا حافر حفرة السوء ما تحفر إلا قياسك .
وإذا كان تعريف )المكر( تعريف العهد كان
المعنى: ولا يحيق هذا المكر إلا بأهله، أي
الذين جاءهم النذير فازدادوا نفورا،
فيكون موقع قوله )ولا يحيق المكر السيء إلا
بأهله( موقع الوعيد بأن الله يدفع عن رسوله
صلى الله عليه وسلم مكرهم ويحيق ضر مكرهم
بهم بأن يسلط عليهم رسوله على غفلة منهم
كما كان يوم بدر ويوم الفتح،فيكون على نحو
قوله تعالى )ومكروا ومكر الله والله خير
الماكرين( فالقصر حقيقي.
فكم انهالت من خلال هذه الآية من آداب
عمرانية ومعجزات قرآنية ومعجزات نبوية
خفية.
صفحة : 3501
واعلم أن قوله تعالى )ولا يحيق المكر

/ 265