بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
التطور التكنولوجي وثورة الاتصالات والتفجر المعلوماتي، مما أثار تحديات كبرى للكتابة للأطفال، خطاباً ثقافياً اتصالياً شديد الصلة بعملية إنتاج المجتمع برمته التي تواجه نفسها تحديات التنميط والعولمة في عالم صار إلى فضاء مفتوح على عيون الأطفال ومداركهم أيضاً. ولا يماري أحد في قوة هذه التأثيرات وسرعتها على المعنيين بالكتابة للأطفال، فلا ينبغي أن نركن إلى الهدوء والرضى والاطمئنان في معرفتنا القاصرة عن الإحاطة أو المواكبة، لأن أدب الأطفال لم يعد كتاباً، بل أن الكتاب نفسه، وهو المصدر الرئيسي لثقافة الأطفال وأهم وسيط من وسائطها، تراجع كثيراً أمام وسائل الاتصال الجبارة المهيمنة على عمليات تشكيل عقول الصغار والكبار، ثم لم يعد الكتاب هو الكتاب المعروف، لأن الكتاب اليوم هو الكتاب الإلكتروني بما يعنيه من تحديات أخرى للكتابة للأطفال، كنا نتحدث قبل عقد من الزمن عن إشكاليات تفرزها معضلة التربية والفن، ولا شك، أننا نتحدث في نهايات قرن ومقبل قرن جديد، عن إشكاليات أخرى مضاعفة، وما هذا، البحث إلا مقاربة لمفهوم الكتابة لأطفال واليافعين في ظل هذه الوضعية. 1ـ إشكاليات تربوية: هناك إشكاليات تربوية كثيرة، ولكنني اخترت الحديث عن إشكاليتين هما إشكالية الوعي والإدراك وإشكالية التاريخ والمجتمع: 1ـ1ـ إشكالية الوعي والإدراك: عدّ اكتشاف مراحل النمو عند الأطفال سنداً وعوناً لدعاة إدغام التربية بالفنّ، غير أن المربين حولوا مراحل النمو إلى فزاعة أمام منتجي الكتابة للأطفال أو معيدي إنتاجها في الوسائط الثقافية المختلفة، ليصير معها المربون إلى كهنة يحتكرون مسؤولية إنتاج الكتابة للأطفال أو ترشيد إنتاجها. ثم جرى ربط مراحل النمو باعتبارات تربوية أخرى مثل الخصائص النفسية وما تورثه من فروق فردية، اجتماعية أو ثقافية أو إناسية .. الخ، والخصائص الإدراكية وما يتصل بها من نشاط المخيلة وملكة التفكير، أي أن المسألة كلها مرهونة بالوعي والإدراك بتعبير آخر، لمعرفة قدرات الأطفال العقلية وقابليات تعزيزها؛ والأهم مكانتها في مراحل النمو، وتثميرها في التنمية الثقافية على وجه العموم. ونحن واجدون أبحاثاً ومقالات حول التفكير وتنمية التفكير، ولكننا نفتقر للأبحاث والمقالات حول التفكير وتنمية التفكير في مراحل النمو عند الأطفال، ولا سيما الأطفال العرب. وعندما سعت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الاليكسو) إلى وضع خطة قومية لثقافة الطفل العربي دعت بعض المربين لكتابة بحث عن التربية وأثرها في تنمية التفكير العلمي لدى الطفل العربي، فكان بحثاً تربوياً عن مهارات التفكير وأنماط سلوك المعلمين في تعزيز تفكير الأطفال، والنمذجة نحو انسجام السلوك مع الأهداف، والمادة التعليمية محيطاً لتعليم التفكير وتنميته، وعمليات واستراتيجيات التعليم محيطاً لتنمية التفكير^(^^). أما دور الأطفال أنفسهم وتفاعلهم مع الخصائص الإدراكية فلم يلتفت إليه على النحو الذي يزيد من فاعلية الأطفال في إنتاج الكتابة إليهم. لا ينبغي أن يكتفي بالبحوث الاستطلاعية حول تنمية التفكير؛ وتشير علاقة الأطفال بالمعلوماتية إلى انقلاب في فهم مراحل النمو عند الأطفال. والمعول في ذلك هو الدربة والمران والاكتساب من خلال تربية العقل إلى جانب تربية اليد. لقد وضعوا خصائص لمراحل النمو من سن إلى أخرى، مثل مرحلة الواقعية والخيال المحدود بالبيئة، إلى مرحلة الخيال الحر، إلى مرحلة المغامرة والبطولة، إلى مرحلة اليقظة الجنسية، إلى مرحلة المثل العليا^(^^)؛ وعلى الرغم من الخلاف بين المربين وعلماء النفس في توصيف المراحل وذكر خصائصها، فإن التداخل بينّ بين مرحلة وأخرى، فقد أضافوا المرحلتين الأخيرتين، وهما لا تخصان الأطفال، وإذا ألحقنا مرحلة اليقظة الجنسية، فإن اقتران كل مرحلة بمستوى من التطور العقلي يجعل خصائص اليقظة الجنسية تنعطف بالطفولة إلى عالم آخر يختلف كثيراً عن عالم الأطفال؛ وهذه الانعطافة بالذات هي التي توضح مقدار الفرق بين سمات الكتابة للأطفال وسمات الكتابة للراشدين.